الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البداوة والمواطنة

علي الخليفي

2014 / 5 / 5
المجتمع المدني


سِمة حياة البدوي هي الترحال ، ولدى لم تكن مُفردة وطن موجودة ضمن مُفردات قاموس البدوي.

فالوطن الوحيد الذي عرفه البدوي وأنس إليه هو ظهر ناقته ، التي كان يرخي لها العنان لتضرب في الأرض وتتنسم مواطن الكلاء والماء ، وحيثما توفر قدر من ذاك الكلاء والماء ، أناخ البدوي بعيره ، وحط رحاله ، ونصب خيمته ، وأقام وِأستقر في تلك البقعة حتى يأتي هو وإبله على ذاك الكلاء والماء وتيقن له أن تلك البقعة قد صارت قاعا صفصفا ، نزع أعواد خيمته ، واعتلى ظهر ناقته ، باحتاً عن وطن مؤقت آخر.

لم تتغير عقلية البدوي هذه وفهمه لمعنى الوطن حتى بعد أن خرج من صحرائه المقفرة .
ظلت مفردة وطن في قاموسه دائما مرادفة لكلمة الغنيمة .

ولدى عندما خرج بدو قريش من صحرائهم المُقفرة وإجتاحو ما حولهم من بلاد تحت مُسمى الفتوحات الإسلامية ، تعاملو مع البلاد التي استولو عليها بعقليتهم البدوية تلك ، فرغم أن البلاد التي وقعت تحت سيطرتهم توافرت فيها كل شروط الحياة الصالحة للإستقرار ، إلا أن عقلية البدوي المهوسة بالترحال تعاملت مع تلك البلاد على أنها ليست سوى غنيمة ، ليست إلا محطة في طريق ترحالها الطويل والأبدي.

فبدلت ما بوسعها لإستنزاف كل موارد الحياة في تلك البلاد ، وسخرت تلك الموارد للقيام بإجتياح جديد لبلد آخر مجاور ، ولم يوقف زحفها ذاك إلا قمم جبال بلاد الغال .

ثقافة البداوة التي تقوم على الترحال والضرب في الأرض ، تلك الثقافة فُرضت على البلاد المنكوبة التي وقعت تحت سيطرتهم على أنها دين سماوي،
وصارت مع مرور الزمن وتعاقب الأجيال ثقافة للشعوب الأصلية لتلك البلاد .

فتلك الشعوب التي كانت تستوطن تلك البلدان لفترات تاريخية متطاولة ، وأسست فيها لحضارات عظيمة ، أنساها إعتناقها لدين البداوة ثقافة الإستقرار التي توارتثها عن أسلافها ، وتحولت عنها لتعيش بثقافة الترحال التي جاء البدوي يحملها لها على أنها وصايا من السماء.

تحت مُسمى الجهاد تحول أهل تلك البلاد من حياة الإستقرار التي تقوم على الزراعة والصناعة والإعمار إلى حياة الغزو .
إستبدل الفلاح معوله الذي كان يشق به الأرض ليخرج خيراتها بسيف ورمح ، وتحول من صانع للحياة والنماء إلى هادم للحياة ومؤسس للموات والفناء.

تحت مُسمى الجهاد تحول الفلاح والصانع إلى مُرتزق في جيوش البدو يقاتل ليُقتل فيغنم جنة الحور العين ، أو يَقتل فيغنم أسلاب قتيله .
.......يتبع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ما قول العلم ؟
أحمد عليان ( 2014 / 5 / 5 - 16:21 )
رغم صدق و طرافة الوصف التمهيدي الا ان مضمون التوجه التفصيلي لا يوحي بمواصفات النظر العلماني ، و الحياد العلمي


2 - كلام صحيح
مريم ( 2014 / 5 / 5 - 16:43 )
كلام صحيح لا غبار عليه والنتيجة مايجري الان في سوريا وليبيا من تقسيم وقتل بتوجيه وتدبير عقل بدوي متخلف
مزيد من التوفيق لك كل الشكر كاتبنا المبدع


3 - احسنت
زياد ( 2014 / 5 / 5 - 20:05 )
أشاطرك الرأي وأظن ان حقيقة البدو بدأت تظهر بشكل واضح للعلن
تحياتي لك


4 - المخربون
محمد البدري ( 2014 / 5 / 5 - 21:05 )
التحليل لكل مفردات حياة البدوي تتيح لنا الاستنتاج بانه لا ينتج سوي الجدب. الا يترحل من مكان جري تجريده من العشب والماء والكلاء الي مكان آخر ذاخر بها ولا يتركه الا بعد ان يجدب باستهلاكة الغير منتج كل ما فيه. هكذا تعامل البدوي مع منطق حضارية مثل العراق وسوريا ومصر فما الذي انتجته هذه الاوطان بعد ان حكمها هؤلاء المترحلين البدو علي مدي اكثر من 1400 عام. هذا مجرد صياغة اخري لما جاي في مقدمة المقال الذي اشكرك عليه وارجو الا تغييب طويلا قبل ان تهدينا بمقالة جديدة.


5 - كثر من راءع
Jugurtha bedjaoui ( 2014 / 5 / 5 - 21:23 )

لقد كشفت عورة البدوي بمواصفات تاريخية لا غبار عليها نتمنى لك التوفيق في الحلقات القادمة واصل يامبدع


6 - ما رأي العلم ؟
أحمد عليان ( 2014 / 5 / 5 - 22:21 )
لماذا ؟ و كيف ؟ ..ألا من أمل في تحضري كعربي أعترف بانحداري من مجتمع بدوي تشكل وفق ظروف بيئية ، و جيوسياسية ؟..أمحكوم علي بمواصفات الخراب حتى و أنا أشارك اخوانا ممتازين في الحوار المتمدن ؟ أيكون العرب ماضيا و حاضرا حاملين لمواصافات أبدية لا تخضع لسنة التطور ؟ ان كان الأمر كذلك فما رأي العلوم الانسانية المفسرة للظواهر الانسانية موضوعيا وفق حتميات المكان و الزمان؟
و في انتظار رأي العلم .. ما رأي المدافعين عن حقوق الانسان في تقييم البشر وفق التصنيف العرقي؟


7 - تعليق
عبد الله خلف ( 2014 / 5 / 5 - 22:22 )
لا بأس , كلامك مرسل , و غير موثق , المهم , راجع :
https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=1487659634780755&id=100006101974822&ref=notif¬if_t=like
ما في هذا الرابط ؛ ينسف كلامك المرسل .


8 - رأي العلم
علي الخليفي ( 2014 / 5 / 6 - 01:21 )
شكرا لكل من مر بصفحتنا واسهم فيها وشكر خاص للسيد محمد البدري على الاضافة القيمة .. الشكر أيضاً للسيد العليان على تساؤله المشروع جدا ولو اني اعتقد ان العلم لن يكون له راي بهذه المسألة ولكن احداث التاريخ والواقع ايضا تمنح اجابة كافية على تساؤلك . فالبداوة سيدي الكريم ليس عنصر او عرق بقدر ما هي طريقة حياة ونهج تفكير . فالبشرية باكملها عاشت مرحلة البداوة في بداية ظهورها فيما عرف بمرحلة الالتقاط في تاريخ البشر ولكنها استطاعت تجاوز تلك المرحلة واسست لمرحلة جديدة من الاستقرار الذي قادها لبناء الحضارات العظيمة .إذاً المسالة ليست عرقية كما تصورت . نهج التفكير الذي ينتهجه الانسان هو الذي يضعه في خانة البداوة او التحضر.
لو كانت البداوة مرحلة تاريخيه في حياة العرب انقضى زمنها لما وجدت احد ينبش عنها لينتقدها ولكنها مرحلة لاتزال مستمرة ولا تزال تفرض نفسها على واقعنا والسبب يا صديقي واضح وبسيط وهو ان ثقافة البداوة قد صيغت في تعاليم وضعت تحت خانة المُقدس وبدا صار تجاوزها امر ليس ابدا بالسهل . في كل الأحوال ارجو ان يكون في بقية أجزاء المقالة ما يجيب على تساؤلك وشكراً لطرحك المُتحضر


9 - السبب هو القران
يعقوب قطاطو ( 2014 / 5 / 6 - 02:59 )
البداوه استمرت الى هذا العصر لان العرب متمسكة بالقرآن وعدم تطور القران أدى الى هذا الحال


10 - كلام سليم
ألأمل ألمشرق ( 2014 / 5 / 6 - 05:01 )
لن نخرج من عنق الزجاجة الذي أدخلنا اليه صراع البدو ضد الحضارة الا بالقضاء نهائيا على بؤرة التخلف البدوي، ذلك الثقب الأسود الذي سحب الى أعماقه المظلمة الملايين من أبناء المنطقة، أزفت الساعة وحان وقت الهزيمة الماحقة للعنف البدوي والعودة بشعوب المنطقة، مهد الحضارات الانسانية للارتقاء في سلم الحضارة ومواكبة العصر
تحياتي لك


11 - تعقيب
أحمد عليان ( 2014 / 5 / 6 - 09:00 )
تحية أخي علي الحفناوي ، و أشكرك على الرد الوجيه عن وجهة نظري في موضوع - البداوة و المواطنة- أنا متفق معك فيما تناوله قبلنا -ابن خلدون- بموضوعية علمية معتبرة .. كل ما هناك أن بعض الكتابات في الموضوع لا تخدم التوجه العلماني التنويري باستنادها لخطاب ايدولوجي ذي صبغة تصنيفية اقصائية يخيل للقارئ أن العرب وافدون من كوكب آخر لا يصلحون الا للخراب..هذا الذي لا ينسجم مع ثقافة القرن21 التي تجاوزت ثقافة التمايز بين البشرمن حيث الطبيعة الجوهرية للانسان.. هذه الثقافة التي بفضلها ارتقى -أباما- الأسود سدة الحكم في بلد كان لا يسمح له حتى بدخول مقهى .. -


12 - يا لسخرية منطق هذا الله!
د. ضياء العيسى ( 2014 / 5 / 8 - 01:31 )

فقد إختار البدو من بين كل الاقوام في وحول جزيرة العرب من أصحاب التاريخ الباهر كاليهود والآراميين والمصريين والأغريق والروم والفرس والأمازيق (دعك عن الهنود والصينيين)، إختار هؤلاء (الأجلاف) في قوله [كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر].

هل هذا منطق معقول يا الله!؟ هل كنت شارب ومسطول عند كتابة هذه العبارة!؟ أم إنها نكتة فجة من نكاتك البايخة الكثيرة!؟

تحية تقدير للسيد الكاتب.
….


13 - يا لسخرية منطق هذا الله!
د. ضياء العيسى ( 2014 / 5 / 8 - 01:31 )

فقد إختار البدو من بين كل الاقوام في وحول جزيرة العرب من أصحاب التاريخ الباهر كاليهود والآراميين والمصريين والأغريق والروم والفرس والأمازيق (دعك عن الهنود والصينيين)، إختار هؤلاء (الأجلاف) في قوله [كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر].

هل هذا منطق معقول يا الله!؟ هل كنت شارب ومسطول عند كتابة هذه العبارة!؟ أم إنها نكتة فجة من نكاتك البايخة الكثيرة!؟

تحية تقدير للسيد الكاتب.
….


14 - لا خيار في المسار الحتمي .
أحمد عليان ( 2014 / 5 / 8 - 22:41 )
أستسمح الأخ علي الخليفي لأقول للأخ ضياء العيسى أن الأمم لا تختار ما يعيبها ، و انما هي ككل الموجودات تخضع لحتمية التعاطي مع ظروف وجودها .. و امر العرب الأجلاف عبارة عن ظاهرة طبيعية من منظور الوصف العلمي ..و تبقى مقارنتهم بالأمم الأخرى ضمن المواقف التقييمية المشحونة بالدوافع الذاتية و الأحكام المسبقة ، و الا كيف نفسر التباعد بين الرافعين لشأن العرب لدرجة الاعجاب ، و الحاطين من شأنهم الاحتقار..
و لاشك أن الافراط و التفريط في تقييم الناس لبعضهم البعض لم يعد من مواصفات ثقافة العصر ..ثقافة العلوم و حقوق الانسان
و تبقى فوارق درجات التحضر محل دراسات علمية ؛ علم النفس ، علم الاجتماع ..الخ بغرض التفسير و التغيير بمنظور التطور و الارتقاء.. بدل الفكر اللاعلمي الذي يتناول القضايا الانسانية بالوصف و التصنيف القيمي ذي الدلالة الأبدية ..-العرب أجلاف في كل زمان و مكان- هم وحدهم دون خلق الله .


15 - ليس الله هو المسؤل
علي الخليفي ( 2014 / 5 / 9 - 18:06 )
تحية للسيد ضيا ء والسيد العليان واظن ان مشكلتنا لم تكن ابداً مع الله بل كانت وستظل دائماً مع من ينسبون هذه النصوص لله. لذا يجب ان يظل نقدنا موجه لمن ينسبون هذه الأقوال له.. اما الله كمفردة سامية ترسخت دائما في لاوعينا على انها الصورة المثلى للفضيلة فيجب ان نُجلها على النقد والتهكم والسخرية لانه من غير المنطقي ان نحاكم الله بما ينسبه بعض الاشخاص اليه. تحياتي للجميع


16 - ت 14 و 15 - العليان والخليفي
د. ضياء العيسى ( 2014 / 5 / 10 - 17:51 )

تحية للسيد العليان والسيد الكاتب:

1. أنا لا أؤمن بأي إله. فلهذا أنا أعرف إن كاتب النص لابد أن يكون أحدا غيره.

2. لكن، لو نفترض وجود هذا الإله فهل من المعقول أن تصدر منه هذه الأية. هذا الإله يقول لهؤلاء البدو الجهلة (انتم خير أمة) وفي حينه يوجد أقوام حولهم من هم أرقى وأحسن خلقا. والأنكى أن يكمل الآية ليقول لهؤلاء البدو الذين ليس لديهم قيم خلقية إنسانية ولا يعرفوا سوى الغزو والقتل والسلب وإغتصاب نساء الآخرين وسرقة أطفالهم وبيعهم كعبيد ـ فيقول لهم (تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر). فما تعريف الله هذا للمعروف والمنكر!

3. إذا كان الله غير موجود فهذه مصيبة ولو كان موجود فالمصيبة أكبر لأن هذه الآية لا يمكن أن تصدر منه. في الحالتين، محمد والله كالدكتور جيكل ومستر هايد.

تحياتي وتقديري.
….


17 - مشكلة موضوع.
أحمد عليان ( 2014 / 5 / 11 - 21:45 )
أحييك السيد ضياء العيسى ، و اسمح لي أسألك عن ؛ ما هو الاشكال الذي نحن بصدد مناقشته ؟ الموضوع محل خلافي معك ليس الشأن الديني بشكل مباشر، و انما هو قضية الحكم القيمي على العرب بتجاهل مستجدات الثقافة الانسانية المؤسسة على شتى العلوم الانسانية و قيم حقوق الانسان بما فيها الحق بالتميز العقائدي و العرفي .. يعني أنا أؤكد مع التوجه العام للحداثة أنه ؛ لا يصح في ثقافة التنوير التعامل مع المقارنة العرقية أو العقائدية معاملة ثنائية الأخيار و الأشرار ، الملائكة و الشياطين .دمت بخير

اخر الافلام

.. العربية ترصد معاناة النازحين السودانيين في مخيمات أدرى شرق ت


.. أطفال يتظاهرون في جامعة سيدني بأستراليا ويدعون لانتفاضة شعبي




.. هيومن رايتس ووتش تدين تصاعد القمع ضد السوريين في لبنان


.. طلاب في جامعة كاليفورنيا يتظاهرون دعمًا للفلسطينيين.. شاهد م




.. بعد تطويق قوات الدعم السريع لها.. الأمم المتحدة تحذر من أي ه