الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة من سفر التطور – 3 – بين الجين و البيئة و السلوك بحسب الوعي

نضال الربضي

2014 / 5 / 16
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


قراءة من سفر التطور – 3 – بين الجين و البيئة و السلوك بحسب الوعي

يتميز الكائن البشري بوجود الوعي العاقل Sapience و الذي يميزه عن الوعي الحيواني الغريزي المُستجيب للمؤثرات الخارجية Sentience . و بحسب الأول Sapience فإن الإنسان قادر ٌ على التفكير المنطقي المتسلسل الذي يبحث في أصول الاشياء و أسبابها الحقيقية و هو ما نسميه الفلسفة، بينما تغيب هذه القدرة عند الحيوانات.

من أهم خصائص الوعي الإنساني هو قدرته على التفكير التجريدي Abstract Reasoning و هو التفكير الذي بواسطته نستطيع تخيل "عناصر" فعل غير موجودة في ذات اللحظة التي يتم فيها التفكير، و لا تؤثر على المُفكر لكنها إما موجودة في البيئة أو يمكن أن تكون موجودة، أو هي أشكال من عناصر موجودة تم تجريدها من شموليتها و البحث في بعض خصائصها و تفاعلات هذه الخصائص في بيئات مُتخيلة شبيهة ببيئتها أو في بيئات جديدة يتحكم فيها الخيال، للوصول إلى احتمالات حدوث تُستتبع من المنطق المحكوم بالقوانين الكونية (فيريائية أو بيولوجية أو كيميائية على اتساع طيف هذه القوانين).

و على قدر المسافة التي يُغادر فيها الوعي المبدأ البيولوجي ظاهريا ً (مع التركيز على كلمة ظاهرياً) يبقى ارتباطُه (أي الوعي) فيه كأحد الخصائص المادية للجسم البشري. فلا يمكن أن يوجد الوعي إلا بوجود العقل، و لا يوجد العقل إلا بوجود الدماغ، و لا يوجد الدماغ إلا ضمن منظومة الجسم البشري المبنية على اللحم و الدم، و التفاعلات الكيميائية داخل الخلايا، و العلاقات ما بين أعضاء الجسم المشتركة، و السيالات العصبية الكهربائية الناقلة للإشارات.

و مما سبق نستطيع أن نقول أن الوعي البشري هو انعكاس البيولوجيا الداخلية للجسم البشري، و أن "ظاهرية مفارقة" الوعي لِـ "مادية البيولوجيا" و "استقلاله" عنها لا تجد لها أصلا ً في المنظومة الكائنة للإنسان. و نفهم من هذا أيضا ً أن الوعي هي خاصية تطورية مُميـّـِـزة للإنسان، لا يستغني عنها و لا يكون إنسانا ً بدونها.

و يبقى لنا أن ندرس العلاقة بين المنظومة البيولوجية و بين ما يصدر عنها من وعي، لنستطيع َ أن نفهم َ دور كل ٍّ منها في حياة الإنسان و تأثيرها عليه، و هو موضوع ٌ متشعب ٌ جدا ً، يكون المدخل لفهمه هو دراسة جزئياته ثم إيجاد الصيغة التوافقية التفسيرية التي تحكُمُها لرسم الصورة ِ الكاملة للبشري العاقل Homo Sapien.

يُخبرنا العلم عن وجود "الجين" و مجموعُه "جينات" و هي تبسيطيا ً جُزئيات ٌ (إن صح لنا استخدام هذا اللفظ) تحمل صفات الكائن الحي و تحكم طريقة استجابته للمؤثرات الخارجية في البيئة المحيطة، و النتائج المُترتبة على هذه الاستجابات، فتحدد الجينات الخصائص الجسدية للكائن مثل: شكله لون عينيه شعره طوله وزنه، و خصائصه النفسية، و مدى قابليته للاستمرار مُتجلية ً في رفع ِ أو خفض ِ احتمالات إصابته بالأمراض ِ المختلفة، و بالتالي إطالة ِ أو تقصير ِ عمره.و لقد اخترت ُ لهذا المقال دراسة حالة البروفسور ريتشارد دوكنز مثالا ً نستطيع منه أن نفهم أكثر العلاقة بين الجينات، و البيئة و السلوك بحسب الوعي.

