الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شعب بلا هوية

أمير البياتي
(Ameer Albayaty)

2014 / 6 / 2
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


قبل ان ابدأ بكتابة هذه السطور فكرت في وضع عنوان مناسب لما سأكتبه فتبادر الى ذهني عبارة (شعب فقد هويته) كان في نظري اجمل من العنوان الحالي, لكني سرعان ما استدركت الامر وغيرته. لأني وبكل صراحة لا ارى هوية عراقية حقيقية في أي عصر من العصور. فهو شعب لم يفقد هويته بل أنه لم يجدها بعد, قد يراني البعض مبالغا حين اقول انه لم يوجد شيء اسمه العراق قبل 1921 سواء العراق بمفهوم الدولة الحديثة او العراق كأرض فقط فالاسم الاصلي هو الميزوبوتاميا او ارض ما بين النهرين يسكنها القلة القليلة جدا ممن هم اهل الارض وورثتها الاصليين اضافة ال تكتلات بشرية على شكل عشائر عربية سواء أن جاءت قبل الفتح الاسلامي او بعده.
بعد 1920 وتأسيس المملكة العراقية بملك مستورد من الحجاز جاء به البريطانيين بعد عزله من عرش سوريا على يد الفرنسيين في معركة ميسلون, وبعد مؤتمر القاهرة بحضور تشرشل عين ملكا عل العراق. المهم في الموضوع هو ان العشائر العراقية آنذاك والتي كانت توصف بالثائرة على الاحتلال البريطاني كانت مرابطه في البصرة لاستقبال الملك ومبايعته عل السمع والطاعة !!!
واضح جدا انه لم تكن هناك أي هوية عراقية ولم يرى أي احد ان فيصل ابن الشريف حسين هو غريبا جاء ليتسيد عليهم ... لنرجع بالتأريخ قليلا الى ما قبل الاحتلال البريطاني وما قبل الحرب العالمية, ماذا كان وضع العراقيين آنذاك؟ مجرد رعايا تحت سلطة الدولة التركية تعين عليهم واليا وتعزله متى تشاء والعراقيين فرحين بما اوتوا من ولاة الدولة التركية وتسلطها عليهم.
ومع كل هذا الذل والهوان كان الصراع المذهبي حاضرا بين العراقيين كسنة وشيعة لم يغب ابدا بعضهم مؤيدا للدولة التركية وان جارت عليه لمجرد كونه سنيا والبعض ولاؤه للدولة الصفوية الايرانية وصولا الى الدولة القاجارية لمجرد كونه شيعيا وبتوالي غزوات تلك الدولتين عل العراق كان هناك طرفا مؤيدا للمحتل ومعتبره فاتحا وطرفا اخر معارضا للمحتل ومعتبره غازيا !
بعد أن ورث العراقيين هذا التاريخ بات صعبا عليهم التخلص من شبحين كانا ولا زالا يطاردان الهوية العراقية وهما شبح العالم العربي وشبح العالم الاسلامي فلا توجد استقلالية للهوية العراقية. التي يراها العراقيون (جزءا من كل) اما ينسبها الى العالم العربي او الى العالم الاسلامي ولا يرضى ابدا بعزلها عن هذين العالمين !
للأسف لا توجد هناك أمة عراقية بالمعنى الحديث ولا يوجد مجتمع متجانس رغم كل المحاولات لدمج مكونات هذا المجتمع لأن كل من حاول دمج المكونات حاول ان يدمجها تحت احد الشبحين سابقين الذكر, لم يحاول احد دمج المكونات تحت اسم الهوية العراقية فقط... والجدير بالذكر ان كل عراقي لا يرضى ان يكون بمعزل عن احد عالميه اما العربي او الاسلامي وهناك انتماءات اخر تحت مظلة العالم الاسلامي وهي العالم السني والعالم الشيعي وهي من اقوى الانتماءات على الاطلاق وسيظل الحال كما هو في غياب دولة مدنية بنظام علماني مبني عل اساس المواطنة بعيدا عن أي انتماء اخر وبتعاقب الاجيال سيكون بالإمكان خلق هوية عراقية حقيقية. لكن تحقيق دولة مدنية علمانية امر شبه مستحيل في ظل التحشيد الديني و التخندق الطائفي المتحكم بعقول العراقيين والديمو ثيوقراطية التي يمارسونها فرحين ...
الغريب في الأمر والرسالة التي اريد ايصالها ال كل من يحتكر الهوية العراقية عل دينه او طائفته وصولا الى قوميته ,عليه ان يعلم ان الدستور العراقي الحالي يعرف العراقي بانه( كل من ولد لأب عراقي أو لأم عراقية) فبعيدا عن العروبة والاسلام لو ان سيدة عراقية مسيحية الديانة تزوجت من يهودي فرنسي الجنسية فان ابناء هذه السيدة هم عراقيون يستحقون الجنسية العراقية شأنهم شأن أي عراقي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الأقباط فرحتهم بعيد القيامة في الغربي


.. التحالف الوطني يشارك الأقباط احتفالاتهم بعيد القيامة في كنائ




.. المسيحيون الأرثوذوكس يحيون عيد الفصح وسط احتفالات طغت عليها


.. فتوى تثير الجدل حول استخدام بصمة المتوفى لفتح هاتفه النقال




.. المسيحيون الأرثوذكس يحتفلون بعيد الفصح في غزة