الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخروج الى النهار 3/3 ( جزء أخير )

هشام حتاته

2014 / 5 / 4
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


تعرفنا فى المقالة السابقة على ماهو فكر التنوير ومن هم رواد هذا الفكر وان اهم ركيزتين قام عليهما هذا الفكر هو احترام العقل الانسانى وتخليصة من فكر القطيع والتبعية العمياء لرجال الدين والثانية هى قيام الدولة الحديثة بديلا عن الدوله المستبده بمؤسساتها التشريعية والتفيذية والقضائية ووضع الدساتير الحديثة لتكون بمثابة العقد الاجتماعى بين الحاكم والمحكوم فى علاقة نفعية قائمة على احترام حقوق الانسان واحترام سيادة الدولة وليست علاقة اذعان من المحكوم للحاكم .
تحرر الانسان من طغيان رجال الدين ومن طغيان الدولة الشمولية ، ومع هذا التحرر بدات مرحلة الابداع التى نراها الان فى كل المجالات ونستمتع بكل منتجها العلمى ونكفر من صنعها ودون ان نسأل انفسنا سؤالا بسيطا : كيف تم هذا ؟ واعتقد اننى قلت لكم : كيف تم هذا فى الغرب
ولناتى ان شرقنا العربى الاسلامى :
لا ابداع بدون حرية ، والحرية ليست حرية مطلقة ولكن حريتك تنتهى عن بداية حرية الاخرين
والحرية هى ان يتخلص الانسان من القهر السلطوى للدولة المستبده ومن قهر رجال الدين

**قهر الدولة السلطوى
لن نبدا باختراع الدراجة من جديد ، فالدولة الحديثة بمؤسساتها موجوده فى مصر على الاقل وان كانت العلاقة بين الدولة والمواطن حسب الدستور السابق كانت تكرس لسلطة الدولة على حساب حرية المواطن ، وان كان الدستور المصرى الاخيرحاول التوازن بين السلطتين الا اننا فى انتظار حزمة القوانين لتفعيل هذه المواد
وان بقت دساتيرمعظم الدول العربية او لنقل كلها مازالت علاقة قائمة على الاذعان بل ان بعضها ليس فيها دساتير بالمرة
** قهر سلطة الدين :
ان التنوير لايلغى الدين بقدر ما يضعه فى اطارة الصحيح ، فالدين فى الفكر التنويرى هو علاقة خاصة بين الانسان وربه لادخل للاخرين فيها ، لا اوصياء علينا
وحتى نخرج من حالة التنابذ الدينى وحملة التكفير التى يشنها رجال الدين يوميا على الفضائيات على الآخر المختلف ، ماعلينا سوى ان نردد مع توماس جيفرسون (13 أبريل 1743 - 4 يوليو 1826) المفكر السياسي الشهير في العصر المبكر للجمهورية الأمريكية والذى كان أحد الآباء المؤسسون للولايات المتحدة والمؤلف الرئيسي لإعلان الاستقلال الأمريكي (1776) و مؤسس الحزب الجمهوري الديمقراطي وبعدها أصبح الرئيس الثالث للولايات المتحدة الأمريكية بالفترة من 1801 حتى 1809 وأحد أشهر رؤسائها ، وأبو الدستور الامريكى فى عبارته الموجزه :
(انت مواطن امريكى
تعطى امريكا افضل ماعندك ، وتعطيك امريكا افضل ماعندها
لايهمنى لونك ولا دينك ولاجنسك
فماذا يضيرنى ان تعبد الها امو تعبد حمارا ) انتهى
وانا اقول ( من حقك ان تعبد حجرا، وليس من حقك ان ترجم به الاخرين )
عبارات موجزه تلخص لنا كيفية الخروج من نفق الخلافات الدينية والعرقية
فبعد انتهاء مرحلة النبوات ليس من حق احدا ان يتحدث وكيلا عن الله ، فلايملك احد حقا حصريا بهذه الوكالة .
- الإله المكار: سمعت صغيرا قولا منسوبا للخليفة ابو بكر يقول : والله لو ان بينى وبين الجنه خطوه واحده لخشيت من مكر الله ، ويردد علينا اصحاب اللحى والعمائم يوميا ان قولا واحدا فى امور الدين قد ينزل بنا من الجنة الى النار ، ويقصدون بهذا اى تساؤل مشروع وخصوصا التساؤل عن معضلة الجبر والاختيار .
فهل الله مكار لهذه الدرجة ؟
كان هذان القولان كفيلان بارتجاف مفاصلى وانا صغير
ان النار التى يتفنون في اهوالها وعذاب القبر الذى يتنافى مع ابسط قواعد العقل ( فلا يمكن ان يحاسب الانسان على نفس افعاله مرتين ، الاولى فى القبروالثانية امام الله بعد ان تقوم الساعه ) وتتنافى ايضا مع ابسط قواعد الرحمة الالهية
ويجب ان نلاحظ ايضا ان مباهج الجنة الحسية التى تفنن في وصفها اصحاب العمائم هى من اهم اسباب اقدام الانتحاريين على عملياتهم الارهابية باعتبارهم شهداء تنتظرهم حورات الجنة .
كيف لى ان احب الها يشعل النار ليوقع بى فيها ؟
ان الهى الذى احبة هو الرحمن الرحيم الغفارالتواب .

** تحريرالعقل
لن نخترع ايضا الدراجة من جديد ، فعلى مستوى العقل وضع لنا المنطق ( ابو القوانين ) عدد من القوانين والتى اهمها فى نظرى :
1) قانون السببية ( المقدمات والنتائج ) والتى تعنى الرابطة بين الفعل أو مجموعة الأفعال وبين النتيجة أو مجموعة النتائج المترتبة عن الفعل أو مجموعة الأفعال، فرابطة السببية هي علاقة السبب بالنتيجة.
فلكل نتيجة سببا ، واذا تشابهت المقدمات تشابهت النتائج
وهذا القانون وحده كفيل بازاله حالة الالتباس بين معضلة الجبر والاختيار التى لم يصل علماء الدين ( فى كل الاديان ) الى فك الارتباط بينها
فكل انسان مسئول عن افعاله ، وان هذه الافعال ماهى الا نتائج للمقدمات ـ ونلاحظ ان القانون الحنائى يعتمد هذه القاعدة فى احكامه ، قالقانون لايعرف ان من قتل او سرق او ارتشى كان بمشيئة الله ولكنها مقدمات ونتائج
ومن اشهر فلاسفة القرن العشرين الذين ناقشوا هذا الموضوع هو الفيلسوف الفرنسى الوجودى جان بول سارتر ( 1905 - 1980 ) فى كتابة المختصر: الوجودية مذهب إنساني. (1946) ليصل الى ان الانسان حر الاراده وحر الاختيار، وحتى اذا طلب النصيحة فانها يطلبها ممن يعتقد انه سيعيطة الجواب الذى يريدة ، فمن اراد ان يقتل فسوق يتوجه طالبا النصيحة من قاتل والعكس صحيح .
فحرية الانسان عن افعاله هى المسمار الاول فى نعش اصحاب اللحى .

