الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصبور مأكول مذموم !!!

علي المدهوش

2014 / 5 / 29
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات



كالعادة عدتُ ليلة البارحة الى مدينتي البصرة، لقضاء الاجازة الاسبوعية بين أهلي وأحبتي،وعند صباح هذا اليوم واثناء الافطار الشهي مع العائلة ،وقبل أن نتجاذب أطراف الحديث ، وأبث لهم بعض متاعبي وهمومي ، وإذا برائحة تخترق الزمان والمكان والافكار، أنهارائحة خبز ( السيّاح)، التي فاحت في أرجاء الغرفة، وسرقت الاضواء من قيمر العرب وقرينه العسل الايراني الخام، الذي أخذ له موقعآ من المائدة، وكأنني أستنشق أحدى أصناف ورود الياسمين التي لديها النفاذية والرائحة الزكية والنكهة العطرة، وفي هذه الاجواء التي أتسمت بالالفة والسعادة المنزلية، أنبرى أحد أحبتي وكأنه يتكلم بالنيابة عن جميع أفراد العائلة فقال لي: لدنيا طلب يا أبتي؟!!.
-طلب!! فقط ، أذا أردتم أن أجلب لكم الياقوت الاحمر ومن بورما لن أتردد ابدآ، سعادتي بتلبية رغباتكم، تكلم يابني أنني أنصت لك ، وكلي أذان صاغية، فقال لي لم يصل الامر للياقوت الاحمر أو غيره، وكأنني شعرت أنه يقول لي ، ( خلي يولن)!!،وأردف قائلا بل نطلب منك الذهاب للسوق لشراء سمك الصبور تحديدآ، وننتظرك بفارغ الصبر ، لأن الكل أجمع بأن يكون الغداء لهذا اليوم هو ( الصبور)، وليس سواه، قلت لهم ياله من طلب زهيد بسيط لايحتاج لأية مقدمة، أنتم غالين والطلب رخيص، وماهي الا ساعة واذا بي وأنا في سوق البصرة الكبير والمملؤ من أصناف الاسماك البحرية والنهرية لما تتميز به المدينة من موقع جغرافي تتوسط فيه بين الاهوار شمالا والخليج جنوبآ، وما أن وطأت أقدامي السوق ، أخذت عيون الباعة ترمقني بنظرات ، لسان حال كل واحدة منها يطلب مني الشراء منه دون سواه، ولاسيما أن كميات الاسماك المعروضة خصوصآ سمك الصبور كبيرة جدا،هنا أعتراني الغرور والخيلاء والكبِر، ولم أمشي الهوينا كما يتطلب مني وضع السوق وارضيته المنزلقة ، بل كنت رافعآ راسي الى عنان السماء ، كأنني الزبون الاوحد والمنتظر من الجميع،
دنوت من أحدهم وكأنني المتفضل عليه، وقلت له بكم زوج سمك الصبور؟ و المعروف سمك الصبور يباع في البصرة في العدد ولايباع في الكيلو كما هو السائد في أغلب بيقة المحافظات، فأجابني: سعر الزوج ب(30) الف دينار!!!
كأنه صعقني، رغم أن حجم السمك لم يكن كبيرآ، وكان في نيتي أن أشتري سمك على عدد أفراد عائلتي وأوخوتي، على أعتبار أن هذا هو الوقت الامثل لتكاثر سمك الصبور في الاسواق، مع مراعاة الموقع الجغرافي لمدينة البصرة المطل على شط العرب والخليج العربي. ومايترتب عليها من مزايا ، في العرض والطلب لاصناف الاسماك التي لاتتوفر ببقية المحافظات، أتجهت مذهولا الى بائع أخر واذا به يصم آذاني بعبارة كادت تخرج عيني عن محاجرها وهو يقول ( الزوج ب30 الف )!!، يا الهي ماالذي علي فعله؟، لان حجم السمكة الواحدة تكفي الى شخص واحد، بمعنى لو أن لديك عشرة أشخاص فأنك تحتاج الى (150) الف دينار لتشتري عشرة أسماك صبور من النوع الصغير، هنا كان علي الاستعانة باسلوب وطريقة تنقذني من هذه الورطة والموقف، لاسيما أنني وعدت العائلة بان أشتري لهم ما طلبوه مني وعلى وجه السرعة، فحاولت الاستعانه بالموروث الشعبي لعله ينقذي من الاحراج، والحمد لله أسعفتني ذاكرتي ، لتذكر المثل الشعبي المتعارف:(سمك الصْبور مأكول مذموم)، والذي يعنيه المثل،( بما أن الطعم والمذاق اللذيذ لسمك الصبور سوف يجعل الانسان يتناول كميات كبيرة منه تجعله يشعر بسوء هظم وبطء في الحركة)، فمن هنا جاء قصة هذا المثل، الذي أسعفني كثيرآ، طرقتُ باب الدار، وفتُحت لي، وما أن نظر جميع الاهل المتجمعين عند عتبة الى ما كان بيدي من أكياس،بادروني بالقول ماهذا؟ فقلت لهم ( زوري)!!!،
وفي محاولة مني للتظاهر في الهدوء، أكملت الحديث وقلت لهم ، أنني لم أرغب أن يُذٓ-;-م ما يتم أكله بعد حين، وأشتريت لكم عِوضآ عنه سمك ( الزوري)، للشبه الكبير بين رائحته عن الشواء مع رائحة بقية الاسماك، أضافة الى ذلك ،فيها موآساة للفقراء والمحرومين!!!!!!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا تعلن أسقاط 4 صواريخ -أتاكمس- فوق أراضي القرم


.. تجاذبات سياسية في إسرائيل حول الموقف من صفقة التهدئة واجتياح




.. مصادر دبلوماسية تكشف التوصيات الختامية لقمة دول منظمة التعاو


.. قائد سابق للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية: النصر في إعادة ا




.. مصطفى البرغوثي: أمريكا تعلم أن إسرائيل فشلت في تحقيق أهدف حر