الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نُصوص بدوية ~ الإله الماكر والحياة الضنكا

علي الخليفي

2014 / 5 / 19
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


وقال الرب الإله هوذا الإنسان قد صار كواحدٍ منا. عارفاً الخير والشر . والان لعلّه يمدُ يده ويأخذ من شجرةِ الحياة أيضاً ويأكلُ ويحيا إلى الأبد .


لن نكون مُبالغين إذا ما قلنا ، أن هذا النص البدوي التوراتي ، سيكون الأساس الذي ستحدد وفقه علاقة البدو مع الله ، ومن تم علاقتهم مع الحياة ، في كل الدينات التي يسميها أتباعها بالسماوية.

حذر الرب الإله آدم من الأكل من الشجرة ، بزعم أنه إذا ما أكل منها فإنه موتاً يموت ، ولكن هذا النص يكشف السبب الحقيقي لذلك التحذير .

فـ إله البدو كان كاذباً ومُخادعاً ، فالسبب الحقيقي لذلك المنع ، لم يكن بداعي خوف الإله على آدم ، بل كان بسبب خوفه من أن ينازعه آدم ألألوهية. ألوهيته تلك التي يوضح النص أنها قائمة على ركنين.
الأول المعرفة ، معرفة الخير والشر .
والثاني هو الحياة الأبدية أو الخلود.

معصية آدم الأولى منحته الركن الأول ، لذا نجد ذاك الرب يقول : هو ذا الإنسان صار كواحد منا .

المعرفة نقلت آدم من مصاف البهيمية إلى مصاف الألوهية ، وفتحت عينيه على شجرة الخلد التي ستجعله يحقق الركن الثاني ، ولذا سارع الرب الإله بإخراجه من الجنة لقطع الطريق عليه لبلوغ ذلك.

هذا التصور البدوي لله القائم على الندية مع الله، هو الذي جعل الأب الأول للبدو (يعقوب) يدّعي دخوله في إشتباك مباشر مع الله حتى طلوع الفجر ، ويجبره على منحه البركة .
فالعلاقة القائمة بين البدوي وإلهه ، كانت قائمة على الخداع المُتبادل ، والبدوي الذي عاش حياته على الخداغ لا يلام ، فمن شابه إلهه فما ظلم. فإذا ما كان الله يتبع سُبل الخداع والمكر ، فإن تلك الصفات ولاشك ستكون صفات محموده وليست مذمومة ، ولذا إتصف البدوي بتلك الصفات ، وأقام نواميس حياته عليها.

من يستعرض حياة بدو بني إسرائيل في نصوصهم التوراتية ، سيلاحظ كم عانى بنو إسرائيل من مكر ذاك الإله ، وخداعه لهم ، عبر نصب الفِخاخ لهم، وإيقاعهم في أيدي أعدائهم .
تلك الصورة للإله الماكر الذي يستدعي رسوله وكليمه موسى للقائه في قمة الجبل ، ثم يفتن قومه من ورائه ، ويغويهم بعبادة العجل ، تلك الصورة ستنتقل من بدو إسرائيل إلى أبناء عمومتهم بدو قريش ، حيت سيظهر لنا هناك الإله الذي هو خيرُ الماكرين ، والذي لا يأمن مكره إلا القوم الضالين ، والذي إذا ما أراد أن يتسلى بتدمير قرية، أمر مُترفيها ففسقوا فيها ، فحق عليها قوله الذي سبقت به كلمته . تلك العلاقة من المكر والخداع التي جعلت أحد كبار المؤمنين بهذا الإله يقول : لو كانت إحدى قدمي في الجنة ، وقدمي الأخرى خارجها لما أمِنتُ مكر الله.


