الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لهذه الأسباب أؤيد حمدين صباحي

شريف صالح

2014 / 5 / 5
المجتمع المدني


في الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة الأولى أعطيت صوتي لحمدين صباحي، وفي الثانية ـ بعد خروجه ـ أبطلت صوتي.. مع إنني لست ناصرياً.. لكنني لم أقتنع بمرسي نهائياً ولم أر مبرراً لعصر "ليمونة"!
في هذه الجولة ولأسباب كثيرة فكرت في المقاطعة، لأنني لا أرى مناخاً صحيا لانتخابات حقيقية، ومثلما أخلف مرسي وعوده في اتفاق فيرمونت، أخلف السيسي بنود بيانه الذي كان من المفترض أن يؤسس لمرحلة انتقالية أفضل، فأزمة البلد ليست في اجتثاث أو عدم اجتثات الإخوان (مع إنهم صداع مزعج فعلا مثلهم مثل حزب النور السلفي) لكن الأزمة الحقيقية تبقى في الانتقال الديمقراطي الذي فشلنا فيه طيلة سبعة عقود.
ورغم إن برنامج حمدين لم يصلني ولو مختصرا، مع كثرة المناصرين له في صفحتي على الفيس بوك، لكنني لا أجد ـ عملياً ـ مرشحاً سواه، للأسباب التالية:
1. اختيار السيسي رئيساً يعني استمرار إرث دولة يوليو، بكل تقلباتها، وترسيم "العسكري" على قمة هرم السلطة من أول مجلس بلدي صغير حتى رئاسة الجمهورية، مروراً بمناصب اقتصادية ودبلوماسية ورياضية.. وفق "الأقدمية لا التميز" و"الولاء لا الكفاءة". وهي التراتبية التي أودت بنا إلى انهيار شبه تام، مع توزيع معظم هذه المناصب على عواجيز الجيش والشرطة، باعتبارها مكافآت ما بعد الخروج على المعاش
2. حتى لو سلمنا ببراعة السيسي العسكرية والأمنية، فإن الرئاسة منصب سياسي بآليات مختلفة تماماً، وليس بالضرورة أن يكون كفئاً لها، لمجرد براعته في مجال آخر.. بينما حمدين في الأساس سياسي ولديه خبرة طويلة في ذلك المجال.
3. أتفهم المبررات القوية ـ لدى كثير من الصادقين ـ عن الأخطار الداخلية والخارجية التي تهدد البلد، وإذا كان السيسي كفئاً للتصدي لها، فمكانه في منصب أمني أفضل للبلد من منصب الرئيس، كي يركز على تلك الأخطار وليس استقبال السفراء وافتتاح محطات تحلية المياه.
4. قاد السيسي عملية إخراج الإخوان، وجاءت مكلفة دموياً، عدا عن أعداد المسجونين، وأحكام الإعدام.. أي هو قدم الحل الأمني "الخشن" نوعا ما، ولم تحدث المصالحة التي وعد بها في بيانه.. ليس معنى ذلك عدم تحميل الإخوان مسئولية معظم التداعيات، لكن فقط أشير أن صعوده إلى منصب الرئاسة لن يحل الأزمة، بل سيزيدها تعقيداً، في وقت نحن في حاجة إلى أجواء مستقرة نوعا ما، ومصالحة بالفعل، ومحاسبة كل من تلوث بدم أو سرق مالا.
5. يعتمد السيسي في حملته، وأبواق دعايته المفرطة، على نفس منظومة مبارك وحاشيته ولصوصه، وهذا مؤشر خطر في كونه بمثابة حصان طروادة الذي يضمن عودة هؤلاء إلى السلطة.. إذا افترضنا أنهم غادروها أصلا.. بالتالي، ليس معقولاً أن تقوم "ثورة" ليرثها مبارك "بشرطة" بدلا من "مبارك".
6. خطابات كبار القادة وعلى رأسهم طنطاوي تكرس أن ما جرى في يناير "مؤامرة" وليس "ثورة"، ومشكلة هذا التوصيف يكشف عن عدم إقرار حقيقي واعتراف بالمطالب الشعبية، وهو ما أطاح بمبارك، ويمكن أن يطيح بالسيسي نفسه في لحظات. لأن الثورة مثل حُمى لها ارتدادتها، ما لم تشخص دواعيها بدقة ويتم علاجها. وحتى الآن، تم تفريغ معظم الملفات من مضمونها مثل: تهريب الأموال خارج مصر، التفاوت الرهيب في الأجورـ تدني الخدمات كالصحة والتعليم، المحسوبية والرشوة، سرقة المال العام بشركاته وثرواته.. إلخ
7. تأييد حزب "النور" للسيسي وبيان النقاط العشر، يعني استمرار مهزلة الأحزاب الدينية وتأثيرها على الغوغاء والأعداد الكبيرة من الأميين في إثارة الفتن، واختلاق أعداء ك "الشيعة" ـ مثلا ـ حسب البيان المؤسف المعلن. وبالنسبة لي أريد دولة مدنية "علمانية"، ليس كما يروج سفهاء الإسلاميين، باعتبار العلمانية ضد الدين، بل باعتبارها "آلية" وليست "أيديولوجيا"، تضمن فتح مجال لتنافس الخطابات، وحيادية الحكومة إلى حد كبير، وعدم فرض خطاب على آخر قهراً وعنفاً، وضمان حقوق المواطنة كاملة للأقليات كالأقباط والمرأة. وإلا، فنحن نعيد إنتاج دولة القهر والتخلف والشعوذة وفتاوى إرضاع الكبير وزواج الأطفال.
8. حمدين لا يمثل الثورة بالطبع، لكنه جزء منها، وهذا يعني أنه الأقرب إلى روحها وأهدافها، من المرشح الآخر، وأي كلام عن عدم كفاءته، يعني أننا مازلنا متعلقين بوهم الرئيس الفذ القائد الضرورة، الذي يأتي الرءوساء لأخذ "حكمته" في حقائبهم ثم يغادرون.. فليس المطلوب أن يكون الرئيس عبقري العباقرة، بل يكفي أن يكون مواطنا مصريا، لديه برنامج واضح يمكن محاسبته عليه، والأهلية واللياقة للمنصب، والمفترض أننا نسعى لبناء مؤسسات للقرن الحادي والعشرين، وليس تكريس عبادة الفرد المخلص والمنقذ.

