الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ضعف قوانين الدولة أمام قوانين العشيرة // ظاهرة النهوة

فؤاده العراقيه

2014 / 5 / 27
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات



قبل أيام شهد قضاء الشرقاط لحادثة حرق لفتاة نفسها بسبب إرغامها على الزواج من أبن عمها دون أن تربطها به أي عاطفة , حيث لا تزال الكثير من المناطق الجنوبية في العراق والأرياف خاصة متمسكة بالكثير من الظواهر العشائرية المنغلقة على عاداتها وتقاليدها والمتخلفة عن مسيرة التطور بقرون عديدة, ومن ضمن هذه التقاليد هي ظاهرة النهوة , هذه الظاهرة تستحق الوقوف عندها ودراسة أسبابها لما تخلّفه من سلبيات ومآسي على النساء .
أن يحرق الإنسان نفسه ويطوى بسهولة في ذاكرة النسيان وكأنه لم يكن هو حدث يستحق ويستوجب الوقوف أمامه طويلاً وتأمل أسبابه.
تُحرق أعمار غالبيتنا يومياً بشكل وبآخر , لكن أن يصل الحال بالبعض منّا في أن يحرق نفسه بيديه ليتخلص من معاناته فهنا تكمن قمة المعاناة والألم , أن يستخدم وسيلة غاية في البشاعة لينتقم من نفسه بسبب شعوره بالعجز الذي يشل تفكيره أمام جبروت التخلف (ان صح التعبير) الذي يهدم ويحاول أن يسلب منه إنسانيته , فهو مشهد في غاية القبح ويُظهر لنا مدى انحدار وتخلف هذه العقول وليبقى دم المرأة مهدوراً بدون ذنب ارتكبته سوى إنها ولِدت بهذه المجتمعات المنغلقة على ذاتها .
من ضمن الحقوق الكثيرة التي أعطاها الموروث للرجل هي حقه في النهوة ¸وهي حق الرجل في أن ينهي على بنت عمه فيما لو كان راغباً بها ,وأن لم يكن راغباً فمن حقه أيضا أن ينهي عليها وحسب قناعته ليجعلها شبه وقفاً لا يقترب من خطبتها أحد , وتكون له بجسدها وبأحلامها وطموحاتها إن وجدت وسط هذا المحيط !, وربما يستغل هذا الحق كفعالية لاستعراض قوّته وكرد اعتبار لرجولته وتعويض نقصه , أو تحقيق رغبته وساديته , وفي حالة عدم انصياع الرجل المنهي عليه وتزوج من المنهي منها فسيقوم الناهي بإرسال عشيرته وإطلاق النار على الزوجة وربما الزوج أيضا ويتم قتلهما بدم بارد !.
ابنة العم ملكاً صرفاً لأبن عمها , وبمثابة الأسيرة له مدى الحياة ,وربما يعتقها الموت بحرق نفسها للتخلص منه ,أو تُقتل من قِبل الأب أو ألعشيرة فيما لو خالفت أوامرهم , والحقيقة هي مقتولة .. مقتولة , سواء فلتت من قبضة ابن العم أم لم تفلت , فأن فلتت فستكون حياتها بلا صوت مسموع وبلا رغبات سوى لتلبية رغبات زوجها, فهي بحكم المقتولة أيضا , وأن حاولت الفلتان فمصيرها سيكون القتل أيضا .
وكذلك المنهي عليه سيكون بحكم من أهدرت دمائه , وأحيانا يخرج الناهي بصفقة تجارية يساوم عليها بطلبه لمبلغ من المال لمن يتقدم من أملاكه وهي ابنة العم , فهكذا هو امتلكها وصارت من حقه يفعل بها ما يشاء !.أما عن رأي الفتاة في اختيار شريكها فالأمر ليس بذات أهمية والأهل أدرى بمصلحتها كما يظنون .
فلا يزال الكثير من العائلات محكومة بقوانين الغابة (العشيرة) وبموروث مطلق لا يقبلوا الشك فيه ولا حتى لمحاولة تغييره منذ مئات بل وآلاف السنين, وبقائهم أسرى لأعراف كانت تعمل بها العشائر لبساطة الحياة آنذاك ولا زالوا دون تفكير في مدى صحة ما ورثوه ,ولا تزال غالبية الزيجات تتم دون رؤية أحدهما للآخر إلا في يوم الزفاف , يعيشون سوية وينجبون الأبناء دون أن يضعوا بعين اعتبارهم أية قيمة للعقل والتفكير , بل ما يعنيهم هو تلك الأجساد الآدمية ولتلبية رغباتها فقط, وأبنائهم على نفس نهجهم , وهكذا تدور بهم الدوامة وتدور وترجع إلى نفس النقطة.
للأسف لا زالت القوانين ضعيفة أو شبه معدومة ولا يوجد قانون يحمي الأرواح من تلك العادات والتقاليد البالية التي مازال يتمسك بها البعض الكثير بسبب فشلهم في الاندماج بالجديد .
فأين القوانين من كل ما يجري ؟وكيف لقانون الغابة في أن يعلو على قوانين الدولة ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - القانون
رائد الحواري ( 2014 / 5 / 26 - 21:53 )
هناك ترابط بين قوة القانون ومستوى التطور في الدول، واذا تقدمنا من التاريخ العراقي القديم سنجد مجموعة قوانين كانت تعبر عن قوة تلك الدواة، ليس على مستوى العراق وحسب بل علىمستوى المنطقة كاملة، فمنذ قانون اشتونا الى ارور نامو ولبيت عشتار الى شريعة حمو رابي، لكن في زمن دول الطوائف تكون القوانينكما تحدثت الكاتبة، فرحمة الله على هذه الامة


2 - أين الدولة؟؟
ماجدة منصور ( 2014 / 5 / 27 - 06:06 )
لقد دمعت عيناي على تلك المسكينة..متى ننتهي من سطوة العادات المقيتة التي تسلب الننساء حياتهن؟؟
سؤال برسم الإجابة يا استاذة....أين هو دور الدولة؟؟ و ما موقف القانون العراقي من هكذا حوادث؟؟
وكيف يسكت أحرار العراق على هكذا جرائم؟؟و ما الحل برأيك؟؟
احترامي


3 - هذا الخبر أذكر ما يشبهه
حازم (عاشق للحرية) ( 2014 / 5 / 27 - 06:57 )
تحياتى يا فؤاده
انا اذكر حادثة مشابهة عن المرأة او الفتاة المغربية التى انتحرت بعد ان تم إجبارها على الزواج من مغتصبها (طبعا بسم غسل العار و حماية الشرف و التقاليد الدينية تأمر بكذا)

اكيد هناك حوادث كثيرة من تلك الوتيرة لكن غير مشهورة (الأنثى التى تنهى حياتها باى شكل كان بسبب إجبارها على الإرتباط بمن لا تريده)

مفيش فايدة !
شعوبنا لازالت ترى المرأة ممتلكات خاصة و مصدر للهياج الجسدى لابد من قمعه
لم نفهم بعد ان المرأة كائن مستقل من لحم و دم لتفعل ما تريده لنفسها مثل الرجل و لن نفهم هذا قريبا بصراحة

حدوتة زواج اولاد العم نعم هى ذات اصل قَبَلي (شغل جهل و همجية القبايل القديمة هذا) الذى إجتاح بلاد كثيرة فى الشرق منذ مئات الأعوام, و لم نتخلص منه حتى الآن بالكامل

هممممم. و يستمر المسلسل المُمل من الأصولية و مصائبها ....غًطّينى و صَوّتى و إلطُمى كمان لو ينفع !

تحياتى.


4 - الشجاعة الباسلة فؤاده
عبد الرضا حمد جاسم ( 2014 / 5 / 27 - 08:13 )
تحية و سلام و محبة و احترام
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=416594


5 - الاستاذة فؤادة العراقية المحترمة
امال طعمه ( 2014 / 5 / 27 - 09:19 )
صباح الخير
استغرب واستنكر ان تكون مثل هذه الظواهر موجودة في الزمن الحالي
عنونت مقالك بما معناه ان قانون العشيرة اقوى من الدولة يااستاذة قانون الدولة او مايطبق منه يهتم بحاجات معينة ماذا تعنى فتاه انتحرت او حرقت نفسها من اجل ان لا تتزوج بالاكراه بالنسبة لهم
الحقوق التي يتكلمون عنها بالقانون مجرد حبر على ورق ماذا ترتجين من حكومات تريد ارجاع المسار الى الوراء هل هم يهتمون بالمرأه حين يريدون سن قانون تزويج الفتاه في سن صغيرة طفله
يعني بالعكس اعتقد ان الحكومات ترتضي ببقاء الوضع على ماهو عليه حتى تظل مسيطرة، لكنهم يجهلون ان تلك الحوادث المأساوية تفضي الى ماهو اسوأ
اعتقد عندنا يوجد مثل :ابن العم بينزل عن ضهر الفرس او ماشابه (لست خبيرة بالامثال الشعبية ) اي ان ابن العم يستطيع منع الفتاة من الزواج حتى ولو خطبت لغيره ،المتني ان اختارت ذلك المصير المأساوي قبل فترة سمعت عن فتاة قتلت زوجها يوم الزفاف لان كانت مجبورة ان تتزوجه عجيب ان يكون الانسان قادرا على القتل هكذا في مجتمعاتنا وغير قادر على اخذ حقوق اساسية


