الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الموصل بين مؤتمرين ومؤامرة

مصطفى بالي

2014 / 6 / 12
القضية الكردية


بين مؤتمر صلاح الدين بهوائه السياحي وبين مؤتمر لندن بزحمة أرشيف التراسيم النازفة لذاكرة البشرية،ثمة شريط دامي للكرد فيه نصيب الأسد،تطاحن على طرقات المؤتمريَن الكثير من المؤْتَمِريْن،ضاعت إزاءها مدن وجغرافيا،تعيش عليها أمهات فقدت أفلاذ الأكباد في حلمهم الساذج،همس الكثير من العشاق في آذان معشوقاتهم بغد أفضل،وعد الكثير من الباعة زبائنهم بحناء الموصل فيما لو تحررت كردستان,لكن فجأة،في معمعة لا يمكن للمرء أن يقف عن حدود الجملة جراء نافورة الدم المفتوحة،قالوا(الموصل مدينة غير كردستانية وكركوك مؤجل الحديث عن مصيرها).
المؤتمرات،القصور،الصالونات،مصالح رأس المال،قد تغير واقعا على الأرض لبعض الوقت،وقد تغير واقعا على جزء من الأرض كل الوقت،لكنها بالمطلق لا تستطيع أن تمحو ذاكرة الشعوب،عاجزة تماما عن تغيير أحلام الشعوب،كل الدماء التي تريقها على مذبح جشعها،كل الحبر الذي تهدره في أكاديمياتها بتأليف الوثائق المزورة،وتسويق أشباحها على أنهم قادة وثوار لا تستطيع أن تغير المسار التقدمي لحركة التاريخ،لا تستطيع الصمود طويلا أما ديناميات المجتمعات التي تكافح الكذب والتزوير في تلافيف الذاكرة المجتمعية كما تكافح كريات الدم البيضاء الأجسام الغريبة في الجسد.
على بعد ستة عشر خريفاً من سنوات عجاف تلوح لنا ملامح مؤتمر صلاح الدين مصفرة من هول ما خطط في كواليسه،ولندن ما زالت ترقب التحولات البرامسيومية عن كثب،فحبر المؤامرات المؤتمراتية لا يستطيع أن يطغى على نهر الشعوب المتدفقة،وتسليم الموصل لرهانات جشع رأس المال لن يحمي أحد من أعاصير الإرهاب
سقطت الموصل أو أُسقِطت،لا يهم،فهي حادثة كانت ستحدث إن آجلا أو عاجلا،لكن العبرة في تداعياتها،قديما قالت العرب(لا نبيع الدم باللبن)والموصل كانت ضحية زيتها(نفطها)هي الحسناء التي كانت دائما حاضرة في أسواق النخاسة،يستحصلها من يدفع أكثر أو إذا شئنا الدقة من يمتلك القوة أكثر فبالنتيجة القوة والمال والسلطة هو ثالوث الرعب الذي يحاسب البشر على شهيقهم وزفيرهم،إنه مثلث برمودا الذي أفنى الكثير من الأمم كما تفنى بركة من سراب الصيف فتصبح أثرا بعد عين
الآن وبعد أن أصبح الإرهاب على مرمى حجر من أحلامنا،وذاكرتنا متخمة بهجرات متنوعة الأعداد والأنواع،وأجسادنا مثخنة بجراح الأمس القريب،بعضها شفي لكنه ندوبه نافرة على سطح الجسد وبعضها مازال مثخنا وموغلا في الألم،علينا أن نطرح السؤال الأزلي بجرأة وشجاعة(ما العمل؟؟)وعلينا أن نبحث عن الأجوبة المناسبة لهذا السؤال الصعب،يجب أن نكون على أهبة الاستعداد لتلقي أصعب الأجوبة تجاه هذا السؤال المصيري،وعلينا أن نتعظ من تجاربنا وتجارب غيرنا أيضا،وعلينا أن نخرج من دوائرنا الضيقة المغلقة،الدوائر الحزبية،العائلية،الأقليمة .....فكلها دوائر وكلها مغلقة،يجب فتح ثغرات فيها ليتسرب منها بعض من نور عله يضيء لنا شيئا من طريق
الحلول الفردية لن تودي بأحد سوى إلى مهلكته وحينها حتى (الطَرْق على جدران الخزان)لن يُسمِعَ صوتنا للعالم،وابن العلقمي الذي اعتقد أنه يخدم الشعب وينقذ نفسه بتواطئه مع هولاكو كان أول ضحايا هولاكو،لكن بعد أن سقطت بغداد فما عاد الندم ينفع سوى أنه عبرة للتاريخ ولمن يعتبر
الكرد أمام أهم منعطف في تاريخهم،والموصل حبة المسبحة التي منها سيتحد مصيرنا،إما سقوطا تلو الآخر حتى نكرع آخر قطرة من علقم،أو نهوضا إثر نهوض حتى نرتشف آخر رشفة من رحيق،علينا أن ننسى الأمس وما ارتكبناه بحق بعضنا البعض،فمن أرسل لجان تقصي عوراء لم ترى مجازر تلعرن وتل حاصل ليس بالضرورة أن يكون قدوتنا ونبادله بالمثل،فالمجازر لا تحتاج إلى لجان تقصي أصلا،ومن ساهم مع داعش في فرض الحرب والحصار علينا واستضاف العروببين والقومجيين في فنادقه،اتهم مواكب شهدائنا بأنها مسرحيات و و و و،ليس بالضرورة أن تمثل أخلاقه وسلوكه
واجبنا ككرد أن نسمو على وضاعة الأفكار ونعلو على الجراح لنتجاوز هذه المحنة ولتكن الموصل بأهلها وجغرافيتها هي بوصلتنا وليس الموصل بزيتها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شبح المجاعة يخيم على 282 مليون شخص وغزة في الصدارة.. تقرير ل


.. مندوب الصين بالأمم المتحدة: نحث إسرائيل على فتح جميع المعابر




.. مقررة الأمم المتحدة تحذر من تهديد السياسات الإسرائيلية لوجود


.. تعرف إلى أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023




.. طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة