الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أنا إرهابي

حافظ ألمان

2014 / 5 / 11
الادب والفن


لاشك أنَنا كلنا مجمعون على نبذ الإرهاب وحتى الإرهابيون أنفسهم مجمعون معنا على ذلك، فهم حسب اعتقادهم يحاربون الإرهاب أيضا ويرهبون عدو الله وعدوهم.
ولكن ما هو ذاك الإرهاب، ما شكله، هل يعيش معنا على هذه الأرض، أم أنَه في مكان آخر؟
ما أكثرأعداءه، كل يوم نسمع عنه ونرى جرائمه، لا يدخل مدينة أو قرية إلا ويدمرها ولا يرى امرأة إلا ويقتلها أو يجعلها ثكلى أو أرملة، نهم شره لا يعرف الشبع أبدا، وهذا ما دفع العالم لاتخاذ قرار حاسم بمحاربته والقضاء عليه نهائيا، بيد أنه مازال حتى الآن حرا طليقا يتفنن بقتلنا، ومازال أيضا متورايَا عنَا، لا يعيرنا حتى اللعنة.
لو أننا عرفناه لكنَا رشوناه أو على الأقل أبعدنا عنَا أذاه. لكننا ما نزال نجهله تماما ونتساءل عنه، لا نعرف ماذا يريد منَا ولا نعرف ما الذي اقترفناه بحقه وبأي ذنبٍ يعاقبنا، يقتلنا بدم بارد ويحيل حياتنا جحيماً، وفي الوقت عينه يعدنا بالنعيم والاستقرار.
يبدو أنَه أقوى من العالم كله، وأن كل محاولات القضاء عليه باءت بالفشل، وليس لنا أن نصدق بعد الآن بأنَ تلك الصورة المنشورة هي صورته، فهي تتغير دائما والذي لا يتغير أبدا مستوى إجرامه. من المؤكد أنَه متخف بثياب سحرية، يرانا ولا نراه، يسمعنا ولا نسمعه، وهذا ليس تكبرا منه أو تعال، وإنَما خوفا وإشفاقا علينا من أن لا نحتمل رؤية سحره وجماله.
كم هو حنون ورؤوف، يريدنا على أحسن حال، سابقي الأمم في العلم والآداب، يبعث لنا سفراء من عنده، ينقلون كلامه وسلامه بكل صدق وأمانة، متزنرين سيوفا على خصورهم، ولا أخفي عليكم أن الشك قد راودني في البداية في ماهية تلك السيوف إلى أن لامست نصل إحداها، فأيقنت أنَها سيوف للزينة، ومن حينها آمنت به، ليس خوفا منه وإنما حبا خالصا، فمتى اجتمع الحب والخوف معا؟
أيها الإرهاب .. أيها القادر المقتدر .. يا من تسهر على راحتنا وتفكر بنا على الدوام : دعنا نراك حبا وشوقا، سامحناك بأعمارنا التي مضت والتي ستمضي، ولا نريد سوى ان نراك ولو لمرة واحدة، ونعدك بأننا سنحبك، كلمنا على الأقل، اعطف علينا، فنحن خطاؤون ومذنبون وأنت أعلم بحالنا. حاول.. لا تستعجل.. خذ وقتك.. ولكن أرجوك قل نعم ؛ فالشوق قد أضنانا والضنى منَا فاض، قلها أرجوك، أراك ماتزال صامتا، أفلا تريد الكلام ؟
آه لو تعرف ما فعلت لاؤك هذه، دمرتنا وقضت على أحلامنا. لم يعد للحياة معنى، الأشجار والورود ستموت حزنا والعلوم ستهجر عقلها والفنون ستكتب بدمها. كل شيء سيموت، سندفع أثمن الأثمان كما دفعنا سابقا، وكل شيء بعد النفس لا يحسب له حساب.
هذه أرواحنا نقدمها لك بنفس صاغرة ذليلة، ولكن أرجوك اترك لنا أجسادنا بعد قتلنا لنقيم لها طقوس الآدميين، وهذه آخر أمانينا.
ما أكثر الإرهابيين في عالما العربي ؛ ففي داخل كل واحد منا إرهابي صغير، فجميعنا نشرب من ذات النهر، والظروف وحدها هي من ستحول هذا الإرهابي الصغير إلى إرهابي ناضج.
من لهؤلاء اليتامى الذين لم يروا والدهم من يعتني بهم ويحنو عليهم ويهذبهم؟ إن قلبي ينفطر لأجلهم ولم أعد أستطيع الاحتمال أكثر من ذلك، وإن كنت قد موهت الحقيقة فلا مناص الآن من كشفها تماما، وعندها فقط ستنعمون بالسلام والحب والسعادة، فاسمعوني جيدا وليسمع العالم أجمع :
أنا هو ذلك الإرهاب.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خلال مشهد من -نيللى وشريهان-.. ظهور خاص للفنانة هند صبرى واب


.. حزن على مواقع التواصل بعد رحيل الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحس




.. بحضور شيوخ الأزهر والفنانين.. احتفال الكنيسة الإنجيليّة بعيد


.. مهندس الكلمة.. محطات في حياة الأمير الشاعر الراحل بدر بن عبد




.. كيف نجح الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحسن طوال نصف قرن في تخليد