الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الا الحرم الجامعي

حسين القطبي

2014 / 6 / 8
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


للمراقد والمراكز الدينية قداستها، التي لا يستطيع تدنيسها حتى رجل الدين، فمجرد دخول احدهم بالحذاء، او اطلاق ترنيمة غير دينية، او دخول امرأة حاسرة الرأس، يعتبر تدنيسا للمكان، ويعاقب الشخص بالطرد، بالاهانات ان لم يكن باللكمات، احتراما وتبجيلا لموقع المراقد الدينية لدى رجال الدين.

واما لرجال العلم، واساتذة الجامعات فان الحرم الجامعي لا يقل قدسية، ففيه تتفتح ازاهير الانسانية، يدخل الطالب او الطالبة بدون ادنى خبرة في مجال عمله، ليخرج منها متخصصا في طريقة ما بخدمة مجتمعه، اقتصاديا او اجتماعيا.

وما فعله رجال داعش المسلحون في الحرم الجامعي في الانبار، هو تدنيس لحرمة الجامعة، اخطر بكثير من دخول امرأة بلا غطاء الرأس الى الحرم الديني.

فاذا كانت حرمة الاماكن الدينية تأتي من قصص يرويها لنا رجال الدين، ووقائع تاريخية اقربها لنا قد يكون بفاصل الف عام، فان حرمة الجامعات هي للدور الذي تضطلع به هذه الاماكن في بقاء المجتمعات الانسانية على قيد الحياة، وهي المسؤولة عن حياة البشر اليوم، بكل الافراد.

فلولا الجامعات لما كان هنالك مهندس ولا طبيب ولا اداري، ولما كانت هنالك برامج تربوية ولا علم نفس، ولما انجبت الانساينة هذا العدد من العلماء والمخترعين ولا اي من الوضائف التي لا حياة لمجتمعنا المعاصر بدونها.

لولا المهندس لما كانت هنالك اليوم سدود تنظم الاستفادة من الثروة المائية، ولا مبان تستوعب اعداد البشر المتزايدة في المدن الكبيرة، ولولا الطب لما استطاعت الاسر انقاذ اطفالها، ولما وصل عدد سكان الارض الى سبعة مليارات نسمة.

لولا الجامعات لما كانت هنالك وسائط نقل تستطيع تلبية حاجات البشر من نقل الغذاء من المزارع البعيدة للمدن، ولما كانت هنالك انانبيب نقل الماء ولا تصريف مياه الصرف الصحي.

ولولا الجامعات لما كان هنالك "حبة" تنقذ حياة طفل مريض، ولما كان هنالك جرعة دواء تهب الحياة لمريض، ولما كان هنالك لقاح يعطي المناعة ضد مرض الجدري، ولما كانت هنالك امصال للشفاء من الاوبئة الفتاكة، ولما كان هنالك مشارط للجراحة، بل ولا حتى نظارات طبية.

نعم لولا الجامعات لما كان هنالك ما يكفي البشر اليوم من الملابس، ولا المأكل ولا حتى مياه الشرب.

واخيرا استطيع ان اتخيل مجتمعا بلا مراكز دين، فقد تستطيع الشعوب تدبير امرها، والدليل هو هذا التنوع والتعارض واحيانا التقاتل الديني الذي يبرهن ان هنالك محق في الدين واخر خاطئ. بتعبير اخر فان كثير من الشعوب تعيش على مراكز دينية خاطئة، من وجهة نظر رجال الدين انفسهم، المحسوبين على الدين الاخر، والداعين للجهاد وتهديم رموز الاديان الاخرى.

ولكني لا استطيع ان اتخيل المجتمع الانساني بدون جامعات، بلا علماء، بلا معلمين، بلا مهندسين، ولا اطباء، وهذا هو دين الحرم الجامعي في اعناق البشر، افلا يستحق الحرم الجامعي هذه القداسة؟

اقتحام رجال داعش المدججين لحرم جامعة الانبار، بهدف استباحتها، هو تدنيس، وهو كفر اخطر بكثير من دخول امراة بلا غطاء رأس الى مرقد من مراقد الدين، وان تكرر فان ذلك هو بداية الانحدار الحقيقي في حياة المجتمع. لان الحرم الجامعي هو اخر قلاع الحياة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إطلاق نار وحرق كنيس يهودي في جمهوريتين اتحاديتين بروسيا


.. صور لاستمرار المعارك في محيط الكنيسة بمحج قلعة بداغستان




.. زاوية جديدة للاشتباكات المسلحة في محيط الكنيس اليهودي في داغ


.. مشاهد تظهر استيلاء مسلحين على سيارة شرطة أثناء تنفيذ هجوم عل




.. 119-An-Nisa