الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في العراق: اهي حروب الطوائف ام حروب طائفية؟

مالوم ابو رغيف

2014 / 6 / 14
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الشعب مفهوم قانوني وليس مكونات لافراد او لمجموعات لغوية او دينية او عرقية، انه مفهوم يتوحد فيه الناس على اساس الالتزام بالدستور وبالقانون وبالانظمة والفكلور والثقافات العامة، فاذا كان الدستور والانظمة والقوانين قد كتُبت وشُرعت واقُرت وفق التزامات المحاصصة والتوازنات الطائفية، انتهى الشعب كمفهوم وكوجود موحد. اذ عندها لا تنتظم الناس بخيط مسبحة القوانين انما تنتظم باعراف الطوائف والقوميات والعشائر وتعاليم الاديان.
نشير ايضا الى حالة قد انتبهه لها العراقيون والليبيون والشعب السوري ايضا، بان هذه الشعوب في هذه الدول قد تواجه التفتت برحيل من حكمها او يحكمها!!
فقد يتوحد الشعب بسوط دكتاتور او استعلاء وغلاظة ملك ، اذ ان السلطة تفرض حالتها الغالبة التي تجعل من الشعب متوحد في الطرف المناقض لها، لكن عندما يرحل الحاكم، يغيب السوط او بطش التاج، عندها تتناقض الناس وفق اختلافات انتماءات الديانات والمذاهب والقوميات ، ان ذلك يعني بان المواطنين لم يصلوا الى مرحلة الرقي.
وهو امر واضح، كلما ضعف القانون او ارتخت قبضة الحاكم، غلبت روح القبيلة وسادت حكومة العشيرة واصبحت الكلمة الفصل لرجال الدين ولآئمة الجوامع وشيوخ العشائر ولكبار رجال القبيلة. فهذه الشعوب لم تصل الى الرقي الاجتماعي الذي يعني تجاوز مراحل الانتماءات العشائرية والقبلية والدينية .
ان اول من قطع خيط المسبحة في العراق ونثر خرزها هو صدام حسين حين قسم العراق الى محافظات بيضاء، وهي المحافظات التي لم تنتفض عليه، ومحافظات سوداء هي تلك التي ثارت عليه وقطعت حبل الولاء له بعد حرب الخليج الثانية.
لم يكتف صدام بالابادات البشرية ولا بالمقابر الجماعية بل ادخل الوهابية وقاد الحملة الايمانية الاسلامية، فسكن الشعب الخوفان، خوف من جلاوزة البعث وخوف من الله. كان الشعب العراقي يوحده سوط الجلاد، مع ان الصراخ بقي حبيسا داخل الصدور.
لم يكن الله ملاذا للناس من عنف الجلاد، فهو مشترك يجتمع فيه الجلاد والضحية، كانت الملاذات هي الآمال بظهور المخلص، فانشغل الناس بتعداد علامات الظهور ودراستها وتاليف الكتب عنها، حتى ان السيد محمد صادق الصدر كتب ما يعرف بالموسوعة المهدوية ذاكرا فيها كل علامات ظهور المهدي. و كانت ملاذات اخرى هي زيارات العتبات المقدسة والبكاء على جدرانها بعد ان اعتبرت السلطات بان البكاء نوع من انواع الاحتجاج.
الايمان والسلطة كلاهما يثيران الخوف والرعب في نفوس الناس، الايمان خوف من عذاب الله المؤجل، يفقد المؤمن فيه اخر ذرات العقل، فهو قد يقتل براحة ضمير مرضاة للرب ولتجنب عذاب الاخرة ونيل ثوابها.
ورعب من تعذيب السلطة المعجل، رعب يسكن احلام ويقظة الناس، فيصبحون مرضى نفسيون وبيادق ليس لها قيمة تتراقص هلعا امام الدكتاتور على رقاع الميادين والشوارع العامة لارضائه وتجنب التعذيب في زنازاته.
بعد اسقاط النظام في سنة 2003 ابقت الاحزاب الاسلامية والشخصيات السياسية التي انتظمت بما يعرف بالعملية السياسية، على خيط المسبحة مقطوعا وعلى خرزها متناثرا اذ ان مصلحتها تقتضي ذلك. فهي لا شيء دون خلافات المذاهب.
واذا كان صدام قسم العراق الى محافضات بيضاء واخرى سوداء، فان واقع المحاصصة الجديد قسم العراق الى محافظات سنية ومحافظات شيعية ومحافظات كوردية منتظمة في اقليم.
واذا كان الشعب مفهوما قانونيا وحدته في ان الجميع يكونون متساويين امامه، فكيف يمكن لنا وصف السكان بـ (الشعب) اذا كان الدستور، وهو ابو القوانين، قد شرع على اساس الحس الطائفي والقومي والالتزام الديني؟
لم يعد للشعب العراقي ما يربطه وما يوحده سوى الاغاني القديمة ومسابقات الاغاني الجديدة والفلكلور واسماء مشاهير الشعراء والادباء والمبدعين الذين لا احد يعرف طوائفهم لان اغلبهم كانوا ملحدين والرياضة ومواسم بطولات كرة القدم.
ان ما نراه في العراق اليوم من حرب مستعره، هي في حقيقتها حرب الطوائف، وليس حرب طائفية والفرق بين المفهومين هو التالي:
حروب الطوائف لا تحركها نزعات الدين ولا شعور الايمان المذهبي، فالعشائر ابعد ما تكون عن الدين ، انما تحركها اندفاعات فرض الهيمنة واخضاع الاخر، انه اثر تاريخي متجذر في روح البداوة وثقافة الغزو.
حرب الطوائف ذات حس عشائري قد يكون الانتماء الطائفي عاملا لجمع الشمل لكنه ليس الجوهر المحرك.
بينما الحروب الطائفية جوهرها الايمان باديولوجيا دينية كمنهج وكسلوك وكنظام. مثل ما تؤمن القاعدة والاخوان المسلمون وجبهة النصرة والدواعش بالعقيدة الوهابية.
اما الشيعة، فان الدين عندهم غير مكتمل ليكون ايديلوجيا طائفية، لقد رُفضت لا شعوريا جميع محاولات تحويله الى ايديلوجيا، ذلك لانه يفقد رونقه الطقوسي المبني على المرثيات والحزن الموروث والعواطف الجياشة.
حتى السيد باقر الصدر الذي اراد تحويل المذهب الشيعي الى ايديلوجيا متأثرا بكتب سيد قطب ونظرياته، ومع كل الهالة التي رسمها اتباعه حوله، بقيت كتبه محصورة بين نخبة من الاتباع ولم تصبح عمودا للثقافة الشعبية الشيعية.
مهما كبر رجل الدين عند الشيعة، تُصَغره مقارنة تاريخية في اللاشعور الشيعي، فكل كبار رجال الدين بل كل الخلفاء يبدون صغارا عند مقارنتهم مع الآئمة الاحدى عشر.
جماعة حزب الدعوة، المالكي والجعفري وصلاح عبد الرزاق وعدنان الاسدي وحيدر العبادي وعزت الشاهبندر، اولئك الذين يمتهنون الايدلوجيا الاسلامية الاخوانية بنسختها الشيعية ويحاولون فرضها دون ارتداء الجبة الدينية، رفضتهم الناس ولم تأبه بهم. اذ انهم يفتقرون الى الرونق الطقوسي.
لذلك في زيارته ليلة البارحة الى مدينة سامراء حرص رئيس الوزراء المالكي على اظهار تمسكه بالطقوس و التقيد بالتزامات الزيارة واداء الصلاة، لكي يظهرانه شيعيا طقوسيا وليس شيعيا ايديلوجيا...
لقد كانت الطقوس الحسينية، شعارات وممارسات، موجهه ضد السلطات الحاكمة، لكن، وعندما استلمت الاحزاب الشيعية صولجان الحكم، انطفأت ثوريات الالهام الحسيني، فضد من توجه الشعارات وعلى من تلقى المسئولية؟
لذلك اخذت الثورة شكل الاحتجاج على التاريخ الذي لم ينصف آل البيت.
وهنا نقطة الاختلاف الكبيرة والعويصة بين الشيعة وبين السنة، اذ ان الطرفان، ورغم مرور 1450 عاما لم يتوصلا الى حل للخلاف، فمن يحمله الشيعة مسئولية عدم انصاف آئمتهم، يكرمه آيدلوجيو السنة.
ان الحل الذي لا يريده الطرفان، لا السنة ولا الشيعة، واقصد رجال الدين واحزابهم السياسية، هو ابعاد الدين عن الدولة...في الدولة يفقد الجميع صفاتهم الطائفية والدينية والقومية ولا يبقى سوى الانتماء الى طبقة او هواية او حزب او تنظيم مدني.












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الآلاف يشيعون جـــــ ثمــــ ان عروس الجنة بمطوبس ضـــــ حية


.. الأقباط يفطرون على الخل اليوم ..صلوات الجمعة العظيمة من الكا




.. إليكم مواعيد القداسات في أسبوع الآلام للمسيحيين الذين يتّبعو


.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم




.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله