الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا الحنين إلى الماضي؟

المهدي واوا

2014 / 6 / 19
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


( و رغما ذلك سنظل نحِن إلى الماضي لأنها الطريقة الوحيدة لقتل الزمن الذي لا يعود أبدا.)


تتجلى علاقتنا بالنوستالجيا على نحو غريب فإقبالنا على الحاضر يتم بحنين نحو الماضي ثم ما يلبث هذا الحاضر أن يصبح بدوره حنينا يحِن إليه.
ليس الحنين ندما على فرص ضاعت أو أوقات جميلة ذهبت، كون العيش داخل هذه الأوقات يتميز بالبديهي، و مرور الوقت في ثوب العلاقات يتسم بالتعامل العادي الذي اكتسبناه من المجتمع في التعامل مع المجتمع ذاته المتمثل في الأفراد، و القيم المصاحبة لهذه العلاقة. نضفي عليها طابع توزيع الخبرة الحياتية في التعامل مع المواقف الجديدة كما نراها أو التي نعتقد أنها تتكرر فنستحضر وصفة من الماضي لنتعامل معها بشكل يقزم من التجربة كمستجد دائم.
و بالتالي فالتعقيد الذي يطال العلاقة بين الحاضر، و الماضي هو الإنخراط المستمر للحاضر في الماضي على اعتبار أنه زمن قصير يلتحق بسرعة بالنوستالجيا .
ليس الحنين إلى الماضي تجربة نندم من خلالها على لحظات مرت كون هذه اللحظات ستظهر مع شخوص آخرين لتصبح فيما بعض نوعا من الحنين هي الأخرى نخلق منها قاعدة باستمرار للرجوع دون أن ندري أننا ندخل في كلٍ لا متناه من الحنين الذي يختزل كلً الماضي في لحظة ما قبل الوداع المؤقت تارة، و الأبدي تارة أخرى.
إن حقيقة الحنين إلى الماضي إذن لا تحمل تفسيرها في ذاتها بالقدر الذي تعتبر حالة من الخوف من الفراغ الوجودي أو الموت الجزئي الذي ننفتح عليه قبل الموت الكلي . في كل عملية ترك للماضي الحاضر ،كونه العملية الوحيدة التي تقطع معه بصورة لا تضع مجالا للتراكم، و الدوران حول نفس المحور العلاقاتي، و إلا سيفرغ الحنين من معناه .
إن الخوف من الفراغ الذي لا يعدو أن يكون لحظيا يتكرر بعد كل تجربة، و يشكل هاجسا يطرح علاقة أساسية في الواقع. بين الإنسان، و الزمن. فانخراط الإنسان في الزمن هو تعبير عن علاقة غير متكافئة بالأساس كوننا نعيشه، و يعيشنا دون أن نتحكم فيه فينحو بشكل محايد نحو الأمام بوضعية مستقيمة ونضفي عليه الذاتية نحن بإعطائه الطابع النفسي الذي يغير مسار الزمن في كل لاحظة عبر مجموعة من الوضعيات إستباقية كانت أو إستراجعية و في جميع الأحوال هي ماضوية إستراجعية تخفف من عنف الزمن الذي يذهب بنا و بدون توقف نحو الأمام بشكل لا نستسيغه، و بالتالي فإعطائنا المعنى للحظات مضت بشكل مفرط، و تحصري في الأغلب هو ردة فعلنا إتجاه الزمن الذي يقودنا إلى الفراغ، والمجهول بشكل قلق نتموقع نحن داخله بشكل عادي في الحاضر و ُنحَيْنهُ بشكل غريب بعدما دخل في الماضي .
و فتحنا للتواصل مع الماضي عبر التواصل مع الأشخاص الذي شكلوا هذا الماضي هو مقاومة لعنف الزمن الذي لا يعود بالمطلق إلا عبر ذاتية ذات قاعدة نفسية تحاول أن تؤجل سير الزمن بعدما فعل فعله في الحاضر الذي أشكُ في وجوده.
و بالتالي فالحنين إلى الماضي هو تعبير عن علاقتنا الغير المتكافئة مع الزمن، و عنف الزمن.
( عش الحنين في الحاضر، و عطي المعنى للأشخاص من داخل الحاضر عود إعطائها للصور التي لا تعود أبدا. )
و لكن رغما ذلك سنظل نحين إلى الماضي لأنها الطريقة الوحيدة لقتل الزمن الذي لا يعود أبدا.
المهدي واوا 2014-06-11 البادية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قوات الاحتلال تخرب محتويات منزل عقب اقتحامه بالقدس المحتلة


.. بلينكن: إسرائيل قدمت تنازلات للتوصل إلى صفقة ونتنياهو يقول:




.. محتجون أمريكيون: الأحداث الجارية تشكل نقطة تحول في تاريخ الح


.. مقارنة بالأرقام بين حربي غزة وأوكرانيا




.. اندلاع حريق هائل بمستودع البريد في أوديسا جراء هجوم صاروخي ر