الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سيمون دو بوفوار .... الفيلسوفة الثائرة .... أبرز المدافعات عن حقوق المرأة في القرن العشرين

ماجدة تامر

2005 / 7 / 28
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


لا يمكن أن يذكر اسم الفيلسوف والكاتب الفرنسي " جان بول سارتـر" في الأوساط الاجتماعية والفكرية إلا ويقفز إلى الأذهان اسم " سيمون دو بوفوار" رفيقة عمره وشريكة أفكاره ومع ذلك لم تكن سيمون دو بوفوار يوما ظلا للمفكر الشهير .
ورغم ارتباطها الشديد به، فقد كانت امرأة ذات كيان مستقل ومتميـز.
ويكفي أن أستاذها الفيلسوف" بيير لالند " وصفها يوما بقوله : " إذا كان سارتر صاحب قدرات عقليـة فان سيمون هي الفيلسوفة الثائرة في المقام الأول.

ارتبط اسم الفيلسوفة الفرنسية سيمون دو بـوفـوار بقضية الدفاع عن حقوق المرأة منذ وقت مبكر من حياتها . فقد كانت تـنادي بحقها في اتخاذ القرار وترفض الأوضاع إلي تكبلها، وتساند حركاتها التحررية في كل مكان حتى تم اختيارها رئيسة للرابطة الفرنسية لحقوق المرآة .

ولدت "سـيمون دو بوفـوار" في باريس عام 1908 ودرست في مدارسها الخاصة . وكان لوالدها اثر في تنمية ذوقها الأدبي وتنميق أسلوبها . وقد أظهرت منذ وقت مبكر نبوغا فكريا, فحصلت على درجة الدكتوراه في الفلسفة وعمرها لا يتعدى الحادية والعشرين .

نقطة التحول:

على مقاعد الدراسة في جامعة السوربون عام 1929 التقت ب"جان بول سارتر" وهو اللقاء الذي اعتبرته ميلادها الحقيقي .
بدأ التواصل الفكري بينهما بشكل منقطع النظير, فكانا يقضيان الوقت في محاورات ومناقشات فلسفية عميقة ومطولة . وسرعان ما تحولت صداقة العقل إلى صداقة القلب ، فدخلا في شراكة فكر وحب لم تـنتـهي إلا بالموت .
تخرج سارتر , وكان الأول على دفعته وكانت هي الثانية. وعمل الاثنان بالتدريس في المدارس الثانوية. ولكن في منطقتين مختلفتين . وكانت الخطابات هي همزة الوصل بينهما حتى ضاقا بالفراق , فتركت سيمون التدريس ولحقت به , ومعا كونا فريق عمل متجانسا ومتفاهما في كل المجالات : الفكر والأدب والسياسة ، تعاونا معا أثناء الحرب في حركة المقاومة وشجع كل منهما الأخر على نشر نتاج فكره . كما قاما برحلات خارجية كثيرة قوبلا خلالها في البلدان المضيفة بكل الترحاب .

ثـمـن الحرية:

كان تعلق سارتر بسيمون دو بوفوار كبيرا . فكان يردد أن أروع ما فيها أنها تجمع بين ذكاء الرجل وحساسية المرأة , وكان حريصا في كل مناسبة على أن يعبر لها عن حبه وتمسكه بعلاقاتهما. وكان يدللها ويعرفها بالأوصاف الرقيقة التي تمتلئ بها رسائله العديدة لها . ولكن كل هذا لم يمنعه من أن تكون له علاقات نسائية عديدة .
ووفقا لاتفاقهما المسبق لم يكن يخفي عنها شيئا من تفاصيل حياته . ألم يتفقا على الارتباط الحر, وعلى المصارحة في جميع الأحوال ؟ عليها إذن أن تتحمل تبعة فكرهما دون أن تشكو أو تتذمر . وهو ما فعلته في الظاهر على الأقل. وهذا ما بدا عندما كانت إحدى هذه العلاقات تشكل خطرا حقيقيا عليها . كانت فتاة أمريكية التقاها " سارتر" أثناء زيارته إلى الولايات المتحدة . ونشأت بينهما قصة حب عنيفة. كاد معها الفيلسوف يتخلى عن مبادئه وحريته من أجل أن يتزوج بها .
تفاصيل هذا الحب كانت تصل سيمون في باريس عن طريق رسائل سارتر نفسه . فكانت تشتعل غيرة وهو يصف فيها هذه الحبيبة .
وأخيرا فاض بها الكيل فأرسلت كأية امرأة مجروحة تخيره بينها وبين هذه المرأة . في هذا الموقف يعود سارتر إلى فلسفته فيرد عليها قائلا : " أنا متمسك بها ولكني معك أنت" . ويبدو أن رده ذكرها بفلسفتهما فحاولت أن تضغط على نفسها مجددا , حتى لا تفقده إلى الأبد .
وأخيرا يعود إليها معتذرا ومؤكدا لها أن علاقتهما هي الشيء الوحيد الناجح والراسخ في نظره .

مفترق الطريق:

وتمضي بهما الحياة على هذا المنوال حتى يسقط سارتر صريع المرض في سنواته الأخيرة فتقف سيمون الوفية إلى جواره تداريه وتعتني به بكل حب واهتمام . ويموت في نيسان عام 1980 فتذهب إلى المستشفى وتنام في نفس الغرفة التي يرقد فيها جثمانه .
ومع ذلك فهاهو يخذلها مجددا ولا يترك لها شيئا حتى الوصاية على أعماله الأدبية والفلسفية يحرمها منها. فلقد عهد بالمهمة إلى فتاة تبناها تدعى
" آرليت" كان قد ارتبط معها بعلاقة استمرت عدة سنوات .
حتى خطاباته لسيمون والتي كانت تحتفظ بها أصبحت خاضعة لوصاية الشابة .
لكن الأديبة الشهيرة أصرت على نشر الرسائل دون الرجوع لصديقة
سارتر "آرليت" .

