الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العقلاني واللاعقلاني بين الخطاب العربي والأوروبي

قصي الصافي

2014 / 5 / 5
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



ما تتعرض له مجتمعاتنا العربية من تمزق في نسيجها الإجتماعي ، وإنحسار المشتركات الوطنية لصالح الهويات الفرعية وخاصةً الطائفية منها، وما نشهده يومياً من مجازر بوحشية القرون الوسطى، انما يشير بوضوح إلا إنسداد آفاق الوعي العربي والتمترس خلف اللاعقلاني من اليقينيات الغيبية والنزعات الغريزية والعصاب الفكري.
اللاعقلاني أو ما يدعونه الصوفيون العقل المنفعل هو كل ما ينتج في أعماق اللاشعور من ارهاصات وجدانية وإنفعالات نفسية وميول غالباً ما تكون في خصومة مع المنطق العقلي، إذ يغذيها الخيال والإسطورة والتفكير الحالم. رغم تمرد اللاعقلاني مع أصول المنطق إلا أنه يتماهى معه لصياغة قرارات وأحكام العقل وتشكيل المفاهيم والتصورات والمواقف الفكرية باتجاهين متباينين، فتظهر تجلياته في أنسنة العقل ورفده بنفحات جمالية وروحية كما في الشعر والفن وماينسجه الخيال الشعبي من قصص تمجد الشخصيات الوطنية والتأريخية أو حكايات ملهمة لتكريس قيم التضامن والتشارك مما يعزز الحس بالمواطنة، وفي الجانب الآخر يتمظهر اللاعقلاني في صيغ تدميرية تفضي إلى الإحتراب والكراهية كالطائفية والعصبية القبلية أو العنصرية والإستعلاء القومي.

