الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اأكاذيب الطغاة

عماد فواز

2014 / 5 / 8
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الطغاة غالبا كاذبون.. وفي تاريخ مصر أكاذيب كثيرة روجها الطغاة على مر العصور.. لكن أسرع هذه الأكاذيب انكشافا "الكذب باسم الدين والمتاجرة به".. وهذا النوع من الكذب عادة بعد انكشافه يثور المصريون ثورة لا يخمدها إلا زوال الكاذب.. وحكم الإخوان المسلمين في مصر لم يكن الأكذوبة الوحيدة باسم الدين.. بل سبق وأن لعب بهذه الورقة آخرون.. أكثرهم تبجحا كان نابليون بونابرت!!!.

هذا الغازي الطامع دخل إلى المصريين مخادعا.. ادعى حبه للإسلام وتقديره للقرآن والرسول، فخرج المشايخ مهللين بقدومه، والبسوه العمامة.. لكنهم سريعا ما اكتشفوا كذبه فثاروا عليه مثلما ثار الناس ضد حكم الإخوان وخلعوه مثلما خلعوهم.

لقد جاء نابليون إلى مصر، وحرص وهو يخاطب المصريين، ويلعب بعواطفهم الدينية على أن يبدو أمامهم في صورة المنتقم الجبار، الذي قام بتخريب كرسي البابوية واهانة صاحبه "الذي كان يحض النصارى على محاربة الإسلام"، طنا منه بأن ذلك برضي المصريين، ثم مضى نابليون في استخفافه بعقولهم فيقول لهم أن الفرنسيين مسلمون مخلصون وإنه شخصيا يعبد الله سبحانه وتعالى ويحترم نبيه والقرآن العظيم!!.

كانت غاية آمال نابليون، أن يتم له الاستيلاء على مصر في صمت وهدوء ودون اللجوء إلى ارتكاب فظائع دموية تفسد العلاقات الودية المرجوة بينه وبين الشعب المصري، فكان حريصا على كسب عواطف المصريين، والادعاء بأنه مسلم غيور، فيحضر احتفالاتهم الدينية، ويرتدي الجبة والقفطان والعمامة، ويتزلف إلى علمائهم، وقد تعجب إذا قرأت المنشور الأول الذي وزعه على أهل مصر واستفتحه "باسم الله الرحمن الرحيم، لا اله الا الله، لا ولد له ولا شريك فى ملكه".. ويا أيها المصريون قد قيل لكم اننى ما نزلت أرضكم إلا بقصد إزالة دينكم.. فذلك كذب صريح، فلا تصدقوه، وقولوا للمفترين اننى ما قدمت إليكم إلا لأخلص حقكم من يد الظالمين، واننى أكثر من المماليك، أعبد الله سبحانه وتعالى، واحترم نبيه والقرآن العظيم.. وفي ختام منشوره يعلن بونابرت إلى المشايخ والعلماء "أنهم يلازمون وظائفهم، وعلى كل واحد من أهالي البلد أن يبقى في مسكنه مطمئنا وكذلك تكون الصلاة قائمة في الجوامع على العادة، والمصريون بأجمعهم ينبغي عليهم أن يشكروا الله سبحانه وتعالي لانقضاء دولة المماليك قائلين بصوت عالي: أدام الله إجلال السلطان العثماني.. أدام الله إجلال العسكر الفرنساوي.. لعن الله المماليك.. وأصلح الله حال الأمة المصرية"!!.

هنا وكما قال "الجبرتي" صدق المصريون مزاعم نابليون لمدة عام تقريبا، واتى المنشور ثماره، لكن سريعا ما اكتشف المصريون وجه نابليون الكاذب، وجاءت الثورتان اللتان قام بهما المصريون، أصدق دليل على رفضهم للوجود الفرنسي، وعدم تصديقهم لمزاعم نابليون.

ولم يكن المصريون وحدهم هم الذين فضحوا زيف نابليون، كما يقول جمال بدوي في كتاب "مصر من نافذة التاريخ"، فالعلماء والقادة وكبار الضباط الذين صحبوه في حملته كانوا يعلمون مدى كذبه، وكانوا يسخرون منه، وهو عاكف على ظهر الأسطول، يدبج صيغة المنشور قبل أن يدفع به إلى المطبعة العسكرية لتطبعه باللغة العربية والتركية والفرنسية، وتحفظ السجلات الفرنسية رسالة القائد البحري "جوبير" إلى وزير بحرية فرنسا والتي يقول فيها "لعلكم أيها الباريسيون تضحكون حين تقرءون هذا المنشور الإسلامي الذي وضعه قائدنا الأعلى، لكنه لم يعبأ بكل سخريتنا من المنشور..

بل أن نابليون نفسه اعترف فى أخريات أيامه، بأن هذا المنشور كان قطعة، من الدجل، "لكنه دجل من أعلى طراز".. وعندما كان يجتر ذكرياته، وهو سجين في سانت هيلانة، اعترف لأحد اخصائه بما فعل، وبرر سلوكه بأن "على الإنسان أن يصنع الدجل في هذه الدنيا لأنه السبيل الوحيد إلى النجاح".

وتلك طبيعة الطغاة الذين يستخفون بالشعوب.. ولا يدركون الحقيقة إلا بعد أن يزول عنهم السلطان فيموتوا كمدا.. ومازال المسلسل مستمرا...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تأهب أمني لقوات الاحتلال في مدينة القدس بسبب إحياء اليهود لع


.. بعد دعوة الناطق العسكري باسم -حماس- للتصعيد في الأردن.. جماع




.. تأبين قتلى -وورلد سنترال كيتشن- في كاتدرائية واشنطن


.. تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!




.. طلاب يهود في جامعة كولومبيا ينفون تعرضهم لمضايقات من المحتجي