2) قانون الهوية وعدم التناقض :
علينا ان نعرف الان ماهى الهوية ؟
الهوية هى محموعة الروافد التى تشكل ( التراكم المعرفى ) لدى الشخص نتيجة النشاة والجينات والثقافة العامة للمجتمع والثقافة الخاصة بالانسان والتجارب الحياتية التى مر بها والدين ، وان كان الدين خلال الثلاثين عاما الماضية اصبح هو الرافد الرئيسى للمعرفة والمهيمن عما سواه نتيجة اسباب كثيرة تعرضنا لنا فى العديد من كتاباتنا .
( ويرى ارسطو ان هذا القانون هو اساس التفكير المنطقى على اساس ان ( الشئ هو نفسه ) فالانسان هو الانسان والمراة هى المراة ، لأنه يشير إلى ضرورة التقيد بذاتية مدلول اللفظ الذي نستخدمه فلا نخلط بين الشئ وما عداه، ولا نضيف للشئ ما ليس فيه، وعلى ذلك فهو يؤكد وجود علاقة مساواة بين طرفين متطابقين، مما من شأنه أن يضبط التفكير، ومخالفة هذا القانون يوقعنا في التناقض، ويؤدى إلى فساد الاستدلال. كما يرى أرسطو أن هذا القانون يجب أن يعمل ليس في عملية الاستدلال أو البرهان فقط ،لكن في حياتنا اليومية فلكى نفهم بعضنا بعضاً يجب أن نتحدث بلغة واحدة لا يحتمل أى لفظ من ألفاظها أكثر من معنى )
واذا اردنا ان نمد الحبل على استقامته نقول ان الاحتلال هو الاحتلال ، فلا نرحب باحتلال العرب للاندلس ، ونرحب بالاحتلال العربى لمصر على اساس انه كان فتحا عظيما ثم نتباكى على احتلال فلسطين .

فليس من المنطق ان يطلب رؤسانا من الغرب العدل فى قضايانا وهم لايعدلون مع شعوبهم ، ولا تطالب شعوبنا من امريكا مثلا الا تكيل بمكيالين بيننا وبين اسرائيل فى الوقت الذى نكيل فيه بمكيالين بين المسلمين والاقليات الاخرى فى بلادنا

ولا من المنطق ايضا ان نرحب بثورة 25 يناير التى قام بها الشعب وساندها الجيش لانها اوصلت الاخوان الى حكم مصر ـ ونصف ثورة 30 / 6 التى قام بها الشعب وساندها الجيش ايضا ونصفها بالانقلاب لانها ازاحت الاخوان عن حكم مصر بدعوى ان مرسى كان رئيسا منتخبا وننسى ان مبارك ايضا جاء فى فتراته الاولى على الدستور الذى وافق عليه ممثلى الشعب وفى الفترة الاخيرة جاء على انتخابات متعدده
الامثلة كثيرة ومتعدده
فالشئ هو الشئ ، وهذا هو اساس التفكير المنطقى

والسؤال : هل ننتظر مائتى عام مثلما انتظر الغرب ؟
والجواب : اولا : لقد صنعو الدراجة ولن نخترعها من جديد ، وثانيا ان ثورة المعلومات كفيلة بنقل الافكار باسرع مما سبق بمليون مره
** الاعلان العالمى لحقوق الانسان :
لدينا الاعلان العالمى لحقوق الانسان الصادر عن الامم المتجده عام 1948 والتى وقعت عليه معظم دول العالم وتحفظت عليه بعض الدول العربية وان كانت رفضته السعودية لانها حتى هذا الوقت كانت تعمل بالنظام العبودى ولم تتخلص منه الا بداية الستينات بعد الهجوم الناصرى عليها والمكون من ثلاثين ماده اهمها الـ 11 مادة الاولى وهى :

