الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة التاريخ وعصرنته (رؤية فلسفية مختصرة)

سجاد الوزان

2014 / 5 / 11
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


نحن اليوم لا نحتاج إلى إنكار تراث الماضي بالكلية، بقدر ما نحتاج إلى الجمع بين الماضي بما فيه من تاريخ أسود من قتل ودماء وتخلف، وبين ما فيه من تاريخ جيد ونظيف بعلمه ومعارفه السابقة، على اعتبار إنها تجربة سابقة لمعارفنا دونتها الكتب، وحملها على معارفنا الحداثوية والعصرية المتقدمة من قبيل عصرنة الماضي، وأدلجة التاريخ وتمدين إنسان الوطن العربي، الذي مازال يستخدم البعير كوسيلة للنقل، والحمار كوسيلة للحمل .
وإنكار الماضي يجعل عملية التقدم وقراءة المستقبل بعين واحدة يتملكها النقص المعرفي بماضي الأمة، وكيفية وصولها إلى هذه المرحلة من انحطاط النهضة، وفي هذا الوقت من الزمن الذي أكل أجيالنا بلا أن نعير لها أهمية، أو أن نجعلها قادرة على أن تقدم لهذه الأمة شيء .

وعلم التاريخ هو علم منهجي دقيق، يكون فيه المحرك لعجلته الساكنة هو القارئ الجيد والناقد الحذق، لنخرج بنتيجة صالحة لأن تكون هي الأمثل للحقيقة الآنية التي نحن بصدد كشفها، لا أن يكشفها التاريخ نفسه، لكونه عاجز عن إفهام نصوصه بلا ذلك الباحث والقارئ الجيد، وهو علمٌ في ذاته ليس طوباوياً حتى ولو كان مرتبط بمقدس، وإنما تظهر طوباويته واضحة نتيجة غياب الناقد العقلي المتفهم لعملية الوعي بنفسه ولغيره، وهنا يبرز دور النخبة العلمية ذات المنهج في التعامل مع بلورة عصر النهضة .
فاليوم هناك حركات فكرية تريد العمل على إلغاء حركة التاريخ، وربط الأمة به، لتخرج من عزلة التخلف الموجود عندنا، وهذا خطأ كبير يريد أن يفرضه علينا بعض المفكرين، سيهدم كيان الأمة ويعيق تقدمها أكثر فأكثر .
ونحن نرى إن عملية النهضة يجب أن تبدأ من قراءة التاريخ قراءة نقدية واعية وليست مجردة فقط من التبعيات المفروضة من البيئة، بل ويستلزم منهجية الناقد في نقده للحركة التاريخية ليبلور لنا حقيقة معينة كنا قد تشاكلنا عليها، تكون هذه الحقيقة المستنبطة من التاريخ هي دعامة لحركة الواقع المرير للأمة من قبيل :

1) البحث بمنهجية الأصول للمذاهب الدينية والقومية للأديان السماوية والوضعية لهذه الأمة .
2) ترحيل التطرف إلى التاريخ لا جره إلى الواقع العيني .
3) تشكيل قواعد معينة لقراءة التاريخ، بحيث تكشف المزيف منه، من الحقيقي منه، أي ...( إظهار تجليات الحادثة التاريخية بكامل حقيقتها وبلا تغييب أي جزء منها ) .
4) تمكين الأمة من تغيير رؤيتها اتجاه الحداثة والتطور وقبولها بشكل كلي، من خلال إماتة قدسية التاريخ والحادثة التاريخية، والنص التاريخي لا الديني .
5) إشباع حالة الوعي بالتاريخ لكل فرد بالأمة بسيئة وأسوأه، وبأفضله وأحسنه .

وغير ذلك من العوامل المساهمة في ربط العقل العربي بعجلة التقدم مع عدم نفيه للتاريخ .

والتاريخ هو تجسيد لحاضرة الأمم، ومرورها عبر عجلة الزمن وإلى أن تصل إلى الحاضر، وتاريخ الأمم هو حياتها في الماضي، وهو الطريق الوحيد للاستدلال على كيفية وصولنا نحن إلى هذ الحقبة الزمنية، والسبب الذي كان محركاً لمسيرتنا وعقول رجال أمتنا، ومدى الوعي المعرفي والفكري لعلماء الأمة .
لذا يمكن أن نعتبر التاريخ هو وحدة قياس وسيطرة نوعية نقيس من خلاله تقدم الأمة وحضارتها، واستيعابها لمراحلها الوجودية .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*الطوباوية : تشير إلى الفكر اللاواقعي المبني على الخيال والإسقاطات اللاواقعية على الواقع .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -