الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفهم الخاطئ للإسلام

علي الخليفي

2014 / 6 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لو قُدِرَ لهذا المُسمى بالربيع العربي أن يُنتج نتيجة إيجابية واحدة ، فلا شك أنها ستتمثل في تصحيح المفاهيم الخاطئة عن الإسلام ، وإرساء القواعد التي تؤسس لفهم غير مغلوط لتعاليمه .

تلك التعاليم التي ظلت مقتصرة على فئة معينة هي فئة من يسمون برجال الدين ، والتي كان يُمنع تداولها أمام من يسمون بالعوام ، ويقتصر مناقشتها فيما يسمى بمجالس العلم التي لا يرتادها إلا كهنة هذا الدين ، أما الغالبية العظمى ممن يعتنقون الإسلام ، والذين يصنفون تحت خانة العوام والدهماء ، فقد ظل فهمهم للدين الذي يزعمون إعتناقه فهماً فطرياً ، يتلخص في نسبة كل خير وفضيلة تَحُتَهم عليها فطرتهم الإنسانية على أنها تعاليم يأمرهم دينهم بإتيانها ، وكل ما تنهاهم عنه فطرتهم الإنسانية على أنه من نواهي ذاك الدين .

تلخص إيمانهم في كلمتي الحلال والحرام ، فكل خير وفضل هو حلال ، وكل شر ورديلة هو حرام ، وإستقر في لا وعيهم أن الدين هو من أسس لتلك الفضائل في أنفسهم ، وتم تغييب الفطرة الإنسانية النزاعة للخير بطبيعتها عن المشهد ، فصارت خيرية الإنسان تقاس بمدى تدينه ، فمن لادين له لا خُلق له .

من هنا جاءت هذه الصدمة الكبرى التي صُدِم بها هؤلاء العوام ممن يعتنفزقون هذا الدين ، عندما تم إسقاط الأنظمة التي كانت تقيد وتحضر نشر تلك التعاليم الجهنمية وتحاب من يدعون اليها ، فخرج هؤلاء الدهاقنة من مجالس علمهم ، ونشروا كل الغسيل الوسخ على كل أسلاك وكوابل التواصل المعرفي ، لتصل لجموع العوام والدهماء ، وليجد هؤلاء أنفسهم أمام وصايا إرهابية بشعة تُقَدم لهم على أنها ركيزة أساسية من ركائز الدين الذي يعتنقونه ، فأُسقط في أيديهم ، ولم تكن لديهم الشجاعة الكافية للإعتراف بخطئهم في إتباع دين لايعرفون عن تعاليمه شيء ، وفضلوا المزيد من الهروب للأمام ، عبر إدعائاتهم التي لا يجدون لها برهان أو دليل ، والتي تُصور تلك التعاليم البشعة، ومن يدعون لها ، ومن يمارسونها ، بأنهم فهموا الإسلام فهماً خاطئاً ، رغم أنهم يعلمون أن من يتهمونهم بفهم الإسلام فهماً خاطئاً إن هم إلا سدنة هذا الدين ، وهم المتعمقون في تأويل وتفسير نصوصه.

بهذا قلبت المسألة ، فصار علماء هذا الدين وأهل خاصته ، هم من يفهمون الإسلام فهما خاطئاً ، وصار العوام والدهماء والذين لم يطلعوا على شيء من الكتب التي حوت تعاليم هذا الدين ، صاروا هم من يدعون الفهم الصحيح للإسلام .

لم يكن لدى اؤلائك العوام القدرة على مواجهة الحقيقة ، والإعتراف ببشاعة تعاليم الدين الذي يعتنقونه ، بسبب القُصور المعرفي الذي صور لهم أن سقوط الدين وإنتهائه من حياتهم ، سيحول حياتهم إلى حياة مُتوحشة خالية من الفضائل ، نظراً لربطهم للفضيلة بالدين ، وليس بالفطرة السوية للإنسان ، وهم معذرون في ذلك فالقصور المعرفي لا يمنح الإنسان خيارات بديلة .

كان من المفترض أن ينبري من يسمون بالمثقفين ، الذين يُفترض أنهم لا يعانون من ذلك القصور ، لتصحيح تلك المفاهيم الخاطئة التي ربطت بين الأديان والفضائل ، وأن يوجهوا أؤلائك العوام نحو فهم أعمق لنوازع الخير المتأصلة في النفس الإنسانية ، والتي هي جزء من تركيبتها ، لكن ما زاد الطين بلة ، هو غياب أمثال هؤلاء المثقفين ، مما فسح المجال لأدعياء الثقافة ، ليعمقوا ذاك القصور المعرفي ، عبر التنظير لمقولة الفهم الخاطئ للإسلام ، رغم أن كل تنظيراتهم تلك لا يوجد لها في نصوص الإسلام ولا تفاسيره سند واحد يسندها .

نعم لقد تم فهم الإسلام فهماً خاطئاً ، ولكن الذين أخطئو في فهمه ليسوا رجال الدين ودهاقنته ومن يسمون بعلمائه ، ليسوا القواعد والدواعش وملحقاتهم من قاطعي الروؤس ، ومجاهدي النكاح ، فهؤلاء هم أهل هذا الدين ، وهم خاصته ، وهم المُطلعون على خباياه وكل أسراره المُشوقة.

الذين فهموا الإسلام فهماً خاطئا هم جُموع العوام ممن لم يعرفوا من هذا الدين إلا قشوره الظاهرة ، هؤلاء الذين قام إيمانهم به على نوازع الخير والشر الفطرية الكامنة في نفوسهم الخيرة ، هؤلاء هم من فهموا الإسلام فهماً خاطئاً ، جعلهم يعتنقونه ويدينون به وينسبون تعاليمه لله ، الأمر الذي جعل صورة الله مشوهة في عقولهم ، وعندما تتشوه صورة الله بما تمثله من فضائل في العقول ، فإن العقول ذاتها تتشوه ، وهو ما أنتج لنا هذه الحياة الروحية المُشوهة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تصحيح
علي الخليفي ( 2014 / 6 / 16 - 15:16 )
الفقرة الرابعة السطر الثاني - ممن يعتنقون هذا الدين- .. عذراً


2 - نفاق المشايخ
على سالم ( 2014 / 6 / 16 - 17:06 )
الاستاذ على هذا مقال جد هام ,الاسلام الان فى معضله كبيره لانه تأسس على الكذب والتدليس والارهاب والذبح وفجر الشيوخ ونفاقهم ,لقد ظهرت حقيقه الاسلام الرهيب على الملآ ,وبات الشيوخ فى كارثه لقد انفضح امرهم وبدأوا فى البكاء والعويل واللطم والصراخ ,انهم بصدد فقد البزنس الذى كان يدر عليهم الاموال الطائله نتيجه الميديا الاسلاميه العفنه البدويه والفتاوى البلهاء المضحكه من الشيوخ الكذبه المخادعين والذين ادمنوا على اكل الفته والبقلاوه ومضاجعه النسوان مثنى وثلاث ورباع,نعم الاسلام بدأ يتعرى ويكشف عن وجهه القبيح الوحشى ,شكرا على مجهوداتك


3 - تعليق
عبد الله خلف ( 2014 / 6 / 16 - 18:30 )
أولاً : - آيات الجهاد في القرآن الكريم آيات دفاعيه , و سبق أن بيّنا ذلك , و لكن ؛ الكثير لا يريد أن يفهم!... المهم , الآن نهدي للكاتب هذا الرابط الذي يحرجه , الرابط :
http://www.hurras.org/vb/showthread.php?t=48678
ثانياً : إن كنت مسيحي , تفضل :
- خرافات و خزعبلات مسيحيه :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=415336
- صور من الإرهاب المسيحي :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=412521
- يسوع (يهوه) و أحكام الرجم :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=412087
- يسوع الناصري ليس رجل سلام :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=411221
- يسوع و حد (الرده) :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=410556
- ما هي مشكلة يسوع (يهوه) مع الحيوانات البريئه؟ :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=410313
ثالثاً : إن كنت ملحد , فيكفيك هذا :
فضائح الدروانيه وفضائح اخلاق الملاحده الاجراميه (متجدد) :
http://antishobhat.blogspot.co.uk/.11/blog-post_2522.html

إذاً , كونك (مسيحي) أو (ملحد) , فهذا يعني : أنك محارب للإنسانيه و حقوقها .


4 - خير الكلام ؟
س . السندي ( 2014 / 6 / 16 - 18:37 )
بداية تحياتي لك ياعزيزي علي وتعليقي ؟

1: إن مايجري الان في العراق والمنطقة هو صراع العروبيون المستميت لإنقاذ مايمكن إنقاذه من العروبة خاصة بعد فشلها الذريع لعقود عديدة ولكن هذه المرة باسم الدين الذي لم يزل خير مطية للسذج والمغفلين خاصة بعد انهيار نظمها وفكرها الشوفيني العنصري البغيض ، ولان الاثنين وجهان لعملة مسخة واحدة ؟

2: في هذه المسالة نجد أن خير من أدرك الحقيقة هو السيد المسيح بقوله ( هل يجتنى من الشوك عنب ... أو من العوسج تين ) فهل يعقل أن يجتنى من الفكر البدوي الصحراوي غير السلب والنهب والغزوات وعتك أعراض الناس دون وازع من ضمير أو خشية إله؟

3: مايجري في بلداننا ينطبق عليه مقولة الفيلسوف الألماني فريدريك نيتشه إذ يقول (بأثار دماء يخطون دروبهم التي يسلكونها وبتعاليم جنونهم ، وبالدم يريدون إثبات الحقيقة والدم أسوآ شاهد على الحقيقة ، لإن الدم يسمم أنقى التعاليم ) ؟


5 - كبرنا وصدمنا
شام ( 2014 / 6 / 16 - 22:02 )
لاسف كبرنا وصدمنا بأننا نتبع دين يأمرنا بالذبح والقتل!!!
مقالة اكثر من رائعة من كاتب مبدع وفقك الله


6 - تحياتي للجميع
علي الخليفي ( 2014 / 6 / 17 - 05:16 )
السيد علي سالم نعم لقد تهاوى المعبد وسقط وتبدت للعيان كل خباياه القبيحة ولكن للأسف فإن العُباد الذين فروا بجلدهم من تحت أنقاض ذاك المعبد عادوا ليقفوا عند جدرانه المُهدمة ليحولوها إلى حائط مبكى .. شكراً لمرورك ولإضافاتك القيمة
العزيز السندي تحية طيبة .. لقد اصبت كبد الحقيقة فالصراع القائم في هذه المنطقة لم يكن في أي وقت صراع بين كفر وإيمان بل كان دلئماً صراع بين البداوة والتحضر ، بين المدنية والعروبية المتخلفة القادمة من وراء كتبان رمال نجد والحجاز .. شكراً لك عزيزي على المتابعة والإضافات القيمة
العزيزة شام .. في أحيان كثير تكون الصدمات هي أفضل الطرق لإستعادة الوعي ، فإذا كانت صدمتنا هذه ستعيد الينا وعينا المسلوب منا منذ دهور فنعم الصدمة هي .. تحياتي لك وشكراً للمرور والإضافة