الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خرافات إسلاميّة - صكوك الغفران وبيع الجنّة في الإسلام - ج2

مالك بارودي

2014 / 6 / 20
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


خرافات إسلاميّة - صكوك الغفران وبيع الجنّة في الإسلام - ج2

ورد في كتاب "سنن التّرمذي" الحديث التالي: "حَدّثَنَا مُحمّدُ بنُ إسمَاعِيلَ حدثنا الْحَسَنُ بنُ وَاقِعٍ الرّمْلِيّ حدثنا ضَمْرَةُ بن ربيعة عَن عبد الله بن شَوْذَبٍ عَن عَبْدِ اللّهِ بنِ القاسِمِ عَن كثيرٍ مَوْلَى عبْدِ الرّحْمَنِ بنِ سَمُرَةَ عَن عبْدِ الرّحْمَنِ بن سَمُرَةَ قالَ‏:‏ ‏جاءَ عُثْمَانُ إلى النّبِيّ صلى الله عليه وسلم بأَلْفِ دِينَارٍ قالَ الْحَسَنُ بنُ وَاقِعٍ وكان في مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ كِتَابي في كُمّهِ حِينَ جَهّزَ جَيْشَ العُسْرَةِ فَنَثَرَهَا في حِجْرِهِ‏.‏ قالَ عبْدُ الرّحمَنِ فَرَأيْتُ النّبيّ صلى الله عليه وسلم يُقَلّبُهَا في حِجْرِهِ وَيَقُولُ‏:‏ مَا ضَرّ عُثْمَانَ ما عَمِلَ بَعْدَ اليَوْمِ مَرّتَيْنِ‏‏‏". (باب في مناقب عثمان بن عفان رضي الله عنه وَلَهُ كُنْيَتَانِ يُقَالُ أبُو عَمْرٍو وَأَبُو عَبْدِ اللّه). رواه الترمذي وحسّنه وإبن أبي عاصم في السّنّة والحاكم النّيسابوري وصحّحه.
وورد في المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري: "(حديث مرفوع) حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، ثنا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، ثنا ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنِ ابْنِ شَوْذَبٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ كَثِيرٍ مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: جَاءَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِأَلْفِ دِينَارٍ حِينَ جَهَّزَ جَيْشَ الْعُسْرَةِ، فَفَرَّغَهَا عُثْمَانُ فِي حِجْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يُقَلِّبُهَا، وَيَقُولُ: مَا ضَرَّ عُثْمَانُ مَا عَمِلَ بَعْدَ هَذَا الْيَوْمِ. قَالَهَا مِرَارًا. هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ." وهذا إعتراف بأنّ الحديث صحيحٌ وبأنّ البخاري ومسلم لم يذكراه، وفي عدم ذكرهما له سبب وجيه، كما سنرى.
إذن، خلاصة ما ورد في الحديث أنّ عثمان بن عفّان، وهو أحد المبشّرين بالجنة، أتى لمحمّد بن آمنة بألف دينار ونثرها في حجره، فأخذ محمّد يقلّبها وقال مرّتين (أو مرارًا، حسب ما جاء في "المستدرك على الصحيحين"): "مَا ضَرّ عُثْمَانَ ما عَمِلَ بَعْدَ اليَوْمِ". ولنا في ذلك بعض الملاحظات والأسئلة نطرحها كما يلي:
أوّلا، ما معنى ما ضرّ عثمان ما عمل بعد اليوم؟ أليس هذا وعدًا بالغفران الدّائم الذي لا حدود له؟ أليس هذا صكّ غفران مفتوح لا حدود له؟ وما معنى أن يقول ذلك اللفظ مرّتين أو أكثر إن لم يكن للتّأكيد؟ وبما أنّ الغفران في الإسلام يُفضي إلى دخول المغفور له الجنّة، أليس هذا بيعًا للجنّة من طرف محمّد بن آمنة لعثمان وثمنه ألف دينار...؟
ثانيا، من هو محمّد بن آمنة أصلا حتّى يَعِد عثمان بن عفان بالغفران الدائم مهما فعل في المستقبل؟ هل هو رسول فقط، أم الله الإسلامي نفسه، أم الإثنين معا؟ ألم يصرّح محمّد بن آمنة بلسانه أنّه لا يضمن الجنة حتى لنفسه، حيث جاء في صحيح مسلم: "حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ليث عن بكير عن بسر بن سعيد عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لن ينجي أحدا منكم عمله قال رجل ولا إياك يا رسول الله قال ولا إياي إلا أن يتغمدني الله منه برحمة ولكن سددوا وحدثنيه يونس بن عبد الأعلى الصدفي أخبرنا عبد الله بن وهب أخبرني عمرو بن الحارث عن بكير بن الأشج بهذا الإسناد غير أنه قال برحمة منه وفضل ولم يذكر ولكن سددوا"(صحيح مسلم، كتاب صفة القيامة والجنة والنار، باب لن يدخل أحد الجنة بعمله بل برحمة الله تعالى)؟ فإذا كان محمّد بن آمنة لا يضمن الجنّة لنفسه، فكيف يَعِدُ بها غيره؟ ألا يدلّ هذا على أنّه ما كان يقولُ ذلك إلاّ ليتحيّل على النّاس ويبيعهم صكوك غفران لا تنفع بشيء ويعدهم بجنّة غير مضمونة حتى بالنسبة له، وهو خاتم الأنبياء والرّسل وشفيع أمّته أيضا، كما يدّعي؟ ألا يدلّ هذا على أنّ محمّدا لم يكن إلا تاجرا يبيع الأوهام بمقابل مادّي مغرٍ جدّا في بعض الأحيان، مثلما هو الحال في الحادثة المذكورة حيث كان يقلّبُ النقود في حجره فرحًا بها؟
ثالثا، إذا كانت صكوك الغفران في المسيحيّة لا دليل عليها في الأناجيل ولم تظهر إلا في القرن السّادس عشر ميلادي، ويعترف المسيحيّون بأنّها ليست إلا مجرّد هرطقة وبدعة لا علاقة لها بالمسيحيّة، فهذا النّصّ يدلّ على أنّ بيع صكوك الغفران بمقابل مالي وبيع الجنّة موجودان في الإسلام منذ بداياته، بل ومارسهما رسول الإسلام بنفسه. وكلّ المسلمين يعلمون أنّ ما قام به الرّسول سنّة نبويّة أي أنّه من تعاليم الإسلام، وذلك لإقتناعهم وإيمانهم بأنّ رسولهم لا يخطئ و"لا ينطق عن الهوى، إن هو إلاّ وحي يوحى"... فهل يستطيع المسلم أن يتحلّى بالشجاعة اللازمة ويعترف بأنّ رسوله كان يبيع قولا وفعلا صكوك الغفران ويُعطي الجنّة لكلّ من يملأ يديه نقودا؟
أنا في إنتظار إجاباتكم، يا أعزّائي المسلمين. عودوا لمراجعكم وإفتحوا كتبكم وإستشيروا علماءكم ولكن قبل كلّ شيء إفتحوا عقولكم وفكّروا بمنطق وعقل، بعيدا عن العواطف وعن إبتلاع الكلام دون فحصٍ ودرسٍ وغربلة... ثمّ أجيبوا على أسئلتي، إن كانت لديكم إجابة مقنعة.

--------------
الهوامش:
1.. الجزء الأول من السلسلة: "خرافات إسلاميّة - صكوك الغفران وبيع الجنّة في الإسلام"
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=419908
2.. للإطلاع على بقية مقالات الكاتب على مدوّنته:
http://utopia-666.over-blog.com
3.. لتحميل نسخة من كتاب مالك بارودي "خرافات إسلامية":
http://www.4shared.com/office/fvyAVlu1ba/__online.html








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - للتذكير فقط
سلام صادق بلو ( 2014 / 6 / 20 - 07:38 )
عزيزي مالك بارودي الحقيقه انني لا اريد ان افسد عليك سلسلة افكارك...ولذلك اريد تنويه سيادتكم بان رسول الاسلام قد باع لعثمان بن عفان الجنة مرتين والموضوع خصب جدا!! والتفاصيل عليك ربما في مقالتك القادمة...وشكرا مع تحياتي


2 - صديقي سلام صادق بلو
مالك بارودي ( 2014 / 6 / 20 - 07:55 )
مرحبا بك وأشكرك على تعليقك.
لم أنس مسألة بيع الجنة لعثمان مرتين، لكنني أردت فقط أن تكون مقالاتي عن موضوع صكوك الغفران وبيع الجنة بالتدرج، من السيء إلى الأسوأ فالموضوع قادم في الجزء الثالث.
شكرا مرة أخرى


3 - عثمان غفرت خطاياه بـ الف دينار.!
جحا الأيطالي ( 2014 / 6 / 20 - 13:47 )
في كتاب:((تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي))،كتاب:المناقب في تجهيز عثمان لجيش العسرة، باب:((ماضر عثمان ماعمل بعد اليوم))..لاحظ استاذ مالك اسم الباب.! على كل حال الرجل يشرح معنى هذا الحديث فيقول:((أي فلا على عثمان بأس الذي عمل بعد هذه من الذنوب فأنها مغفورة مكفرة.!!!)) يعني الرسول وكما يقول شراح الحديث كفر وغفر كل خطايا عثمان التي كانت والتي ستأتي..والثمن الف دينار دفعها عثمان.!!


4 - عثمان اشترى الجنة بكتاب رسمي
جحا الأيطالي ( 2014 / 6 / 20 - 14:01 )
عن ابي هريرة قال:((اشترى عثمان بن عفان من رسول الله الجنة مرتين.!! بيع الخلق: يوم رومة ويوم جيش العسرة))، ولمن لايعرف فأن معنى:((بيع الخلق)) هو البيع الذي لارجوع فيه.!!!!!! يعني محمد باع الجنة لعثمان بيع لارجوع فيـــــــــــــه..مقابل ماذا؟؟ مقابل المادة، مقابل الفلوس.!! المصدر لمن يريد المراجعة:((كتاب:حلية الأولياء وطبقات الأصفياء،المهاجرون من الصحابة، :عثمان بن عفان ،حفره بئر رومة وتجهيز جيش العسرة،ص58)) بالمناسبة الحديث صحيح على شرط الشيخان ولم يخرجاه.!! حتى لايقول احدهم ضعيف مقطوع اسرائيليات..الخ الخزعبلات


5 - أبو الدحداح الأنصاري يشتري الجنة
جحا الأيطالي ( 2014 / 6 / 20 - 16:35 )
جاء في الأثر بأسناد صحيح عن محمد قال:((من تصدق بصدقة فله مثلها في الجنة. فقال ابو الدحداح:ان تصدقت بحديقتي فلي مثلها في الجنة؟ قال: نعم. قال:وام الدحداح معي؟ قال:نعم، قال: والصبية؟ قال : نعم.)) يقول المصدر:((وكان له حديقتان، فتصدق بأفضلهما واسمها الجنينة، فضاعف الله صدقته الفي الف ضعف فذلك قوله تعالى:(( من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له اضعافا كثيرة))،ثم يكمل المصدر:((فرجع ابو الدحداح الى حديقته فوجد أم الدحداح والصبية في الحديقة التي جعلها صدقة، فقام على باب الحديقة ، وتحرج أن يدخلها قال: ياأم الدحداح.!قالت: لبيك ياابا الدحداح.!قال: اني قد جعلت حديقتي هذه صدقة، واشترطت مثلها في الجنة وأم الدحداح معي والصبية معي، فقالت: بارك الله فيما اشتريت.!! يقول المصدر: فخرجوا منها ، وسلم الحديقة للنبي،فقال النبي:كم من نخلة تدلى عذوقها لأبي الدحداح في الجنة)) المصدر المستدرك على الصحيحين..والحديث صحيح على شرط مسلم


6 - تعليق
عبد الله خلف ( 2014 / 6 / 21 - 01:15 )
أولاً : سآتي للكاتب بآيات قرآنيه تصفعه .
- قال تعالى : {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ} .
هذه صفعتنا الأولى .
- قال تعالى : (لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً (123) وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً) .
هذه صفعتنا الثانيه .
- قال تعالى : ( وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون) .
هذه الصفعه الثالثه .
ثانياً : الجنه للمؤمن الذي يعمل صالحاً , و هذه تنطبق على عثمان بن عفان .
ثثالثاُ : المسيحيه مشهوره بصكوك الغفران , فالمسيحي إذا أراد الاعتراف يذهب للقس , و كأن هذا القس سيدخله الجنة أو النار .


7 - عبدالله داعش
منير سراج ( 2014 / 6 / 21 - 15:40 )
تعليقاتك سخيفة سيد داعش عبد الواوي خلف ال سعود


8 - جدتي
جمالا بدر ( 2014 / 7 / 6 - 00:48 )
نحن نسمي في لهجتنا العامية شيخ الإسلام بالطالب،أي له علاقة بطلب العلم ،و جدتي كانت تسرد لي روايات عن أخلاق الطالب،فقد كان يقدم اوراق يكتب فيها القرآن المقدس بيده المقدسة و يطلب خدمات جنسية لعضوه المقدس،و العائلات منها ما كان مغيب عقلي يستجيب لمطلبه ،و منهن من كن كجدتي المتمردات عن الأفكار السائدة تحث الناس للحفاظ على شرفهن و أنه ماجن،سيأتي من يقول لي أن المشكل ليس في الدين بل في الطالب،و العشرية السوداء التي أكلت الأخضر و اليابس و اخذت النساء سبيا باسم الدين اي دين هذا الذي يساء فهمه

اخر الافلام

.. 164-An-Nisa


.. العراقيّ يتبغدد حين يكون بابلياً .. ويكون جبّاراً حين يصبح آ




.. بالحبر الجديد | مسعود بزشكيان رئيساً للجمهورية الإسلامية الإ


.. جون مسيحة: مفيش حاجة اسمها إسلاموفوبيا.. هي كلمة من اختراع ا




.. كل يوم - اللواء قشقوش :- الفكر المذهبي الحوثي إختلف 180 درج