الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مفاهيم مُشوهة ~ الخوارج

علي الخليفي

2014 / 6 / 20
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


التاريخ يكتبه القَتَلة ، أما المقتولين فتاريخهم يُكتب بأيدي قاتليهم .

وأياً كانت القيم السامية التي قُتل لأجلها القتيل ، فهي تُقتل بقتله ، بل لا يُكتفى بقتلها ، فتُشوه، ويُمثل بها ، لتصل مُشوهة لمن يأتي من بعده .

الإعلام الذي يتصدره غِلمان وجواري البدو ، والذي يُسيطر على الفضاءات المرئية والمسموعة ، يستند في مرجعيته لثقافة أؤلائك البدو ، ويُسقط مُفردات تلك الثقافة الهابطة على كل ما يستجد من أحداث .

لذلك نرى شيوع إستعمال مُفردة خوارج ، في وصف الدواعش والقواعد ، وغيرهم من قاطعي الرؤس وحارقي الأكباد ، لإظهارهم بمظهر الخارجين عن ثقافة البداوة ، رغم أنهم مُنتج أصيل من مُنتجات ثقافة العربان الهابطة. ولا يستقيم أبداً وصفهم بالخوارج.

الخوارج تاريخياً هم فئة من أبناء الأمم المقهورة، التي إجتاحها وباء البداوة ، وتم إستلاب أوطانها ومُقدرتها ، وطمس هويتها القومية ، وسرقة ألسنتها وثقافتها ، لتُجبر على إعتناق ثقافة البداوة، والتي قُدمت لها على أنها دين سماوي المصدر، والحديث بلسان البدو الذي قدم لها على أنه لسان جنة البدو المزعومة.

الخوارج كانوا هم الفئة الأكثر وعياً من أبناء تلك الأمم ، والذين أدركوا في وقت مُبكر جداً ، المؤامرة البدوية التي حيكت ضد أوطانهم فخرجوا عنها.

تَحتَ عنوان الدعوى إلى الى الله ، إنساقت هذه الفئة شأنها شأن بقية أبناء وطنها وراء الدعواى البدوية ، لتجد نفسها طرفاً في صراع لا ناقة لها فيه ولا جمل.

صراع بين أبناء العمومة من أؤلائك البدو الأجلاف، الذين نقلوا أحقادهم وثاراتهم من وراء كثبانهم الرملية ، إلى شواطئ الحضارات الإنسانية على ضفاف دجلة والفرات .

قاتلت تلك الفئة تحت رايات البدو المُهترئة مواطنيها ، لنصرة أحد زعماء أؤلائك البدو في حربه الأولى، والتي خاضها ضد زوجة إبن عمه ، ونبيه ، ورسوله، والتي يُلزمه كتابه المُقدس بأن يجعلها أُماً له .

وبعد أن نصروه في حربه القذرة تلك ضد أُمه ، وجدوه يرفض إقامة قوانين الحرب على أمه المهزومة وفريقها ، تلك القوانين التي كان يطبقها على أبناء وطنهم ممن هزمهم ، ليعيد أُمه الشمطاء تلك ، مُعززة مُكرمة إلى ديار البدو ، بعد أن تسببت في نحر ما يزيد على عشرين ألفاً من مواطنيهم في تلك الحرب .

بمُجرد إنتهائه من حربه تلك ، نقلهم لحرب أخرى ضد أحد أبناء عمومته ، ولما قاربوا على تحقيق النصر له، إستفاقت فيه دمائه البدوية ، وأراد الجُنوح للسلم الذي دعاه إليه إبن عمه ، وهنا أدركت هذه الفئة أنها إنما كانت تُستغل ، وتُتستعمل لصالح نزوات ذاك البدوي ، وأن حروبها تلك ، لم يكن الله أبداً طرفاً فيها كما أوهمهم البدوي ، الذي يتبعونه ويحاربون تحت رايته ، فخرجوا عنه وقالوا قولتهم الشهيرة : لا يحكما أبد الدهر مُضري .

فكانوا أول من أسقط تلك المقولة ، التي جعلها اؤلائك البدو مُقدسة ، بنسبتها إلى نبيهم الذي لاينطق عن الهوى بحسب زعمهم ، والتي تقول أن الإمارة لاتكون إلا في قريش.

لو قُدر لتلك الفئة أن تنتصر في حربها ، وأن تُسقط تلك المقولة ، لجنبت هذه المنطقة الكثير من الخراب والدمار ، والذي كان سببه الأساسي هو تحكم أجلاف قريش في مُقدرات هذه الأوطان.

لو أُسقطت تلك المقولة لحُكمت هذه الأوطان بواسطة أفراد من أبنائها ، والذين سيحملهم إنتمائهم لأوطانهم إلى العودة إلى ثقافة أوطانهم الأصيلة ، والخلاص شيئاً فشيئاً من ثقافة البداوة القبيحة.

لكن البدو والمُستغفلين من أبناء تلك الأوطان المُستلبة ، تالبوا على تلك الفئة وقضوا عليها ، لترزح هذه المنطقة بكل أوطانها تحت سطوة الأمير القرشي البدوي ، الذي ظل لايراها إلا غنيمة وهبها إلهُه المُتجبر له ، حتى وصل الأمر مع ضعف دولة البدو تلك ، إلى أن يسعى كل ساعي للسلطة للبحث عن بدوي قرشي ليحكُم بأسمه ، الأمر الذي أوصل هذه الأوطان إلى حالة من التردي ، صارت فيه تُحكم بغلمان من بدو قريش لم يبلغوا الحُلم ، يتم تنصيبهم وخلعهم وفق أهواء من كانوا خدمهم وعبيدهم ، ولانزال حتى يومنا هذا ، ونحن نعيش في القرن الحادي والعشرين ، نُعاني من أثار تلك المقولة الشريرة، فكل حاكم من حكام اليوم ، يجتهد قدر إستطاعته ، ليجد له نسباً لبدو قريش ، ليعطي الشرعية لحكمه وإستبداده .

فمِنَ القابِع على مملكة الدعارة والحشيش على ضفاف الأطلسي ، والذي يُلقب نفسه بأمير المؤمنين ، ومروراً بالمخبول القذافي ، الذي كانت كل وسائل إعلائمه تؤكد نسبه الشريف لبدو قريش، وحتى مبارك مصر ، الذي حين أدركه الغرق أبان التمردات التي قادت لخلعه ، جند من يدعو بهذه الدعوى ، ووصولاً لإبن أم ولد الإنجليزية ، والذي يسمي مملكته بالهاشمية ، وحتى أصحاب العمائم السود في بلاد فارس ، الذين يُميزون أنفسهم بعمائمهم السود على بقية أبناء وطنهم ، لأنها تدل على أصولهم البدوية القُرشية. فكل من أراد أن يمتطي ظهور الحمقى والمغفلين بحث له عن نسب في بدو بني هاشم ، لتذل له أعناق السفهاء وتخضع.

الدواعش وملحقاتهم ليسوا خوارج هذا العصر ، ولا يستحقون حمل هذا الشرف ، بل هم دواخل هذا العصر ، الذين يدخلون في دين البداوة أفواجاً ، وينتمون طوعاً لتلك الثقافة البدوية المُنحطة، ويريدون الإحتكام لخلاصة إفرازاتها النتنة.

خوارج هذا العصر ، هم من يرفضون أن يُحكموا بواسطة بدوي متخلف من قريش ، يدعى أن يحمل نسباً شريفاً بإنتسابه لتلك القبيلة المُتوحشة.

خوارج اليوم هم من يرفضون الإحتكام لتعاليم أؤلائك البدو ، ويرفضون أن تُدار حياتهم وفق تعاليم التوحش والإنحطاط البدوي القُرشي.

خوارج الأمس ، هم من أسسوا لما نراه اليوم من ثورة وتمرد ، يقودها المتنورين ، والمثقفين ، من أبناء الأوطان المُستلبة ، على الهجمة الجديدة لتلك الثقافة البدوية القذرة التي تعود اليوم بدعم البترودولار .

إن جاز لنا إستدعاء مُفردة الخوارج من كتب التاريخ لنصف بها طائفة ما ، فهي ولا شك ستكون طائفة الليبرالين واليساريين والعلمانيين ، الذين يرفعون اليوم ذات الشعار الذي رفعه خوارج الأمس ، والذي يقول لن يحكمنا أبد الدهر قرشي بدوي إعرابي مُتخلف ، ولن تكون حياة أبنائنا رهناً لمشيئة تلك التعاليم الفاسدة، التي صاغتها قبيلة مُتوحشة ، لا تَمت إلى الحضارة الإنسانية بصلة.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تاريخ المسلمين جنى عليهم
حيدرمحمود ( 2014 / 6 / 20 - 11:48 )
مقال مكتوب باسلوب ساخط و بردة فعل قوية تجاه الدمار الذي يعصف بكيان الامة العربية ، وطرح الكاتب يمتاز بالجرأة وربما السبق التحليلي لوصف فئة من المسلمين تركت بصمتها الدموية الواضحة في سجل الاحداث الغابرة ، وحتى الحاضرة !
الا ان الاخ الكاتب - وتحت سيطرة الغضب - عكس بعض الحقائق التاريخية :
1- علي لم يحارب السيدة ( ام المؤمنين ) ، بل هي من خرجت طلبا للثار من قتلة عثمان - رض-
2-نسي الاخ الكاتب عملية رفع المصاحف بعد استتباب النصر لعلي و من ثم مقولة الخوارج ( لا حكم الا لله )، وحينها قال الرجل كلمته الخالدة ( كلمة حق يراد بها باطل )....اي انه لم يجنح للسلم الا بعد انشقاق الخوارج عنه وتصدع جيشه .
ارجو الا يبدو من تعليقي اني اتحيز لشخص علي ، او اني اعول على ما في كتب التاريخ الصفراء من قصص وروايات ، لكنني فقط احببت ان اتداول مع الاخ الكاتب والقراء المحترمين رؤاهم فيما وصل الينا عبر عشرات القرون من احداث لم نعشها يومها ، لكننا اجبرنا ان تجترها اليوم ..!
وشكرا


2 - اقتلوا نعثلاً فقد كفر
الباحث عن الحقيقة ( 2014 / 6 / 20 - 14:23 )
كيف تخرج عائشة طلبا للثأر من قتلة عثمان و هي نفسها كانت تحرض على قتله عائشة كانت و على ما يبدو من قراءة التاريخ حاقدة على علي لانه اشار على محمد ان يطلقها في حادثة الافك و ربما ايضا طمعا في السلطة يقودها عنفوان المراهقة و هي التي اجبرت على العزوبية و امومة المسلمين على صغر سنها مما حرما من عيش حياتها طبيعيا ه


3 - اقتلوا نعثلاً فقد كفر
الباحث عن الحقيقة ( 2014 / 6 / 20 - 14:24 )
كيف تخرج عائشة طلبا للثأر من قتلة عثمان و هي نفسها كانت تحرض على قتله عائشة كانت و على ما يبدو من قراءة التاريخ حاقدة على علي لانه اشار على محمد ان يطلقها في حادثة الافك و ربما ايضا طمعا في السلطة يقودها عنفوان المراهقة و هي التي اجبرت على العزوبية و امومة المسلمين على صغر سنها مما حرما من عيش حياتها طبيعيا ه


4 - السلام عليكم..
عمر ( 2014 / 6 / 20 - 19:52 )
غريب هذا الخلط التاريخي. .
الخوارج.. كان معظمهم من رمال الجزيرية العربية. .وقد عينوا الإمام عبدالله بن وهب الراسبي قائدا لهم. .وأستوطنوا العراق بعد معركة النهروان ثم عاد قسم منهم إلى وطنه عمان لنشر المذهب الإباضي
ويكفيك أن تعرف شهداء معركة النهروان. .لتعرف من هم!
هؤلاء هم من أسس المذهب الأباضي المتسامح مع الغير والذي قام على كلمة : إن الحكم الإ لله. .
أصولهم بدوية ينتشرون في سلطنة عمان وبلاد المغرب العربي وشرق أفريقيا. .
وأنصح بقرأءة كتاب الخوارج والحقيقة الغائبة للكاتب ناصر السابعي

