الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سقراط عليه السلام

رشيد لبيض

2014 / 5 / 18
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع




من هو هذا ال "سقراط" يا ترى ؟

ولد "سقراط"، الفيلسوف اليوناني القديم في أثينا عام 469 قبل الميلاد، من عائلة كان الأب فيها "نحّاتا" والأمّ "قابلة"، وكلّ ما نعرفه عن سقراط اليوم وصلنا عبر كتابات من تلاميذه وأبرزهم الفيلسوف اليوناني الشهير "أفلاطون".
كان "سقراط" فيلسوف الشوارع والميادين، ناقش تحت ظلال الأشجار إشكالات كبرى وأسئلة جوهرية عن الفضيلة، العدالة، الإله...
كان رجلا غير مبال بمظهره، يلبس أسدالا بالية، يمشي حافي القدمين، لم يكن "سقراط" ليعير مظهره أي اهتمام، فالانسان عنده لا يوزن بمظهره، ولعل من الأقوال التي تبرز هذا والتي تنسب ل"سقراط" أنه خاطب رجلا أتاه متبخترا بمظهره الأنيق قائلا: "تكلّم حتّى أراك".

لقد كان "سقراط" منشغلا عن الحياة الدنيا ومادياتها بالتفكير، إنه لا يترك لحظة تمرّ دون أن يفكر في شيء ما تفكيرا نقديا مفككا للمفاهيم مولدا للحكمة، ولم يدّع "سقراط" يوما أنه حكيم بل كان دائما يردّد أنه محبّ للحكمة وليس مالكا لها.

بحث "سقراط" في المعرفة ففنذ ما ذهب إليه السوفسطائيون من أن المعرفة الحقة هي ما اعتبره الشخص حقّا، فأنكر عليهم قولهم هذا معتبرا الحقيقة مدركا عقليا مشتركا يجب التواضع عليه ما دامت وسيلة الوصول إليه واحدة لدى الجميع وهي العقل لا الحواس.
ثم بحث "سقراط" في الفضيلة فربط بين الفضيلة والمعرفة، فالإنسان الذي يرغب أن يكون فاضلا لابد وأن يسلك طريق المعرفة، حيث أنها مصدر كلّ خير ويبقى الجهل مصدر كلّ شر في تقديره، فمعرفة الخير تقود الناس إلى فعله ومعرفة الشر تنفر بالناس إلى تركه. وهكذا يكون حال العارفين لا الجاهلين بالخير والشر ومواطنهما.

وذهب "سقراط" إلى أن القوانين العادلة مصدرها الأساس هو العقل وهي متفقة مع القوانين التي جبل الله عليها البشر، وبالتالي فمن يحترم العقل والقوانين العادلة فقد احترم النظام الإلاهي.

وإذا كان "سقراط" قد بحث في الفضيلة والعدالة والمعرفة كما أسلفنا، فقد خصص حيزا مهما من تأملاته الفلسفية لما وراء الطبيعية، وهذا ما يهمنا هنا بشكل أكبر، لأنها نقطة تحول كبرى أثرت على حياة سقراط ككل، حيث قاد سقراط تأمله إلى إنكار آلهة اليونانيين برمتها، فجاءهم "سقراط" بفكرة الإله الواحد الأحد، فكان يتحدث عن مفهوم الإله فيما يتحدثون عن مفهوم الآلهة والبون شاسع بينهما، وأخذ "سقراط" انطلاقا من إيمانه هذا في إصلاح مجتمعه، ونهى الناس عن عبادة الأصنام حتّى بلغ به الأمر إلى نهي الملك شخصيّا وقال له :"إن عبادة الأصنام نافعة للملك ضارّة ل"سقراط"، لأن الملك يصلح بها رعيّته ويخرج بها خراجه، و"سقراط" يعلم أنّها لا تضره ولا تنفعه إذا كان مقرّا بأن له خالقا يرزقه، ويجازيه بما قدّم من سيء أو حسن.

لقد حمل "سقراط" مشعل الإصلاح بشجاعة وإصرار وكان هذا همه الأكبر، وأصرّ على تعليم صبيان أثينا المعايير الأخلاقية المتناسقة القائمة على الفضيلة والمعرفة، فما كان إلا أن حبكت ضدّه مآمرات زجت به في السجن، وصار متهما بإفساد عقول الشباب وإنكار الآلهة والدعوة إلى آلهة جديدة.

دافع "سقراط" عن نفسه في محاكمة علنية جماهيرية إيمانا منه ببراءته، وكانت حججه دامغة، ولكن آلة إخراس صوت الحق أبت إلاّ أن تحكم عليه بالإعدام. قبل "سقراط" الحكم بكلّ شجاعة وهدوء، ورفض الهروب من السجن بعدما يسّر له تلامذته ذلك، لأنه كان يعلم علم اليقين (علم الأنبياء) أن هذا العالم ليس إلا نسخة لعالم أفضل حيث ينتظره ربّه الذي سيحتفي به ويكرّمه على إيمانه القويّ.

إنه "سقراط "عليه السلام، وللقارئ الكريم أن يحكم بنفسه ما إذا كان "سقراط" إنسانا عاديا أم عظيما من العظماء، وفي منزلة الأنبياء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا والصين.. تحالف لإقامة -عدالة عالمية- والتصدي لهيمنة ال


.. مجلس النواب الأمريكي يصوت بالأغلبية على مشروع قانون يمنع تجم




.. وصول جندي إسرائيلي مصاب إلى أحد مستشفيات حيفا شمال إسرائيل


.. ماذا تعرف عن صاروخ -إس 5- الروسي الذي أطلقه حزب الله تجاه مس




.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح