الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العسكرجية شرٌّ لابد منه

علي الخليفي

2014 / 5 / 30
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


هذه الإحتفاليات بالعودة الظافرة للعسكر ، والتي نراها في كل الساحات ، التي شهدت ما اصطُلح على تسميته بربيع العرب ، هذه الإحتفاليات ليست بمُستغربة لعدة أسباب ، سنأتي عليها لاحقاً .

ولكن المُستغرب والمُستهجن ، والذي يُثير العَجب العُجاب ، هو محاولة بعض من ينسبون أنفسهم للتوجه الليبرالي والعلماني ، بتصوير هذه العودة للعسكرجية ، على أنها إنتصار لإنتفاضات الشعوب ، وتحقيق لأحلامها التي تظاهرت ، وأسقطت الأنظمة السابقة لأجلها.

هذه الشِرذمة القبيحة ، ممن يُقدمهم الإعلام الهابط، على أنهم صَفوت مجتمعاتهم ونخبتها ، هي الخطر الأكبر على الأجيال القادمة ، لأنهم يقومون بتزييف الواقع ، تمهيداً لتزيف الوعي عند الأجيال القادمة.

هذه الشرذمة التي لا ضمائر لها من العلمنجيه والليبرلجيه ، ليسو بأقل سوءً من الإسلامجية ، الذين ينتقدونهم ، فكلاهما ينطلق من ذات المُنطلقات وسيصل بنا إلى ذات النتائج.

لافرق بينهما ، فهذا الطرف يتاجر بربه وبدينه، والطرف الآخر يتاجر بالمبادئ والقيم ، التي يدعي أنه يؤمن بها ، كلاهما يستغل ما يؤمن به ، لتحقيق مصالحه الشخصية الضيقة .

أن يقوم الإسلامجي بالمتاجرة بربه لأجل أن يكون في السلطة ، أو في أقل الأحوال أن يكون خادماً للسلطة ، ليس بالأمر المُستغرب ، فهو ينتمي لثقافة جاهلية ، تم التأسيس لها قبل ألف وأربعمائة عام ، زرعت في عقله فكرة الخضوع للحاكم ، وتقبيل نعله ، على أساس أن نعله ، هو نعل ظل ربه في الأرض ، وهو يجد في تعاليمه الدينيه التي يعتنقها ، ما يأمره بالخضوع والذل للحاكم ، ولو جَلد ظهره ، وسلب ماله ، وأنتهك عرضه ، وهو يحتسب ذلك عند ربه ، ليجزيه عليه الجزاء الأوفى يوم قيامته المُفترضة .
لذا فليس بالشاذ ولا المُستغرب ، أن يسير الإسلامجي على هُدى أسلافه ، ويواصل نهج خضوعهم وذلهم .

المُستغرب ، والذي لايمكن فهمه ، هو أن ينتهج أدعياء الإنتساب لثقافة الحداثة ، نهج ذاك الإسلامجي ، ولا أحد يدري أين وَجد هؤلاء الأدعياء في ثقافة الحداثة ، ما يدعوهم ليتحولوا إلى سعادين ترقص على أنغام طبول العسكر ، وتمسح بمؤخراتها على بياداتهم المغموسة بدماء أبناء وطنهم.

عودة العسكر ، لا يمكن أن يُنظر إليها ، إلا من باب أنها شرّ لابد منه ، فالجهل والأمية وترسخ ثقافة الإقصاء في وعي شعوب هذه المنطقة ، بسبب الميراث البدوي القرشي ، الذي تعتنقه هذه الشعوب كدين تدين به ، كل تلك الأسباب مُجتمعة، مَنعت أن تتحول هذه الهَبات الشعبية والتمردات إلى ثورات حقيقية ، تكون لها القدرة على تغيير البنية التحتية لتفكير هذه الشعوب.

ولذا رأينا هذه النتائج الكارثية التي أنتجتها هذه الهبات والتمردات ، والمتمثلة في هذا الخراب والقتل والدماء بين أبناء الوطن الواحد ، مما جعلنا نُدرك حقيقية الأحقاد والظغائن بينها ، وهذا ما يجعلنا نؤيد عودة العسكر للحكم ، ليس طمعاً في أن يؤسس العسكر لدولة مدنية ، عِمادها الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة ، فالقول بأن يقوم العسكر بالتأسيس لهكذا دولة ، هو أشد غباء من القول بأن يقوم الإسلامحية بذلك.

الدولة المدنية القائمة على المعرفة والعلم ، لا مكان فيها للعسكرجية ولا الإسلامجية .

تأييد عودة العسكر للحكم ، مرجعه فقط هو الرغبة في العودة بالأمور إلى ما كانت عليه ، بعد أن تكشفت لنا البدائل المُتاحة ، والتي كانت جميعها أكثر سوءً من حكم العسكر بمرات عديدة.

تأييد عودة العسكر الذي نراه ، سببه إدراك شعوب هذه المنطقة ، لحاجتها لمن يحميها من بعضها البعض ، ولمن يمتلك القدرة ، لقمع تغول بعضها على بعض ، فما حدث في ثلاث سنوات فقط منذ إنطلاق ذاك الحراك الشعبوي ، أُهرقت فيه من الدماء ، وأستبيحت فيه من الأعراض ، وحدث فيه من الدمار والخراب ، أضعاف ما حدث في نصف قرن من حكم العسكر ، مما يجلعنا نُدرك ، أن ما يضمره أبناء هذه الشعوب لبعضهم البعض من سوء ، هو أكثر بكثير ، من السوء الذي أضمره ويُضمره لهم العسكر.

ثقافة البداوة ، التي نتشربها منذ الولادة وتزرع في لاوعينا على أنها تعاليم إلهية ، تلك الثقافة تؤسس لمُستبد صغير في داخل كل فرد منا ، وهذا المُستبد الصغير يجب أن يتم قمعه بواسطة مُستبد أكبر منه، حتى لا يكبر ، ويتغول ، ويتحول إلى طاغوت لا حدود لطغيانه.

ليس هناك أسوء من الجبان عندنا يستأسد ، وهذه الشعوب الجبانة ، التي ولدت وترعرعت في الجبن تحت حكم البيادة ، عندما رُفعت عليها البيادة إستأسدت ، فأرتنا من البشاعات ما لا عهد لنا به.

فكان لِزاماً علينا أن نؤيد العودة الظافرة للعسكر ، ولكن تأييدنا هذا لا يعني أبدا ، أننا سنلدغ من ذات الجحر مرتين ، لا يعني أبداً ، أننا نشتري ما يُسوقونه من وعود ، أو نصدق إدعائاتهم ، أو أن نراهم كأبطال مُنقدين سيؤسسون لجنات وارفة الظلال تُزهر فيها الحُريات وتثمر فيها الحُقوق.

نحن نؤيد عودتهم فقط ليستلموا إدارة الإرث القذر للعسكرجية الذين سبقوهم ، بعد أن تأكد لنا أنه لا يوجد أحد ، يمتلك ما يكفي من القذارة ، ما يؤهله لإدارة إرثهم القذر ، أو حتى التعامل معه سِواهم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الحقيقة المؤلمة
شام ( 2014 / 5 / 30 - 14:57 )
ماحدث خلال السنوات الثلاث الماضية يؤكد لنا لابديل الا العسكر وسوف نرحب بهم على مضص لاننا شعوب شبت على القمع وعندما اتيحت لها الحرية اصبحت تتخبط بين بعضها البعض لدرجة الاستمتاع والتففن بالذبح والقتل بأمر من الله
شعوب يجب أن تبقى فوق رؤسهم نعال العسكر لكي لا ياكلوا بعضهم العض
دمت بخير كاتبنا المبدع

اخر الافلام

.. كيف تفاعل -الداخل الإسرائيلي- في أولى لحظات تنفيذ المقاومة ا


.. يهود يتبرأون من حرب الاحتلال على غزة ويدعمون المظاهرات في أم




.. لم تصمد طويلا.. بعد 6 أيام من ولادتها -صابرين الروح- تفارق ا


.. كل سنة وأقباط مصر بخير.. انتشار سعف النخيل في الإسكندرية است




.. الـLBCI ترافقكم في قداس أحد الشعانين لدى المسيحيين الذين يتب