الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يوميات أنثوية 3

امال طعمه

2014 / 5 / 17
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


بعض النساء تنظر الى الرجل على أنه هو عدوها أحيانا ،عدوها الذي لا يريد لها النهوض والتحرر من قيود هو من وضعها، لكن المرأة التي كبرت وتربت على نحو معين ضمن قالب تقليدي معروف، تنكر الواقع البائس أن المرأة نفسها تساهم في بؤسها بل قد يكون لها النصيب الأكبر بإحداث ذلك البؤس، هو انعكاس لسلطوية المجتمع وهيمنة الذكورية والتقاليد..انعكاس لأشياء كثيرة! ولكن أحيانا تصر المرأة اصرارا يثير الإستغراب على البقاء ضمن هذا البؤس، داخل أسوار السجن الذي تعودت العيش فيه، لو في بعض المرات فتح السَجان الباب، لما خرجت!
الأن بعض مضي زمن طويل على ما كان!
تقلب صفحات دفترها القديم(يومياتها) وتتذكر......
كان أبي هادئا مطواعا حنونا ليس ككل الرجال يثيرون زوبعات من لا شيء، أظن ان الوضع سيختلف لو كان أبي أكثر إصرارا أو حتى عنادا ربما! أو لو أنه كان قويا ولو أحيانا كما يجب أن يكون! أو كانت أمي.........شخصا أخر! لكننا لا نختار والدينا!
***********************
كانت أمي مستعدة لفعل العجب لتزويجنا ربما كلنا نحن الفتيات الخمس التي بقين لديها بعد زواج أختي
قبل شهرين حين خطبت أختي هكذا فجأة لأحد الشبان من الحارة والذي دق بابنا طالبا أختي بعد أن شعرت والدته بالقبول من أمي ..لم يكن مميزا لا شكلا ولا علما أو حتى عملا ..مجرد شاب يعمل في نوفوتيه للسيدات، ربما فقط يستطيع أن يجلب لأختي الأن بعضا من الفساتين بسعر رخيص..هكذا مازحتها حين رأيت بعضا من الدمع في عينيها ..وهي تشكي لي حالها ،لم أعرف ماذا أقول لها حقا حينها .

- مابديش اتجوز هسا، بعدين على هالعريس حتى بيت لحاله ماعندو!
- ليش ما رفضتي؟ هكذا سألتها وكأني لست أعرف الجواب مسبقا!
- يعني شو بدي احكي لو حكيت لا، بتعرفي أمك راح تموتني يمكن وبالنهاية راح يصير اللي بدها اياه..انا لمحتلها اني مش راضية!
جحرتني.. وقالت لي: الحق علي بيشاور البنات !مانتيش فالحة بدراسة افلحي بجيزة ولا بتفكري يجيك مليونير على صيت ابوك!
- طب حكيتي لابوك!
- مش عارفة ..حسيت انو ليش احكي، يعني مش عارف! ..شو راح يساوي يعني..بحكي طيب وبعدين برد يغير رأيه كالعادة!
نعم فكرت في نفسي ربما ما تقوله صحيح ، فأمي هي حقا الأمر الناهي، هو أبيها.. أبي فقط مجرد واجهة!
أحسست أن ذلك نوع من الإستسلام الكامل، نوع من الضعف من جانب أختي ،على الأقل كان يجب أن تحاول ،لكن لربما أحبت تجنب المشاكل التي ستحدث وبالنهاية النتيجة واحدة!
بكت أختي كثيرا تلك الليلة ،بكت حظها وبكت لخوفها من المجهول الأتي!
قالت لي : لو كنت زيك شاطرة كان يمكن ما جوزوني هيك بكير شوي!

كنت مقتنعة أن ذلك لن يغير في الأمر شيئا ،وأن تلك الحجة مجرد نوع من الضغط النفسي التي كانت تمارسه أمي بنجاح على بناتها ،بناتها بالذات دونا عن الولد!

هي أختي الكبرى، ولكني كنت أشعر أنني أنا أحيانا أكبر منها ، فأختي طيبة حنونة جدا ومطيعة ليست متمردة مثلي ولكن أنا حتى المتمردة لم أنجو من بطش أمي!!
تزوجت أختي من ذلك الشاب ،وعانت ما عانته من فقر وضرب وإهانة وكانت قليلا ما تبوح! وكنت أشعر بعذابها وأتمنى لها الخلاص، لكن كيف؟ وأحيانا كان ينتابني نوع من الخوف..من الذعر بأن يصيبني ما أصابها ، لست صبورة قانعة مثل أختي !
***************
لم تقدر أمي يوما قيمة العلم ، لكنها كانت على استعداد أن تتقبل فكرة تمضية جزء كبير من النهار في الدراسة ،الدراسة المدرسية! على الأقل لم تكن لديها حجة في هذا الأمر، فكنت أتملص من شغل البيت
بحجة الدراسة التي أحيانا تطول أكثر من اللازم، وحينها كانت أمي تنفجر غضبا وتقول:
شو هالدراسة مابدها تخلص ،ول لو انك بتدرسي دكتورة ماهو هيك!
سمعها أبي ذات مرة ، فضحك قائلا : خليها تدرس بلكي طلعت دكتورة عن جد!
نظرت الى وجه أبي وشعرت بأنه فعلا يتمنى ذلك وليس الأمر مجرد ممازحة وسعدت بذلك ،سعدت أن أبي ينظر إلينا بغير الطريقة التي تنظر لنا بها أمي فقط مجرد عرايس مع وقف التنفيذ الى حين، أو خادمات في المنزل!
عرفت أمي أنني الى جانب دراستي أقرأ روايات عالمية وكتب أخرى، فضربتني، نعم ضربتني وقالت لي: خواتك قاعدات يشتغلن وانتي بتقري مساخر!

تلك الكتب وتلك الروايات العالمية بنظر أمي مساخر.. كنت أستعير تلك الكتب من مكتبة المدرسة البائسة وأحيانا من احدى المعلمات التي رأت في حب الاستطلاع والقراءة ، وتنبأت لي بمستقبل باهر ! رأت في ما لم تره أمي ، أو ما لم تقدره!

فحين أخبرت أمي بما قالته ضحكت ،وقالت لي : شو المستقبل الباهر!بدك تصيري دكتورة يعني ولا مهندسة ليكون مفكره أبوك كان يحكي عنجد!

واتذكر استغرابها أكثر من استنكارها أنني اجبتها : ليش لاء؟
وكأنها لا تظن حقا أن هذا ممكن وأن هناك احتمالات أخرى واردة للفتاة غير الزواج والانجاب والطبيخ وأن تلك الأشياء لا تحدث سوى لبعض الفتيات المغنجات اللواتي لا يسكن في حارة شعبية !

أفظع شيء أن تدرك أن المحيطين بك هم من يشدونك إلى الخلف بدلا من دفعك الى الأمام ! وأن تحاول تجاهل ذلك او التفكير بأن هذا مجرد خيالات و تعرف في قرارة نفسك أن هذا صحيح !

بعض الناس يمتلكون القدرة على التغيير وبعض الناس يتقبلون التغيير وبعضهم يحاربه وكانت أمي من النوع هذا ، النوع الذي لا يحب التغيير بل و يحاربه، برمجت نفسها على عقلية معينة ولا ترى أن هنالك أي داع للتغيير ، كيف ستفكر في ذلك وهي طوال الوقت تحمل هم تزويج ذلك العدد الكبير من البنات اللواتي أنجبتهن برضاها!

كانت لدي أمال كبيرة وأحلام احداها أن أكمل تعليمي ولكني اليوم عرفت في داخلي أن شخصا سيمنعني من تحقيق ذلك ، وهذا الشخص هو أمي!


يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - عندما تكون المرأة عدوة المرأة
نضال الربضي ( 2014 / 5 / 18 - 12:10 )
بونجور!