ثمة مفارقة تبدو جليةً عند مقارنة الخطاب العربي مع نظيره الأروبي، فقد تشربت العقلية العربية حتى النخاع باللاعقلاني من نزعات غريزية وايمانية ميتافيزيقية وأسطرة فكرية افقدت خطابنا الفكري قدرته على التواصل مع العقل الكوني، وعلى عكس ذلك فإن الخطاب الأروبي قد أتخم بالعقلانية حتى أن مدرسة فرانكفورت قد حذرت في نقدها لفكر التنوير زاعمةً أن غائية العقلانية الأداتية قد تسببت بإهدار إنسانية الإنسان وتقويض حرياته على الرغم مما انجزته رحلة أوروبا مع العقلانية من تقدم علمي وإزدهار إقتصادي وديمقراطية سياسية، وقد جاء هجوم نيتشة ومفكري ما بعد الحداثة أكثر قسوةً في التشكيك بكل البنى الفكرية والمنظومات الأخلاقية والقيمية للحضارة الأوروبية.
كانت أوروبا قبل التنوير تعيش عصر الخرافة والشعوذة والمقدس الديني، عصر الأمراض وحرق الساحرات ومحاكم التفتيش والقلاقل الداخلية والحروب الطويلة - حسبنا أن نذكر حرب المئة عام بين فرنسا وبريطانيا و 30 عاماً من الحروب الدينية -، أما انظمتها السياسية فقد كانت ملكية تستمد مشروعيتها من النسب والتفويض الإلهي وتحكم قبضتها بالتحالف الثلاثي بين الملك والكنيسة والنبلاء. من هذا المستنقع الآسن بالتخلف سجل مشروع ديكارت بدايات فكر التنوير فكان منهجه قائماً على الشك بكل اليقينيات والثوابت الناشئة عن الحواس وإن الذات المفكرة هي وحدها من يحتكر القدرة على الكشف المعرفي عبر التحليل والإستنباط بما يشبه التحليل الرياضي ، وفي بريطانيا كان مشروع فرانسيس بيكون قائماً على الإستقراء والتجريب، ففي تصوره أن الحقائق لا يمكن قبولها ما لم يزودنا العقل بالدلائل والبيانات التجريبية كبراهين قاطعة على صحتها .
منحت مكتشفات العالم وعضو البرلمان البريطاني إسحق نيوتن إضافة إلى الإختراعات العلمية دفعاً كبيراً لمسار العقلانية فساد الإعتقاد أن عقل الإنسان ليس قادراً على كشف أسرار الطبيعة فحسب بل الكشف أيضاً عن أسرار الحياة وحركة المجتمع والتأريخ، وقد إتسع فكر التنوير في القرن الثامن عشر ليشمل كافة مناحي الحياة السياسية والإجتماعية والقانونية، وأخذت الحركة على عاتقها هدم العالم القديم بكل منظومته الأخلاقية والقيمية ومؤسساته الإجتماعية والسياسية، الا أن العقلانية الخالصة للتنوير قد واجهت الكثير من الصدمات على مستوى التأريخ والفكر. تجلت الصدمات التأريخية له بإرهاب روبسبير والعبودية وحروب نابليون التوسعية وإستعمار الشعوب والحربين العالميتين . وعلى الصعيد الفكري كان ماركس قد وجه الصدمة الأولى بإكتشافه أن العقل لا يعمل بحياد وإستقلالية بل هو محاصر بنزوع لا عقلاني يتحدد بطبيعة العلاقات الإقتصادية والموقع الطبقي، ثم ظهرت نظرية داروين صدمةً أخرى بإعلانها أن الإنسان سليل الحيوان مما يعني وراثته بعض غرائز الحيوان التي لا يمكن تجاهلها في الية التفكير. أما الصدمة المدوية فقد كانت على يد فرويد حين أثبت أن هناك عقلاً خفياً يختزن من غرائزنا ومكبوتاتنا وعواطفها ما يتماهى مع عقلنا الظاهر في تحديد سلوكياتنا وطبيعة مواقفنا . أما نيتشة فقد أطلق عاصفةً وضعت كل منجزات العقل الإنساني موضع التشكيك ، ففي تصوره أن العقل هو ليس منشأ افكارنا وإن الدوافع الغريزية و" إرادة القوة " هي المحرك الأساسي للفرد والمجتمع والتأريخ ، فالإنسان لا يؤمن بما يمليه عقله بل بما يريد وما يتساوق مع رغباته تقوده بذلك نزعة الهيمنة على الأخر، ولكي نحيا دون قيود وأقنعة زائفة علينا أن نطلق العنان لعالمنا الغريزي المكبوت. وهكذا إستبدل نيتشة إرادة الحياة لشوبنهاور بإرادة القوة. ألهم نيتشة في الستينات فوكو وتولوز وجاك دريدا وباقي مفكري ما بعد الحداثة إلا أن هوبرماس والفلاسفة الفرنسيين الجدد قد تصدوا لهذا التوجه بقوة دفاعاً عن فكر التنوير منوهين إلى الجانب التدميري والرجعي في فلسفة نيتشة. قرون طويلة هي رحلة العقل لمعرفة كنه ذاته، فهل هو المسؤول الأول عن نتاجنا الفكري كما يقول أنصار التنوير أم أن اللاعقلاني والقوى الغريزية هي الموجه لفكرنا كما يقول نيتشة؟.

