الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أين الله؟

حسن كمال

2014 / 6 / 6
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


عنوان هذا المقال هو نفس عنوان المجموعة القصصية للمحامى والأديب كرم صابر. والتى على أثرها تم الحكم عليه بخمس سنوات, بتهمة التعدى على الذات الإلهيه, والتعدى على الذات الآلهية تعنى تشوية صوره الله. ولذلك سيكون ذلك المقال محاولة للبحث عن أى صورة لله الذى تم تشويها.

والسؤال الآن:
ما هى صورة الله؟

أو بشكل أدق:
ما هى صورة الله عند الإنسان؟

صورة الله عند الإنسان هى ثمرة اجتهاد عقلى, أى تأويل, على حد قول مراد وهبه. ومن ثم فهناك عدة صور لله عند الإنسان بحكم تعدد التأويلات, وعدم وجود إجماع حول صورة واحدة لله سواء فى الفكر الفلسفى أو الديانات. وبالتالى فليس ثمة صورة واحدة بل ثمة صور متعددة. وكل صورة تنفى الأخرى.

ففى الحضارة الفرعونية, فى مقال بعنوان "من العقل الفرعونى إلى العقل الإلكترونى" لمراد وهبه, يقول: أن الحضارة الفرعونية كانت حضارة تدور حول " فرعون ", وكان فى البداية, ابن حورس ابن ازيس ثم أصبح ابن رع وفيما بعد أصبح رع, ورع هو إله الشمس, ثم قرر فرعون أن يكون هو الإله بلا شريك فأدمج الآلهه الأخرى ومن ثم أصبح هذا الإله هو الإله الواحد المطلق الذى لا شريك له. وهذا يتفق على نحو ما ذكرة فرويد, فى كتابه "موسى والتوحيد" بأن عقيدة التوحيد قد أخذها موسى من أخناتون.

أما فى تاريخ الفكر الفلسفى, تم الحكم على سقراط بالإعدام لإنه كان ينكر الآلهه ويدعو إلى آلهه جديدة. وفى الواقع سقراط كان ينكر آلهه معينة وهى الآلهه فى جبال الآولمب عند اليونان, وكان يبحث عن بديل لها. وعند الفارابى الله له صفات فهو عقل محض وخير محض ومعقول محض وعاقل محض. أما عند ابن سينا هو الموجود الواجب الوجود الذى لا يمكن أن يكون وجوده من غيره أو لا يكون لسواه إلا فائضاً عن وجوده. أما عند أرسطو فهو علة غائية, فيقول أرسطو: للعالم غاية ذاتية هى نظامه وغاية خارجية هى المحرك الأول علة النظام. وعند ابن رشد, الله غاية ذاته. (المعجم الفلسفى, مراد وهبه, 2011, دار قباء).

وفى بحث بعنوان (نيتشه وعلم اللاهوت) لمراد وهبه, يستعرض صور أخرى عن صوره الله فى الفكر الفلسفى. فمفهوم الله عند أفلاطون ليس واضحاً فهو تارة الموجود الكامل أو المعقول فى مقابل العالم المحسوس على نحو ما هو وارد فى محاورة "فيدون". وفى "المأدبة" يوحد أفلاطون بين الواحد ومثال الخير أو بين الواحد والجمال ذاته. ويتفق كل من أفلاطون وأرسطو بأن الله مفارق للكون, لأن هناك ما يرى أن الله غير مفارق للكون, وذلك من الوجهة الأنطولوجية, التى تؤمن بوحدة الوجود الذى ينكر هذا العلو لأنه يوحد بين الله والطبيعة, فالله مرادف للطبيعة, على نحو ما يرى سببوزا. أما نيتشه فقد أعلن أن (الله قد مات) وذلك فى كتابه هكذا تحدث زرادشت.

وفى تاريخ الفكر اللاهوتى المسيحى أصدر الأسقف الإنجليكانى جون روبنسون فى 19 مارس 1963 كتاباً عنوانه «لنكن أمناء لله»، جاء فيه أن الله ليس هناك ولا هو فوق ولكنه فى العمق بمعنى أنه أساس جميع الموجودات, وهذا قد يتفق مع مذهب وحدة الوجود, الذى ينكر أى علة مفارقة لهذا الكون. بينما أصدر توماس التيزر كتاب بعنوان (انجيل الإلحاد المسيحى) جاء فيه : أن الله قد مات فى زماننا, وفى تاريخنا, وفى وجودنا, وأن نيتشه قد اقتنص هذا المفهوم فى القرن التاسع عشر, وبقى على اللاهوتيين فى القرن العشرين التبشير بهذا الحدث وسط الجماهير على الإطلاق, والجماهير المسيحية على التخصيص ذلك أن المفهوم التقليدى عن الله من حيث هو مستقل عن العالم المخلوق ليس إلا أسلوباً مؤقتاً من أساليب التفكير, وإسقاطاً للاغتراب الذى يعانى منه الإنسان مع ذاته. أى أن الإنسان يكون صوره لله خارجة عن الكون نتيجة شعورة بالاغتراب عن هذا الكون وعجزة عن تفسير الكون تفسير علمى.

وفى عام 1966 نشر وليم هاملتون مع توماس التيزر كتاباً عنوانه "اللاهوت الراديكالى وموت الله" ويرى هاملتون أن مسألة موت الله هى حدث تاريخى ثقافى تم فى أوروبا وأمريكا فى القرنين الأخيرين, وما على الإنسان إلا التكيف مع هذا الحدث, وقبول الموت التاريخى الثقافى لأنه لم يعد صالحاً لتحريره من القلق واليأس. أما القس البروتستانتى بول فان يرى فى كتابه (المعنى العلمانى للإنجيل) أن لفظ "الله" لم نعد فى حاجة إليه لأنه بلا معنى. (سلطان العقل, مراد وهبه, 2007, دار قباء).

أما فى تاريخ الفكر الإسلامى دعت المعتزلة إلى سلب الصفات عن الله , وذلك لأن عدم سلبها فيه إساءة إلى الذات الإلهية, وهذه الإساءة تتمثل فى القول بأن ثمة تشابهاً بين الإنسان والله, ومن شأن هذا القول أن يخرج الإنسان من أهل التوحيد إلى أهل الشرك. وعلى الجانب الأخر, فقد أدان أهل السنة, رأى المعتزلة عن صورتهم عن الله لأنه يعطل الألوهية من معناها، وعلى ذلك فصورة الله عند أهل السنة لها أسماء وصفات متعددة وهى التى يمكن التدليل عليها بأسماء الله الحسنى.

والسؤال إذن:
أى صورة لله قد تم تشويها؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - وفي كل شيئ له اية -- تدل على أنه واحد
عبد الله اغونان ( 2014 / 6 / 6 - 14:49 )

تراجع

قصيدة معروف الرصافي

أنظر لتك الشجره --- ذات الغصون النظره

وخاطرة منصور فهمي

أنت أنت الله

وخطب الامام علي بن أبي طالب في التوحيد

وكلها على النت


2 - تعليق
عبد الله خلف ( 2014 / 6 / 6 - 18:04 )
الله (ليس كمثله شيء) و (لم يكن له كفواً أحد) .
العلم يقول : (اننا إذا رمزنا للموجات الكهرومغناطىسية بخط تبلغ طوله150 مليون كيلومتر ؛ فإن العين البشرية تبصر منه مترا ونصف المتر ؛ فقط!... ما أشد عجز البصر عن إدراك ما حوله!... مثال آخر : هل يعلم المادي ان المخ البشري يتعرض لـ (400 مليار) معلومة في الثانية لكنه يدرك منها (2000) معلومة ؛ فقط!... ما أشد عجزه الإنسان عن الإدراك!) .


3 - اقرا سيرة الرب يسوع تجد الله
سلام عادل ( 2014 / 6 / 6 - 18:10 )
ادعوك من كل قلبي ان تقرا سيرة الرب يسوع المسيح دون احكام مسبقة، ودون تعصب لفكرة او مجموعة افكار سلبية، بل اقرا سيرة الرب يسوع بعقلية الباحث الذي يفتش بحرارة ونزاهة، وستجد الجواب لسؤالك: اين الله؟

لي الحق كانسان ان اسال وابحث، حتى لو كان سؤالي عن الله شخصيا. وانا اصلي ان تتفكك القيود على العقول في العالم الاسلامي ليبحثوا عن الله؟ وعن حقيقة شخص الله، وذلك دون ان يرهبهم شيخ مسلم بقول القرآن: لا تسالواعن اشياء ان تبد لكم ...
ممنوع السؤال فب الاسلام لانه يقود الى الردة وانهيار هذا الدين الهش الذي يحرم حرية السؤال والتفكير


4 - اقرا سيرة الرب يسوع تجد الله
سلام عادل ( 2014 / 6 / 6 - 18:10 )
ادعوك من كل قلبي ان تقرا سيرة الرب يسوع المسيح دون احكام مسبقة، ودون تعصب لفكرة او مجموعة افكار سلبية، بل اقرا سيرة الرب يسوع بعقلية الباحث الذي يفتش بحرارة ونزاهة، وستجد الجواب لسؤالك: اين الله؟

لي الحق كانسان ان اسال وابحث، حتى لو كان سؤالي عن الله شخصيا. وانا اصلي ان تتفكك القيود على العقول في العالم الاسلامي ليبحثوا عن الله؟ وعن حقيقة شخص الله، وذلك دون ان يرهبهم شيخ مسلم بقول القرآن: لا تسالواعن اشياء ان تبد لكم ...
ممنوع السؤال فب الاسلام لانه يقود الى الردة وانهيار هذا الدين الهش الذي يحرم حرية السؤال والتفكير


5 - اقرا سيرة الرب يسوع تجد الله
سلام عادل ( 2014 / 6 / 6 - 18:10 )
ادعوك من كل قلبي ان تقرا سيرة الرب يسوع المسيح دون احكام مسبقة، ودون تعصب لفكرة او مجموعة افكار سلبية، بل اقرا سيرة الرب يسوع بعقلية الباحث الذي يفتش بحرارة ونزاهة، وستجد الجواب لسؤالك: اين الله؟

لي الحق كانسان ان اسال وابحث، حتى لو كان سؤالي عن الله شخصيا. وانا اصلي ان تتفكك القيود على العقول في العالم الاسلامي ليبحثوا عن الله؟ وعن حقيقة شخص الله، وذلك دون ان يرهبهم شيخ مسلم بقول القرآن: لا تسالواعن اشياء ان تبد لكم ...
ممنوع السؤال فب الاسلام لانه يقود الى الردة وانهيار هذا الدين الهش الذي يحرم حرية السؤال والتفكير


6 - اقرا سيرة الرب يسوع تجد الله
سلام عادل ( 2014 / 6 / 6 - 18:10 )
ادعوك من كل قلبي ان تقرا سيرة الرب يسوع المسيح دون احكام مسبقة، ودون تعصب لفكرة او مجموعة افكار سلبية، بل اقرا سيرة الرب يسوع بعقلية الباحث الذي يفتش بحرارة ونزاهة، وستجد الجواب لسؤالك: اين الله؟

لي الحق كانسان ان اسال وابحث، حتى لو كان سؤالي عن الله شخصيا. وانا اصلي ان تتفكك القيود على العقول في العالم الاسلامي ليبحثوا عن الله؟ وعن حقيقة شخص الله، وذلك دون ان يرهبهم شيخ مسلم بقول القرآن: لا تسالواعن اشياء ان تبد لكم ...
ممنوع السؤال فب الاسلام لانه يقود الى الردة وانهيار هذا الدين الهش الذي يحرم حرية السؤال والتفكير


7 - تساؤلات حول الله إله القرآن
مدحت محمد بسلاما ( 2014 / 6 / 7 - 09:51 )
هذا الموضوع ذكرني بكتاب صدر مؤخرا بالفرنسية لكاتب مسلم مالك السيبالي عنوانه: -الله، من أنت؟ يطرح فيه تساؤلات عديدة عن -الله- أي إله محمد والقرآن والمسلمين. لم يخف هذا الكاتب من الآية القائلة: لا تسالواعن اشياء ان تبد لكم ...، بل تجرأ وطرح أسئلة عديدة مدعومة بآيات قرآنية تكشف عن زيف هذا الإله وصفاته الهمجية مثل -المهيمن- و-الجبّار- و-المتكبّر- و-القهار- و -الفنّاح- و-القابض- و -الخافض- و-المذلّ- و-المميت- و -المنتقم- و-الضّار-... تساءل عن تناقضاته الفاضحة الواردة في القرآن المنسوب إليه، تساءل عن جدوى أنواع القسم الذي لجأ إليها هذا الإله ليثبت وجوده، تساءل عن علاقاته بالشيطان شريكه في النصب والاحتيال والفساد والإفساد، تساءل عن ميكيافيلية هذا الإله الذي يأمر بالقتل والسبي ويبرّر الحروب ضد الآخرين وكأنهم ليسوا من مخلوقاته، تساءل عن التعاليم البربرية التي يزخر بها قرانه، كما تساءل عن هذا الإله الذي سهّل كل شيء لخدمة أهواء ونزوات محمد . هذا الإله أنا براء منه ومن تعاليمه الفاسدة ومن كل من يتبع ويؤمن به.


8 - مدحت محمد بسلاما
عبد الله خلف ( 2014 / 6 / 7 - 10:30 )
هل أنت من أتباع (يسوع الناصري) بن (العسكري بانديرا)؟ .
التاريخ يؤكد أن (يسوع بن العسكري بانديرا) كان إرهابي و عنصري , كما يؤكد التاريخ أن أتباعه إرهابيون بإمتياز , راجع :
صور من الإرهاب المسيحي :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=412521
طبعاً هذا الإرهاب مبني على نصوص كثيره , راجع :
الارهاب في الكتاب المقدس :
http://www.ebnmaryam.com/vb/t185565.html


9 - تناقض عند المتدينيين
نور الحرية ( 2014 / 6 / 7 - 12:34 )
اذا كان الانسان عاجزا لهذه الدرجة يا اغونان ومن لف لفه عن التفكر وعن التبصر فكيف له ان يعرف الله الذي ليس كمثله شيئ الذي تدعيه اما ترى انكم تناقضون انفسكم . انه الاتباع الاعمى فقط

اخر الافلام

.. عادات وشعوب | مجرية في عقدها التاسع تحفاظ على تقليد قرع أجرا


.. القبض على شاب حاول إطلاق النار على قس أثناء بث مباشر بالكنيس




.. عمليات نوعية للمقاومة الإسلامية في لبنان ضد مواقع الاحتلال ر


.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الكنائس القبطية بمحافظة الغربية الاحت




.. العائلات المسيحية الأرثوذكسية في غزة تحيي عيد الفصح وسط أجوا