عندما تكون المرأة عدوة المرأة فهذه أخطر العداوات، لأن العدو المهاجم عالم ٌ ببواطن الضحية، دار ٍ عن ضعفها و نقاط الدخول إلى هدمها، لكنه أي هذا العدو كان يوما ً ضحية، و يستمر مسلسل الضحية-العدو إلى ما لا نهاية.

لا حل لهذا المجتمع سوى بالعلم و زرع عقلية الإنتاج و تغير مناهج التعليم و علمنى القوانين، لا حل آخر، لا حل آخر.

على الهامش:

كنت ُ اليوم في دائرة الأحوال المدنية مع زوجتي نجدد الجوازات، كان يجلس في صف الإنتظار أمامنا رجل ٌ مقطوع الرجل، يتعكز على عكازين، عالي الصوت، انتكش بهذا و بهذاك و بهذيك (عن جد بحكي) و بالموظف المسؤول و بمساعد رئيس الدائرة اللي كان بيلف على المراجعين يساعدهم، و كان يردد -وين ما بروح بشوف نسوان بوجهي-، و أيضا ً -كلهن طالعات من بيوتهن، فش وحده ببيتها-.

توقف و خاطب إحداهن -وين ما بروح نسوان-

ضحكت و قلت لزوجتي: يعني بحكي كإنو الست مرض لازم نعزلو و نقعدو في البيت.

هذا الرجل شبه العاقل هو إفراز عقلية مجتمع، و حالة عامة وجدت لسانها في هذا الشخص الخاص.

دمت ِ بود.


2 - الاستاذ نضال الربضي المحترم
امال طعمه ( 2014 / 5 / 18 - 12:23 )
جود افتر نون عشان
ما بعرف فرنسي ههه
احاول تبيان مظاهر ظلم المراة للمرأة وعلى فكرة حتى الام هنا مظلومة ولا اتكلم عن الماضي بل عن حاضرها مع ابنتها رغم ذلك فهي تحاول ان تكون أما جيدة وفق ما تعرفه اما بالنسبة للشخص الذي تحدثت عنه فهو ربما مر بموقف شخصي انفره من النساء عموما ربما ولكن حتى النساء يا استاذ يقولون هذا الكلام وهن يعملن فعملهن ليس ناتج عن ادراك ووعي عموما بل نوع من التواءم مع الظروف احيانا
نعم افرازات مجتمعاتنا على شاكلة هذا الرجل شبه العاقل كما اوردت
اهلا بك دوما


3 - حلو!
نعيم إيليا ( 2014 / 5 / 18 - 12:29 )
حديث جدير بالثناء والتقدير وإظهار الإعجاب
عفاك أستاذة آمال طعمة!
حلوة اللهجة الأردنية، ولكن ما معنى (جحرتني) لو سمحتِ!


4 - الاستاذ نعيم ايليا المحترم
امال طعمه ( 2014 / 5 / 18 - 12:42 )
اهلا بك الاستاذ القدير نعيم ايليا
اشكرك على كلماتك بحق ما كتبت
وبحق اللهجة الاردنية وهي هنا بالمقال لهجة اردنية شوي مطورة
اما بالنسبة لجحرتني لا ادري كيف اقول معناها فقد كنت اظن انها عربية فصحى
يمكن جحظت عيناها اي نظرت بحدة بفتح عينيها لأقصى حد
شرفني حضورك


5 - جحرتني !!
قاسم حسن محاجنة ( 2014 / 5 / 18 - 15:38 )
عالعافية عزيزة امال
جحرتني أو جحرت بي تعني نظرت الى شزرا ، أو بغضب ! وهي لردع -المجحور -اليه من الحديث أو القيام بأمر ما !!
شكرا زميلتي
القضايا متشابهة بين المجتمعين الاردني والفلسطيني ، فهما واحد .
المثل بقول هم البنات للمات ، وكلما أزاحت الام عم كاهلها هذا الهم مبكرا ، كان أفضل .
ليش مالك بتجحري بي هيك ؟؟ حكيي مش مزبوط ؟هههههه
لك تحياتي


6 - طيب هذا مشكلة بيت العائلة-اما عن المجتمع
حازم (عاشق للحرية) ( 2014 / 5 / 18 - 18:21 )
بونسوااار ههههههههههه (مشاكسة بما انك مش غاوية فرنساوى)
شكرا على مقالك الماضى غرامة البيكينى و انا لى تعليق فيه

اما هنا, نعم فى مجتمعات منغلقة رجعية ,المرأة نفسها هى احد الأعداء الشرسين للمرأة الطالبة للتحرر من القيود الفكرية و خلافه (اعداء لان تهربى انتى من السجن,,, فلنظل جميعا فى السجن رغم عن الجميع!)

