الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أمة الشتات ...اللجوء الألهي و انشودة الرحيل ..!!

نوفل كريم جهاد

2014 / 5 / 4
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يذكر لنا التأريخ الأسلامي هجرة النواة الاولى لمسلمي مكة حين كانوا قلة مستضعفة هربا من الأضطهاد والبطش في ربوع مكة .حيث هاجرت تلك المجموعة المؤمنة بأمر ألهي عبر الوحي المقدس لرسول الرحمة بحثا عن الرحمة في ربوع بلاد أخرى غير عربية . وهكذا توجه هذا الرعيل الأول من المسلمين الى ملك رحيم لا يُظلَم عنده أحد . ملك يؤمن بالمسيح ويحمل الصليب في قلبه .. لتبدأ هذه الأمة العربية بكتابة تأريخ مستمر من الهجرات المقدسة منذ ذاك اليوم الى يومنا هذا حيث لايزال أبناء خير أمة أخرجت للناس تنشد رغيد العيش والأمان في بلدان غير أسلامية رغم القناعه الثابته لدينا بأننا ولله الحمد أفضل خلق الله من البشر و أكثرهم أيماناَ وألتصاقآ بالسماء .. ولا تموتن الا و أنتم مسلمون ..!
ونجد هنا أن الهجرة والرحيل ليست جديدة على الأمة العربية أو الأسلامية بل لها جذور وجذورمقدسة طبعآ...
و لنستذكر الأن أشهر تلك الهجرات في التأريخ الأسلامي من بعد هجرة الحبشة الاولى حيث تتبعها هجرة الرسول الكريم محمد (صلعم ) الشهيرة الى يثرب ..وكذلك هجرة الأمام علي (ع) الى الكوفة و أستقراره هناك ..وأيضا هجرة الامام الحسين (ع) الى كربلاء ...
والغريب حقا حين تجد أن التقويم الأسلامي هو تقويم هجري لمكانة الهجرة في نفوس أبناء هذه الامة الأسلاميه و أن أجيال و أجيال لاتزال تعزف أنشودة الرحيل هذه و لحد هذا اليوم !! فهل هو حظ عاثر أم هي مصادفة مقدسة يا ترى ..؟!
حيث يستمر قدر الهجرة على أبناء هذه الامه البائسة وتستمر بذلك ديمومه اللجوء الألهي المحتوم ...!
ونتسأل هنا .. هل هو قدر هذه الأمة أن يترك أبنائها أوطانهم الأسلامية بحثا عن الرحمة والأمان والعيش الرغيد في بلدان كافرة وفاجرة ومجتمعات تعاني من تفكك عائلي وسطوة مادية وأنحلال اخلاقي ؟! كما يقول تجار المنابر و الدين .. ونحن خير أمه أخرجت للناس و نتبجح بمكارم الأخلاق وبطولات غيرنا من الرجال عبر التأريخ .!
فما نراه الان من هجرة للشعوب العربية و الأسلامية هو أمتداد لهجرة الحبشه الاولى .. بل هو أمتداد و أستمرار لتنقل البدو الرحل ليس للبحث عن الماء والكلاء فقط بل عن الأمان والمحcبة هذه المرة حتى و أن كانت بعيده عن الأوطان .. والسبب هو بكل بساطة لأن الظلم والقتل والأضطهاد مستمر في أمتي .. خير أمة أخرجت للناس .. نعم مستمر!!
ونتسأل هنا من جديد ..هل كُتب علينا في اللوح المحفوظ هذا المصير الحتمي منذ هجرة الحبشة الأولى وحتى اليوم ..؟
هل كُتب علينا هذا اللجوء الألهي في السماء لنردد نحن أنشودة الرحيل دوما في الصحراء ..؟ حيث لا زلنا نترك ديارنا ونطلب الرحمة من غير المسلمين بصورة نبدو فيها أذلاء بين الأمم ..!!
هل هو الوعد الألهي أذن أم ماذا ..؟هل حقا هو وعد السماء لغيرنا بأن يدخلوا الأرض التي كتب الله لهم في حين نترك نحن الأرض التي خلق الله لنا ...أي مفارقة تأريخيه مؤلمة هذه حين يعدهم الرب بدخول الأرض ويتوعدنا نحن بالخروج منها ...!!
هل هذا هو عدل السماء و مشيئة الرب فينا ..؟
كيف أصبحنا نحن عرب الشتات .. والشتات في نفوسنا وفي أنسانيتنا..! في أي تيه نسير وقد تجاوزت سنين التيه هذه الأربعين .!! لماذا فشلنا نحن حين نجحت الشعوب الأخرى ، وكيف لم نستطيع خلق مجتمعآ أفضل أنسانيا وحضاريا ونحن خير أمة أخرجت للناس .؟ وفي أيدينا أفضل رسالة سماوية .؟!
هل لأننا أبتعدنا عن الدين الحق ..أبتعدنا عن الله ..! أم لأننا فعلا لا نستحق تلك الرسالة ..؟ وهل غيرنا من الأمم الأن هم أقرب الى السماء منا نحن يا ترى .؟ وديناتهم مستحقه لهم ...!! فأين الخلل أذن يا كل رجالات السياسة والدين .. أين الخلل أذن يا كل المثقفين والمواطنيين ..؟ قد لا أحمل أنا عصى موسى السحرية ولكني أطرح هنا تسأولات بكل تجرد وموضوعية ..
لماذا نعيش في أوطان ملأها الهلع والفزع والموت..؟ و لكن عذرا.. هي أوطان أسلاميه والحمدلله ..!!
فأي فهم سخيف هذا و كأن الديانه الأسلامية هي الفضيلة الكبرى و وسام شرف على صدور المسلمين بغض النظر عن كل شيئ .!!
بل ويستمر أبناء هذه الأمة بالهجرة لتحتضنهم بلدان ترفع الصلبان لا الأذان ...ويتكرر نفس اللجوء الألهي ونستمع لذات أنشودة الرحيل حين هاجر الرعيل الأول من المسلمين الى بلد مسيحي الديانة ولا زالوا مسلمي اليوم يفعلون ..!
لذلك أرى من الافضل لنا أن نسكت ونعمل بصمت على بناء الانسان فينا ولنعلم جيدا أن بناء الأنسان هو أساس بناء الأوطان ..والأوطان لا تبنى فقط بالأديان ..!
بل علينا لملمة الشتات في دواخلنا ولندرك بكل وعي أن حالنا المتردي هذا ليس له أي علاقة بالسماء ولا يمثل سخط من الله ولا مشيئتهُ فينا كما يردد البعض وليس سبب كل تلك الهجرات والبؤس هو الله وكأن واقعنا هذا مسير حتمي خطته أرادة السماء لنا .. !
بل السبب هو نحن أولا كشعوب وعلينا أن نمتلك الشجاعة مع أنفسنا حتى نعرف السبب.. يا ترى هل هو الدين أم الحكم الأستبدادي لسنين ..؟ هل هو الكهنوت أم سطوة القديسين ..؟ هل هو هولاكو السبب أم العثمانيين ..أم هم المماليك والصفويين ..قد يكون السبب الانكليز والصهاينه والفرنسيين وكل من مرً علينا من المستعمرين ..! بل من الممكن كل هذا الخليط المشؤوم الجاثم على عقولنا وقلوبنا منذ عقود وسنين ..؟ ما السبب يا ترى ..ما السبب يا عرب ويا مسلمين ..؟ قد يكون المريخيين ..نعم هم بالتاكيد المريخيين ..! فهكذا نحن دوما نلقي اللوم و نعلق أخطائنا على شماعة الاخرين...!!
وفي النهاية أقول أن التقدم والتحضر هو شأن أنساني بحت لا دخل للسماء فيه أبدا ..بل هو نتاج عمل بشري متكامل لموروث فكري متواصل ومتجدد لخلق مجتمع أفضل و أمة متطورة وخلق بلدان عربية ومسلمة آمنة ومسالمة يرفل أبنائها بحياة رغيدة حيث ينعمون بمساحة واسعة من الأنسانية والمحبة والتسامح وأستقرار في الاوطان دون الحاجة للرحيل أبدا لأن السعادة كل السعادة تنبع من قدس أقداس النفس البشرية لنحيا في وطن حر وشعب سعيد وحينها سوف لا نحتاج للهجرة الا كتقويم نحتفي به سنويآ وليس فعلا نحتذي به يوميآ...
وحتما سوف نستبدل اللجوء الألهي هذا بالبقاء في الأوطان ونستبدل أنشودة الرحيل تلك بأنشودة جميلة للأنسان..!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نبض فرنسا: مسلمون يغادرون البلاد، ظاهرة عابرة أو واقع جديد؟


.. محاضر في الشؤؤون المسيحية: لا أحد يملك حصرية الفكرة




.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الأقباط فرحتهم بعيد القيامة في الغربي


.. التحالف الوطني يشارك الأقباط احتفالاتهم بعيد القيامة في كنائ




.. المسيحيون الأرثوذوكس يحيون عيد الفصح وسط احتفالات طغت عليها