http://avb.s-oman.net/showthread.php?t=1447063


5 - تحياتي
علي الخليفي ( 2014 / 6 / 20 - 21:27 )
السادة أصحاب التعليقات شكراً لمروركم وأود أن أنبه فقط إلى أن المقالة ليست ظ في تاريخ تلك الحقبة للإنتصار لطرف على آخر ، لأن كل ذاك التاريخ الدموي لايعني غير بدو قريش .ما أردت طرحه من خلال هذه السطور يقتصر على تبيان التشويه الذي دأب البدو على إلحاقه بمخالفيهم
أما السيد الذي كتب تعليقه تحت إسم عمر فأقول ان العجيب هو فهمك لما تطرحه المقالة والأعجب انك قرأت المقالة كلها ما عدا السطر الأول فيها وهذا ما دفعك لإرشادي لقراءة كتابك عن الخوارج ، ولو وعيت قولي لأدركت أنني لا أصدق شيئاً من كل ذاك التاريخ المُشوه ، وأن الغاية مما اطرحه هو الدعوى لكتابة تاريخنا الخاص بنا نحن أبناء الأمم التي تعرضت لطوفان البداوة ، والتوقف عن إعتبار تاريخ البدو تارخ لنا .. عندما يكون فهم الإنسان على قده كما يقولون فلا بأس من أن يعيد القراءة مرة ومرتان وثلاث وحتى عشر فالتكرار يعلم الشُطار كما يقولون أيضاً .. فهذا أفضل من أن يتقدم الإنسان لدور المُصحح والناقد لما لم يعي ويعقل وشكراً للرابط الذي أرسلته والذي لا أحتاجه ، فقد تجاوزت أمثال هذه الكتب مذ تجاوزت مرحلة المرا هقة


6 - تعليق
عبد الله خلف ( 2014 / 6 / 21 - 00:58 )
الكاتب ملحد من بيئه مسيحيه .
أترككم مع الإرهاب المسيحي :
- صور من الإرهاب المسيحي :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=412521
- يسوع (يهوه) و أحكام الرجم :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=412087
- يسوع الناصري ليس رجل سلام :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=411221
- يسوع و حد (الرده) :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=410556
- ما هي مشكلة يسوع (يهوه) مع الحيوانات البريئه؟ :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=410313
كما أترككم مه الإرهاب الإلحادي :
- فضائح الدروانيه وفضائح اخلاق الملاحده الاجراميه (متجدد) :
http://antishobhat.blogspot.co.uk/2012/11/blog-post_2522.html


7 - لعنه الصحراء
على سالم ( 2014 / 6 / 21 - 01:04 )
نعم انها لعنه الصحراء الحجازيه الملعونه والتى طالت حيزا واسعا فى هذا العالم , انا اعتقد ان حادثه الافك بين عائشه والفتى صفوان ابن المعطل هى اساس الانشقاق بين السنه والشيعه والتى استفحلت بعد ذلك ,عائشه كانت تكره على اشد الكراهيه لانها كانت تعتقد ان على كان متاكد تماما من حدوث المواقعه الجنسيه بين صفوان وعائشه ,الغريب انه كان فيه شهود على واقعه النكاح فى الصحراء ولكن عددهم كان ثلاثه فقط وليس اربعه وهو العدد المطلوب لكى يروا المرود فى المكحله من جميع الاتجاهات ولذلك لم يؤخذ بشهادتهم ,وانتظر محمد شهر كامل لكى يثبت براءه عائشه ,الغريب انه كان فى امكان جبرييل النصاب ان يحضر ايه فوريه ويثبت فيها طهاره زوجه الرسول الصلعم ,الغريب ان هذه المرأه اللعوب لاتزال تتحكم فى مصائر دول وامم حتى وقتنا هذا الاغبر


8 - السلام على من أتبع الهدى .
عمر ( 2014 / 6 / 21 - 07:41 )
السيد علي الخليفي. .
الأمر لا يستحق التكرر. .
فقط. .راجع نفسك في الإسقاط التاريخي أولا. .حتى تعي الإشكال الذي تقع فيه كلما حاولت الهروب من تاريخ البداوة. .كما تسميه. .
ثانيا فصل البعد التاريخي والجعرافي والإجتماعي للجزيرة عن ما يجاورها من بلاد الشام والرافدين وتركيا اليوم حتى قبل الإسلام. .يحتاج جهدا أكبر من هذا الذي تطرحه. .

اخر الافلام

.. كل سنة وأقباط مصر بخير.. انتشار سعف النخيل في الإسكندرية است


.. الـLBCI ترافقكم في قداس أحد الشعانين لدى المسيحيين الذين يتب




.. الفوضى التي نراها فعلا هي موجودة لأن حمل الفتوى أو حمل الإفت


.. مقتل مسؤولَين من «الجماعة الإسلامية» بضربة إسرائيلية في شرق




.. يهود متطرفون يتجولون حول بقايا صاروخ إيراني في مدينة عراد با