الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السطو على الإسلام باسم الإسلام

اسماعيل خليل الحسن

2005 / 7 / 17
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يفرّق القرآن بين الإيمان و الإسلام فهنالك من أسلم وهنالك من آمن, على اعتبار أن ما يقابل الإيمان هو الشك, و ما يقابل الإسلام هو الجاهليّة,أما الكافر فهو يعرف الطريق إلى الإيمان لكنّه يجحده, فإذا كان الإيمان مسألة ذاتيّة داخليّة بين الإنسان و ربّه, فإن الإسلام كان وما يزال رسالة حضاريّة للخروج من حالة أعراب الجاهليّة (الذين هم أشدّ كفرا و نفاقا ) إلى حالة أرقى .
لكنّ الجاهلية تعود متسرّبة تحت السطوح مرتدية لباسا إسلاميا, فتهاجر الرسالة, مخلية موقعها لجمود العقيدة, فقد يصبح انتصار العقيدة أحيانا خسارة للإسلام بما هو رسالة تنوير, فالجمود يقلّص الحريّة, فتبدأ رحلة الانحطاط و التدهور.
يصبح الإسلام حالة يستفيد منها و على حسابها مناوئوه ومناصروه على حد سواء , فخلال الأيام القليلة المنصرمة وقعت جملة أحداث بحق المدنيين العزّل من العراق إلى لندن و فلسطين و الباكستان , حيث أصبحت هذه الأحداث مادة يتعيّش منها سياسيو أمريكا و حلفاؤها البريطانيون و الصهاينة .
و دفعا للالتباس نسجل موقفنا الداعم لكل مقاومة مشروعة ضد الاحتلال الأجنبي , باعتبار أن حالة الحرب قائمة مادام العدو جاثما بأفراده و معدّاته و أساطيله على أرض وطنية, و لا تخفى النوايا الحقيقية للغزاة و أن تغلّفت بمبادئ الديمقراطية , أو أزالت , في مسيرتها العاصفة, أنظمة الحكم غير المأسوف عليها , إنما يصدر ذلك عن مصالح استعماريّة , وللشّعوب مصالحها أيضا , و لا انسجام بين هاتين المصلحتين .
الاستعمار بحكم كونه حالة غير إنسانية, غير أخلاقيّة, سيكون الرد الإسلامي عليه بما تمليه الرسالة من احترام قوانين الحرب, أما الجاهلية فتقر بقتل أطفالهم كما يقتلون أطفالنا, ذلك هو منطق الإسلام ـ القبيلة, و قد هجرته رسالته, رغم خطورة تكريس الكراهيّة ضد الإسلام قاطبة , و استحالة غزونا للمستعمر عقليا , إنما المهم , في شرع القبيلة, هو عدد القتلى في القطارات و الطائرات.
إنّ شكل العنف يحدده الفكر الذي يقف خلفه, فالأهداف العسكرية, تبررها شرعة الأمم قتلا أو أسرا أو مفاداة, فلم يكن أبو بكر الصدّيق متخرجا من أكاديميّة عسكريّة, و لكن الإسلام ـ الرسالة أملى عليه و صيّته لجيش أسامة بن زيد "وإني موصيكم بعشر كلمات فاحفظوهن: لا تقتلوا شيخًا فانيًا ولا صبيًا صغيرًا ولا امرأة، ولا تهدموا بيتًا ولا بيعة، ولا تقطعوا شجرًا مثمرًا، ولا تعقروا بهيمة إلا لأكل، ولا تحرقوا نخلاً ولا تُغرقوه، ولا تعص، ولا تجبن…"
سجّل الخلاف بين شيخين متشددين على شاشة فضائية حول التجاوز في القتل وحول القتال الديني وتدمير المساجد و الكنائس,أول جدال علني من داخل الظاهرة . ولو زار أحدهما أو كلاهما دير مارجرجس القديم في بلدة المشتاية التابعة لمدينة حمص السوريّة,لوجدا صك الأمان الذي حرره الرسول الأعظم لأهل الدير ولممتلكاتهم ولصلبانهم ولشعائرهم, وقد وقـّع عليه كشهود, عديد الصحابة و منهم خمسة أصبحوا خلفاء , الراشدون الأربعة و معاوية.
إن من مصلحة أعداء الإسلام جعل الحرب دينية, فهي من أبشع الحروب, ويستطيع العدو تجييش مجتمعه بأسره في أتونها, و سيكون الفقراء المؤمنون وقودها, بينما يكدّس تجار الحروب مزيدا من الثروات .
و إني أتساءل لو أنّ حزبا إسلاميّا طرّز المشهد السياسي العربي , متنافسا مع جميع التيّارات الأخرى, ولم تكن هنالك معتقلات تستباح بها كرامات الناس , هل ستكون شكيمة الغلوّ بمثل قوته و شدة تأثيره في هذه الآونة ؟.
ليس مهمّّا حفظ الآيات عن ظهر قلب, إنما المهم إمعان النظر فيها, عندئذ سيتلمّس المرء كميّة ( الليبراليّة الفكريّة) بين معانيها, فالجدال مع النصرانية و اليهوديّة يحتدم حتى الذروة, وهذا أمر طبيعي, فغاية الجدال أن ينسف أحد ما فكرة الآخر و يسفّهها , أما خارج مجلس الجدال, فليحترم كلّ منهما الآخر, و الزوجة الكتابية تظلّ على دينها و تمارسه , وهي تربّي أطفالها المسلمين.
لقد مارس البترودولار سطوا ماليا على الإسلام, و لأنّ المال يحلب معه ثقافته فقد جاء البترودولار بالتسطيح الفكري والإفساد العقلي, من جهة و بالغلوّ العقيدي من جهة أخرى, وهذا الأخير يمارس سطوا مسلّحا ويصادر الإسلام باسم الإسلام, و إن بدأ يضيق كل منهما بالآخر, فهي حتميّة لا حيدة عنها , و الآتي سيكون أعظم , فبين سطوين سوف يسطو علينا الغزاة, لنقول مع أبي الطيّب:
و سوى الروم خلف ظهــــــــــرك روم , فعلى أيّ جانبيك تميلُ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 155-Al-Baqarah


.. 156-Al-Baqarah




.. 157-Al-Baqarah


.. 158-Al-Baqarah




.. 159-Al-Baqarah