قدم البروفسور ريتشارد سلسلة ً ثلاثية ً بعنوان: "الجنس، الموت و معنى الحياة" Sex, Death and The Meaning of life، يتحدث ُ فيها عن السلوك البشري و الموقف من العلاقات الجنسية ثم النظرة إلى الموت و كيفية تعامل المجتمعات معه ثم الحياة بمعناها و هدفها، و هي سلسلة متوفرة على اليوتيوب يمكنك أن تبحث عنها و تشاهدها عزيزي القارئ بطباعة العنوان السابق باللغة العربية.

في الجزء الثاني من السلسلة بعنوان: الموت، يقوم البروفسور ريتشارد بالذهاب إلى مركز ٍ مُتخصص بدراسة المجموع الجيني العام، و يظهر و هو جالس ٌ أمام الأخصائي الذي يسحب منه الدم، ثم بعد ذلك يتم تحليل جيناته، و يحصل على النتيجة. يُخبره الخبير ُ أن في مجموعه الجيني مئة 100 جين ٍ من الجينات التي أصبحت معروفة ً لدى العلماء بارتباطها بأمراض معينة، مما يعني أنه مُعرَّض ٌ للإصابة بها، دون أن يعني هذه حتمية الإصابة، لكن إمكانيتَها و قابليتها للتحقيق، و منها مرض الجنون الذي أصاب الملك جورج. يخبره الأخصائي أن المرض غير موجود لديه فيعبر البروفسور ريتشارد عن ارتياحه بقوله: I dodged that bullet، بمعنى: لقد تنحيت ُ عن هذه الرصاصة، أو لم تصبني تلك الرصاصة، في نبرة ِ ارتياح ٍ واضح. كما يخبره الأخصائي أن جيناته الرئوية تُعرِّضُه للإصابة بسرطان الرئة بنسبة تفوق المعدل العام بسبعين بالمئة 70% ثم يسأله إن كان مُدخنا، فيجيب بأنه لم يدخن قط.

من السابق و من مراقبة الواقع المُعاش نُلاحظ أن الجينات البشرية و إن كانت تُحدِّد طريقة الاستجابة للمؤثر البيئي و النتائج المُترتبة عن هذه الاستجابة إلا أن الوعي البشري و ما ينتج عن إرادة الكائن من سلوك هي العامل ُ المُكمِّل بل و المُـقرِّر لما سوف يكون ُ واقعا ً حيَّـا ً لهذا الكائن، فلو كان البروفسور ريتشارد من المدخنين لكان الآن و بحسب هذا التحليل العلمي مُصابا ً أو على وشك ِالإصابة بسرطان الرئة، لكن سلوكه بحسب الوعي و الخيار أبعده عن "عادة" التدخين، ليصبح وجود الجين في هذه الحالة أو عدم ُ وجودِه في جسده واحدا ً.

لكن الموضوع َ لا ينتهي هنا، فهذا الجين لم يأتِ إلى تكوين البروفسور زائرا ً أو طارئا ً، فهو موروث ٌ في عائلته، و سيقوم هو بتوريثه إلى نسله (إن شاء أن يتناسل). يوضح البروفسور هذا الأمر حين يأخذنا إلى إحدى الكنائس و التي يُعرِّفها على أنها كنيسة ُ "آل دوكنز" و هي الكنيسة ُ المفضلة لأجداده، حيث يرينا بابا ً ما وراءه هي مدافن ُ آل دوكنز، و يشير ُ إلى بلاطة ٍ نُقش عليها أسماء أجداده و جداته، و يأخذ في قراءة ِ أسمائهم، و يشرح كيف أن كُـلا ً منهم قد ساهم بانتقال هذه الجينات ِ إليه.

إن السابق َ عرضُه ُ يهدف ُ إلى تبيان ِ الهُويَّـة ِ الإنسانية ِ الفريدة، فهي و إن كانت هوية ً بيولوجية ناتجة نتاجا ً مُباشرا ً عن الخط التطوري لجنس الكائن البشري العاقل Homo Sapiens إلا أنها ليست هوية ً بيولوجية ً بحتة، فالبيولوجيا التطورية هي سمة ُ الجانب التطوري، بينما يشكل ُ الوعي الإدراكي السمة َ الأخرى التي تُنتج الفهم الذي يعرف الإرادة و الخيار و يعرف ُ -طالبا ً- الحرية َلتطبيق النهج "الفهمي" الفكري الذي يشكل رؤية الحياة و طريقة السلوك ِ فيها.

إي أن الإنسان َ لا يمكن ُ النظر ُ إليه ِ كناتج ٍ بيولوجي ٍ بحت فقط (و أشدِّد ُ على كلمة ِ فقط) ، فهذه سمة ٌ من سمات الهوية. وحتى تكتمل َ الهوية، لا بدَّ من أن تتـَّحد البيولوجيا اتحادا ً تاما ً لا ينفصل عن الفكر و المنطق الإدراكين، بالخاصية ِ الإنسانية التي يجب ُ لكي نُعرِّفها أن نستعير من علم النفس لفظي: الأنا، و الأنا الأعلى.

فالجينات تريد ُ أن نحيا و نستمر و نتكاثر، و العقل يريد أن يجد طريقة ً إنسانية ً حضارية ً لهذه الحياة و لهذه الاستمرارية و لهذا التكاثر، فنجد ُ أن الإنسان َ فد اخترع َ الأنظمة الاجتماعية َ المختلفة و مؤسسة الزواج و مؤسسات الدولة، و هذه كلها لم تنص على شكلها (أشدد على كلمة شكلها) جيناته، لكن وعيه قد أوجدها و اخترعها و رأى فيها أنماط َ تحقيق ٍ للحاجات البيولوجية التي أملتها الجينات.

قال الجينات: أيها الكائن ُ العضوي يجب أن تحيا. قال العقل: أيها الإنسان فكر ما هي أفضل الأساليب التي بواسطتها تستطيع أن تحيا. و قالت الجماعة ُ البشرية: سيكون شكل المجتمع ِ هكذا و ستكون لنا هذه القوانين، و سنقبل ُ من أفرادنا هذا السلوك، و سنرفض ذاك السلوك.

يُخطِئ خطأ ً شنيعا ً من يظن ُّ أن العودة للأصل التطوري البيولوجي هو ارتداد ٌ نحو البوهيمية ِ غير العاقلة، و هو بلا شك ٍّ قاصر ُ الإدراك عن سمات الهوية ِ البشرية ِ الكاملة، فلا يكون ُ الإنسان ُ إنسانا ً لو كان فقط مُستجيبا ً للغريزة، فبهذا لا يكون مُتميزا ً عن الحيوان إلا في كونِه يمشي على رجليه دون يديه. و هو تفكير ٌ يلتقي مع القصور ِ الإدراكي ثم يفارقُه ُ إلى عيب الاستنتاج ِ المنطقي المُتحيِّـز للمنطومة ِ الدينية التي ترى أن الأخلاق مُعطاة، و مُرتبطة بألوهة ٍ و دين، فإن غابت الألوهة و غاب الدين غابت الأخلاق و غاب الوعي.

إن المنظومة َ اللادينية هي منظومة ٌ إنسانية ٌ شاملة تهدف إلى معرفة ِ الأصول الصحيحة للوجود البشري، و تحليلها بهدف ِ فهم دوافع السلوك البشري على امتداد ٍ طيف ِ تنوِّع ِ السلوك، بإعمال ِ الفكر و المنطق و دراسة ِ حاجات المجتمعات، للوصول ِ إلى الطريقة ِ الأمثل و الأرقى و الأعلى التي تشبع ُ هذه الحاجات و ترتقي بالنوع البشري، بما يتناسب ُ مع وعيه المُميـّـَز عن باقي كائنات المملكة الحيوانية.

ترى المنظومة ُ اللادينية أن تعاضُد َ البيولوجيا و الوعي الإنساني هي السبيل ُ الوحيد لتحديد موقع الإنسان الصحيح من الوجود الكوني انطلاقا ً من حقيقتِه ِ ككائن ٍ بيولوجي تطور الوعي لديهِ انعكاسا ً عن هذه البيولوجيا مرتقيا ً عنها دون مفارقة ٍ لها، و يتمثَّل ُ أمامنا الإعلان ُ العالمي لحقوق الإنسان كأرقى ما توصلت له البشرية ُ في فكرها من سُـمُـوٍّ دستوري ٍ ضامن ٍ لحاجة الإنسان للبقاء و النمو و الرقي و التطور الحضاري.

معا ً نحو الحب، معا ً نحو الإنسان!

-----------------------------------------------------------------
لمزيد ٍ من القراءة:
قراءة من سفر التطور – من الكرومانيون حتى اليوم
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=389100

قراءة من سفر التطور – كرة القدم شاهدا ً
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=408743








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - واو !
محمد بن عبد الله ( 2014 / 5 / 16 - 16:45 )
الواو هنا تقرأ بالانجليزية فهي أفضل تعبير عن رد فعلي أمام هذا المقال الرائع النادر ...علم ولغة بليغة مبسطة= إعجاز

كنت أعتبر نفسي من المتفوقين عقلا وذكاء لكنك عقـّدتني يا أخي وعلمتني التواضع !

ثمة نقطة قد لا أختلف فيها مع المطروح. أرى أن الدين رادع لكثير من الأشرار المتجردين من كل ثقافة أو ضمير انساني. صحيح أن المتدين يستطيع ان يجد في الدين ما يبرر العنف وقد رأينا ذلك تكرارا في تاريخ غزوات العرب والمغول والعثمانيين فالدين الاسلامي يقبل بالعنف والحروب لكن بقية الأديان (مسيحية بوذية) على قدر علمي لا تشجع عليها
لذا لا أجد مفرا من استخدام الدين (شرط ألا يكون الاسلام فهو لا يقبل الاصلاح يا سيدي) والخوف من الحساب للسيطرة على بعض البشر السيكوباتيين


2 - ثمة نقطة قد لا أختلف
محمد بن عبد الله ( 2014 / 5 / 16 - 18:15 )
أأسف للخطأ

كلمة (لا) هنا زائدة وتفيد بعكس ما أردت قوله

السبب: ترددي فب الاختيار بين عبارتين (لا أتفق) و (أختلف)

اكرر الاعتذار


3 - إلى الأخ الصديق محمد بن عبدالله
نضال الربضي ( 2014 / 5 / 16 - 19:40 )
صديقي العزيز،

لا أستحق كلماتك الطيبة، و أشكرك حضورك البهيج، فأنت من الناس الذين لاحظت أنهم يترفعون عن الانسياق في المعارك الدونكيشوتية الكيبوردية الوهمية في التعليقات و تحب أن تسجل الحضور بمداخلات قيمة في أفكارها، ذكية في صياغتها، فأهلا ً بك دوما ً.

نعم صحيح الدين رادع و ضروري لإنسان الشارع الذي لا تستطيع السلطة القانونية مراقبته في كل ما يفعل، لكن في المجتمع المدني في الدول -القوية- اقتصاديا ً، سيتم زرع ثقافة القانون و النظام بديلا ً عن الدين، و بذلك يلتزم الإنسان بالقانون لأنه يوفر له حياة كريمة و يضمن السلم المجتمعي و تماسك الدولة.

أما في مجتمعات الدول الفقيرة فهذا لا يمكن أن يحدث و يبقى الدين هو عامل السيطرة الأوحد و المخدر اللذيذ القوي.

هل من المعقول أن تترك الناس الأديان؟ لا يمكن، طالما أن هناك ظلما ً معيشيا ً تغيب فيه العدالة و تستمر فيه الطبقية، لكن هذا لا يمنع ان ننشر الوعي، و ندعو للإنسانية، و بذلك نرتقي، و قد نشهد الثمر بعد مئات السنين، لذلك يجب أن نظل نسعى.

العدو هو: اليأس، التعصب، الكراهية و العنف.

صديقنا و ضامن نجاحنا: الحب، و الحوار.

دمت بود و أهلا ً بك دوماً.


4 - إلى الأستاذة رشا عتيلي
نضال الربضي ( 2014 / 5 / 16 - 19:45 )
تحية طيبة سيدتي،

أشكر لك ِ حضورك ِ و يسعدني أن المقال قد وجد قبولا ً لديك ِ.

أرحب بأي تساؤل على المحتوى أو أي ملاحظات.

أهلا ً بك ِ.


