الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ألمطران ريا – كان رجل دين ورجل وطن، لا يكتمل الاول الا بالآخر

عصام مخول

2005 / 7 / 26
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


هذا الحفل التأبيني المهيب للمطران يوسف ريا – ليس للذكرى فقط، وانما هو قبل كل شيء التزام بقضية، واعلان لوصية كفاحية مشرفة. ليس فقط لفتة نحو ماضي انسان كبير ترك بصماته في هذا الوطن الشائك، بل هو نداء وصرخة للمستقبل.. نداء للمهجرين في اقرث وبرعم وفي كل القرى المهجرة، ونداء لرجال الدين، الذين يريدون ان يتركوا بصماتهم بحق.. في زمن الاقتلاع، والدمغرافيا، والفصل العنصري.. واذا كان الدين لله والوطن للجميع، فان المطران ريا كان رجل دين ورجل وطن لا يكتمل الاول الا بالآخر.
قدم المطران يوسف ريا الى البلاد، في لحظة انعطاف وزخم نضالي في حياة الاقلية القومية العربية في اسرائيل، واحضر معه نموذجا جديدا لرجل الدين، ولقائد ابرشية الجليل، نموذجا قادما من ساحات مارتن لوثر كينج والمعركة التي قادها انتصارا لانسانية الانسان، وانتصارا على غول العنصرية والعنصريين في معقل العقلية العرقية البيضاء، في الولايات المتحدة الامريكية.
ان الإله الذي آمن به يوسف ريا وحمله في قلبه، وفي ذهنه، وفكره ووجدانه، كان على شاكلته ومثاله – إلها متواضعا، مستقيما، صادقا، متنازلا عن عليائه، مناضلا مع الناس، لا بديلا عنهم، ملتصقا بهمومهم، يحملها معهم وليس عنهم، يهتز للظلم ولمعاناة المقهورين، ويهز اصبعه بشجاعة في وجه الظالم. لقد رفض يوسف ريا – ان يكون الله الذي يؤمن به شماعة يعلق عليها الناس همومهم، وقضاياهم، وكسلهم واتكاليتهم، وجعل منه إلها مستنفرا، وداعية للكفاح والدفاع عن الحق وعن الكرامة وعن العزة، من اجل انسانيتهم.
قال المطران البرازيلي دون كامارا:
عندما كنت اقدم الطعام للفقراء، قالوا عني قديسا، وعندما صرت اسأل لماذا لا يملك الفقراء الطعام، قالو عني شيوعيا، وان شئتم قالوا عني ثوريا، والمطران ريا، عرف وتجرأ على ان يسأل السؤال الصحيح- لماذا لا يملك الاقارثة ارضا وبلدة، وقطعة من وطن.. فتردد صدى سؤاله الثوري، والانساني، من اقصى البلاد الى اقصاها، والتفت الجماهير من حول سؤاله البارع، لتجعل منه معركة وطنية ودمقراطية رائعة ، يشارك فيها العرب الوطنيون، واليهود الدمقراطيون المتدينون وغير المتدينين، المسلمون والدروز والمسيحيون.
يوسف ريا اهتز لاقرث وبرعم وللحق المسلوب، فهزنا رحيله، التصق بهموم الناس، فليس غريبا ان نفرد له مكانا خاصا متميزا في ذاكرتنا ووجداننا.

(ملاحظة: القيت في الحفل التأبيني لذكرى المطران الراحل يوسف ريا الذي اقيم في كنيسة اقرث المهجرة امس الاول السبت 23/7/2005).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 155-Al-Baqarah


.. 156-Al-Baqarah




.. 157-Al-Baqarah


.. 158-Al-Baqarah




.. 159-Al-Baqarah