والواقع إن أكثر ما كان يخشاه سارتر هو أن يقع بعد وفاته في دائرة النسيان كان النسيان في نظره موتا آخر. لذلك كان مصرا على أن تنشر رسائله ومذكراته بعد وفاته. وربما يكون قد عهد بالوصاية عليها لـ " آرليت " لاعتقاده بأن سيمون التي تصغره بثلاثة أعوام سرعان ما ستلحق به .
على أي حال لقد كشفت هذه الرسائل الكثير من جوانب شخصية "سارتر" الخفية .
كان يكتب لسيمون عن كل تفاصيل حياته اليومية ومشاهداته, منذ الصباح وحتى المساء. مما جعل بعض النقاد يتساءلون عما إذا كانت علاقاته بها هي علاقة رجل مولع بحب امرأة أم علاقة طفل بأمه . كان كثيرا ما يردد لها بأن أجمل شيء فيها أنها لا تقول إلا ما يجب أن يقال, وأنها الشخصية الوحيدة التي لا تكذب عليه وكان يسعد بالرضوخ لرأيها في نهاية مناقشاتهما .
وقد وضعت سيمون النسخ الأصلية من تلك الرسائل في المكتبة الوطنية في فرنسا. وفي الوقت نفسه فهي لم تنشر ردودها على تلك الرسائل . لذلك يصعب معرفة ردود أفعالها تجاه ما كان يرويه لها خاصة عن علاقاته النسائية .
وظلت سيمون على وفائها له حتى بعد وفاته , فأقامت في شقة تطل على المقبرة التي دفن فيها والتي أوصت بأن تدفن فيها هي بعد وفاتها عام 1986 .

أعمالها :

سارت سيمون دو بوفوار على نفس درب سارتر في الإبداع الروائي والمسرحي والمواقف السياسية والثورية.
ويرى البعض أنها كانت أكثر إيجابية منه في تناولها قضايا الواقع الملموس مثل قضايا المرأة. وكانت لها مؤلفات عديدة , قصص روائية ومسرحيات ودراسات وغيرها .
وكانت في كل أعمالها وفية لأفكارها . وإذا كان سارتر قد حصل على جائزة نوبل عام 1964 وكان قد رفضها بدعوى أنها لن تزيد أو تقلل من قيمته، فقد حصلت هي قبل ذلك بعشر سنوات أي في عام 1954 على جائزة " جو نكور" وهي ارفع جائزة أدبية في فرنسا.
ومن أهم أعمالها رواية " الضيفة عام" 1943 و" أتت لتبقى" ، و" دم الآخرين" عام 1944 التي تتناول قضية الحرية في مواجهة المسؤولية , و
" أفواه" عام 1945، وهي دراما واعظة، موضوعها يدور حول إمكانية التضحية الحقيقية من اجل الصالح العام .
ثم رواية " الجنس الثاني" عام 1949، وتناقش فيها أوضاع المرأة في العصر الحديث وقد أثارت حولها جدلا واسعا.
كما أنها كتبت سيرتها الذاتية في أربعة أجزاء, أولها "مذكرات ابنة مطيعة" عام 1958 , وتتحدث عن شبابها ودراستها الأولى. و" في ربيع الحياة" عام 1960، حيث تستعيد فيها التجارب التي خاضتها في فترة النازية واحتلال فرنسا خلال الحرب العالمية الثانية . و " قوة الظروف" عام 1963 حيث تصف فيها فرنسا بعد الحرب وحتى ثورة الجزائر التي وقفت خلالها سيمون إلى جانب المناضلات الجزائريات.
وأخيرا الجزء الرابع " كل شيء قيل وحدث " عام 1974 ، الذي يتناول حياتها منذ عام 1962 وحتى 1972 .

وفي هذه الأجزاء الأربعة كانت سيمون دو بوفوار مؤرخة لثلاثين عاما من الحياة الفكرية في فرنسا . وقد أظهرت نفسها كامرأة ذات شجاعة رائعة وأمانة لاحدود لها ، فكانت في حياتها صادقة تؤمن بنظرياتها وتخلص لها.

وقد أفادت من علاقتها بسارتر بالرحلات العديدة التي حملتها إلى عدد كبير من الدول , فزارت إيطاليا واليونان ووسط أوروبا وإفريقيا ومصر والولايات المتحدة والصين وأمريكا اللاتينية .
وكان من فائدة هذه الأسفار أن فتحت لها آفاقا جديدة من المعرفة ومن الصلات الاجتماعية والثقافية . وقد كتبت الكثير عن هذه الرحلات .
وأخيرا، وفي عام 1981 نشرت كتابا خاصا برفيق حياتها ومشوار دربها، وهو بمثابة تحية إلى الفيلسوف سارتر بعنوان " وداعا سارتر" . وقد سجلت فيه أحداث السنوات الأخيرة من حياتها معه بتجرد وحيادية و موضوعية تامة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الكشف عن وجه امرأة -نياندرتال- عمرها 75 ألف عام


.. روسيا تعلن اعتقال جندي أميركي دخل إليها من كوريا الجنوبية بت




.. شرطة نيويورك تنقذ امرأة قبل سقوطها من برج مكون من 54 طابقاً


.. كاتبة العرض المسرحي أحلام الديراني




.. الباحثات في تونس ضعف الدعم وهجرة مقلقة