الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التفاؤل والتشاؤم في العقل البشري

ابو الفضل علي

2014 / 5 / 5
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


مازال البحث في الأفكار، من الأشياء المحببة للنفس البشرية؛ فالأفكار في حقيقتها نتاج الحراك الذهني وكذلك هي في بعضها تكون الأصول الفكرية التي تشكل اغلب المجموعات المتراكمة في الذهن البشري،والتي تحفز النفس البشرية التي طالما تطالب بحريتها المفرطة وتناولها الموضوع الذي تستسيغ بلا حدود يمكن ان تقف ازائها
واحببنا اليوم ان نقدم لكم موضوعاً طالما شغل اذهاننا وتناولناه في مفرداتنا الحياتية ، اتعلمون ماهو ؟ انه موضوع التفاؤل والتشاؤم الذي لايفارقنا في احيان كثيرة بل ان البعض يذهب به الى حد بعيد فيجعله محوراً في حياته يعرض عليه مايجري من معاملات يومية له فأحياناً يتفائل واخرى يتشائم ،
فهل التفاؤل والتشاؤم حقيقة ؟ ام انه نوع من التوهم الذي نمارسه في حياتنا ومثله كمثل الابراج وغيرها من الامور التي نتهافت اليها لمعرفة استشرافات مستقبلنا؟
المهم الان ان نحاول تسليط الضوء على موضوعنا والذي برأي المتواضع يستحق الاشارة اليه في البداية من الاعتراف انه لا يمكن أن ننكر أن هنالك علاقة بين حالة التفاؤل والتشاؤم وبين نفسية الفرد في تعاملاته ضمن الواقع الحياتي الذي يعيشه ومثلما قلنا إن هنالك سمات تحدد شخصية الفرد كأن يقال إن تلك الشخصية نهمية او غضبية او عاقلة كذلك يمكن أن نوصف شخص ما بأنه متفائل أو متشائم اذا ما ازدادت نسبة احد الصفتين في شخصيته فالتفاؤل والتشاؤم حالة نفسية موجودة ضمن فعاليات الذهن البشري وتتفاوت النسبة بينهما بقدر ما تمليه الذهنية من ادراكات متراكمة يمكن أن تفعّل سمة احدهما على الأخرى حتى تصبح إحداهما سمة تميز شخصية معتنقها ويتميز بها بين الآخرين ويرى "فرويد" إن القاعدة التي جبل عليها الإنسان هي قاعدة تفاؤلية أما التشاؤم فهو حالة طارئة نتيجة عقد نفسية تراكمت في ذهن المتشائم ثم أصبحت فيما بعد سمة لشخصيته ، ورغم إن نظرية سيغمويند فرويد لقيت نقدا شديداً ، إلا إننا نرى إن فرويد قد أصاب جانباً من حقيقة تكوين الشخصية التشاؤمية ، فالقرآن الكريم أشار إلى إن فطرة الإنسان حين الولادة فطرة سليمة فقال الله تعالى(فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) (الروم : 30) وعلى الرغم من أن الانتقاد لحالة التشاؤم التي تكون سمة في حياة الفرد باعتبار إن التشاؤم والتفاؤل هما عوارض نفسية يمكن أن تزول بسرعة ولكننا نرى إن الكثير من حالات التشاؤم والتفاؤل تبقى راسخة ضمن خبرات الذهن في تشابهية الوقائع ، وعلى سبيل المثال امروء ما يتعرض إلى سلسلة من حالات الفشل المتكررة ، ستتكون لدية سمة التشاؤم والعكس صحيح ويعرّف علماء الغرب هاتين السمتين على أنهما (توقع نتائج مستقبلية) أو ما تم تعريفه في معجم وبستر على انه ( الميل إلى توقع أفضل النتائج )
ومثلما نوهنا الى ان القرآن الكريم اثبت وجود النفس على فطرتها كذلك نراه قد نهى عن التشاؤمية باعتبارها دافع رئيسي نحو اليأس والقنوط نصياً وهما صفتان تفرزهما حالة التشاؤم وكنتيجة تلقي بضلالها على شخصية الفرد من خلال التجارب المتتالية ذات النتائج المتشابهة، ولما كانت هذه الإفرازات تؤدي إلى ولادة الضحية المحبطة فقد أشار القرآن الكريم إلى ضرورة الوقوف بالضد من ثقافة الإحباط ودفع الإنسان إلى التفاؤل الذي يساعد على إيجاد الشخصية القوية والخلاقة دوماً ، فالدافع التفاؤلي هو دافع ذاتي طبيعي ينطلق من ذات الرغبة المحبة للحياة والميالة إلى تحقيق أفضل النتائج ، ويمكن للخبرات أن تكون عاملاً مساعداً مهماً في بلوغ الشخصية لسمة التفاؤل ، ومثلما نجد أن التفاؤل يدفع نحو صحة بدنية جيدة، نجد أن التشاؤم يدفع البدن نحو المرض كنتيجة طبيعية تلقي بآثارها على نفسية المتشائم ، كما إن الانهزامية تكون حاضرة لديه مما يضعف قدرة الأفعال الخلاقة لديه لتحقيق رغبة النجاح ، إننا ومن خلال انطباعاتنا عن التفاؤل نرى أن هذا الدافع هو حالة الرغبة التي تحفز الإرادة نحو تحقيق
الأفضل ، ويمكن أن نصفه بالأساس الذي سبق جميع التوقعات والنتائج الايجابية إن جاز التعبير، ويمكن أن نقول أيضا، إن الدافع التفاؤلي الموجود لدى الأشخاص الذين يتمتعون بسمته ، إنهم جادون في التغلب على الصعوبات التي تواجههم ولا يسمحون للتشاؤم أن يأكل من جرف ساحة تفاؤلهم النفسية ، فهم يعيدون الكرة تلو الأخرى ويبحثون في كل السبل لتحقيق نتائج أفضل ، ومن خلال بحثنا نجد ان الرغبة هي الأساس في تحديد مستوى التفاؤل والتشاؤم عند الإنسان فمساحة الرغبة هي التي تحدد مساحة التفاؤل والتشاؤم وهي تشكل تناسباً طردياً في حالة التفاؤل فكلما كانت مساحة الرغبة في تحقيق النجاح اكبر كلما كانت المساحة التفاؤلية هي الأخرى اكبر ، إلا إن الحالة في التشاؤم هي حالة تناسب عكسي فكلما كبرت مساحة الرغبة في تحقيق النجاح كلما قلت مساحة التشاؤم والعكس صحيح، وبذلك نرى إن التناسب بين الرغبة الدافعة للتفاؤل تتناسب تناسباً طرديا في حين نراها في التشاؤم تتناسب عكسياً وبناءاً على ما تقدم يمكننا أن نحصل على الصورة الحقيقية للروح المعنوية للشخصية التي رسمتها المعادلة المفترضة ، فكلما كانت مساحة التفاؤل أكبر كلما كانت الروح المعنوية اكبر للشخصية وعكس ذلك المساحة التشاؤمية التي تتناسب عكسياً مع مساحة الروح المعنوية للشخصية فكلما كانت المساحة التشاؤمية اكبر كلما قلت مساحة الروح المعنوية والعكس صحيح. ويقف القرآن الكريم موقف الميزان العادل من حيث بناء السلوكيات بناءاً صحيحاً يجب أن تكون عليه في إطار آياته التفصيلية ومبادئه العامة والتي تطرق إليها من اجل الحفاظ على الدافع والرغبة لدى الإنسان في ديمومة الإصلاح بكافة صعده وكذلك الحفاظ على منظومته الأخلاقية والتي حدد فيها الشخصية الإسلامية وما في كثير من آياته حينما بين الله سبحانه وتعالى من خلال كتابه الكريم ضرورة الحفاظ على سلوكية وشخصية مستبشرة ؛ لكي تستقيم حياة الناس من خلالها فقال عز من قائل:(فان مع العسر يسراً*إن مع العسر يسرا)(الشرح/الآية 5-6)ويبين الله سبحانه وتعالى في هاتين الآيتين تأكيده للإنسان إن العسر هو حالة آنية مؤكداً ذلك بتكرار المعنى التفاؤلي الذي أورده الله سبحانه وتعالى في إن اليسر هو الذي ستؤول إليه الأمور،ويفسر البعض إن الله سبحانه وتعالى بيّن إن كل عسر يرافقه يسران وليس يسر واحد وان راحة بال المؤمنين يجب أن تكون هي السائدة ليتسنى لها العمل والدفع باتجاه إيجاد النجاح قال تعالى :( َالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ) (محمد : 2) فإصلاح البال من استقرار الذهن في حالته الطبيعية بعيداً عن انشغاله في القلق والشك واليأس الذي يصاحب حالة التشاؤم والذي يدفع الإنسان إلى القنوط والفشل وهذا ما لا تريده القيم الإلهية للإنسان وفي هذه الآية الكريمة قال تعالى :(يا بَنِيَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ )(يوسف : 87) يبين الله سلوكية يعقوب عليه السلام التفاؤلية
وفي سورة ((الحجر)) يوضح لنا الله سبحانه وتعالى إن حالة القنوط أمر مرفوض للمؤمنين، ففي الوقت الذي بشرت الملائكة إبراهيم بأنه سيرزق بغلام نراه قد حاج الملائكة بالتجربة والتعود على إن الناس حينما يبلغون الشيخوخة تضعف عندهم تفاؤلية الإنجاب، باعتبار إن ما يشغلهم هو قرب آجالهم ، قال تعالى: (قَالُواْ بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُن مِّنَ الْقَانِطِينَ* قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ) (الحجر :55- 56)
، كذلك تبين لنا الآية الكريمة في قوله تعالى :(وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ )(الروم : 36)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جيل الشباب في ألمانيا -محبط وينزلق سياسيا نحو اليمين-| الأخب


.. الجيش الإسرائيلي يدعو سكان رفح إلى إخلائها وسط تهديد بهجوم ب




.. هل يمكن نشرُ قوات عربية أو دولية في الضفة الغربية وقطاع غزة


.. -ماكرون السبب-.. روسيا تعلق على التدريبات النووية قرب أوكران




.. خلافات الصين وأوروبا.. ابتسامات ماكرون و جين بينغ لن تحجبها