الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأعتداء على القيم والمؤسسات المدنية قضية رأي عام

حسام شحادة

2005 / 7 / 27
المجتمع المدني


إننا اليوم لسنا أمام قضية قتل عمد، أو قضية سطو مسلح، أو عملية انتقام شخصي، بل نحن اليوم أمام قضية رأي عام، حيث ولحد اللحظة لا يمكن لأي مثقف أو مفكر أو مواطن بسيط أن يفهم ذلك الاعتداء السافر على مبني جمعية الثقافة والفكر وحرق مركزيها بناة الغد، ومركز ثقافة الطفل. كيف يمكن لنا تصور هذا الاغتيال الذي لم يستهدف أجهزة ومعدات ومبنى المركزين كما هو ملاحظ للوهلة الأولي حين تشاهد الحدث ومستوى التخريب والدمار الذي حل بالمركزين، بل أعتقد جازماً أن المسألة تتعدى ذلك إلى حرق قيم ثقافية وقيم فنية وقيم تربوية تمثلت في أحد أعرق مؤسسات قطاع غزة في العمل الثقافي والتربوي والمجتمعي، إن هذا الاعتداء الذي نفذه ثلاثة من المسلحين، ملثمين مجهولي الهوية، لهو انتهاك واضح للعمل المؤسساتي المدني في فلسطين بشكل عام هو مؤشر واضح وهام في قياس مستوى التدني الأمني ومستوى الحماية الواجب توفرها للمواطن ومؤسساته المدنية. فليس هو بالبعيد عن الذاكرة ما تم ارتكابه قبل بضعة أشهر في محافظة خان يونس من تخريب لمبنى البلدية، وحرق الكتب في المركز الثقافي التابع لها، وكذلك ما تم تخريبه في جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني قبل عشرة أيام تقريباً من هذا الحدث، وما جري في غزة مؤخراً من عمليات قتل لأشخاص مدنين. إن استحضار هذه الحوادث لبؤرة الذاكرة يؤكد وبشكل قاطع إننا اليوم نواجه خطراً حقيقياً يتمثل في سلوكين الأول سلوك فردي غير منظم وغير مدني يأخذ من العنف والفوضى والتدمير طريقاً لنيل مآربه، وسلوكاً أخر منظماً يستهدف قيم وأصالة هذه البلد من خلال مؤسساتها وأفرادها تحت ذرائع مزيفة وملفقة ولا يوجد لها أساس من الصحة. وهنا المسألة الأكثر خطورة أن يتحول الفعل التخريبي من سلوك فردي إلى شكل منظم وظاهرة يحتذي بها على صعيد المنطقة.

إن إدراك التطورات والتداعيات الإستراتجية لهذا الجرم والعمل التخريبي يستدعينا إلى التفكير ملياً في الأمر، فأن اغتيال عناوين الثقافة والعمل المؤسساتي سواء كانوا أشخاص أو مؤسسات والعبث بمقدارت هذا البلد ومستقبله، ليس بالأمر الهين، أو الأمر البسيط وهو لمؤشر خطير لتصعيد جديد وتشكيل لبؤرة للتخريب المنظم والعبث بكل إنجازات ومقدرات الشعب الفلسطيني على جميع الأصعدة.

فقد يكون غير كافياً البتة أن نجلس نحن مؤسسات العمل المدني في أحد القاعات المكيفة ونرتشف قليلاً من النسكافية ونحن نبحث عن أفضل لغة خطابية لنَّضم بيان استنكاري أو ما شابة لتغطية الحدث بالتفصيل ووفق معايير التوثيق المتعارف عليها محلياً وإقليماً ودولياً، فنحن نعرف خيرا لمعرفة بأننا لسنا بحاجة لمزيد من التقارير والأرقام وشهادات الإفادة التي أكدت قبل هذا التاريخ بسنين أننا أمام خطر حقيقي ينتهك كل حقوق المواطن الفلسطيني بشكل سافر وغير مسئول مجرم خبيث الطوية، ويهدد كل قيم الخير والتجديد والإبداع في المنطقة.

أعتقد أنه علينا كمؤسسات عمل مدني أن نطورفعلاً يحمي أمن أبنائنا يحمي أمننا الداخلي علينا أن نفتح لهذا الجرم ملفاً قضائياً وبحثياً خاصاً بل شديد الخصوصية من حيث الاهتمام، فالأمر يستحق الوقوف خلف شعار وفعل واحد، فعل حقيقي يحرك صمت الأشياء من حولنا، ويستنهض كل قوى الخير في هذا البلد من سباتهم العميق.

