الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النبي والنساء

محمد بن زكري

2014 / 5 / 1
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في كتابه المعنون (حياة محمد) ، قال محمد حسين هيكل - وهو غير الكاتب الصحفي الكبير محمد حسنين هيكل - أن النبي محمدا (صلعم) عندما تزوج السيدة خديجة ؛ ظل معها سبعة عشر عاما قبل البعثة وأحد عشر عاما بعدها .. دون أن يتزوج عليها أو يستبدلها بغيرها . (هـ)
ونستنتج من ذلك أن جميع من دخلن حياة النبي من النساء ، دخلنها في العقد الأخير من عمره .. بعد وفاة خديجة ؛ حيث كانت أولاهن : سوْدة بنت زَمعة ، غير أنه لكونها امرأة متقدمة في السن ، فقد خطب بعدها عائشة (التي تنازلت لها سودة عن حقوقها الزوجية) ، لتتوالى النساء على دخول حياة النبي (صلعم) .. لكلٍّ منهن في ذلك سببٌ مؤيّد بالقران الكريم .
ويجمع المفسرون (الطبري و الجلالين / مثلا) على ان الآية رقم 54 من سورة النساء ، تنزلت ردا على اليهود لانتقادهم تعدد زوجات النبي ، حيث تشير إلى ما هو مذكور في كتاب العهد القديم (التوراة) من زواج داوود بتسع وتسعين امرأة وزواج سليمان بألف . ونص الآية : " أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله ، فقد آتينا آل ابراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما " ، فعن ابن عباس و آخرين : { المراد بالناس رسول الله صلى الله عليه وسلم وحده ، حسدوه على ما أحل الله له من النساء ، وقالوا : ما له همٌّ إلا النكاح ، وهو المراد من قوله : على ما آتاهم من فضله } . و أورد الطبري في تفسيره : { حُدثت عن الحسين بن الفرج قال ، سمعت أبا معاذ يقول ، أخبرنا عبيد بن سليمان قال ، سمعت الضحاك يقول في قوله : " أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله " ، وذلك أن اليهود قالوا : " ما شأن محمد أُعطي النبوّة كما يزعم ، وهو جائع عارٍ ، وليس له همٌّ إلا نكاحُ النساء ؟ " فحسدوه على تزوج الأزواج ، وأحل الله لمحمد أن ينكح منهن ما شاء أن ينكح } .
ولقد أباحت الاية رقم 50 من سورة الأحزاب للنبي محمد - بصورة استثنائية وحصرية - ان ينكح أي عدد يشاء من النساء ، دون تحديد لعدد معين منهن ، وذلك على النحو المبين تفصيليا في الآية : " يا أيّها النّبيّ إنَّا أحلَلْنا لك أزواجكَ اللاتي آتيت أجُورهُنَّ (اي اللواتي أدى لهن مهورهن) وَمَا ملكتْ يمينكَ ممَّا أفاءَ الله علَيْكَ (أي سبايا الغزو والفتح من نساء غير المسلمين .. كصفية) وَبناتِ عمكَ وبناتِ عَمَّاتكَ (اي القرشيات) وَبَناتِ خالكَ وبناتِ خالاتِكَ (أي نساء بني زهرة) اللاتي هاجرنَ معكَ ، وامرأةً مؤمنةً إن وهبتْ نفسَها للنّبِيّ (دون تحديد للعدد .. كأم شريك الدوسية) إنْ أراد النبيُّ أن يستنكحها ، خالصةً لكَ مِن دونِ المؤمِنِين (أي أن هذه الرخصة في التعدد مقصورة على النبي محمد شخصيا دون سواه) قَدْ عَلِمنا ما فرضنا عليهم (أي على المسلمين) في أزواجهم وما ملكتْ أيْمانُهم ، لكيْلا يكون عليكَ حَرَجٌ (أي حتى لا يلومك أحد) وَكانَ الله غفوراً رحيما " .
وفي الآيتين رقم 28 و29 من السورة نفسها ، تم تخيير نساء النبي محمد بين الطلاق منه أو الاستمرار في عصمته ، فاختارت (فاطمة بنت الضحاك) الحريّة ، وكان لها ما اختارته من الانفصال عنه بالطلاق : " يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلا(28) وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا(29) " .
وكان ذلك قبل ان تحرِّم الايةُ رقم 6 من نفس السورة على المؤمنين الزواجَ من نساءِ النبي محمد : " النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ " .
ومن أمهات المؤمنين السيدة (صفية بنت حيي بن أخطب) ، و هي من يهود بني قريظة . اصطفاها النبي لنفسه من سبي خيبر ، وبنى بها في طريق العودة الى المدينة ! وكان أبوها حيي بن أخطب قد قُتِل في المعركة ، كما قُتِل فيها أيضا زوجُها كنانة بن أبي الحقيق . ومثل ذلك كان زواج النبي بأم المؤمنين السيدة (جويرية) .
ففي السنة السادسة للهجرة ، فاجأ النبي بني المصطلق بالغزو على حين غِرّة ؛ فما استفاقوا من المفاجأة إلا وقتلاهم يفارقون الحياة متخبطين في دمائهم ، وأسراهم وسباياهم تُجمع على أيدي المسلمين . وبين السبايا كانت (جويرية بنت الحارث) زوجة مسافع بن صفوان .. سيد قومه ؛ الذي قُتُل في المعركة ، كما قُتِل فيها أيضا أبوها الحارث بن ابي ضرار . وكانت جويرية تنتظر دورها ، فتقع في سهم جنديّ عاديّ اسمه ثابت بن قيس بن الشماس ، فاشتراها منه النبي بثمنِ فدائها لنفسها من السبي .
