الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاخلاق علمانية وليست دينية !

عبد عطشان هاشم

2014 / 4 / 29
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


قبل عدة ايام زرت صديقاغربيا في بيته . فوجدت لدى عائلته كلبا اعمى و كان مضيفي يحرص هو وعائلته اشد الحرص على الاعتناء بهذا الكلب واخراجه للتنزه وخلافه ، حتى انهم اشتروا كلبا اخر من نفس فصيلته لمؤانسته . وفكرت كيف ان هذا الكلب محظوظ حقا لانه ولد في مجتمع علماني متحضر ، يحترم الحيوان ويحبه ويحنو عليه بل ويشاطره بيته ، ولايعتبره نجسا او شيطانا. و تداعت في عقلي بعد ذلك صور القسوة والوحشية التي يعامل بها المجتمع المسلم الانسان والحيوان على حد سواء. متناسيا ان انسانية المجتمعات البشرية تقاس من خلال معاملتها لاضعف المخلوقات فيها.
فماهي ياترى الاخلاق العلمانية وكيف تفترق عن اخلاقيات المجتمعات المسلمة التي باتت تكفر بكل القيم الانسانية النبيلة تحت يافطة الدين؟
في البدء ينبغي التأكيد على ان الاخلاق لاترتبط بالدين ارتباطا ميكانيكيا كما يروج لذلك معشر المتأسلمين ، والدين لم يبتدع الاخلاق فجميع المجتمعات البشرية كانت لديها نظم اخلاقية معينة نابعة من الاعراف والتقاليد الاجتماعية السائدة حينذاك وقد تم ربطها لاحقا بالدين لكي تكتسب تلك الاخلاق صفة الالزام الالهي و مفهوم الخير والشر قديم قدم الانسانية ذاتها.
بل ان المجتمع القريشي قبل الاسلام كانت لديه ممارسات اخلاقية حميدة تتفوق على اخلاقيات المسلمين انفسهم لاحقا ، كاكرام الضيف والشهامة والمروءة والوفاء والعفو عند المقدرة وحماية الضعيف وانتزاع حقه من المظلوم كما في حلف الفضول وكان المجتمع المكي والمديني متسامحا ومتعدد الاديان والثقافات ففيه اليهود والنصارى والصابئة ( مكث المسلمين في مكة ثلاث عشر سنة يهاجمون الهة قريش ليلا ونهارا) وغيرهم من الاقليات الدينية التي تعرضت للاذى بعد ظهور النسخة الثانية من الاسلام في المدينة .
وتأسيسا على ذلك ، فالاخلاق هي سلوك اجتماعي يعكس القيم الانسانية السائدة في المجتمع ويتغير وفقا للتطور الاجتماعي والاقتصادي والثقافي الذي يحدث في المجتمعات فقد اشترك غاندي وهو شديد التدين في صياغة دستور الهند العلماني لانه بنظرته الثاقبة ادرك انه السبيل الوحيد لحفظ وحماية التعددية الدينية والثقافية وتأسيس ثقافة العيش المشترك في الهند .
وضمن هذا السياق فأن الاخلاق العلمانية مصدرها العلم والمعرفة الانسانية فهي اخلاق وضعية من صميم تجربة الانسان المعاصرة بينما الاخلاق اللاهوتية وضعت من قبل رجال المعبد وهدفها الوحيد استدامة تسلط رجال الدين انفسهم ولوعلى حساب حياة مئات الالوف من البشر.
والاخلاق العلمانية لاتهتم بمصير الانسان بعد الموت ، باعتباره امر لايمكن التحقق منه علميا ولايمكن التعبير عنه بفرضيات علمية دقيقة يمكن التحقق منها لاحقا ، ولكن من حق الانسان ان يؤمن بهذه الفرضية اوغيرها شريطة ان لايحاول فرضها على الاخرين بالعنف والاجبار.
المجتمع العلماني هو مجتمع متعدد الثقافات والمعتقدات والاخلاق العلمانية تحترم هذا التنوع وتحميه عكس الاسلام الذي يريد ثقافة واحدة عمياء وصماء مصدرها الشريعة (السمحاء) ولكن يتم فرضها بقطع الرقاب والجزية واشاعة الخوف والارهاب.