6 - الأستاذة فؤادة العراقية المحترمة
ليندا كبرييل ( 2014 / 5 / 27 - 09:33 )
ما زلت أذكر إلى الآن مقال الأستاذ حمادي بلخشين المحترم ، قبل تثلاث سنوات تقريباً، الذي نقل إلينا حادثة مفزعة كان شاهد عيان فيها
المقال موجود على الحوار

يروي لنا الأستاذ عن حادثة اغتصاب فتاة( في إقليم البنجاب في باكستان) من قبل أربعة شبان في ساحة عامة، وعلى مرأى من الجماهير وبحضور رجال الشرطة، وبإرغام والدها على مشاهدة تنفيذ الحكم الواقع عليها من قبل محكمة قبلية إسلامية، بسبب أخيها الفتى اليافع الذي تعرض لفتاة من قبيلة أخرى بالتحرش اللفظي فقط

يحصل كل هذا في بلد إسلامي متزمت دينياً لم يستطع الإسلام أن يقضي على الروح القبلية فهل يمكن لقوانين الدولة المدنية أن تؤثر على عقليات متحجرة كهذه؟

العشيرة ، القبيلة : قوانينها هي الدين نفسه، أقوى من أي قانون يضعه أجدع رئيس دولة

الروح القبلية ، هي إحدى معوقات تطورنا

تحياتي عزيزتي فؤادة ولك احترامي وتقديري


7 - ردود للمعلقين الكرام
فؤاده العراقيه ( 2014 / 5 / 27 - 20:29 )
أهلا بك عزيزي رائد
أكيد الترابط وثيق بين قوة القانون ومدى تطور ووعي الشعوب التي سوف لن ترضخ ولن تقبل بهكذا قوانين تكون الجزء الكبير منها مجرد حبر على ورق وكبرواز ومكمل للدولة ولكن يبقى الجزء المخفي من انتهاكات لحقوق الإنسان هي السائدة
تحية وتقدير لمشاركتك

تحياتي عزيزتي ماجدة واهلا بكِ بطلة يشهد لها تمردها على هذه العادات
كيف ننتهي من سطوة العادات طالما هناك من هو راضخ لها لجهله بها وانغلاقه عليها ,لا حل لهذه الانتهاكات طالما هناك جهل
الف تحية مرة أخرى


8 - تحياتي يا اخت فؤادالعراقيه
عبد الحسين طاهر ( 2014 / 5 / 28 - 03:05 )
فواجع المجتمعات من المتخلفين لا تحصى ولا تعد وما يقع على المرءة من ظلم وحيف احيك لمساهمتك في تنوير الناس وبالمناسبة احييالاستاذة لندا كبرييل


9 - ردود سريعة للاحبة المعلقين
فؤاده العراقيه ( 2014 / 5 / 28 - 19:07 )
شكرا لكم اعزائي على إضافاتكم الجميلة
العزيز حازم الحوادث متشابهة ومتكررة يوميا في بلداننا والأسباب هي هي لم تتغير شرف العشيرة والتقاليد والخ..حيث يتم ذبح النساء بدم بارد وتنسى الحادثة حتى دون ان يدري بها احد ولا تعتبر جريمة بل فخر لهم حيث انقلاب المقاييس لدينا وعقاب الضحية هو الماشي
تحيتي لك
شاعرنا الرائع عبد الرضا حمد جاسم تحية وسلام ومحبة لكم ,وشكرا جزيلاعلى الرابط

العزيزة آمال طعمه هو فعلا أمر غريب لهذه الظواهر في ان تستمر والسبب هو تشجيع لهذه الظواهر من خلال عدم الاهتمام بتوعية الشعوب وتطويرها لتستمر هيمنتهم وبقائهم
شكرا للحضور
العزيزة ليندا اهلا بكِ بعد طول غياب واسعدني حضوركِ الرائع واضافتكِ الجميلة كالعادة وتحيتي لكِ ولا تطولي الغيبة بعد
الأستاذ الكبير عبد الحسين طاهر شكرا لحضورك
طابت اوقاتكم بخير دوما .. ودام حضوركم ومتابعتكم مع الأعتذار لعدم اسهابي في الردود

اخر الافلام

.. رئيسة لجنة الشؤون الاجتماعية في المجلس البلدي لمحافظة ظفار آ


.. لمستشارة بوزارة العمل الاجتماعي والطفولة والأسرة الموريتانية




.. نائبة رئيس مجلس محافظة معان عايدة آل خطاب


.. أميرة داوود من مكتب ديوان محافظة الجيزة في مصر




.. رئاسة الجمهورية اليمنية فالنتينا عبد الكريم مهدي