المادة 1
يولد جميع الناس أحرارا ومتساوين في الكرامة والحقوق. وهم قد وهبوا العقل والوجدان وعليهم أن يعاملوا بعضهم بعضا بروح الإخاء.
المادة 2
لكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات المذكورة في هذا الإعلان، دونما تمييز من أي نوع، ولا سيما التمييز بسبب العنصر، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الرأي سياسيا وغير سياسي، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي، أو الثروة، أو المولد، أو أي وضع آخر.
وفضلا عن ذلك لا يجوز التمييز علي أساس الوضع السياسي أو القانوني أو الدولي للبلد أو الإقليم الذي ينتمي إليه الشخص، سواء أكان مستقلا أو موضوعا تحت الوصاية أو غير متمتع بالحكم الذاتي أم خاضعا لأي قيد آخر علي سيادته.
المادة 3
لكل فرد حق في الحياة والحرية وفى الأمان على شخصه.
المادة 4
لا يجوز استرقاق أحد أو استعباده، ويحظر الرق والاتجار بالرقيق بجميع صورهما.
المادة 5
لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة.
المادة 6
لكل إنسان، في كل مكان، الحق بأن يعترف له بالشخصية القانونية.
المادة 7
الناس جميعا سواء أمام القانون، وهم يتساوون في حق التمتع بحماية القانون دونما تمييز،، كما يتساوون في حق التمتع بالحماية من أي تمييز ينتهك هذا الإعلان ومن أي تحريض على مثل هذا التمييز.
المادة 8
لكل شخص حق اللجوء إلى المحاكم الوطنية المختصة لإنصافه الفعلي من أية أعمال تنتهك الحقوق الأساسية التي يمنحها إياه الدستور أو القانون.
المادة 9
لا يجوز اعتقال أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفا.
المادة 10
لكل إنسان، على قدم المساواة التامة مع الآخرين، الحق في أن تنظر قضيته محكمة مستقلة ومحايدة، نظرا منصفا وعلنيا، للفصل في حقوقه والتزاماته وفى أية تهمة جزائية توجه إليه.
المادة 11
كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئا إلى أن يثبت ارتكابه لها قانونا في محاكمة علنية تكون قد وفرت له فيها جميع الضمانات اللازمة للدفاع عن نفسه.
ويمكن للقارى متابعه باقى المواد على الرابط التالى :
http://www1.umn.edu/humanrts/arab/b001.html

فهل نحتاج الى اختراع الدراجة من جديد ؟
وهل عرفنا طريقة الخروج من النفق المظلم الى ضوء النهار ؟
والى لقاء فى موضوع آخر











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - عزيزى الامل المشرق
هشام حتاته ( 2014 / 5 / 6 - 09:01 )
كلامك مهم جدا
انا لا اطالب بالنقل الحرفى للتجربة الغربية
ولكنهم وضعوا الاسس العقلانية للتنوير التى لايختلف عليها اثنين
ليس شرطا ان يكون التنوير على جثة الدين / فالكنائس فى الغرب مفتوحه ويتم فيها الزواج وليست كما فعلت روسيا
نريد من الدين ان يكون داخل المسجد مع خطاب عقلانى
من الملاحظ ان المسيح لم يحكم دولة ولهذا لم يضع تشريعات حياتية للناس وهذا مما سهل على مفكرى التنوير مهمتهم
ولكن اصحاب اللحى والعمائم يقولون ان الاسلام دين ودولة ويريدون تطبيق تشريعات عصر النبوه وهذه معضلة كبيرة وقد ناقشتها فى كتابى الاخير ( تطوير الخطاب الدينى واشكالية الناسخ والمنسوخ ) ووضعت عده توصيات للخروج من هذه الازمة
مالا يدرك كلة لايترك كله
تحياتى وشكرا لمشاركتك


2 - عزيزى الامل المشرق
هشام حتاته ( 2014 / 5 / 7 - 07:55 )
قرأت تعليقك وقمت بالرد عليه ولكنى فوجئت فى اليوم التالى ان تعليقك غير منشور وجهت رسالة الى ادارة الحوار بهذه الملحوطة ولكن يبدو انه خطا تقنى ليس مقصودا
تحياتى لك

اخر الافلام

.. قذائف إسرائيلية على غزة في أول أيام العيد بالرغم من إعلان -ه


.. جزيرة إيطالية توفر إقامة مجانية لثلاث ليالٍ ولكن بشرط واحد




.. حريق هائل يدمر فندق ماريسفيل التاريخي في ولاية كاليفورنيا


.. جبهة لبنان – إسرائيل.. مخاوف من التصعيد ودخول إيران ومساعٍ ل




.. هل تنضم إيران إلى حزب الله في حرب شاملة مع إسرائيل؟| #الظهير