وكان (صلعم) مُحبّا لأزواجه .. شديد الغيرة عليهن ؛ وقد أورد البخاري في صحيحه أنّ سعد بن عبادة قال : لو رأيت رجلا مع امرأتي لضربته بالسيف غير مصفح . فقال الرسول (صلعم) : أتعجبون من غيرة سعد ؟ لأنا أغْيَرُ منه ، والله أغيَر مني ! . وأورد ابن سعد في الطبقات ، أن النبي أمر ابن عمه علي بقتل الشاب القبطي المبعوث لخدمة الجارية (ماريا) القبطية - التي ولدت له ابراهيم ، وأصبحت بذلك إحدى أمهات المؤمنين - ولم ينجُ القبطي من الموت إلا بعد أن تبيّن انه خصيّ .
وما كان لنسائه الانكشافُ لعيونِ الرجال : " يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنْ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلا مَعْرُوفًا (32) وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33) " الأحزاب .
وكان لزاماً عليهن أنْ يكلّمن الرجال - عند الحاجة - من وراءِ حجاب ، حتى لا يقعن معهم في المحظور : " وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن " . ثم - أخيرا - ما كان لزوجاته أن يتزوجن من بعده أبدا .
فعن ابن عباس في صحيح البخاري ان رجلا (هو طلحة بن عبيد الله) أتى بعضَ أزواج النبي (هي عائشة) فكلمها وهو ابن عمها . فقال له النبي : " لا تقومنَّ هذا المقام بعد يومك هذا " . فقال الرجل : يا رسول الله إنها ابنة عمي ، والله ما قلت لها منكرا ولا قالت لي . فقال النبي محمد : " قد عُرف ذلك . إنه ليس أحد أغيَر من الله ، وإنه ليس احد اغْيَر مني " . فمضى الرجل قائلا : يمنعني من كلام ابنة عمي ، لأتزوجنّها من بعده . فكان مِن ثم أن نزلت الآية 53 من سورة الأحزاب : " مَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمًا " . وبحكمِ كلٍّ من هذه الآية والآية 6 من سورة الأحزاب ، القاضي بمنع زوجات النبي من الزواج بعده ، فُرض على زوجاته الشابات أن يعشن سنين طويلة بعد وفاته عيشة الترهبن الإجباريّ و الحرمان من حقوق الحياة الطبيعية و الاجتماعية .
على أن النبي (صلعم) كان رقيق المعاملة مع زوجاته ، متسامحا تجاه المشاحنات اليومية بينهن .. كما هو شأن الضرائر في الغالب الأعم من أحوال تعدد الزوجات ، فمثلا تعاركت عائشة مع صفيّة وعيّرتها بنسبها اليهودي .. متباهية بأبيها أبي بكر صديق النبي ، فما كان من النبي إلا أن يبادر إلى ملاطفة صفية و استرضائها و التخفيف عنها ، مقترحا عليها ان ترد على عائشة : " ألا قلتِ لها ابي هارون وعمي موسى " . (ابن سعد / الطبقات) . وبينما كان ذات مرة في نقاش حاد مع عائشة .. إذ بها (تطعن في صدق كلامه) ، فاحتكما الى أبي بكر ، وكان أن خاطب محمد زوجته بلطف : أتريدين البدء بعرض المشكلة أم أبدأ أنا ؟ غير أن عائشة (المدللة) تجيب بلا مبالاة : تستطيع أن تبدأ ، بشرط ألا تقول إلا الحقيقية . فيغضب أبو بكر بشدة ويصفع عائشة قائلا : وهل يقول النبي غير الحقيقة ؟ وهنا يتدخل النبي للدفاع عن زوجته مخاطبا أبا بكر : لم نأتِك لتتصرف هكذا . و .. يتصالح الزوجان (الغزالي / الإحياء) .
تلك هي لمحة عن بعض جوانب الحياة الخاصة للنبي محمد (صلعم) لجهة العلاقة مع النساء ، في العقد الأخير من حياته . ولمن شاء الاستزادة العودة بالخصوص إلى المراجع التي ذكرناها ، وأهمها طبعا القرآن الكريم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
شاكر شكور ( 2014 / 5 / 1 - 16:30 )
تحياتنا للأخ محمد بن زكري ، بخصوص السيرة التي ذكرتها والخاصة بحياة محمد العائلية لا ارى بأنها تصلح ان تكون كقدوه يقتدي بها الناس وذلك لما احتوت هذه السيرة من اراقة دماء والأستحواز على زوجات الغير كقصة السبايا (صفية وجورية) ، إنها قصص تشير الى الأنحدار الأخلاقي الذي لا يليق بنبي وفي نفس الوقت لا يليق ذلك بصورة الله لأن الله متهم في هذه الحالة بأنتخاب نبي لا يستطيع التحكم بغرائزه الجنسية ، قرار تحريم زوجات محمد من الزواج من بعده يشير الى الأنانية لأنه بعد ان متّع محمد نفسه بالجنس مع زوجاته حرمهم من حقوقهم في ممارسة غرائزهم من بعده وهذا التحريم يؤدي الى تحطيم المرأة وربما يؤدي الى انحرافها ، فلو كان محمد رجل محترم بعين زوجاته فالزوجة المخلصة تمنع نفسها من الزواج بعد وفاة زوجها احتراما له ولكن يبدو ان محمد لم يكن يثق بزوجاته بعد حادثة الأفك او ربما لم يكن يملك القدرة الجنسية لأشباع رغبات زوجاته فعرف كيف سيتصرفن بعد مماته فقام بمعاقبتهم مقدما ، تحياتي للجميع


2 - تعليق
عبد الله خلف ( 2014 / 5 / 1 - 22:31 )
1- تعدد زوجات أنبياء الكتاب المقدس :
http://www.ebnmaryam.com/vb/t4162.html
2-زواج رب المسيحيين (يسوع) :
https://www.facebook.com/photo.php?fbid=833030420044797&set=a.426207687393741.118092.100000135401697&type=1&theater
3- نتمنى من الأخوه المسيحيين ؛ من الباحثين ؛ أن يبحثوا -قدر استطاعتهم- عن زوج العذراء , فمسألة والد يسوع (بيولوجياً) ؛ مسأله ملحه للغايه , فيجب أن يعلم المسيحيين سيرة ربهم مع والده البيولوجي , بالفعل , الوالد البيولوجي ليسوع مظلوم تاريخياً .


3 - ملخص رائع.
الغراب الأبيض ( 2014 / 5 / 2 - 17:58 )
مقال رائع يلخص الحياة الزوجية لمحمد بما قل ودل، حياة مليئة بالخطايا والإثم، لو كان نبيا من الله لما فعل 1% مما فعله مع زوجاته وملكات يمينه وسبياه، لو كان هدفه هو إعطاء العبرة والحكمة لكان اكتفى بزوجة واحدة وحرر السبايا دون أن يدخل بهن، فما علاقة التحرير بالدخول ؟
لحسن الحظ أن هذه التصرفات اللأخلاقية قد انتهى زمنها وأصبح الإنسان يفكر بعقله قبل أن يفكر بقضيبه وأصبحت المرأة جزء لا يتجزء من المجتمع بعدما أهانها الإسلام وجعلها فقط حرثا للرجل أينما شاء.

أما السيد خلف فندكره أن أحد الأنبياء حملت به أمه أربع سنين فهل يستطيع أن يقول لنا من هو ؟


4 - وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي جلسة خمرية
ضرغام ( 2014 / 5 / 2 - 22:26 )
وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي جلسة خمرية
http://www.youtube.com/watch?v=313vy_ygXfM

اخر الافلام

.. كيف تفاعل -الداخل الإسرائيلي- في أولى لحظات تنفيذ المقاومة ا


.. يهود يتبرأون من حرب الاحتلال على غزة ويدعمون المظاهرات في أم




.. لم تصمد طويلا.. بعد 6 أيام من ولادتها -صابرين الروح- تفارق ا


.. كل سنة وأقباط مصر بخير.. انتشار سعف النخيل في الإسكندرية است




.. الـLBCI ترافقكم في قداس أحد الشعانين لدى المسيحيين الذين يتب