يعيش الملايين من المسلمين الان بحرية وامان تحت مظلة الاخلاق العلمانية في الدول الغربية رغم السلوك العنيف والتخريبي لبعضهم ولايمكن ممارسة العكس اطلاقا ، فالسعوديون مثلا يمكنهم ان يجدوا العديد من المساجد في لندن للصلاة فيها لكن المسيحي الغربي لن يستطيع ايجاد كنيسة واحدة للصلاة فيها في السعودية . بل ان المسلمين المعتدلين انفسهم يعانون من وطأة الاخلاق الاسلاموية المتعسفة التي يتقبلونها على مضض، و جرى ويجري اضطهاد وتشريد الاقليات الدينية والعرقية في الدول الاسلامية المختلفة .فلقد اصبحت الاخلاق الاسلامية في الوقت الراهن هي ثقافة قتل الامنين وترويعهم وذبح الاطفال كما نشاهد ونلمس يوميا على نشرات الاخبار.
ان الاخلاق التي مصدرها الدين قد وجدت لحماية الشريعة وليس لسعادة الانسان وحمايته وتطوير علاقاته مع بني البشر . وهي اخلاق وصائية نابعة من سعي رجال الدين لفرض هيمنتهم على المجتمعات البشرية كما اشرنا الى ذلك سابقا ولذلك تقاس اخلاقية اي انسان في المجتمع المسلم بمقدار قربه اوبعده عن الشريعة وليس بضوء ضميره الحي وانسانيته الراقية ومحبته للاخرين واخلاصه في العمل وولائه لبلده من غير تعصب.
وهذه الاخلاق المتعسفة تقتل الصلة الانسانية النبيلة التي تربط الانسان بنظيره في الخلق بل حتى بين الاب وابنته حيث افتى بعض علماء المسلمين بعدم جواز اجتماع الاب وابنته على انفراد ، او الاخ مع اخته الى اخرها من المحرمات السمجة التي يتقزز منها الانسان السوي والتي تعكس العقلية السيكوباثية لعلماء المسلمين .
الاخلاق العلمانية اسمى من الاخلاق الدينية في افقها الانساني الرحب الذي لايعترف باية فروق بين البشر و غير المتدينين لديهم اخلاق افضل واصدق من المتدينين كما يعرف ذلك من عاشر المتدينين عن قرب.
يروج العديد من المسلمين لما يسمونه فجور الغرب وانحلاله الاخلاقي كنتيجة لممارسة الحريات الفردية ، في حين ان الدول الغربية تفرض اشد العقوبات صرامة فيما يتعلق بالاعتداء الجنسي والاغتصاب والتحرش واغواء القاصرات وهي قوانين لاوجود لها في الدول الاسلامية لان الزواج من القاصرات حلال شرعا . فضلا عن ان العديد من الدول الاسلامية تشهد معدلات عالية من التحرش الجنسي والاغتصاب بفضل قوانين الشريعة ، وافغانستان ومصر والسعودية واليمن تأتي في مقدمة دول العالم في التحرش الجنسي والاغتصاب وهي دول ليست غربية.
فالمرأة المسلمة تعامل كسلعة جنسية مثيرة للشهوات من قبل رجال الدين ولذلك يجب تغطيتها من قمة راسها الى اخمص قدميها ،اما المرأة الطبيعية فلاترى نفسها كسلعة ولذلك فهي لاتكشف نفسها ولاتغطيها .
ختاما لااجد افضل من قول الداي لاما لاقتبس منه هذه المقولة :الدين هو شأن شخصي؛ بينما ما نتحدث عنه هو شيء خاص بالبشرية ككل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مداخلة
شاكر شكور ( 2014 / 4 / 29 - 15:34 )
تحياتي لأستاذنا الفاضل عبد عطشان المحترم ، أنا انظر لأخلاق العلمانية من زاوية أخرى وهي ان العلمانية هي مجموعة انظمة وقوانين غرضها تنظيم طرق السير لحياة الأنسان وقد جاءت هذه القوانين كثمرة لتقدم فكر الأنسان الأخلاقي الذي كان اصلا يحمل اخلاق عالية قبل اكتشاف نظام العلمانية ، وهذا يعني يجب ان نبحث عن منبع تلك الأخلاق التي صنعت النظام العلماني المفيد للبشرية اي ان الأخلاق العالية كانت موجودة قبل العلمانية وهي التي صنعتها وصنعت قوانين حقوق الأنسان ، وبما ان منشأ العلمانية وقوانين حقوق الأنسان لم تولد في مذود الدين الأسلامي اذن العلمانية وحقوق الأنسان صنعت بأخلاق مفكرين لا ينتمون الى الدين الأسلامي وهذا لا يعني ان هؤلاء المفكرين لم يكونوا يحملون قيم دينية واخلاقية عالية ، اكرر التحية والأحترام للأستاذ كاتب المقال


2 - تعليق
عبد الله خلف ( 2014 / 4 / 29 - 15:48 )
- الأخلاق موضوعية لا ذاتية , فهي لا تعتمد على رغبات البشر أو نزواتهم فالخير خير عند الصالح والطالح والشر شر عند الصالح والطالح , فالأخلاق تعتمد على شيء خارج الذهن البشري , تعتمد على إرادة الله التي يريدها لهذا العالم فالأخلاق لها غرضية كونية يُفترض فيها الإستقلال عن أفكار البشر ورغباتهم والقيم الأخلاقية يعتنقها كل إنسان بوعي أو بغير وعي .
الإنسان جاء بمقدمة سماوية , الإنسان دخل هذا العالم برأس مال أخلاقي مبدئي رهيب , الإنسان يستحيل تبسيطه أو تفكيكه طبقا لفلسفة مادية حتمية يتخيلها مُلحد , الإنسان شيء وقوانين الطبيعة شيء آخر تماما! .

يتبع


3 - إضافه
عبد الله خلف ( 2014 / 4 / 29 - 15:49 )
- نقول للملحد : أنت لست إنسان وإنما تأتي في قمة المملكة الحيوانية على أحسن تقدير , حدود الطبيعة المادية هي حدودك , لا يُعقل أن تتمرد على تلك الحدود المادية أو قوانين الطبيعة أو تلفظها أو حتى تفهم معنى التمرد عليها , هل الذرة تتمرد على خط سيرها المُقدر لها سلفا؟ .
إذن أنت في أحسن حالاتك تقودك المادية الحتمية والبيولوجية الداروينية والبقاء للأقوى والإنتخاب الطبيعي للأصلح .
إذا لم تستطع أن تخرج بدليل على تفرد الإنسان أو مركزيته أو قيمة الاخلاق التي يحملها فلن تستطيع ان تبرهن على أي شيء جيد في هذا العالم ولا أن تنتقد أي شيء سيء في هذا العالم! .


4 - شاكر!
عبد الله خلف ( 2014 / 4 / 29 - 15:52 )
حسناً , يا شاكر , سأعطيك نقطه عن خلاصة أخلاق يسوع :
[عندما أتت امرأة كنعانية إلى يسوع تطلب منه الرحمة (إرحمني يا سيد يا ابن داود) [متى 15: 22]، ثم سجدت له لتستعطفه بذلك [متى 15: 25]، أجابها يسوع وبكل عفوية (ليس حسناً أن يُؤخذ خبز البنين ويُطرح للكلاب) [متى 15: 26]. والبنين هنا هم اليهود، وأما الكلاب فغيرهم من الأعراق مضافاً لهم هذه المسكينة الكنعانية. فلو طبقنا معاييره اليوم كما وردت في الإنجيل لأصبح لدينا صنفين من بني البشر: السادة اليهود، والكلاب، فقط لا غير] .

أقول : عندما يصف يسوع غير اليهود بالكلاب , فماذا تسمي هذه الأخلاق؟ .


5 - جواب على التعليق رقم 4
شاكر شكور ( 2014 / 4 / 29 - 21:33 )
حتى تفهم كلام السيد المسيح ياسيد خلف يجب ان تكفر اولا بقرينك من الجن المعين لك حسب قول محمد (ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن قالوا وإياك قال وإياي إلا أن الله أعانني عليه فأسلم فلا يأمرني إلا بخير) ، فإن كفرت بقرينك من الجن ستتحرر من سلطان ابليس وتفتح بصيرتك عندئذ ستفهم اقوال المسيح ، لن ادعك تشوش على مقالة الأستاذ عبد عطشان لتغير موضوعها بمناقشات جانبية فطرق السلفيين المأجورين من السعودية اصبحت معروفة في النشويش على المقالات واصبحتم كالذي يحمل الطاعون فلا احد يحتك بكم

اخر الافلام

.. إليكم مواعيد القداسات في أسبوع الآلام للمسيحيين الذين يتّبعو


.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم




.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله


.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط




.. 102-Al-Baqarah