الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فى الأدب ... وسنينه

ابراهيم جادالكريم

2014 / 5 / 15
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


كنا ونحن فى الجامعه نتبارى فى كتابة الشعر بكل ألوانه وكنا نتهافت على المكتوب من كل الأشكال الأدبيه وهذا ربما ما خلق فينا الحس المرهف والأخلاق الساميه ومراعاة اللفظ كتابة ونطقا وكان الغير متعلمين وقتها يسمعون وأحيانا يتسائلون ويسألون عن معانى لكلمة فى أغنية ويسمعون الرد بشغف وشكر بعدها للأستاذ الذى شرح المعنى وقرب الفهم للعقول ... وتحضرنى واقعه حدثت حين كنت بالجامعه ومررت على ماسح الأحذيه مساء وجلست على الكرسى العالى أمامه وبدأ يعمل وهو يستمع لكوكب الشرق أم كلثوم وكنا جميعا شبابا وشيوخا رجال ونساء نردد كلمات اغاتيها ونهتم بالموسيقى والملحن وكانت أم كلثوم ساعتئذ تغنى رائعة الأطلال والى أن قالت : يا حبيبا زرت يوما أيكه ... وهنا رفع ماسح الأحذيه راسه الى وجهى فورا وقد توقف عن التلميع وسألنى ... أيوه يا أستاذ هى بتقول الكلمة دى وأنا نفسى أعرف معناها علشان أفهم فقلت له الأيك هو عش البلبل وهنا أنبسطت أساريره وقال ألله ... أيوه كده أنا فهمت المعنى الجميل فى الكلمة دى وفهمت الأغنية .
وكنا أذا تحدثنا فى الترام أو الأتوبيس سكت كل العوام كبارا وصغارا ليستمعوا لما نقول وطريقة النطق واحيانا التشكيل فى الحديث أو مخارج الألفاظ والعامه من حولنا ساكتون ليستمعوا للأستاذ الذى يتحدث ويفيدهم بمعنى أو شرح لآية أو جزء من سورة قرآنيه أو موضوع علمى حديث لم يستوعبه العامه أو أطلقوا عليه أسم ثانى مثل العفريت على القطار حين ظهر وهو يجرى والدخان الأسود يندفع منه وصفارته التى كانت أزعاجا لكل من يركبوه أو يمروا بالقرب منه بخوف .
هكذا كان حال غير المتعلمين وظللوا هكذا يسألون ويتسائلون لكى يفهموا وكان لكل المتعلمين مكانه فى بيوتهم وشوارعهم ولهم رأى مسموع ينير قبسا من النور للأميه الغالبه والتى تصل نسبتها فى المحروسة الآن الى أكثر من 70% فى بعض المناطق وفى الصعيد وجنوب مصر وكأننا لا زلنا فى الأربعينيات أو الخمسينيات من القرن الماضى !! وكأن الدنيا بأسرها تتحرك للأمام ونحن نرجع الى الخلف بأصرار ، وكانت مسرحية مدرسة المشاغبين هى بداية الأنهيار الأخلاقى والعلمى فى مصر بحيث أصبح الجاهل يقول للمتعلم – أنا جاهل بس أحسن منك وعندى ... و ... وأنت ما عندكش حاجه !! وتغير أسلوب الحديث كله وأختفت الكلمات التى تنطق بالذوق والأدب فى المناسبات لتحل محلها كلمات ليس لها أصل فى اللغه العربيه لتحل محلها ألفاظ سوقية لا تدل على أدب أو ذوق ، لتسود فى كل مكان وحتى المدارس والجامعات وفى الشارع ... غاب الأدب والذوق والفن لتسود السوقيه والبلطجه فى كل شوارعنا وحاراتنا ولم يعد أحد يهتم بالأدب والذوق فى التعامل مما جعل مدارسنا وبيوتنا وشوارعنا غابه يصعب المرور فيها .
وهذا نفسه ما يحدث فى صحفنا واذاعتنا وتليفزيوناتنا من أسفاف وتطاول من جهلة أو أنصاف متعلمين عاى كل كلمة جميله ولفظ ينم عن الذوق ، يتطاول هؤلاء لمجرد التطاول أو على طريقة خالف تعرف أو حب الظهور لمجرد الكلام ... ولو كان فى غير موضعه أو لمجرد الهجوم على شخص الكاتب أو تمييع الموضوع أو تحويله الى موضوع آخر تماما على نفس طريقة الفتونة السائده فى أخلاقياتنا والبلطجه فى شوارعنا ومدارسنا وجامعاتنا ... يحاول هؤلاء مسح الأدب واللفظ العربى الأصيل الى نفس السوقيه والغوغائية السائدة فى حياتنا ... ولهؤلاء أقول :
وسع الخرق على الراقع أن المنبت لا أرضا حصل ولا ظهرا أبقى
ولا أجرؤ بالقول الذى قلته فى مناسبة ضياع الأدب والذوق حين قلت مخاطبا هؤلاء فقلت :
شخيع برطع موئوس بلكع شخيع بوش الفش مفطش
فأن وئست بالخهع يوما او وئست مشموط برتش
فلى بالخهع وئس نصيحة أو بلطع منك مفئوش
رحم الله الأدب والذوق فى كلامنا وتصرفاتنا وكتاباتنا وتليفزيوناتنا وصحفنا ومدارسنا وجامعاتنا وشوارعنا ومياديننا وأولادنا وأجيالنا الجايه .... رحمة واسعه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قطر تلوح بإغلاق مكاتب حماس في الدوحة.. وتراجع دورها في وساطة


.. الاحتجاجات في الجامعات الأميركية على حرب غزة.. التظاهرات تنت




.. مسيرة في تل أبيب تطالب بإسقاط حكومة نتنياهو وعقد صفقة تبادل


.. السيناتور ساندرز: حان الوقت لإعادة التفكير في قرار دعم أمريك




.. النزوح السوري في لبنان.. تشكيك بهدف المساعدات الأوروبية| #ال