الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرأة ونقد الفكر الرأسمالى

نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)

2014 / 6 / 11
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


فى أوائل سبتمبر 1981 فى عصر السادات وجدت نفسى فى السجن لأنى تساءلت: كيف اصبحنا نعتمد على الشركات الأجنبية فى كنس مطار القاهرة؟ ومقال آخر عن الانفتاح الاقتصادى والانغلاق العقلي. وجهان لسياسة الاستعمار الجديد انتجت مزيدا من القهر الطبقى والجنسى الواقع على النساء والفقراء. ألم نشهد تزايد الفقر مع تزايد تحجيب النساء؟
أغلب البحوث العلمية كانت تفصل القهر الجنسى عن القهر الطبقي. وكان الربط بينهما يهدد مستقبل الباحثة أو الباحث لأنه يكشف الظلم المزدوج الذى تعيشه النساء فى ظل الرأسمالية. لكن بعض الباحثات الشجاعات (فى الشرق والغرب) استطعن نقد الفكر الرأسمالى بطريقة جذرية ومنهن "زيلا انزنشتاين" الأستاذة بجامعة إيثاكا فى نيويورك التى قامت بدراسة نقدية لكتاب "رأس المال فى القرن الواحد والعشرين" تأليف الاقتصادى الفرنسى (توماس بيكيتي) رأت أنه يناقض نفسه، فيصف علم الاقتصاد بالجمود داخل الأرقام ويظل حبيس المنطق ذاته ويركز على الاقتصاد الأوروبى والأمريكى فى القرن الثامن عشر الذى قام على تجارة العبيد. لكنه لا يرصد التغيير فى طرق التجارة والسوق وتغير انواع الاستغلال للنساء والفقراء والمهاجرين.
وهل تحرر العبيد؟ والأغلبية الساحقة من البشر أصبحوا عبيدا لرأس المال. الذى ينمو كالورم السرطاني. تغيب قيمة الجهد الانسانى عن عقلية السوق الرأسمالية يحكمها إله بلا عقل (رأس المال) يسيطر على كل شيء إلا شهوته لانتاج نفسه وإعادة انتاجها.
لم يدرك "كارل ماركس" قيمة عمل النساء البيولوجى الاقتصادى (انتاج الأطفال وإعادة انتاج الأيدى العاملة). كأهم مصدر لأرباح الرأسمالية. ويقع "توماس بيكيتي" فى الخطأ نفسه. لكنه يدرك استمرار عدم المساواة العنصرية والجنسية حتى اليوم. وإن غاب عنه دورها فى تراكم رأس المال. كما يهمل أرباح التجارة بالجنس وأجساد النساء والأطفال وتجارة الرقيق الأبيض. لقد غاب عنه الاستغلال الجنسى الاقتصادى العنصرى كالوجه الآخر لتراكم رأس المال.
ويعترف المؤلف. أن عدم المساواة زادت عن الحد. لكنه لا يرى أن زيادتها تعود إلى الزيادة فى استغلال عمل النساء والفقراء والمهاجرين. وقد كشفت مأساة الهجرة عن بشاعة الرأسمالية فى القرن الواحد والعشرين.
وتشتد الهوة بين البلاد الرأسمالية الاستعمارية (الغنية) والبلاد المنهوبة (الفقيرة) مع تطور تكنولوجيا الحرب والنهب والإعلام والإعلان والمضاربات فى البورصات وسرعة حركة رأس المال وتقدم آليات السوق. وقد تعرض الشعب العراقى لأبشع أنواع النهب الاقتصادى والتدمير العسكرى والتقسيم الطائفي. تحت اسم الديمقراطية والانتخابات والسوق الحرة. ويتكرر الثالوث البشع حتى اليوم فى بلاد متعددة. منها ليبيا وسوريا ولبنان والسودان ونيجيريا وأفغانستان وغيرها.
وتقوم عدم المساواة على العنف والاستغلال وإعلاء صوت الرأسماليين فى أمريكا وأوروبا وأعوانهم فى الفاتيكان والتيارات اليهودية والمسيحية والاسلامية وجيوش الاحتلال والفضائيات ورجال الأعمال والبورصات والبنوك والشركات وغيرها من مؤسسات الرأسمالية.
وتتغير أشكال العنف ضد النساء داخل البيت وخارجه. وتتضاعف الأرباح الناتجة عن تجارة الجسد والجنس والسلاح والمخدرات وغسل الأموال وجراحات التجميل وأدوات الزينة والإغراء وتعرية النساء وتغطيتهن بالأحجبة تصاحبها أنواع متجددة من اغتصاب عرق النساء ودمائهن. وأصبحت المرأة هى البروليتاريا العالمية. تغذى الرأسمالية بأكبر الأرباح.
وتموت الآلاف من العاملات فى صمت داخل البيوت وخارجها. وتشجع الرأسمالية التيارات الدينية التى ترهب المرأة وتقهرها (فى نيجيريا بوكو حرام خطفت أكثر من مائتى فتاة لم يعدن حتى اليوم). وفى مصر تعاون الاستعمار الأمريكى مع حكومات السادات ومبارك ومرسي. فى تشجيع وتمويل التيارات الدينية لضرب القوى الوطنية وتقسيم الشعب المصرى وتحجيب النساء والانغلاق العقلى مع الانفتاح غير المشروط أمام البضائع الأجنبية. دمر الانتاج المحلى وأصبحت مصر تعتمد على المعونات الخارجية والشركات الأجنبية حتى فى كنس المطار إلى أن قامت الثورة المصرية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - المرآة
ناس حدهوم أحمد ( 2014 / 6 / 11 - 16:13 )
تحليل دقيق للكاتبة يربط القهر الجنسي بالقهر الطبقي ضد الرجل والمرأة على السواء
وما يحدث الآن عندنا في عالمنا العربي لهو أكبر دليل على صحة
هذا التحليل ومصداقيته
فقهر المرأة وتحجيبها ليس إلا نتاج هذه السياسة الرأسمالية
الطبقية التي تفصل الرجل عن المرأة لتكريس عدم مساواتها بأخيها
الرجل لإضعاف المعركة التي تخوضها المرأة من أجل تحريرها من
الوصاية الأبوية التي تريد لها تهميش دورها في التحرير والتنمية
والحرية والكرامة
وكمثال صارخ ضد حق المرأة في الحرية والكرامة هو ما نجده في السعودية مثلا حيث تمنع المرأة حتى من سياقة سيارتها وإرغامها على تغطية وجهها وجسدها لتصبح شبحا داخل المجتمع وتهميش دورها ومصادرة حريتها في الإحتجاج أو إعلان رأيها لتظل مجرد شبح إجتماعي لا يصلح إلا لتلبية إرادة الرجل الجنسية لا أقل ولا أكثر


2 - الاثر السلبي بين تشليح المرأه
ahmad ( 2015 / 8 / 18 - 14:27 )
يجب ان لا يتم المقارنه بين الاثر السلبي بين تشليح المرأه ( الحريه المطلقه ) وتستير المرأه

اخر الافلام

.. أغنية خاف عليي


.. مخرجة عراقية توثق معاناة النساء في عملهن بمعامل الطابوق




.. بعملهن في المجالات المختلفة تحققن اكتفائهن الذاتي


.. سناء طافش فتاة فلسطينية شهدت العديد من الحروب




.. سندس صالح، إحدى المتدربات في مركز الإيواء