الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خرافات إسلاميّة - الإسلام دين حرّيّة بدليل آية لا إكراه في الدّين

مالك بارودي

2014 / 6 / 2
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يقول محمد الأمين الشنقيطي في كتابه "دفع إيهام الإضطراب عن آيات الكتاب":
"قال تعالى: {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيّ} [البقرة/256] هذه الآية تدل بظاهرها على أنه لا يكره أحد على الدخول في الدين، ونظيرها قوله تعالى: {أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} [يونس/99]، قوله تعالى: {فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً إِنْ عَلَيْكَ إِلا الْبَلاغُ} [الشورى/48]، وقد جاء في آيات كثيرة ما يدل على إكراه الكفار على الدخول في الإسلام بالسيف كقوله تعالى: {تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ} [الفتح/16]، وقوله: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ} [البقرة/193] أي الشرك، ويدل لهذا التفسير الحديث الصحيح: "أُمرتُ أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله" الحديث، والجواب عن هذا بأمرين:
"الأول - وهو الأصحّ -: أنّ هذه الآية في خصوص أهل الكتاب، والمعنى أنهم قبل نزول قتالهم لا يُكرهون على الدّين مطلقا، وبعد نزول قتالهم لا يُكرهون عليه إذا أعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون، والدليل على خصوصها بهم ما رواه أبو داود وابن أبي حاتم والنسائي وابن حبان وابن جرير عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: "كانت المرأة تكون مقلاتًا فتجعل على نفسها إن عاش لها ولد أن تهوِّده، فلما أجليت بنو النضير كان فيهم من أبناء الأنصار فقالوا: "لا ندع أبناءنا"، فأنزل الله: {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} [البقرة/256]، المقلات التي لا يعيش لها ولد، وفي المثل: "أحرُّ من دمع المقلات".
"وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنه قال "نزلت {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} في رجل من الأنصار من بني سالم بن عوف يقال له: الحصين، كان له ابنان نصرانيان، وكان هو مسلما، فقال للنبي صلى الله عليه وسلم: "ألا استكرههما فإنهما أبيا إلا النصرانية؟"، فأنزل الله الآية".
"وروى ابن جرير عن سعيد بن جبير سأله أبو بشر عن هذه الآية، فقال: نزلت في الأنصار، قال: خاصة؟ قال: خاصة".
"واخرج ابن جرير عن قتادة بإسنادين في قوله: {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} قال: أكره عليه هذا الحي من العرب؛ لأنهم كانوا أمة أمّيّة ليس لهم كتاب يعرفونه، فلم يقبل منهم غير الإسلام. ولا يكره عليه أهل الكتاب إذا أقرّوا بالجزية أو بالخراج، ولم يفتنوا عن دينهم فيخلى سبيلهم".
"وأخرج ابن جرير - أيضا - عن الضحاك في قوله: {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقاتل جزيرة العرب من أهل الأوثان، فلم يقبل منهم إلاَّ لا إله إلا الله أو السيف، ثم أُمر في من سواهم أن يقبل منهم الجزية، فقال: {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} [البقرة/256].
"وأخرج ابن جرير عن ابن عباس أيضا في قوله: {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ}، قال: "وذلك لما دخل الناس في الإسلام، وأعطى أهل الكتاب الجزية".
"فهذه النّقول تدلّ على خصوصها بأهل الكتاب المعطين الجزية ومن في حكمهم. ولا يرد على هذا أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب؛ لان التخصيص فيها عرف بنقل عن علماء التفسير لا بمطلق خصوص السبب، ومما يدل للخصوص أنه ثبت في الصحيح: "عجب ربّك من قوم يقادون إلى الجنّة في السّلاسل".
"الأمر الثاني: أنها منسوخة بآيات القتال كقوله: {فَإِذَا انْسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} الآية [التوبة/5]. ومعلوم أن سورة البقرة من أول ما نزل بالمدينة، وسورة براءة من آخر ما نزل بها، والقول بالنسخ مروي عن ابن مسعود، وزيد بن أسلم.
"وعلى كل حال فآيات السيف نزلت بعد نزول السورة التي فيها {لا إِكْرَاهَ} الآية. والمتأخّر أولى من المتقدم، والعلم عند الله تعالى." (محمد الأمين الشنقيطي في كتابه "دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب"، دار عالم الفوائد للنّشر والتوزيع، مكّة، الطبعة الأولى، 1426 هـ، ص ص 49-51)

إذن، ففي تفسير آية "لا إكراه في الدّين" وجهان: الأوّل أنّها خاصّة بالأنصار زمن محمّد بن آمنة، أي محدّدة بزمان ومكان ولا يمكن أن تُطبّق خارجهما ولا أن يُستشهد بها في غيرهما، وبذلك يصبح إستشهاد بعض المسلمين بهذه الآية لإثبات "أن الإسلام دين حرّيّة لا يُكره أحدا على إعتناقه وأنّه لم ينتشر بالسّيف" حماقة كبرى ونفاقا وتدليسا ونزيلا للنّصّ القرآني في غير محلّه وتجاوزا لأسباب "نزوله" وتحميلا له بما لم يقله، وذلك نوع من التّحريف في المعنى. أما الوجه الثاني فيقول أنّ الآية منسوخة بآية السّيف من سورة التّوبة (أو براءة) وأنّ اللاحق أولى من السّابق أي أنّ اللاحق يُلغي السّابق، وهنا يُصبح الإستشهاد بهذه الآية تشويها لما جاء في القرآن وإلغاء لأحد مبادئ النّصّ القرآني، أي النّاسخ والمنسوخ المنصوص عليه في الآيات "وإذا بدّلنا آية مكان آية" [النّحل/101] و"ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها" [البقرة/106] وتزييفا للتّاريخ ولما ورد في السّيرة وتسفيها للأحاديث والآيات الواردة في القرآن بخصوص وجوب قتال وقتل الكفّار والمشركين.
بهذا نرى، ومن تفسير المفسّرين وأحاديث المحدّثين، أنّ كلّ من يستشهد بآية "لا إكراه في الدّين" لا حجّة لديه إلاّ ما إستنبطه من تلفيق وخزعبلات لا علاقة لها لا من قريب ولا من بعيد بحقيقة الأمور. فالإسلام لم ينتشر إلاّ بالسّيف والحرب والقتل والإكراه، ولو لم يكن كلّ هذا لطواه التّاريخ مثلما طوى خزعبلات كثيرة قبله وبعده. لكن نهاية السّرطان الإسلامي قادمة لا شكّ فيها.

---------------
الهوامش:
1.. للإطلاع على بقية مقالات الكاتب على مدوّنته:
http://utopia-666.over-blog.com
2.. لتحميل نسخة من كتاب مالك بارودي "خرافات إسلامية":
http://www.4shared.com/office/fvyAVlu1ba/__online.html








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - نهاية السّرطان الإسلامي قادمة لا شكّ فيها
منير سراج ( 2014 / 6 / 2 - 20:45 )
خاتمة جميلة واستقراء صحيح لمجريات الأحداث.. ما نراه من أحداث حولنا هو انتفاخ هذا الدمل الخطير قبل انفجاره المدوي قريبا.. الإسلام بكل مكوناته وصل إلى حائط مسدود.. الأسف هو على الأرواح البريئة التي يقتلها هذا السرطان وهو يحتضر
تحياتي


2 - الأخ مالك
يعقوب قطاطو ( 2014 / 6 / 3 - 00:44 )
المشكلة انهم يوظفون الدين فيسقطواما يشاؤوا ويرفعوا ما يشاؤوا وبدون تفكير او خجل


3 - الدين المهترئ
مهاجر ( 2014 / 6 / 3 - 03:06 )
بالنسبة للإسلام لم ينتشر إلا بالسيف ف - اللة - نفسه يعترف أنه أنتشر في البداية حسب القرآن بإبادة القرى والأقوام عن بكرة أبيها مثل عاد وثمود وقوم نوح وعمورة وسدوم .... الخ ، حسب سورة النجم 50-53 ( وأنه أهلك عادًا الأولى & وثمود فما أبقى & وقوم نوحٍ من قبل إِنهم كانوا هم أظلم وأطغى & والمؤتفكة أهوى ) ، فهذا إعتراف ضمني بأنه أنتشر بالإبادة ومع ذلك لم يكترث البشر لهذه العنتريات ، أما للذين يلوحون بسيوفهم علينا فهم يلوحونها لأننا ننطق بالعربية وضرب الرمل والطلاسم وما تسمى غيبيات وإن الإسلام عائد لا محال وإنتشاره بالسيف والخنجر والرماح كذب وبهتان والدليل تريليون شخص دخل الإسلام منذ ١-;-١-;- سبتمبر ، هذا الكلام يلعبوه على غيرنا من لا يفهم اللغة العربية ، نحمد العقل على أننا في زمن كشف المستور والتابو .

كتاباتكم أستاذ مالك ما هو إلا معول من ملايين المعاول لهدم ما تبقى من هذا الدين المهترئ .

تحياتي ، دمتم بخير

اخر الافلام

.. 164-An-Nisa


.. العراقيّ يتبغدد حين يكون بابلياً .. ويكون جبّاراً حين يصبح آ




.. بالحبر الجديد | مسعود بزشكيان رئيساً للجمهورية الإسلامية الإ


.. جون مسيحة: مفيش حاجة اسمها إسلاموفوبيا.. هي كلمة من اختراع ا




.. كل يوم - اللواء قشقوش :- الفكر المذهبي الحوثي إختلف 180 درج