الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اقرب نقطة دالة

مفيد بدر عبدالله

2014 / 6 / 14
المجتمع المدني


منذ كنا صغارا والحيرة ترتسم على وجوهنا ونحن ندون عناويننا حين تطلب منا في بعض الدوائر الحكومية ، نستعين احيانا بأقرب نقطة دالة، حتى وان كانت تبعد عنا مسافة غير قليلة، اذا لا توجد ارقام موحدة مثلما هو موجود في اكثر البلدان المتحضرة، فالعناوين هناك لا تقبل البس او التشكيك، منذ اعوام وانا ادل من يرغبون زيارتي من اصدقائي وبعض من اعمل معهم على شارعنا واصف لهم شكل بابنا ولونه، فتختلط الابواب على بعضهم مما يضطرهم احيانا لطرق العديد من الابواب المجاورة لبابنا للسؤال على منزلي، لكن نقطة دالة برزت منذ شهرين تقريبا امام منزلي لا تقبل اللبس او التشكيل، نبهني عليها احد اصدقائي بالهاتف وهو يبحث عن منزلي حين قال: تقصد المنزل الذي امام اكوام القمامة الكبيرة ؟ أجبته نعم، هذه العلامة الدالة لم تكن موجودة من قبل، كنا ما ان نلقي بالقمامة حتى يأتي منظفو البلدية ويرفعونها بعد وقت قليل، لكن أعداد منظفي البلدية تناقص كثيرا في الفترة الاخيرة لعدم توفر الاموال، مما اضطر البلديات لتسريح اعداد كبيرة جدا من العامين في النظافة، ولم يبق منهم الا عدد لا يتجاوز العشر او اقل، لم يكتفوا بهذا بل عمدوا لتخفيض اجرة العاملين اليومية من 15 الف دينار الى 8 الاف وهذ ما دعا عدد غير قليل من المتبقين لترك عملهم طوعا، فالأجر الجديد لا يتناسب وساعات عملهم وما يتطلب من مجهود، السبب يعود (لمصيبة) عدم اقرار الميزانية من قبل مجلس نوابنا السابق، والنتيجة ان اكوام كبيرة جدا من النفايات تجمعت بشكل كبير امام الدور والمحال وحول المناطق، ومعها تزايدت أعداد الجرذان والحشرات الضارة، والتي من المؤكد انها تجلب معها الأمراض والاوبئة .
بعض المواطنين بدأوا حرق هذه النفايات واخرون اخذوا تجميعها ونقلها لاماكن اخرى عن طريق استئجار سيارات على نفقتهم الخاصة، وهذا اقصى ما يمكن ان يفعلوه فلو انتظروا اقرار الميزانية لوصل ارتفاع اكوام النفايات اعلى من بيوتهم بمنظرها وروائها المقزز والمقرف والتي ستعطي انطباعا للناظر عن مدى التراجع الكبير والخطير الذي احدثته المناكثات السياسية بالوطن والمواطن، الا يدعو هذا المنظر المشين المعنيين للإسراع توفير الاموال الازمة لرفعها من اي مصدر اخر باطار قانوني أم ان صحتنا وحياتنا صارت رخيصة عليهم، ليست القمامة وحدها من تشكل خطرا، بل كثير من منتسبي الدوائر البلدية وغيرها من الاداريين والفنيين اللذين يعملون بالأجور اليومية او بعقود تم تسريحهم من اعمالهم غير ابهين بمعيشتهم في ظل كساد عمل خانق يعيشه القطاع الخاص نتيجة لما نعانيه من ظروف امنية صعبة وخطيرة، حتى صاروا عاطلين وهم في حيرة من امرهم ويستغيثون من العوز، فهل تصل صرخاتهم نخوت المعنيين فيجدوا لهم حلا ويتركوا في ذاكرتهم شيئا جميلا عنهم وهم يعيشون السويعات الاخيرة لدورتكم الانتخابية، المؤكد بان خلافاتهم وعنادهم اكبر من صحتنا، وسيبقى المتضررون تحت وطأة العوز وهم مقبلون على رمضان الكريم والعيد، لن يفرحوا هذا العام ومعهم اطفالهم بملبس جديد وسيبكي اطفالهم وهم يشاهدون اللعب والملبس الجديد، قد لا يعرف اطفالهم سبب ما هم فيه لكنهم سيكبرون ويشاهدون صورهم وهم اطفال، وقد تكررت الوان ملابسهم ولعبهم ذاتها لأعياد عامين او اكثر، وسيحكي لهم اباؤهم :ان نوابا سابقون حرموهم من اموالهم وقطعوا سبل عيشهم بمشاكساتهم في سنوات خلت، من اهم معالم مدنها وقراها اكوام النفايات، حتى صارت دليلا يستحق ان يدون بعناوين الرسائل وغيرها " كأقرب نقطة دالة " .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تغطية خاصة | حرية التعبير المزعومة في أميركا تسقط داخل حرم ا


.. This Ukrainian building known locally as -Harry Potter castl




.. بلينكن: لمّ الشمل مع الأسرى في صميم ما نحاول القيام به


.. البيت الأبيض يدرس استقبال أهالي غزة كلاجئين| #الظهيرة




.. إسرائيل تعد منطقة آمنة في وسط غزة وتطالب اللاجئين في رفح بال