يكاد يكون الفكر العربي في معزل عن هذا الصراع ، فبإستثناء بعض الحركات النخبوية في تأريخنا بقي الفرد العربي مفتوناً بالأسلاف وأسطرة التأريخ والتأويلات الدينية والمقدسات اللاعقلانية ، يسعده بناء مرقد لولي صالح أكثر من بناء مصنع ينتشل أبناء مدينته الفقراء من البطالة أو بناء مدرسة تنشئ جيلاً قادراً على التواصل مع العصر الحديث . قد يحلو للبعض - مشدوداً إلى التأريخ العربي والإسلامي - أن ينقب عن مساحات مضيئة فيه فيزعم اننا سبقنا الغرب في التنوير، فالمعتزلة قد سبقوا توم الأكويني في عقلنة الدين حين قالوا بأولوية العقل على النقل ، وأن إبن رشد دعا إلى فصل الفلسفة عن الدين وكرس جل جهده لشرح أرسطو ، كما أن أوربا قد ترجمت إبن رشد وأبن سينا وغيرهم، وهذا كله صحيح، إلا أن أصحاب هذا الرأي يظهرون الأمر وكأن أوروبا قد سرقت ثمار مازرعنا، ومن هنا أجد صعوبةً في قبول هكذا موقف.فهو موقف يضمر نزوعاً ماسوشياً في باطنه وسادياً في ظاهره، إنه موقف الضعيف المصدوم الذي يعالج صدمته بتضخيم الذات عبر إنكار منجز الآخر بل ونسبه إلى نفسه، وهو موقف يغض الطرف عن الكثير من الأسئلة الملحة. لماذا بقيت تلك الحركات الفكرية نخبويةً فلم تستطع مد جذورها عميقاً في تربة الفكر العربي ولم تترك بصماتها في نمط التفكير السائد بل سادت سلفية الأشعري وتكفيرية إبن تيمية والقول بزندقة المناطقة؟. لقد كان ربيع الإعتزال إبان حكم المأمون لأنه كان معتزلياً، أي أن الإعتزال قد فرض من أعلى هرم في السلطة، وما إن فقد دعم السلطة حتى أصبح المعتزلة ضحايا لسيوف و إرهاب الحنابلة.
تبدأ الحضارة حسب أرنولد توينبي بمشروع فكري تنجزه أقلية مبدعة تحيا في حالة عزلة واغتراب في مجتمعاتها، ثم تروج لمشروعها حتى تتبناه الأكثرية التي تمكن الأقلية المفكرة من قيادة المجتمع وإنجاز مشروعها الحضاري. إلا أن هذا التحليل يترك الجواب على سؤالنا سائباً، فما الذي يجتذب الأغلبية لتكون حاضنةً شعبية لمشروع الأقلية المفكرة؟. يجمع المهتمون بدراسة فكر التنوير أنه كان مشروع البرجوازية الأوروبية الناهضة والتي أخذت على عاتقها زعزعة دعائم النظام الإقطاعي وأنهاء مؤسساته السياسية والإقتصادية والإجتماعية والتأسيس لنظامها الرأسمالي الجديد بمفاهيمه وقيمه الجديدة، وهذا ما إجتذب الجماهير التواقة إلى التحرر من قبضة الإقطاع وإنسداد أفاق المستقبل والإنطلاق في فضاءات الحرية النسبية التي وفرها النظام الرأسمالي الجديد { لا يستند هذا التحليل إلى جبرية إقتصادية أو ارثوذكسية ماركسية بل يتبناه حتى خصوم الماركسية }، ومن هنا يمكن القول أن حركات التنوير في التأريخ العربي والإسلامي بقيت فوقية نخبوية لأنها لم تجد الطبقة الإجتماعية الحاملة لتجلياتها الفكرية وإن عامة الناس كانت متساوقة ومنسجمة نفسياً وفكرياً مع النظم الإقتصادية والإجتماعية السائدة، وليس بعيداً عن الحقيقة القول أن فكراً تنويرياً لا ترافقه تحولات جذرية إقتصادية وإجتماعية وقانونية، توفر له حواضن مؤسساتية، سيكون فوقياً سائباً لا يتجاوز كونه فكراً نخبوياً حالماً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - 1 نخبوية العقلانية في العالم العربي
ثائر البياتي ( 2014 / 5 / 7 - 20:21 )

شكراً للصديق الكاتب قصي الصافي، لمقاله المتسم بالموضوعية والعقلانية، في طرحه لأمور تشغل بال كثير من المثقفين العرب، ومنها السؤال: لماذا بقت الأفكار العقلانية في العالم العربي الإسلامي نخبوية، لم تشمل عامة الناس، كالذي حصل في دول أوربا؟ سأجاوب السؤال بفقرات متعددة، الواحدة منها تكمل الأخرى.
يتعلق جواب السؤال المطروح بشكل رئيسي في مقارنة بسيطة بين الخلفية الثقافية المؤثرة قي كل من العالمين، العربي والغربي، والدين من أهم تلك المؤثرات الثقافية العميقة. ففي العالم العربي لا يوجد مؤثر في مختلف جوانب حياة الفرد الخاصة والعامة يظاهي تأثير الدين الإسلامي،عمقا ً وصرامة. فالآيات القرآنية والشرائع الإسلامية لم تترك صغيرة الا قيدتها بأصول الدين ولا كبيرة الا وضعتها في قالب المقدس، ما جعل صعوبة بروز أي فكر عقلاني مخالف، من دون تخاصمه مع أصول الدين، وتـَعرض صاحبه لعقوبات كبيرة، تصل الى درجة القتل، فكثير من المفكرين المسلمين قتلوا وشردوا بتهمة الكفر والإلحاد لمجرد طرحهم تساؤلات مشروعة أو تشككهم في صحة العقيدة الدينية. ...يتبع