إن حالة الانفلات الأمني وظاهرة فوضي السلاح، في حد ذاتها خطراً يهدد أمن وسلامة واستقرار المنطقة، وقد يكون التساؤل الأول الذي يقفز إلى الذهن أين الأجهزة الأمينة بكل مسمياتها عن هذه الجرائم وهذه الانتهاكات بل أين هي من حالة الانضباط العام وتطبيق القانون، أعتقد أنه من الواجب الديني والوطني والأخلاقي والقانوني أن نعيد تقييم الأمور جيداً فلا صوت يعلو فوق صوت القانون ولا لفوضى السلاح، شعاران جميلان فهل هناك خطة حقيقة للتنفيذ هما واتخاذ التدابير اللازمة من أجل جعل يد القانون هي الأعلى وبالتالي تقليص انتشار هذا الشبح المخيم بظلاله القاتمة السوداء على المنطقة بأسرها.

وإنني من هنا أدعو كل المؤسسات الوطنية للمساهمة بكل ما هو متاح وما هو غير متاح، من أجل الوقوف في مواجها هذا الفيروس المجرم والمخرب ، فعلي المؤسسات الوطنية أن تنظم حملة احتجاج واسعة أو اعتصاماً أمام المؤسسة التشريعية الفلسطينية مطالبة إياها بوقف كل أشكال إستخدام السلاح الغير مشروع ووقف حالة الانفلات الأمني وتوفير حماية كافية لمواطنين هذا البلد ومؤسساته.

ثانياً : أعتقد أنه من الضروري أن يعلم المجتمع إن هذه الحالة من التردي والتجاوز والتطاول على القانون بدون أن تجد رادع مجتمعي وقانوني عام لا تُخلف إلا مزيداً من القهر، مزيداً من الفقر، مزيداً من الجهل والتخلف. فعلينا نحن من نحمل خصائص الإنسانية الحقه كأفراد أي كانت صفتنا ومكانتنا أن نتصدى لكل هذه الأفعال خبيثة الطوية والتي تعبث بمؤسساتنا وبالتالي مقدراتنا، هذا وعلينا ان ندرك أن وقوفنا ومشاركة مؤسساتنا مصابها هو واجب ديني ووطني بالدرجة الأول فبالتكافل والالتحام تتشكل قوى التغير لا بالتخاذل والتفرق والتشتت.

ثالثاً: على كل المؤسسات المدنية أن تشارك جميعه الثقافة والفكر الحر عملية البناء من حيث المشاركة والجهد ليس للمساعدة المادية بل تعزيزاً للشعور بالأخر وتوطيد فلسفة المشاركة ، الجماهيرية والمؤسساتيه، وتحمل المسئولية اتجاة الممتلكات العامه للوطن التي هي ممتلكاتهم وذلك كتعبير مدني حضاري رافض ولكن بفعل حقيقي على أرض الواقع .

رابعاً : على كل الجهات الفاعلة في العمل الأهلي والمدني وعلى رأسها شبكة المنظمات الأهلية أن تجعل هذا الحدث يتصدر قائمة الأولويات العاجلة والملحة ووضعها على رأس أجنده العمل العاجلة والطارئة لتقود حملة تضامن محلية أولاً وطنية ثانياً لمناصرة العمل المدني ومؤسساته وتوفير كل سبل الحماية والأمن لها.

خامساًَ: على كل مؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية أن تعمل وبشكل جاد ضد ما هو خارج إطار القانون من أجل السيطرة على الوضع وإيقاف هؤلاء المتطاولين الصغار على أمن وسلامة مواطنين ومؤسسات هذا البلد وتاريخية النضالي المتمثل في مؤسساته السياسة والمدنية معاً.


1 يونيو 2005








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس: متظاهرون يطالبون بتحديد موعد للانتخابات الرئاسية وإطلا


.. الجيش الإسرائيلي يخلي مراكز الإيواء من النازحين الفلسطينيين




.. منظمة الأمم المتحدة للطفولة -يونيسف-: 600 ألف طفل في رفح لا


.. ترامب يصم المهاجرين الصينيين إلى الولايات المتحدة بـ-الجيش ا




.. بعد اعتقال المحامية سنية الدهماني بالقوة.. محامو تونس يضربون