5 - اسئلة محيرة وهل يوجد اجابة عندك
مروان سعيد ( 2014 / 5 / 16 - 20:31 )
تحية طيبة اخي نضال وتحيتي للجميع
ما يحيرني ويبقيني مؤمنا حتى العظم هو اني احس دائما بان شيئ يوجهني وينبهني للااخطار ويصحح اخطائي المهنية والعائلية تصور كانه صوت داخلي لااسمعه باذني ولكن احث بانه يقول لي اعمل تدقيق للمنطقة الفلانية واذهب لنفس المنطقة واجد بها خطئ
وهذا حصل مئات المرات ومن العجيب ايضا ان ترى احلام تنفذ بحزافيرها منها بعد ايام ومنها بعد اسابيع ومنها بعد اشهر ولكن تجد بان هذا الحلم وكانه وعد يتحقق
من يخبرنا بالغيب ومن يعرف المستقبل وما هذه الكيمياء او الفيزياء التي تعي وتنبه
ومن احد الاحلام قد جرحت اثر طلقة اصابتني من خونة واتصل صديقي بالكتيبة قالوا له تصوب وهو بالمشفى اتصل صديقي بوالده وقال له اخبر اهل مروان بانه مصاب بطلقة برجله وصحته جيدة
وعندما ذهب لااهلي وجد والدتي تبكي سالها لماذا قالت له امبارح شاهدت حلم ابني كا مستند علي وكان يتالم وقلت له ماذا بك قال لي رجلي مجروحة تؤلمني
قلم ينطق بحرف عني وعند رجوعي اتي ليسلم علي عاتبته امي وقالت له لماذا لم تخبرني قال لها انا سمعت بالتلفون ولكن انت رائيت وسمعت ما حدث
وللجميع مودتي


6 - إلى الأستاذ مروان سعيد - 1
نضال الربضي ( 2014 / 5 / 16 - 22:27 )
تحية طيبة أخي مروان،

للإجابة على سؤالك يجب أن نفصل بين الدين و بين الإله. الدين واضح أنه اختراع بشري. أما الإله ففي هذا أقوال. فهو حاجة الإنسان إلى أب ٍ دائم يعوض عن الأب الذي مات، و هو حاجة الإنسان إلى طمأنينة أنه لن ينتهي بالموت.

لكن، هناك مشاكل قد تواجهنا و منها:

- كيف نحلم بشئ و يحدث في اليوم التالي، الجواب بسيط: العقل فكر فيه، و بالتالي آثر على سلوكك فحققت الحلم، لم تكن تلك نبوءة لكن كانت حافزا ً عقليا ً.

لكن هذا التفسير لا ينفع عندما يحلم الإنسان و يرى مكانا ً لم يره سابقا ً ثم يراه بعد أيام كما شاهده في الحلم، و أتكلم عن تجربة شخصية، و بعد تفكير طويل لم أجد إلا حلا ً واحدا ً و هو انتقال صورة المكان من عقل أبي الذي كان يعمل فيه قبل سنين إلى عقلي خصوصا ً أنه كان يُحضِّر لأخذي إليه و كان عقله مشغولا ً بهذا و حدثني فيه، و هو قول ٌ قد يبدو غير علمي، لكن في الحقيقة أنا موقن بوجود قوة لهذا العقل يمكن أن تتخاطب مع العقول الأخرى اعتمادا ً على حساسية المُستقبِل.

يتبع في التعليق الثاني


7 - إلى الأستاذ مروان سعيد - 2
نضال الربضي ( 2014 / 5 / 16 - 22:34 )
تابع من التعليق الأول

و تفسيري السابق يصلح لتفسير موضوع الرصاصة التي أُطلقت عليك غدرا ً و أنا سعيد جدا ً أنك نجوت يا صديقي، أتمنى لك كل الصحة و عمرا ً مديدا ً سعيدا ً، أعني أنني أظن أن اغتيالك كان مُدبرا ً و قد تم التخطيط له بعناية، و يبدو أن الاشخاص أو الشخص قد بذلوا فيه طاقة ً فكرية، وصلت إلى عقل والدتك الكريمة، لا تنسى يا صديقي أننا نعيش في عالم ٍ تخترقه الموجات بأنواعها، فلا أستبعد ذلك.

أما موضوع الصوت الداخلي فهذا هو صوتك أنت و صوت خبرتك المهنية التي تعرف الأماكن التي يمكن أن يكون فيها خلل، و بالتالي فبقوة الخبرة و التوقع تسمع صوت نفسك تخبرك عن أخطاء مُحتملة تجدها و هذا طبيعي.

أنا لا أعتبر نفسي ملحدا ً لأنني كرجل يؤمن بالعلم علي أن أعترف أنني لا أستطيع أن أغلق الباب بهذه السهولة، لكنني لا أؤمن بالدين أو الوحي أو النبوءة، فهذه واضح ٌ أصلحها و بطلانها، و يبقى أن أؤمن بالحب و بالإنسان و بالحياة، و أعتقد أن السلام الداخلي الذي أحصل عليه و أعيشه يبقى جوابا ً مُقنعاً.

أسعد بحضورك دوما ً و أتمنى لك كل الخير.


8 - تعليق جانبي1
عبد الله خلف ( 2014 / 5 / 17 - 01:29 )
أهلاً أستاذ | نضال .
1- الوعي لا علاقة له بالدماغ , و الوعي هو ما يميّز الإنسان عن باقي المخلوقات , أنصحك بالإطلاع على هذا الكتاب :
كتاب : (العلم في منظوره الجديد) , من تأليف : (د. روبرت م.أغروس) , (وجورج ن.ستانسيو) , و هما من الأساتذة المعروفين في أمريكا الشمالية , أحدهما (متخصص في فلسفة العلم) و الآخر في (الفيزياء النظرية , و يرأس كلية العلوم والرياضيات في إحدى الجامعات الكندية) , الكتاب :
https://onedrive.live.com/view.aspx?cid=2297929B8BA23053&resid=2297929B8BA23053%21475&app=WordPdf
2- بخصوص نظرية : (التطور) , راجع :
- تم قبول بحث يهدم التطور فى (دورية علمية محكمه) peer review (يراجع من قبل أساتذة فى الجامعات متخصصين فى مجال البحث) ولها impact factor (و هو مدى تأثيرها فى المجتمع العلمى فى مجالها ويقاس على عدد مرات الاستشهاد بأبحاثها من قبل الباحثين على مستوى العالم) , و هذا هو أعلى مستوى فى البحث العلمى , راجع :
http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?57063-تم-قبول-بحثى-الذى-يهدم-التطور-فى-مجلة-علمية-ولله-الحمد-والمنة

يتبع


9 - تعليق جانبي2
عبد الله خلف ( 2014 / 5 / 17 - 01:30 )
- سَنَّت ولاية (تنيسي) قانوناً يمنع تدريس أي نظرية تُنكِر قصة (الخلق الإلهي) للإنسان كما تُعلَّم في الكتاب المقدس، ويمنع القانون أيضا أن يدرس بدلا منها أن الإنسان منحدر من حيوانات أدنى منزلة.
نظرية التطور بدأت في السقوط , فها هو العالم الغربي يرفضها رويداً رويدا .


10 - رائع يا استاذ نضال
nasha ( 2014 / 5 / 17 - 03:30 )
صباح الخير
موضوعك علمي الحادي معقول ومفيد جداً ويدور حول تطور الانسان على محورين . الا ترى معي هنالك محور تطوري اخر تجاهلته في مقالك؟
التطور على ثلاثة محاور البيولجي والفردي والمجتمعي.
الفردي هو تطور فكر الفرد خلال رحلة عمره القصيرة جداً ولتي تتاثر بالبيئة التي يعيش فيها وتوفر ادوات التطور واحتكاكه المباشر بالاقربين اليه ومدى ملائمة هؤلاء المقربين لتطويره.
المحور الثاني هو تطور الفكر المجتمعي ـــ الفكر الجمعي ــــــ وهذا يحدث على مدى اطول وربما كان يحتاج سابقاَ ــــــ قبل التطور التكنولوجي ـــــــ الى قرون طويلة من الزمان والى ثورات اما حاليا فربما يحتاج الى عقود او ربما سنوات. او قد يٌصبح اسرع من تطور الفرد.
اما التطور البيولوجي ـــــــ بحسب النظريات العلمية ـــــ فهو بطيئ جداً وغير ملموس . الا اذا تدخل الانسان نفسه كما تدخل في تطوير اجناس النباتات والى حد ما الحيوانات وغير من بعض صفاتها.
يتبع


11 - رائع يا استاذ نضال
nasha ( 2014 / 5 / 17 - 03:32 )
تكملة
التطور البيولوجي للانسان في العالم الذي نعيشه الان ، نحن لا نتمكن من تغيره ولو حاول الانسان تغييره تكنولوجيا ، قد يودي الى اختلال التوازن وبالنتيجة احتمال ان تكون النتائج سلبية.
اما التطور الفردي والاجتماعي فهو الملموس والذي يجب العمل عليه بجد لتحسين حياة البشر والمحافظة على البيئة.
اعتراضي على مقالك يا اخ نضال هو تركيزك على ـــــ المنظومة اللادينية ــــــ وتضع كل الاديان في سلة واحدة ، هذا في نظري ليس عدلاً ، كما لا تنسى ان الفكر الذي تؤمن به انت ممكن ان نسميه دين ايضاً وهو ليس بعيد ابداً عن معتقد اجدادك ، واجزم بانه هو نفسه ولكن بطريقة منمقة عصرية.
احترامي لك ولقارئي مقالاتك


12 - إلى الأستاذ عبدالله خلف
نضال الربضي ( 2014 / 5 / 17 - 19:35 )
تحية طيبة أستاذ عبدالله،

لا يمكن أن يوجد الوعي بدون وجود الجسم البشري، فهو متعلق ٌ به و ناتج ٌ عن حياته، و لو مات الإنسان ذهب وعيه فلا يحس و لا يفكر، و ندفنه في التراب، أي يتم حرقه كما يفعل الهندوس، و هذه بديهية واضحة.

بالنسبة للتطور فهو يدرس في كل جامعات العالم ما عد الجامعات الدينية، و تسعى مدارس دينية إما لحضره أو تدريسيه مع مساق موازي في نظرية الخلق و التصميم الذكي، لكن رأي العلم لم يتغير، و التطور هو المقبول علميا ً لتفسير نشوء الحياة على الأرض، و ليس -وجهة نظر-.

التطور يدعمه علم الجينات، و علم الأجنة، و تشهد له الأحافير. و أجزاؤه يمكن احختبارها من انتخاب صناعي بشري يحاكي الانتخاب الطبيعي، و من فحص سلالات بكتيرية في أجيالها المتعددة.

فيروسات الإنفلونزا لوحدها دليل كافي على التطور، فكل كم سنة نوع أقوى و أجدد، و بكتيريا مقاومة للمضادات الحيوية.

التطور في كل مكان سيدي الكريم، كل ما عليك أن تفعله أن تقرأ من مصادر غير منتديات التوحيد.

أهلا ً بك.


13 - إلى الأستاذ Nasha
نضال الربضي ( 2014 / 5 / 17 - 19:43 )
تحية طيبة أستاذ ناشا،

شكرا ً لكلماتك الطيبة و يسعدني أنك تجد في المقال اهتماماً.

التطور البيولوجي ما زال عاملا ً و لا تنسى أن تطورنا كجنس بشري استغرق ملاين السنين، و أن شكلنا الحالي هو تقريبا ً نفس الشكل منذ 100 ألف عام أو أقل.

التطور السابق كان أشد تأثيرا ً لأننا كبشر كنا خاضعين للبيئة بشكل كبير جدا ً و ضعيفين في العلوم و المعرفة غير ممتلكين القدرة على توفير أسباب الراحة لأنفسنا، فأجبرتنا البيئة أن نتطور بهذا الشكل، أما الآن و إن كان التطور مستمرا ً إلا أنه أبطأ لأننا -لا نحتاج- بنفس مقدار حاجتنا السابقة.

أنا أتناول الفكر الديني من حيث جذره لا من جوانبه الأكثر تطورا ً أو واجهات تفاعله الإجتماعية، أي أنني أغوص نحو المبدأ الذي يُترجم نفسه في أديان مختلفة بطرق مختلفة، و لذلك أستطيع أن أرى تشابه المنظومة الدافعة و التي منها يتخصص الشكل دون أن أبحث في اختلاف الأشكال.

ما أقوله هي رؤيا أكثر منها دين، و فلسفة تنشد المصدر أكثر من كونها اعتناقا ً محكوما ً بطقس و فعل ٍ معين، فهي مفتوحة على احتمالات المنطق، و هذا لا يجعل منها ديناً :-)))

أهلا ً بك.

اخر الافلام

.. فيضانات عارمة تتسبب بفوضى كبيرة في جنوب ألمانيا


.. سرايا القدس: أبرز العمليات العسكرية التي نفذت خلال توغل قوات




.. ارتقاء زوجين وطفلهما من عائلة النبيه في غارة إسرائيلية على ش


.. اندلاع مواجهات بين أهالي قرية مادما ومستوطنين جنوبي نابلس




.. مراسل الجزيرة أنس الشريف يرصد جانبا من الدمار في شمال غزة