2 - 2 نخبوية العقلانية في العالم العربي
ثائر البياتي ( 2014 / 5 / 7 - 20:40 )

أما العالم الغربي، فتأثره بالدرجة الأولى في الديانة المسيحية وتعاليمها التي لم يكن لها أثرا ً عميقا ً في حياة الناس كالدين الإسلامي في الشرق العربي. فأوربا لم تكن منبع المسيحية، كما كانت المنطقة العربية منبع الإسلام، ولم تتدخل نصوص الأنجيل في تفاصيل حياة الناس، كما تدخلت آيات القرآن، فكثير من نصوص الأنجيل روحية وتهذيبية، ولكن القرآن دستور حياة المسلمين. وان حدث إنحراف في تدخل الكنيسة في شؤون الناس السياسة في القرون الوسطى، فذلك حدث بعد أكثر من ثلاثة قرون من نشأة المسيحية، برغبة أمبراطورية سياسية، لا تعكس عمق النصوص الأنجيلية، ليس كالإسلام الذي ولد ديناً للدنيا والأخرة، وكان نبيه حاكما ً ورسولاً من الله. وأن خرج بعض المسيحيين عن تعاليم دينهم وخالفوا الكنيسة، فلا تكون عقوبتهم القتل والتقطيع، وهذا ما حصل فعلا ًمع القس مارثن لوثر في المانيا عندما وقف ضد الكنيسة الكاثوليكية، معلناً لائحته المشهورة في تحديد سلطات البابا، كمنع بيع صكوك الغفران وتحديد طلب الغفران مباشرة من الله وليس بوساطة رجال الدين وغيرها .. يتبع


3 - نخبوية العقلانية في العالم العربي 3
ثائر البياتي ( 2014 / 5 / 7 - 20:48 )
فكانت عقوبة الكنيسة لمارتن لوثر طرده وأعتبار أفكاره هرطقة، يمنع تداولها بين الناس. ولكن تلك الهرطقات أحدثت إنشقاقا ً في الكنيسة، أدت الى نشوء أصلاحات جذرية في أوربا ونتج ظهور المذهب البروتستانتي الذي يتبعه اليوم مئات الملايين من المسيحيين في العالم. كما ذكر الكاتب، ان الفكر العقلاني النخبوي، ظهر في التاريخ الإسلامي كزمن الحضارة العباسية، متمثلاً بفرقة المعتزلة، الذين رجحوا العقل على النقل، ولكن كان ذلك الفكر
محدودا ً ضمن الدين، إذ ان المعتزلة تصوروا ان بإمكانهم إثبات وجود الله بإستخدام الفلسفة والمنطق الذي تعلموه من الفلسفة اليونانية. ولكن تلك العقلانية لم تستمر طويلا، حيث لاقت محاربة شديدة من قبل المسلمين، على رأسهم أتباع إمام السلفيين، أحمد بن حنبل، وبدعم من سلطة خليفة المسلمين، تم القضاء على أتباع الفرقة بقتلهم وتشريدهم بتهمة الكفر والزندقة ولم يتسلل ذلك الفكر لقطاع واسع من الناس، لخوف الناس من البطش والتنكيل ولشدة تأثير قيود الدين بعقول الناس، كما وان الفكر العقلاني، وان كان محدودا ً، كالفكر المعتزلي، لا يمكن تعايشه مع الفكر الديني المنغلق في وقت واحد. يتبع


4 - نخبوية العقلانية في العالم العربي 4
ثائر البياتي ( 2014 / 5 / 7 - 20:53 )
والمتتبع لتاريخ الإسلام يعرف من كان وراء كارثة منع تدريس الفلسفة والمنطق، أداة العقلانية، في أوساط عامة الناس، فإمام المسلمين وحجتهم أبو حامد الغزالي (1058م-1111م) أفتى بحجب الفلسفة والمنطق عن عموم الناس، بعد ان أدان وَكـَفـَّر كل من تأثر في الفلسفة اليونانية، وأشاع القول حينه، من تمنطق تزندق، وعقوبة الزندقة في الإسلام القتل . أما قصة حرق كتب الفيلسوف الكبير أبن رشد(1126م- 1198م) وفرض الإقامة الجبرية عليه لحين وفاته، فهي قصة معروفة بحق ذلك الفيلسوف الكبير الذي درّسـَتْ دول اوربا فلسفته في جامعاتها ومعاهدها التنويرية لقرون عديدة وكان نبراسا ً لحضارتها الوليدة. واليوم تـُحـَيي الحركات السلفية الوهابية من جديد نشاط سابقيها من الحنابلة السلفيين في العراق وسوريا ومصر والجزائر وأفغانستان والصومال ودول أخرى، معلنة التزامها بإحياء سيرة السلف الصالح، كما تفسراها وتراها من خلال عقليتها البدوية، مؤكدة وقوفها ضد أي فكر عقلاني حر. فهل نحن بحاجة الأن ان نعرف لماذا بقت الأفكار العقلانية في العالم العربي الإسلامي نخبوية؟ وشكراً للجميع. ثائر البياتي


5 - 1إلى الصديق الدكتور ثائر البياتي
قصي الصافي ( 2014 / 5 / 10 - 23:37 )
ترددت كثيراً في الرد خشية أن يقتنص البعض فرصة إفراغ عواطفه الدينية والدخول في المفاضلة بين الأديان بما فيها من دوكما وعصاب فكري ،اتمنى أن يكون هدف حوارنا الكشف عن الحقيقة متوسيلين اياها من المختصين لا العامة. ظهرت المسيحية لتجسد أحلام الفقراء في المشاعية والمساواة على شكل منظومة روحية وأخلاقية طردت الأغنياء من فردوسها ما لم يتخلوا عن ثروتهم لإخوتهم الفقراء ولم تكن تعترف بسلطة أو حتى قيادة- فكلكم إخوة وأفضلكم أضعفكم - . بالطبع لم تسع لبناء دولة لأن الدولة موجودة على شكل إمبراطورية عملاقة أصلاً كما أن الإطاحة بها بالقليل من الأتباع الضعاف الفقراء سيكون ضرباً من الجنون خاصةً وإن اليهود بجبروتهم المالي والسلطوي كان موقفهم عدوانياً من الحركة ، ومن المهم أن نعلم أن المسيحية بصيغتها المشاعية وتسامحها الروحي في فجر نشوئها ليست هي ما اخذته أوروبا بل مسيحية الرسول بولص الذي كان يهوديا يتمتع بالمواطنة الرومانية مما أتاح له إنعاش الحركة ولكن بعد تجريدها من نزوعها التشاركي وقربها من أحلام الفقراء إلى حركة ترى في العبودية إيمانا وليس قانوناً فقط وعلى العبد هو وعائلته أن يذعن للسيد بالكامل


6 - 2إلى الصديق الدكتور ثائر البياتي
قصي الصافي ( 2014 / 5 / 10 - 23:43 )
وأصبحت المرأة - بوابة الرذيلة وعمل الشيطان - ولا يحق لها الكلام في الكنيسة وأنعدام القيادة وأخوية المؤمنين تحولت إلى مؤسسة كنسية ذات هيكلية عمودية وبيروقراطية سلطوية ، أما التسامح والتسامي الروحي أو الصيغة المسيحية الأولى فقد أصبحت ظلاً شبحياً وطقوساً ومادة لدراسة مفارقات التناقض بينها وبين التعاليم الجديدة . أما دين محمد فقد ظهر في الجزيرة العربية التي كانت تفتقد للدولة وكانت تحكم الحياة السياسية والإقتصادية قوانين القبيلة وتقاليدها ، إذاً من الطبيعي أن يكون هدف الحركة بناء دولة أولاً لوجود توازن قوى، فليس هناك جيوش جرارة إضافة إلى أن ذلك يمثل تطوراً من القبلية إلى بيروقراطية الدولة وقوانينها وهذا يحسب للإسلام لا عليه بحسابات التأريخ. أما الزعم أن الكنيسة لم تتدخل بشؤون الفرد فهذا إدعاء يثير العجب وإن آلاف المصادر التأريخية تقول عكس ذلك وأكتفي بقول المفكر الأمريكي كرين برنتون - لأسباب لا نعرفها لم تترك الكنيسة شأناً في حياة الفرد لم تتحكم فيه وخاصةً في المجال العقلي - الحقيقة أن الأوربي يعود إلى الدين في كل شؤون حياته وتفسيراته وتأويلاته وفهمه لما يجري حوله وفي العالم. أما الصورة


