الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العلاقات الاجتماعية.. التكنيك بداية الانهيار

عباس ساجت الغزي

2014 / 5 / 12
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


ان الظواهر الاجتماعية تختلف في شدة تأثيرها بين ابناء المجتمع الواحد , وهي تتحكم بصورة واخرى بقوة ترابط العلاقات الاجتماعية في مجتمع ما, والظروف الاجتماعية لها دوراً كبيراً في تفشي الكثير من الظواهر الاجتماعية, اذا ما التفتنا الى ان الفرد صنيعة الظروف التي يعيشها المجتمع اذا لم يكن الضحية لتلك الظروف.
ومن الجدير بالملاحظة ان الظروف القاسية التي مر بها المجتمع العراقي من تضيق الخناق في فترة حكم الانظمة الدكتاتورية السابقة, اورثت المجتمع الويلات نتيجة التركة الثقيلة من الكبت والظلم والاضطهاد والفقر والتسلط والاذلال, لتنذر بولادة جيل كان بأمس الحاجة لإعادة هيكلته الاجتماعية في ظل التغير الجديد, الذي لم يكن يراعي تلك المسألة المهمة في ضمان سلامة المجتمع من اجل صناعة مستقبل مشرق وحضارة.
الانفتاح الكبير بأفاقه الرحبة على العالم, والتطور الهائل في التكنولوجيا ووسائل الاتصال التي غزت الساحة العراقية, القى بضلاله على التركيبة الاجتماعية ليتم تأشير الكثير من الظواهر السلبية في المجتمع والتي قد تكون فاقت ما خسرناه من بنية اجتماعية في فترة الحكم الدكتاتوري المقبور, لتنذر بفقدان الكثير من القيم والمبادئ وتطمس معها العادات والتقاليد الاجتماعية الجميلة الموروثة من تاريخنا الاصيل والتي نعتبرها قواعد السلوك في مجتمعنا الشرقي.
(التكنيك) تلك المفردة التي اخترقت حصوننا الاجتماعية بحيلة التواصل, كثيراً ما تذكرني بحصان طروادة, فقد دخلت بأراداتنا ولهفتنا لتسرق منا الكثير من الاحبة الذين يجلسون معنا لكنهم يعيشون في عالم اخر عابر للقارات, رغم اننا بأمس الحاجة لمسامرتهم والحديث معهم والشعور بقربهم, بل ان اباءهم وامهاتهم وازواجهم وابنائهم تستأنس نفوسهم لطعم تلك اللحظات وعذوبة تلك الجلسات واللمسات العاطفية والعائلية.
وفي مشهد اخر يذكرني مدمنو الانترنيت ( التكنيك) بتقارير القنوات الاعلامية عن صعوبة معالجة الادمان في كل المجالات, وما يثير حفيظتي استفحال تلك الظاهرة الغير الصحية لتطال اصحاب العمل فتلهيهم عن اداء اعمالهم بالصورة الصحيحة, والكثير منا يتبادر الى ذهنه العديد من المواقف التي مرت به نتيجة ( التكنيك) الذي يقوم به البعض من الموظفين داخل الدوائر الحكومية والطلبة داخل حرم الجامعات والمعاهد والمدارس والزائرين دون الالتفات الى قدسية دور العبادة وطال الامر حتى مراقد الائمة التي يكون فيها استثمار تلك الاوقات من الضرورات في العبادة واقامة الصلوات واكمال مناسك الزيارة.
وما يثير الاستغراب ان ترى البعض من المدمنين على التكنيك في مجالس الاعزاء التي يفقدون فيها اقاربهم واحبتهم وهم مشغولون بهواتفهم النقالة ويتصفحون بابتسامات وانشغال تام دونما مراعاة لأصحاب العزاء والمعزين, الذين بدأوا يتذمرون من تفشي تلك الظواهر السلبية في المجتمع, واخشى ان نتباعد اكثر رغم تقاربنا, وان نفقد الشعور بالمسؤولية في تداول المشورة والحديث مع بعضنا البعض, وان يصبح تواصلنا بدون ذوق ولا طعم لنخسر فرحة لحظات اللقاءات الودية, ونخسر معها مشاعر الالفة والمحبة والتماسك والتواصل الاجتماعي.
عباس ساجت الغزي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا والصين.. تحالف لإقامة -عدالة عالمية- والتصدي لهيمنة ال


.. مجلس النواب الأمريكي يصوت بالأغلبية على مشروع قانون يمنع تجم




.. وصول جندي إسرائيلي مصاب إلى أحد مستشفيات حيفا شمال إسرائيل


.. ماذا تعرف عن صاروخ -إس 5- الروسي الذي أطلقه حزب الله تجاه مس




.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح