الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حركة النهضة التونسية وقضية العنف

صلاح الصادق الجهاني

2014 / 6 / 6
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


موقف حركة النهضة التونسية من العنف
رغم أن ظاهرة العنف لا تستمد جذورها من الإسلام الذي لا يُعطي شرعية للعنف العشوائي، ولا يقاتل إلا من يقاتله، " قال تعالى "وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم "، ورغم محدودية حجم وأثر جماعات العنف فإنه لا تخلو من مثلها أمة أو دين، بل إن حروب العالم الكثير منها قام باسم الدين ففي مقال لصحيفة الشرق الأوسط يقول راشد الغنوشي، " موقف حركة النهضة من بعض أحداث العنف الأخيرة على الساحة السياسية يمثل إدانة صريحة وواضحة للعمليات الإرهابية الأخيرة ضد السعودية والمغرب كما يتضمن الموقف المذكور، نقداً شديد اللهجة للمتشددين في صفوف الحركات الأصولية الإسلامية، ولدعاة العنف، وهاجم بشدة لم يسبق لها مثيل، أيمن الظواهري، مساعد بن لادن، معتبراً إياه المنظر الأكبر، كما أسماه بـ" المسيرة الدموية الهوجاء".
متهماً إياه، بأنه قدم خدمات لأعداء الإسلام غير محدودة، في عملية 11 / سبتمبر/ 2001م الشهيرة، واعتبر هذه العملية من جملة هذه الخدمات، وختم زعيم حركة النهضة التونسية مقاله مطالباً العلماء والدعاة المسلمين أن لا يسمحوا التطرف والغلو أن يختطفا الإسلام"، ولكن حركة النهضة والتي توصف بأنها حركة متطورة في معالجة قضاياها والتعامل معها بروح العصر هى التي تجاوزت بمراحل الكثير من الحركات في الوطن العربي، بفضل قراءات منظريها، فهي تشجب كافة أنوع العنف، وان يؤخذ عليها عدم نقدها لكثير من العمليات الإرهابية.
والغنوشي منظر الحركة والذي تحمل أفكار الحركة الكثير من بصماته يرى أن الدولة التابعة في علاقتها بمجتمعها هي علاقة عنف وأن التغريب في حد ذاته هو عنف مغاير لكافة الحقوق لهذه الشعوب، ومنافي لمقومات الديمقراطية فهو يقول في ذلك:" أبرز ما يعكر علاقة الدولة التابعة بمجتمعها، هو علاقة العنف.
إن التغريب في حدّ ذاته هو أبرز وأفدح ألوان العنف الذي تمارسه الدولة، إنه عملية سلخ مجتمع عن أصوله وضميره من أجل ما يسمى بالحداثة، وهى في الحقيقة ديكتاتورية الغرب على شعوبنا، بوسطه الأنظمة العربية وبرامجها في التحديث والتغريب علي النمط الغربي المستورد، وهي نقيض كامل للديمقراطية من كل وجه، فإذا أضفنا إلى هذا القمع الاجتماعي والسياسي الرسمي ما تمارسه بعض فصائل المعارضة بدافع الغيرة والحسد والخوف من تنامي الاتجاه الإسلامي، وما تمارسه من دسّ وإيغار للصدور، بل من عنف ضدّ كل منافسيها السياسيين، الذين استطاعت بأساليبها الإرهابية أن تصفيّهم تقريباً وتخرجهم من حلبة الصراع، جربّت ذلك مع الاتجاه الإسلامي الذي تصدّى لها؛ دفاعاً عن نفسه وعن الحرية العامة".
وقد سئل راشد الغنوشي عن التمسك بالعنف من قبل بعض الحركات رغم كل المراجعات التي أعلنتها عدد من الجماعات كانت نتيجتها وقف العنف في مصر، والهدنة والمصالحة في الجزائر، ومن الجهة الأخرى ما مدى شرعية تشبث بعض المسلحين بممارسة العنف والإرهاب في بلاد المسلمين؟، ومنها أعمال المرتبطين بما يسمى القاعدة؟
فيقول مجيباَ: إن" العنف في المنطقة يتغذى أولاً من الحيف الاجتماعي، حيث يتجاور الثراء والبطر "والاستهلاك التظاهري"، لدى شريحة محدودة من الطبقة الجديدة، المعششة في مزبلة الحكم، بما حولها إلى عصابة مافيا، يتجاور هذا الثراء مع أحياء الصفيح، وأحزمة البؤس المحيطة بمدننا، بل بأحياء فيها معزولة عن باقي المدينة، لها أسواقها وملاهيها، وأساليب عيشها، وحتى مساجدها، بما يجعلها بمثابة المستوطنات المحاطة بالأسلاك الشائكة وبجيوش القمع. لا عجب أن يكون حي "مؤمن" في المغرب مثال موجود في كل دول المنطقة.
كل ذلك باسم الحداثة، والتي هى في الحقيقة ديكتاتورية الغرب على شعوبنا، حاضنة الشباب اليائس، ووقوداً للقاعدة. ويتغذى ثانياً من حالة الانسداد السياسي، والتزييف الكامل للحياة السياسية (تونس مثلاً)، أو شبهه (الجزائر، مصر)، ويتغذى ثالثاً من الحرب الدولية التي تشن على الإسلام، وأمته، ومؤسساته، ورموزه، ولا تجد من الدول القائمة، من يحرك ساكناً أو يرد، بل لا تجد غير المتواطئ مع الأعداء، متمشياً مما يسميه الحرب على الإرهاب.
يتغذى رابعاً، من مكائد أجهزة الاستخبارات، الحريصة جداً على استمرار قدر من الإرهاب، حتى تظل الدولة كلها رهينة لها، وتكون السلطات للبوليس وللعسكر مطلقة، ويتغذى خامساً، مما يروج من تأويلات للإسلام شاذة، تخلط بين المعنى الحقيقي للجهاد، كأداة لدفع الصائلين على دار الإسلام، "وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا أن الله لا يحب المعتدين"، وبين تأويلات شاذة، تجعل من الجهاد نقيضاً للحرية، حرية الاعتقاد والتعبير عنه والدعوة إليه، بما يقتضي الاعتراف بالتعدد، سنة كونية واجتماعية، أكد عليها القرآن، وأبدى وأعاد في تأكيدها، انطلاقاً من مبدأ لا إكراه في الدين، مما يتناقض مع كل محاولة لجعل الناس أمة واحدة بلا اختلاف، "ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم".
"التعددية سنة كونية، وليس من واحد أحد، إلا الذي في السماء سبحانه، ولم يسمح لأحد أو مؤسسة النطق باسمه، بعد ختم النبوة، وإنما الحجة والرأي والمشورة والبحث عبر ذلك، عن المشترك للإجماع. وهو ما يجعل تشكيل من قبيل "الجبهة العالمية لمقاتلة اليهود والنصارى"، تعبيراً صارخاً عن الجهل بالإسلام، إذ يقاتل الناس في الإسلام، ليس لاعتقادهم أو دينهم أياً كان، بل لدفع عدوانهم. إن مدنية حركة النهضة، وشجبها للعنف في الصراع السياسي، هو ما انعكس في صبرها وصمودها، ضد كل محاولات الاستدراج للعنف المضاد.
فواجهت الكثير من الحملات، بالصبر والالتزام بمنهج سياسي رفضاً للعنف، وكشف الحقائق، وقد دلت السهولة التي تمت بها حادثة الاعتداء الآثم على مكان عبادة الطائفة اليهودية بجزيرة جربه التي ذكرها المصباحي، والتي نددت بها النهضة في حينه، وأوردت ذلك حتى وسائل الإعلام الإسرائيلية، على أن السبب الرئيسي في استقرار تونس وخلوها من العنف والإرهاب، ليس شطارة الأجهزة الأمنية، بل هو تعقل النهضة وصمودها في وجه المحاولات المستميتة، التي بذلت من قبل السلطة؛ لاستدراجها إلى مستنقع العنف، وردود الفعل الإرهابية، على ما تعرض له قادتها ومحاربوها ولا يزالون من عنف من قبل أجهزة الدولة.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مشروع علم وتاريخ الحضارات للدكتور خزعل الماجدي : حوار معه كم


.. مبارك شعبى مصر.. بطريرك الأقباط الكاثوليك يترأس قداس عيد دخو




.. 70-Ali-Imran


.. 71-Ali-Imran




.. 72-Ali-Imran