7 - 3إلى الصديق الدكتور ثائر البياتي
قصي الصافي ( 2014 / 5 / 10 - 23:47 )
أما الصورة التي اظهرت فيها الكنيسة كحمامة سلام فهذا يبعث على إستغراب أكبر ، بانتقائية تحذف قروناً من ألزمن في العصور الوسطى بحجة إنه إنحراف - البعض- بينما تجرم ما حصل في التأريخ الإسلامي من قتل وحرق كتب ولا تعتبره إنحرافاً للبعض مع أنه لا يمثل 1% مما اقترفته الكنيسة، وانا اتحدث هنا عن أسانيد التأريخ لا ما يردده العامة لإرضاء ميولهم الدينية، ومع هذا سأترك تلك الفترة كما تشاء ولنأخذ فترات ما قبل وأثناء وبعد التنوير، وللأسف لا تكفي قائمة طولها أميالاً لإدراج أسماء الضحايا الذين احرقوا أو غطسوا في الماء المغلي 20000 من الهغانوتس البروتستانت في فرنسا وحدها ، عشرات الآلاف في هولندا، آلاف البروتستانت ومثلهم من الكاثوليك في ألمانيا قبل معاهدة 1552 بين الكاثوليك والبروتستانت، لم أذكر الحرب الدينية وحرق العالم برونو ومحاكمة غاليلو ومحاكم التفتيش التي استمرت حتى نهاية القرن الثامن عشر ومن الكتب التي احرقت 5000 كتاب عربي ومثلها من التراث اليهودي وترجمة مارتن لوثر للإنجيل بالألمانية وكتب فلاسفة التنوير ديكارت ، جون هوبز ، جون لوك ، اسبنوزا ، فولتير ،،يستحيل إكمال القائمة لأننا بحاجة إلى مجلدات


8 - 4 إلى الصديق الدكتور ثائر البياتي
قصي الصافي ( 2014 / 5 / 10 - 23:51 )
يستحيل إكمال القائمة لأننا بحاجة إلى مجلدات وهي موجودة لمن يريد البحث الجاد. أما قصة مارتن لوثر فهي أكثر مأساوية مما ذكرت فالطرد من الكنيسة ليس إنهاء خدمات كما تعتقد بل يعني في حينها رفع حماية الكنيسة ومن واجب أي مؤمن قتله لأنه زنديق مما دعاه إلى الإختفاء حتى عثرت عليه الشرطة فأحضرته إلى المحاكمة التي خيرته بين الموت أو الإعتراف باولوية البابا على الإنجيل، ولكنه فوجئ بالأعداد الهائلة المؤيدة له في باب المحكمة مما دعاه إلى طلب فترة للتفكير وعندما خرج خطفه فرسان تابعين لأمير كان قد إعتنق أفكاره فأخفوه لسنين ولم يعد ألا بعد أن كثر اتباعه وصاروا يرتكبون جرائم قتل الكاثوليك في الطرقات وتخريب الممتلكات، فعاد لتهدئة الوضع وكان في حماية الأمراء الذين تبنوا عقيدته وهكذا انقسمت ألمانيا دينيا بإنقسام أمرائها بين كاثوليك وبروتستانت. ختاماً تأكد ياعزيزي أن جميع الأديان ممانعة للحداثة وأن المسيحية المعاصرة قد جردت من سلطتها عبر صراع دام قروناً حتى أصبح عليها أن تخضع لقوانين العلمانية وليس العكس فالدين لا يتعلمن بل يذعن بعد أن يفقد دفاعاته.