انا لم امر بعد على الجزئين الماضيين من الموضوع
لكن اخمن انك من اسرة تقليدية محافظة ومحاطة بقالب إجتماعى محافظ جدا من النوع التقليدى (البنت يادوب كدة تتعلم-خِلِص تعليمها؟-هوبّ إلحق جوّزها)

هذا هو مجتمعنا الذى حتى لن يرحم من تحاول الفكاك من القيود (فلو هى ليست قوية كفاية للتصدى, فستواجه مشاكل من كل ناحية,,,ناهيكى طبعا عن من بقت فى الوضع المرسوم لها)

هذه هو مجتمعنا الذى ربما (ربما يتغير بعد عمر طويل)

تحياتى


7 - الاستاذ العزيز قاسم محاجنة
امال طعمه ( 2014 / 5 / 19 - 08:11 )
شكرا انت لك لتوضيح المعنى لغويا وكأني أردت بردي على سؤال الاستاذ نعيم ان اوضح المعنى تمثيليا
من يجحر من؟
وهل أقدر ان انظر اليك شزرا؟ههههههه
تحياتي


8 - الى حازم العاشق
امال طعمه ( 2014 / 5 / 19 - 09:05 )
ازيك يا حازم؟عامل ايه؟
بالنسبة لتخمينك انا من عائلة تقليدية وغير تقليدية ازاي ؟ دي حكاية، القصة مستوحاة من مشاهد رأيتها بحياتي ومع زميلاتي بالمدرسة وغيره مع بعض التأملات الخاصة لا يا حازم ده انا حتى تجوزت متأخر شوية ههههههههه

ياما ناس ماكملتش تعليمها لعدة اسباب ، لكن تحس انهم يملكون الكثير ليقدموه هؤلاء انا اتحدث عنهم وبالذات النساء منهم فمعاناة المراة تكمن هنا باعتبارها فقط للزواج والانجاب والخيارات الاخرى ليست اساسية انما رفاهية هذا القالب الاجتماعي موجود لدى بعض الاسر خاصة التي وضعها المادي ليس بجيد


9 - تحية مجددا و ...
حازم (عاشق للحرية) ( 2014 / 5 / 19 - 20:38 )
تحياتى يا آمال و شكرا على سؤالك, انا بخير و اتمنى المثل لكى و لأسرتك
و لو انى مشغول حقا هذه الأيام من ناحية و من ناحية أخرى كسول فى المشاركة فى موقع الحوار (هناك عدد من زملائنا كاتبات و كتاب من الفريق بتاعنا لم ازرهم من فترة و لكنه الكسل !!)

شكرا على ردك على تعليقى فى مقالك الماضى

أما هنا: شكرا على إيضاح مسالة (( عائلة تقليدية وغير تقليدية)) ههههههههههه

لابد من تتغير مجتمعاتنا (طريقة التغيير و متى هو امر كبير و طويل) لكن لابد منه, لو إستمرينا على هذا الحال و مع عصر العولمة الحالى, ستشتعل النار فى الصدام بين هذا و ذاك و هو صدام مدمر

لابد من ان تتغير الثقافة الرجعية بتاعتنا على كل حال

مودتى

اخر الافلام

.. الصحفيات في غزة تحت النار في ظل سياسات القمع والتمييز


.. الصحفية غدير بدر




.. كيف تؤثر وسائل التواصل على نظرة الشباب لتكاليف الزواج؟


.. الصحفية غدير الشرعبي




.. لوحة كوزيت