الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مأزقنا الحضاري وازمتنا الفكرية

زاهر نصرت

2014 / 5 / 28
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تعيش الامة الاسلامية في العالم العربي الان مرحلة من العجز وفقدان التوازن بسبب المواجهات المتراكمة والتي تكاثفت عبر الاجيال من تخلف حضاري وفقدان للهوية وأزمات اقتصادية واجتماعية تهددها بالانقسام المتتالي والتشرذم الى دويلات صغيرة ... ان الازمة التي نعيشها اليوم عميقة الجذور ، فقد احس المسلمون العرب بالتخلف حين افلت زمام الامور في العالم من ايديهم في اواخر عهد الخلافة العثمانية واستفاد الغرب بتعلمه من اثار الحضارة الاسلامية في الاندلس وصقلية وبنى لنفسه حضارة انتزعت القيادة والريادة من الامة الاسلامية وحلت محلها في تقرير مصير البشرية وآلت شمس هذه الامة الى الغروب والافول ، فهل يتطلب منا استقراء التاريخ للخروج من حالة الضياع كي نتعظ ونعتبر بما يلقيه من ظلال على واقعنا المعاصر ؟ ام نبقى نتفرج على سقوطنا الحر وليس المتعثر في الهاوية التي صنعناها لأنفسنا .

اولا يقول لنا التاريخ ان الحضارة الغربية المادية قد اصبحت مصدر خطر على وجود الامة الاسلامية فبدأت الاخيرة في مواجهة هذا الخطر بتقليد الاعداء في الامور التي نقلتهم الى مواقع القوة عن طريق نقل معطيات التقنية الغربية الحديثة بإيفاد البعثات العلمية للدراسة فاغتنمت الفرصة في اعادتهم سهاماً تطعن اوطانها المتداعية في الصميم لتتهاوى على يد ابناءها الذين حاولوا في تبني اصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية بالأسلوب الغربي فانتهت هذه المحاولات الى خلق كيانات هزيلة تتربع على عرش السلطة لسنوات تنادي بالوحدة التي تباينت فيما بينها في الرؤى والاهداف والشعارات والتنظيمات والمنطلقات .

وثانياً يبين لنا التاريخ ان هذه الكيانات ادارت ظهرها للإسلام والحل الاسلامي لازمة الامة وانتهت الى انقسامات قيادات المسلمين الراغبة في التغيير الى معسكرين اساسيين متخالفين ، ومع ازدياد تحديات الحضارة الغربية قويت عوامل الانقسام بين هذين الفريقين وتطورت خلافاتهما وبالتالي لم يتمكنا من التمييز بين مبادئ الاسلام القويمة وبين ممارسة الاسلام . واستمر ولا زال مستمراَ هذا التناقض بشدة لم يشهدها اي جيل من الاجيال السابقة بقوتها الحالية ، فاذا اعتبر الاول ان الطريق الذي يسلكه فيه وسيلة للنهضة والتقدم يعتبره الثاني مصدراً للعمالة والتبعية والتحلل والانحطاط ، واذا ما يعتبره الثاني مصدر للأصالة وتحقيق الذات رآه الاول دعائم تصب في بودقة التخلف ... وما يثير السخرية ان كلا الفريقين يتفقان على ان الامة تمر الان بأسوأ مراحل الانهزامية بينما يمسك كلاً منهما بأطروحاته في حل هذه القضية .

ان ازمة هذه الامة هي ازمة فكرية تندرج تحتها جميع الازمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ، وهذه الازمة اما ان تحدث نتيجة لاضطراب مصادر الفكر او اختلال في طريقته او منهجه او كلاهما . لقد تجسدت الازمة في غياب الرؤية الواضحة وانعدام الاصالة الثقافية والتوازن النفسي واضطراب المفاهيم وازدواجية التعليم واختلاط الاهداف وانهيار الانظمة والمؤسسات ، لقد فقدت الجماهير اليوم الاحساس بالأمن وانعدام الثقة والخوف والانطوائية وضيق الافق واليأس من كل تغيير نحو الافضل ومما يزيد من هذه المظاهر التصدي لعلاجها بتبني ردود الفعل تجاه التطرف بدلاً من الاخذ بأسباب الحضارة بشكل مخطط ومدروس .

ان السبيل الناجع لخروج الامة من هذه الازمة لا يتمثل في البحث الدائم عن المتهم فهذا العمل لا يعطينا الحل المنشود ، بل يجب على قوى التغيير المخلصة ولا بد منها ان تتخلى عن مجموع السلبيات وتأخذ بأسباب التغيير من الايجابيات التي تعرض لبعضها حتى نجد سبيلاً للخروج من الازمة بالعقلانية الاسلامية التي استطاع بها الرعيل الاول القفز بهذه الامة الى مواقع القيادة البشرية .



زاهر نصرت








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مسيحيو مصر يحتفلون بعيد القيامة في أجواء عائلية ودينية


.. نبض فرنسا: مسلمون يغادرون البلاد، ظاهرة عابرة أو واقع جديد؟




.. محاضر في الشؤؤون المسيحية: لا أحد يملك حصرية الفكرة


.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الأقباط فرحتهم بعيد القيامة في الغربي




.. التحالف الوطني يشارك الأقباط احتفالاتهم بعيد القيامة في كنائ