الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ميزانية الأحرار: أرقام تفتقر لمراعاة الجانب الإنساني

علاء مهدي
(Ala Mahdi)

2014 / 5 / 20
المجتمع المدني


بعيدا عن أخبار الإنتخابات العراقية التي أعلنت في بغداد رسميا في الساعة الثالثة من بعد ظهر يوم الاثنين الماضي"حسب توقيت بغداد"، والتي ظلت لجنة مفوضية الإنتخابات العراقية الموفدة إلى أستراليا تصر على عدم الإعلان عن نتائجها أو حتى عدم الإعلان عن سبب عدم الإعلان عنها! فان موضوعها أصبح تأريخياً ولم يعد من بين إهتمامات المواطنين الإستراليين من أصول عراقية لا من بعيد، ولا من قريب، خاصة وان الجالية االعراقية عانت بما فيه الكفاية من هذه الممارسة والسلبيات التي رافقتها.
نعم .. بعيدا عن الإنتخابات العراقية، التي فرضت عليّ "مفارقاتها وملابساتها الكثيرة، كتابة عدة مقالات عنها في الأسابيع المنصرمة، سأتطرق هذا الأسبوع إلى الميزانية الأولى لحكومة الإئتلاف الأسترالية (تحالف حزبي الأحرار والأمة)، التي أثارت، ومازالت تثير، منذ إعلانها موجة غضب شعبي عمت الشارع الأسترالي ووسائل الإعلام المختلفة المقروءة منها والمرئية والمسموعة. فقد جاءت ارقام هذه الميزانية بنتائج وتوقعات بتحقيق فائض بنهاية مدتها، ولكن على حساب إستقطاعات بمبالغ خيالية من تخصيصات تتعلق بالتعليم والصحة على وجه الخصوص وهما يأتيان في المرتبة الأولى من مراتب إهتمامات الإستراليين. وقد أخذت موجة الغضب أبعادا لم تشهدها أستراليا منذ سنوات طويلة خاصة وأن أستراليا من البلدان المشهورة بإستقرارها السياسي المعتمد أصلاً على الإستقرار الإقتصادي. فقد شهدت عطلة نهاية الإسبوع الماضية تظاهرات وتجمعات عمت شوارع وساحات مدن رئيسية تندد بوسائل التقشف التي أعلنتها حكومة الأحرار.
الذي أغضب الشارع الأسترالي لم يكن ماتضمنته الميزانية من أبواب للتقشف بل أن الحكومة الحالية قد نكثت بوعودها أثناء حملتها الإنتخابية التي قادتها للفوز على حزب العمال الأسترالي. فقد وعد السيد رئيس وزراء أستراليا الحالي منتخبيه أبان حملته الإنتخابية التي أهلته للفوز بعدم فرض ضرائب جديدة وبعدم المساس بالخدمات الصحية والتعليمية وغيرها من الوعود التي أدت إلى حصول حزبه على أصوات الكثير من ابناء الشعب الأسترالي ثقة بما وعد به. والمعروف عن الإستراليين إيمانهم بالديمقراطية إسلوبا يمارسونه بكل شفافية في حياتهم اليومية ، لذلك نرى أن الكثير من الأستراليين، ليس فقط من شملتهم برامج التقشف بل آخرين أيضا قد أعلنوها بصريح العبارة أن رئيس الوزراء وحزبه لم يلتزما بوعودهما الإنتخابية بصورة كاملة حتى بات البعض يعتقد بأن كل الوعود لم تنفذ وتم الإخلال بها فيما عدا ضريبة السلع والخدمات المعروفة بالجي أس تي.
ففي تصريح تم بثه إعلاميا ذكر أن راتب السيد رئيس الوزراء السنوي البالغ نصف مليون دولار قد شملته الإستقطاعات، وانه سيخسر ما يعادل عشرة آلاف دولار سنوياً ! وبمقارنة بسيطة بين هذا الإستقطاع وبين الضريبة البالغة سبعة دولارات التي سيدفعها المريض المتقاعد في كل زيارة لطبيب العائلة، سنجد ان تأثير الأخيرة على مدخول المتقاعد سيكون أكثر بكثير من التأثير الذي سيحصل على راتب رئيس الوزراء.
وقد سبق إعلان الميزانية، الاعلان عن قرارات تقشفية أخرى أستهدفت التقليل من النفقات الحكومية، ومثال ذلك الأعلان عن قرار الحكومة بإغلاق عدد من مراكز التوقيف الخاصة بالمهاجرين غير الشرعيين مما سيوفر ملايين الدولارات لميزانية الدولة ولم تشر المعلومات إلى مصير الموقوفين في تلك المراكز من المهاجرين غير الشرعيين الأمر الذي يتعارض مع الإتفاقيات الدولية الخاصة بالمهاجرين غير الشرعيين حيث تعتبر أستراليا من الدول الموقعة على تلك القوانين، وقد أثار ذلك القرار حفيظة الأستراليين المؤيدين للمهاجرين وضرورة حمايتهم من بطش حكوماتهم في أوطانهم الأصلية.
تضمنت الميزانية أيضاً إستقطاعات مليونية من تخصيصات مؤسستين إعلاميتين حكوميتين هما الأي بي سي و الأس بي أس الأمر الذي سيؤثر على الخدمات التي ستقدمها هاتين المؤسستين العملاقتين. وهناك أيضا ، إلغاء حوالي سبعين مؤسسة مرتبطة بالحكومة وتسريح آلاف الموظفين الحكوميين ورفع السن التقاعدي إلى سبعين عاما بدلاً من خمسة وستين عاما وربما خصخصة العديد من مؤسسات الدولة الحكومية والكثير من القرارات الأخرى. الغريب أن ميزانية الدفاع هي الميزانية الوحيدة التي زيدت مخصصاتها في الوقت الذي تعتبر فيه استراليا من الدول المحايدة والمستقلة الأمر الذي يستدعي تقليص ميزانية الدفاع لا زيادتها!
ومن دون شك فإن الإستقطاعات والضرائب التي ستفرض ستؤدي بالتالي إلى زيادة الفائض النقدي في ميزانية الدولة وبالتالي سيثبت الأحراريون مسألتين مهمتين أولهما، أنهم الأقدر على إدارة شؤون البلاد إقتصاديا وماليا وبالتالي فهم يسترجعون ماانفقه العمال ، وثانيهما ، أنهم ينعشون القطاع الخاص حيث تزداد فرص أصحاب رؤوس الأموال من الأغنياء في الحصول على أعمال وشراء مؤسسات حكومية ناجحة في نشاطاتها التجارية وبالتالي تزداد أرباح الأغنياء مقابل زيادة الضغط على الفقراء وأصحاب الدخول المحدودة. وتستمر هذه الدورة بين العمال والإئتلاف ويبقى المواطن العادي المتلقي والمتأثر الوحيد بهذه السياسات الإقتصادية والسياسية.
ربما سيحاول البعض المقارنة بين هذه الحالة وبين مايحدث في العراق وهذا أمر أشك في صحته فالمقارنة هنا غير متساوية في عناصرها حيث يتم " تهجير " الفائض المالي في ميزانية العراق عبر الحدود العراقية بوسائل عديدة غير شرعية على الأغلب لـكي "تتخم " بها الحسابات الشخصية لهذا وذاك دون أدنى خجل أو إستحياء حتى بات الفقير أكثر فقرا و "الحرامي " أكثر غنى.
كان الأجدر أن تتضمن الميزانية إهتماما أكثر بالخدمات التي تقدمها الدولة للطبقة العاملة والطبقة ذات الدخل المحدود والمتقاعدين وذوي الإعاقات الصحية وأن يتم التوفير في الميزانية عن طريق التشدد بتدقيق معاملات وطلبات الحصول على إعانات ومساعدات لأسباب وهمية سواء للأشخاص أو المؤسسات الوهمية. أن حملة وطنية واسعة النطاق لتدقيق أضابير المواطنين المتلقين للمساعدات والإعانات الحكومية كفيلة بتوفير ملايين الدولارات لخزينة الدولة الأسترالية الأمر الذي سيعيد التوازن في سوق العمل وسيؤثر إيجابيا على نسبة البطالة في سوق العمل عن طريق وضع ضوابط تمنع ملتقي الإعانات والمساعدات من العمل بطريقة مايسمى – الكاش موني – وبالتالي تزداد إيرادات ضريبة الدخل التي تستوفيها الدولة على مداخيل لاسيطرة عليها في الوقت الحاضر. -;--;--;-








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لبنان: موجة -عنصرية- ضد اللاجئين السوريين • فرانس 24


.. أزمة المهاجرين في تونس.. بين مخاوف التوطين واحترام حقوق الإن




.. استمرار الاحتجاجات في جامعات أميركية عدة رغم اعتقال المئات م


.. آلاف النازحين يناشدون العالم للتدخل قبل اجتياح إسرائيل مدينة




.. رفح الفلسطينية.. جيش الاحتلال يدعو النازحين إلى إخلائها مرة