9 - لى الدكتور ثائر البياتي والقراء الأعزاء
قصي الصافي ( 2014 / 5 / 11 - 01:29 )
إعتذر إن جاء ردي غير واضح فلطول الرد وصغر المساحة المسموحة جزأته ألا أربعة ردود ولا أدري لماذا لم يظهر إلا الجزء الرابع فبدا غير مفهوم سأحاول حل هذا الأشكال التقني مع إدارة الحوار المتمدن عذراً


10 - الجزء الأول من الرد على الدكتور ثائر
قصي الصافي ( 2014 / 5 / 11 - 01:37 )

ترددت كثيراً في الرد خشية أن يقتنص البعض فرصة إفراغ عواطفه الدينية والدخول في المفاضلة بين الأديان بما فيها من دوكما وعصاب فكري ،اتمنى أن يكون هدف حوارنا الكشف عن الحقيقة متوسلين اياها من المختصين لا العامة. ظهرت المسيحية لتجسد أحلام الفقراء في المشاعية والمساواة على شكل منظومة روحية وأخلاقية طردت الأغنياء من فردوسها ما لم يتخلوا عن ثروتهم لإخوتهم الفقراء ولم تكن تعترف بسلطة أو حتى قيادة- فكلكم إخوة وأفضلكم أضعفكم - . بالطبع لم تسع لبناء دولة لأن الدولة موجودة على شكل إمبراطورية عملاقة أصلاً كما أن الإطاحة بها بالقليل من الأتباع الضعاف الفقراء سيكون ضرباً من الجنون خاصةً وإن اليهود بجبروتهم المالي والسلطوي كان موقفهم عدوانياً من الحركة ، ومن المهم أن نعلم أن المسيحية بصيغتها المشاعية وتسامحها الروحي في فجر نشوئها ليست هي ما اخذته أوروبا بل مسيحية الرسول بولص الذي كان يهوديا يتمتع بالمواطنة الرومانية مما أتاح له إنعاش الحركة ولكن بعد تجريدها من نزوعها التشاركي وقربها من أحلام الفقراء إلى حركة ترى في العبودية إيمانا وليس قانوناً فقط وعلى العبد هو وعائلته أن يذعن للسيد بالكامل


11 - الجزء الثاني من الرد على الدكتور ثائر
قصي الصافي ( 2014 / 5 / 11 - 02:12 )
وأصبحت المرأة - بوابة الرذيلة وعمل الشيطان - ولا يحق لها الكلام في الكنيسة وأنعدام القيادة وأخوية المؤمنين تحولت إلى مؤسسة كنسية ذات هيكلية عمودية وبيروقراطية سلطوية ، أما التسامح والتسامي الروحي أو الصيغة المسيحية الأولى فقد أصبحت ظلاً شبحياً وطقوساً ومادة لدراسة مفارقات التناقض بينها وبين التعاليم الجديدة . أما دين محمد فقد ظهر في الجزيرة العربية التي كانت تفتقد للدولة وكانت تحكم الحياة السياسية والإقتصادية قوانين القبيلة وتقاليدها ، إذاً من الطبيعي أن يكون هدف الحركة بناء دولة أولاً لوجود توازن قوى، فليس هناك جيوش جرارة إضافة إلى أن ذلك يمثل تطوراً من القبلية إلى بيروقراطية الدولة وقوانينها وهذا يحسب للإسلام لا عليه بحسابات التأريخ. أما الزعم أن الكنيسة لم تتدخل بشؤون الفرد فهذا إدعاء يثير العجب وإن آلاف المصادر التأريخية تقول عكس ذلك وأكتفي بقول المفكر الأمريكي كرين برنتون - لأسباب لا نعرفها لم تترك الكنيسة شأناً في حياة الفرد لم تتحكم فيه وخاصةً في المجال العقلي - الحقيقة أن الأوربي يعود إلى الدين في كل شؤون حياته وتفسيراته وتأويلاته وفهمه لما يجري حوله وفي العالم. أما الصورة ا

اخر الافلام

.. حديث السوشال | فتوى تثير الجدل في الكويت حول استخدام إصبع أو


.. عادات وشعوب | مجرية في عقدها التاسع تحفاظ على تقليد قرع أجرا




.. القبض على شاب حاول إطلاق النار على قس أثناء بث مباشر بالكنيس


.. عمليات نوعية للمقاومة الإسلامية في لبنان ضد مواقع الاحتلال ر




.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الكنائس القبطية بمحافظة الغربية الاحت