في النهاية، أطالب حمدين أن يتخلص من طريقة "إمساك العصا من المنتصف" ويقدم رؤية مدنية جادة، ويفتح حوارات جادة مع كل القوى والتيارات المدنية والشبابية والعمالية، ومن بينهم من كانوا يلتفون حول البرادعي.. وأن تكون له مواقف أكثر حسما حول الاعتقالات والاحكام المسيسة والأحزاب الدينية. وأن يكون على ثقة بأن الشعب في مجمله ناضج ولن تنطلي عليه التعبئة الانفعالية من رجال دين وغيرهم، فقد قابلت مواطنا نوبيا بسيطا وفوجئت به يقول لي "احنا عاوزين رئيس علماني" رغم أنه يصلي ولا يترك فرضا.
كما أطالبه أيضاً ألا ينظر إلى المسألة كانتخابات رئاسية فقط، فهي أعمق من مجرد منصب، هناك حكومة قادمة، وبرلمان، وانقسامات، وطاقات شبابية هائلة لم تمثل بعد في العملية السياسية، وعليه أن يتبنى استراتيجية بعيدة المدى، كرأس حربة لمعارضة تدافع عن قيم ثورة يناير.. أي أنه بحاجة إلى تغيير وتحسين أداءه، حتى لا يبدو مثل دمية إلكترونية تتحرك في كل اتجاهات ولا تذهب إلى أي مكان أبعد من خطوة واحدة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وصول ممثلي الصليب الأحمر إلى سجن عوفر تمهيدا لإطلاق سراح الأ


.. اعتقال متظاهر رافض للصفقة قرب سجن عوفر بعد اقتحامه المنطقة ا




.. كلمة للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي بشأن مجريات عملية وقف إطل


.. الصليب الأحمر يتسلم المحتجزات الإسرائيليات في إطار صفقة تباد




.. في أول يوم لوقف إطلاق النار في غزة:حماس تفرج عن 3 أسيرات إسر