وحتى تكتمل الصورة ونُجري المقاربة بين الفهم البدوي لمفردة للألوهية ، وبين الفهم الحضاري لمن أنتج هذه المفردة ، سنعود للتذكير بالإسطورة السومرية التي أوردناها في جزءٍ سابق ، والتي تضع تصور راقي لنشأة العلاقة بين الآلهة وبين الإنسان ، وكيف جلبت تلك الآلهة الإنسان ليقوم بخدمتها ، ولتعلمه كيف يُقيم بيوت مثل بيوتها ، وحقول يانعة مثل حقولها ، ثم أعادته إلى أرضه ليجعلها على صورة حدائقها تلك . لتنشأ تلك العلاقة الجميلة بين الإنسان والآلهة ، والتي جعلت ذاك الإنسان يُقدم من منتحات حقله قرابين لتلك للآلهة، عرفاناً منه بفضلها عليه ، بإخراجه من عالم التوحش والبهيمية.

تلك العلاقة الحضارية التي التي تصورها الإنسان مع خالقه ، تحولت على أيدي البدو إلى علاقة مكر وخداع ، وخُبث متبادل بين الإنسان وخالقه ، ذاك الخالق الذي أوقعه في الخطيئة ، ومن تم حكم عليه أن تكون حياته فوق الأض حياة ضنكا حيث يتوعده بقوله :
"قال الرب لآدم لأنك سمعت لقول إمراتك وأكلت من الشجرة التي أوصيتك قائلاً لا تاكل منها ملعونة الارض بسببك . بالتعب تاكل منها كل أيام حياتك.  وشوكا وحسكا تنبت لك وتاكل عشب الحقل. بعرق وجهك تأكل خبزاً حتى تعود إلى الأرض التي أُخذت منها . لأنك تراب وإلى ترابٍ تعود ."

حياة البدوي المُتصحرة ، وعزلته التي فرضها على نفسه ، جعلته يتصور الحياة بأنها صحراء لاتنبت إلا الشوك والحسك ، مما جعله يُنتج هذه الهلاوس المَرضيه التي نسبها إلى الله ، وساعدته ظروف تاريخية معينة ، ليحول هذه الهلاوس إلى دين تدين به أمم وشعوب ، لازالت تعيش في القرن الحادي والعشرين وفق قيم هذه الدينات البدوية المُتصحرة ، القائمة على أفكار البدو التي تقول أن الحياة لاتساوي عند الله جناح بعوضة ، مما جعل علاقة هذه الشعوب مع الحياة ، قائمة على بغض هذه الحياة وإزدرائها ، على إعتبارها حياة فانية ، ليس لها من فائدة ، إلا أن تكون ممر عبور نحو الحياة الخالدة . تلك الحياة الخالدة التي ليس فيها إلا الأكل والشرب والنكاح واللواط. شعوب جعلت من هدف وجودها العودة لبهيميتها الأولى.

ولذا عجزت على أ ن تسهم في الحياة ولو بقدر ظئيل ، فإحتقرها للحياة ، جعل الحياة تحتقرها ، فكانت ما هي عليه الآن.

وللحديث بقية ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
عبد الله خلف ( 2014 / 5 / 19 - 21:16 )
المشكله ؛ أن هذا الرب الذي يتحدث هو (يسوع) في العقيده المسيحيه , لذلك , هذه النصوص تؤكد أن (يسوع) ماكر بإمتياز! .


2 - أوافقك تماماً
علي الخليفي ( 2014 / 5 / 19 - 21:29 )
نعم هو بذاته يا سيد خلف وهو أيضاً نفسه إله بدو قريش الذي جعل يعقوب نبياً عظيماً من أنبياه فيا ليتك تعلم


3 - خلف
يعقوب قطاطو ( 2014 / 5 / 19 - 23:24 )
وهو نفس الرب الذي أرسل الوحي لمحمد

اخر الافلام

.. كيف تفاعل -الداخل الإسرائيلي- في أولى لحظات تنفيذ المقاومة ا


.. يهود يتبرأون من حرب الاحتلال على غزة ويدعمون المظاهرات في أم




.. لم تصمد طويلا.. بعد 6 أيام من ولادتها -صابرين الروح- تفارق ا


.. كل سنة وأقباط مصر بخير.. انتشار سعف النخيل في الإسكندرية است




.. الـLBCI ترافقكم في قداس أحد الشعانين لدى المسيحيين الذين يتب