الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عبث المقاطعة

شريف صالح

2014 / 5 / 12
المجتمع المدني



لدينا ثلاثة احتمالات بشأن انتخابات الرئاسة المصرية:
أولاً: تأييد السيسي ويضم خليطا عجيبا من يسار ويمين وفلول وحزب كنبة وحتى من ناصريين وإسلاميين "حزب النور".. لكنه يشكل كتلة ﻻ-;- يستهان بها.. جزء منها مدفوع بمخاوف مبالغ فيها للحفاظ على الدولة، والآخر بالحفاظ على مصالحه الخاصة.
ثانياً: تأييد حمدين، ويضم أيضاً خليطاً متنافراً، من يسار ويمين وناصريين، لكنه إجمالاً أقل عدداً، بعضه أكتر ارتباطاً بشعارات الثورة، والبعض الآخر بالتخوف من استمرار نظام مبارك.
ثالثاً: الدعوة إلى المقاطعة ويتبناها خليط من الإخوان (رفضاً للاعتراف بالواقع السياسي الجديد) وحزب الكنبة وثوريين يفضلون المقاطعة أو إبطال الصوت.. نكاية في العملية السياسية برمتها، أو بسبب نظرة مثالية رومانسية فيها مبالغة في إدانة السيسي والجيش وحمدين أيضاً.. برغم أن هؤلاء الثوريين على الأرض، لم يكونوا أفضل حالاً من معظم الأطراف الأخرى، ومالوا إلى التفتت والتشتت واقتسام غنائم صغيرة.. مثلا 6أبريل انقسمت.
وأي قراءة أولية لمؤيدي الاحتمالات الثلاثة تكشف أنه، لا أحد منها يمثل تياراً متجانساً على المستوى الفكري والسياسي، بل إن كل تيار ينطوي في داخله على صراعات وتضارب مصالح. ما يعني أن لا أحد منها يحتكر الصواب، أساساً.
عدا عن أن الفعل السياسي ذاته لا يتأسس على الصواب والخطأ، فهذا نزوع أخلاقي متهافت، يسعى من خلاله كل طرف ـ على الدوام ـ لإثبات أنه "صح" والآخر على "خطأ"، هو مالك الحقيقة والحق والصواب والآخر عدو. وهذا ما يبرر السجالات الأخلاقية، المنحلة، والعدوانية.
بينما الفعل السياسي يقوم على التعدد، والتعبير عن شرائح متفاوتة في تفكيرها ونمط حياتها ومصالحها، ويكتسب مصداقيته، ليس من معيارية الخطأ والصواب، وإنما من تمثيله للشريحة التي يعبر عنها.
وما يهمنا هو مناقشة جدية وجدوى فعل المقاطعة:
1. أقصى ما يمكن أن تحققه المقاطعة هو إقناع حمدين بالانسحاب، كي يبدو السيسي منافساً نفسه، ورغم الحرج الأدبي في ذلك، وبرغم أنني لا أعرف التوصيف القانوني الدقيق لهذه الحالة، لكن ـ في الغالب ـ ستتحول الانتخابات إلى استفتاء ب "نعم" أو "لا" وستكون صكاً على بياض للسيسي كي يصبح ديكتاتوراً.
2. ما يتصوره المقاطعون إنجازاً بإحراج السيسي كمرشح وحيد، قد يبدو لعامة الناس إفلاساً للمعارضة، وعدم جدوى الانتخابات والثورة والأحزاب وعجز النخبة السياسية عن طرح أي بديل، وأنه لا مفر عن حماية ووصاية الجيش ورجاله على الحياة السياسية وكل مفاصل الدولة.
3. في حال قرر حمدين مواصلة المشوار، واستمرت أيضاً فكرة "المقاطعة" المستندة أساساً إلى قوى هشة، وغير متجانسة، فهي ورغم رمزية رسالتها، ستكون ـ عملياًـ خصماً من رصيد أصوات حمدين، ولن تؤثر كثيراً في حصة السيسي.. أي أنها ستؤدي فقط إلى إضعاف موقع حمدين سياسياً، في الانتخابات وبعدها.
4. إذا كانت قطاعات واسعة من الشباب تمنت في 2012 لو دخل حمدين انتخابات الإعادة ـ بدلاً من مرسي ـ أمام شفيق ممثل المؤسسة العسكرية، فلماذا لا نتعامل مع اللحظة الراهنة بالمنطق ذاته؟ حمدين ممثل الثورة مقابل السيسي ممثل المؤسسة العسكرية!
5. إذا افترضنا أن فرص حمدين ضعيفة للغاية، ولن تزيد ـ في ضوء انتخابات الرئاسة السابقة ـ عن 25% فإن المشاركة الإيجابية لقوى المقاطعة، قد تصنع المعجزة ويفوز، أو على الأقل تعزز حظوظه في الحصول على 40% من الأصوات.
6. حصول حمدين على 30أو 40% من الأصوات، يؤكد ـ والتواضع فضيلة ـ على أن التيار المدني ليس هشاً، برغم أنه لا يملك القدرات التي لدى السيسي ومؤيديه، ولا الطابع التنظيمي الصارم الذي يتمتع به تيار الإسلام السياسي. ولا بأس أن يكون هذا حجمه الطبيعي ويجري التأسيس على ذلك، ليكون رقماً صعباً في المعادلة السياسية، التي لابد وأن تنتهي في خاتمة المطاف إلى نوع من التوازن والشراكة بين القوى الثلاث.
7. تعلية مكاسب حمدين أيضاً هي تعلية لموقع التيار المدني في الانتخابات التشريعية والبلدية القادمة، ومزيد من الضغط لاستكمال أهداف الثورة مثل استقلال القضاء وهيكلة الداخلية واستقلال النقابات وغير ذلك.
8. أيضاً تقارب النتائج بمثابة رسالة مهمة للسيسي بأنه فاز بفارق بسيط وليس بصك على بياض، وعليه ألا يتجاهل القوى المناوئة والمختلفة معه.
9. قد لا تسير الديمقراطية بخطوات سريعة وحاسمة ـ كما نتمنى ـ نتيجة تعقيدات لا تخفى على أحد، لكن هذا لا ينفي أن ثمة تغيير قد حدث بالفعل، وثمة معادلات مازالت تتفاعل ولم تحسم بعد، ولاشك أن الفعل السياسي "الإيجابي" هو الأقدر على تغيير المعادلة، وليس فعل المقاطعة السلبي وإن بدا نبيلا، لأنه هنا يتعالى على الواقع إلى درجة الانفصال عنه، وعدم التأثير فيه.
10. المشاركة في انتخاب حمدين، لمن يتبنون خيار المقاطعة، لا تغلق أمامهم طرح بدائل سياسية أخرى للتعبير عن غضبهم أو رفضهم، للقوانين والسياسات المختلفة.
11. أياً كان تقييمنا للحظة الراهنة، هل هي إخفاق ثورة، أم تغير بطيئ جداً.. من المهم أن نعزز ثقة الناس بأن هناك واقعاً سياسياً جديداً يتشكل، وأن الرئيس سيأتي بأصواتهم وليس بأي طرق أخرى، وبإمكانهم التظاهر ضده في أي وقت، وأنهم وحدهم أصحاب الحق في الرقابة عليه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ليبيا: مشاهد صادمة مسرّبة لتعذيب سجناء في سجن قرنادة شرقي ال


.. ا?م تسجد لله شكرا بالشارع بعد صدور حكم با?عدام زوج ابنتها با




.. نواب الحزب الحاكم بكوريا الجنوبية يشكلون سلسلة بشرية لمنع اع


.. نواب الحزب الحاكم بكوريا الجنوبية يشكلون سلسلة بشرية لمنع اع




.. العالم الليلة | انسحاب إسرائيلي وتبادل الأسرى.. تسريب ملامح