الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في الرد على طرح سامي ذويب: حتى نتطور مع إتباع ملتنا

محمد الحمّار

2014 / 6 / 21
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


ذهب العديد من منتقدي الإسلام إلى التركيز على الأنظمة القديمة مثل الرق والسبي وملك اليمين وهدم الأصنام وفرض الدية على غير المسلمين ومنع زواج المسلمة بمعتنق دين آخر وغيرها، وذلك لكي يحاولوا تبيين عدم صلوحية الإسلام لهذا العصر (انظر مقال سامي الذيب المنشور بموقع "الحوار المتمدن" بتاريخ 15-6-2014 تحت عنوان "هل من وسيلة لتطوير الإسلام لملاءمة حقوق الإنسان").

إنّ مثل هذه المحاولات فاشلة على طول الخط. و لكي نشرح ذلك، رصدنا ما لا يقل عن ثلاثة أخطاء اقترفها منتقدو الإسلام.

أول خطأ هو أنّ منتقد الإسلام عادة ما يتناسى أن هذا الأخير كان قد تعامل مع واقع اجتماعي واقتصادي وسياسي سابق له دون اللجوء إلى طرق ذات مفعول صدامي أو مفاجئ . هكذا أخذ الإسلام ما يكفي من الوقت للحث على تحرير المسلمين مما فسد من تلكم النظم مثل الرق وملك اليمين وتعاطي الخمر، أو لوضع شروط لنظم مازال المسلمون متعلقين بها مثل شرط العدل واستحالة العدل بخصوص تعدد الزوجات.

كما أنّ محاولات بعضهم إبعاد الإسلام عن دائرة التلاؤم مع العصر الحديث فاشلة لسبب آخر ألا وهو المزج بين أمرين مختلفين (انظر أدبيات مرتضى المطهري): من جهة، القوانين الإلهية التي تجسد ما يسمى بمقاصد الشريعة من حفظ للدين وللنفس وللعقل وللجسم وللمال، وهي قوانين ثابتة وصالحة لكل مكان وزمان. من جهة ثانية، الشريعة الإسلامية وهي النظام التشريعي الذي يتوخاه فقهاه الإسلام لسنّ قوانين ملائمة مع تلكم القوانين الثابتة التي تتضمنها الجهة الأولى.

ماذا يحدث حين يختلط الحابل بالنابل فينسف الوجه التقدمي للإسلام من ناحية ويمزج القانون الإلهي بالقانون الإسلامي الإنساني؟ طبعا يصبح الإسلام _معاذ الله_ موضع شبهات وشك واتهام بالتخلف. ومنه يطلق العنان للتخمينات والتصورات المجانبة للصواب من طرف أصحاب النوايا السيئة وناقصي العلم بهاته المسائل وللذين ينتمون إلى ديانات أخرى يكنّ أتباعها حقدا دفينا للإسلام والمسلمين.

إذن لن نستغرب في هذه الشروط أن نسمع من ألسنة هؤلاء ونقرأ من وحي أقلامهم أنّ الإسلام كان يشجع تأبيد الأنظمة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الرديئة التي كانت سائدة في صدر الإسلام وأنه المسؤول عن تواصل العمل بها أو ببعضها إلى الآن على غرار هدم طالبان للأصنام أو فرض بعض الأنظمة السياسية نظام الحكم الشمولي بدعوى تطبيق الشريعة.

نصل هنا إلى الخطأ الثالث الذي عادة ما يقع فيه مهندسو استبعاد الإسلام من دائرة التقدم والرقي ومواكبة العصر، وهو ذاك الذي يتسم بالانحياز الفكري للغرب و_ضمنيا_ للديانة الأساسية للغرب_ المسيحية_وذلك انطلاقا من كون هذه الأخيرة قد استطاعت تطوير نفسها، على إثر مهازل القرون الوسطى وما حدث خلالها من استبداد كنيسي معادٍ للعلم وللعلماء ومناهض للتقدم المعرفي والعلمي.

صحيح أنّ المسيحية قد طورت نفسها من ذلك المنظور حيث أطلق العنان على إثر الإصلاح _ اللوثري والكالفيني بالخصوص_ للعقل الأوروأمريكي بأن ينجز المعجزات العلمية ومنه بأن يحدث الثورة الصناعية وما جاءت به من وسائل لتغيير العقليات ولتحسين جودة الحياة ، وهو ما ستستفيد منه الإنسانية قاطبة. هكذا تكون المسيحية قد طوّرت نظرة أتباعها إلى العلم وإلى أساليب التقدم.

لكن هذا التطور يعدّ ماديا فحسب، ومن منظور الإسلام ومقاصده، يعدّ مقتصرا على حفظ العقل والمال دون سواهما. لم تطور المسيحية عقيدتها المعنوية على غرار تطويرها لعقيدتها العقلية المادية. لم تطور المسيحية نظرتها إلى الآخر غير المسيحي والدليل أنها اعتنقت مذهب " حِمل الرجل الأبيض" معتبرة أن سائر الإنسانية عبئا عليها وبالتالي يتوجب تهذيب هذه الإنسانية الأخرى، ولو تطلب الأمر تأديبها. وهو ما فعلته عن طريق الاستعمار المباشر.

كما أنّ المسيحية متمادية اليوم في تحقيق هدف تطويع سائر الإنسانية لإرادة الرجل الأبيض. اختلاق الكيان الصهيوني في قلب العالم الإسلامي تعدّ من وسائل التحقيق. ضرب العراق بعد توريطه مع جاره الكويت تعتبر علامة من علامات الهندسة المسيحية للاستيلاء على العالم (راجع تصريحات بوش الأب والعسكري كولن باول للتأكد من المنحى الديني للهجوم على العراق). أحداث سبتمبر/أيلول من سنة 2001 تعدّ من إرهاصات السياسة المسيحية المهيمنة. ضرب أفغانستان ثم استعمار العراق فتخريب ليبيا فإرباك سوريا والتدخل في بلدان إفريقيا جنوبي الصحراء، كلها محطات تتخذها المسيحية العالمية لاستحواذ على أراضي سائر الإنسانية _ المسلمين خاصة _ ومن ثمة مصادرة عقيدتهم الإسلامية.

من لا يتفطن إلى هذا الجانب من الأجندة _الخفية_ للغرب ولا يرى سوى الجانب الظاهر والجذاب للحضارة الغربية سيحكم على نفسه بالحرمان من المشهد كاملا، كالذي تابع شريطا سينمائيا مبتورا، وبالتالي سوف يظن أن الغرب لا يمارس الرق بينما ما يسمى "الرق الأبيض" حالة مستشرية في العديد من البلدان، وأنه حريص على صيانة الإنسان وضمان حقوقه ببنما تجارة الأعضاء الإنسانية تكاد تكون خبزا يوميا في أوساط غربية عديدة. بالكاد، من يغض الظرف عن الحرب الدينية التي يخوضها الغرب على المسلمين سوف يتخذ الجانب المخادع للحضارة الغربية على أنه نموذج للإتباع والمنوال الأوحد لتطوير الحياة، بما فيه تطوير الإسلام.

في ضوء هذا، أين تقع المسافة المتبقية والفاصلة بين المسلمين وبين التطور والتقدم؟ هل هي تقع على طريق إتباع المسلمين لنظم الغرب حتى لو أربكت هذه الأخيرة النظام الشمولي الإسلامي النظري، أم تقع على طريق التشفي من الغرب بواسطة فرض نظام شمولي على العالم على أنه نظام الإسلام، أم تقع على نهج التناول لقضايا المسلمين، واحدة بواحدة لكن من منظور شامل وموضوعي وعلمي، بما فيه القضايا العقدية، مقارَنة كانت أم أصيلة وذاتية في الوقت نفسه؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
عبد الله خلف ( 2014 / 6 / 21 - 21:36 )
الحقيقه هي : أن الإسلام و شرائعه أصبح مطلب الشعوب , فالشعوب الغربيه تُطالب بشرائع الإسلام , و الأدله :
- الفاتيكان يطالب بتطبيق الشريعة الإسلامية‬-;-‎ :
https://www.youtube.com/watch?v=atAetnrCEYU
- التلفزيون الألمانى : الإسلام هو الحل :
https://www.youtube.com/watch?v=dgW6o9cOBvI

أما سبب خوف سامي الذيب , فهو إنتشار الإسلام , و مستقبل الإسلام الكبير , راجع :
- تحليل أمريكي .. الإسلام سيحكم العالم قريبا :
https://www.youtube.com/watch?v=vg1lMMIdrYQ
- 68 ألف مسلم يعتنقون الإسلام يوميا :
http://www.youtube.com/watch?v=twJAdpvQCJ4


2 - هل كنت في وعيك عندما كتبت هذا الرد؟؟
سمير آل طوق البحراني ( 2014 / 6 / 22 - 09:03 )
هل حرر الاسلام عامة والعرب خاصة من الرق وملك اليمين وبيوتات الخلفاء تعج بهم حتى ان كتب الفقه تحتوي على تشريعات تخص العبيد والاماء وتعدد الزوجات؟؟.وفي المساوات بين البشر اكد الاسلام ان لا يقتل الحر بالعبد ولا الامة بالحرة ولا الامراة بالرجل؟؟.نعم حرر الاسلام العرب من عبادة الاوثان الشركية ولكن اباحها باسم الله وما شعرية الجح الا شاهد على ذالك. اما يخص الطاعة القبلبية فلقد الغاها رسميا وجعلها في ولاة الامور ـ الحاكم الظالم او الولي الفقيه ـ وجعل المسليمن كالقطيع والراعي.اما ما يخص الغرب وما يقوم به هو مبني على مطامع دنيوية وليس على تشريعات الاهية والفرق بين. ماذا تعني الخلافة في قريش ما بقي منهم اثنان؟؟؟.ماذا يعني الخمس للسادة والزكاة للعوام؟؟. ماذا يعني عدم جواز زواج الهاشمية على الهاشمية حسب الفقه الشيعي الاثاعشري؟؟؟.اما ما تكلمت عنه عن مقاصد الشريعة من حفظ النفس والمال والعقل فهل بقيت البشرية منذ نشاتها بدون مقاصد حتى جاء الاسلام بها؟؟. اخي الكريم انت تتكلم من منظور ايماني وهذا هو ديدن كل المنتسبن الى اي دين الذين يرون القذى في عين غيرهم ويعمون عن القشة التي في اعينهم.
شيعي بحريني


3 - الوعي قد يحضر وقد يغيب...
محمد الحمّار ( 2014 / 6 / 22 - 11:17 )
أنت تتساءل عن مسائل كان من واجب المسلمين أن ينجزوها بفضل عقولهم وأيضا بفضل إيمانهم وتلصق هذا النقص بالإسلام. غريبة.
هل الإسلام هو الذي سوّق الحكم الظالم وولاية الفقيه أم البشر الذين اختاروا الإيمان بما ليس فيه؟
نعم بقيت الإنسانية بدون مقاصد إلى أن جاء الإسلام. لكن المسلمين اليوم هم الذي جانبوا هذه المقاصد بناء على تبعيتهم لعقيدة غربية قذرة. وإلا هل كان بالإمكان استعمار أمريكا للعراق أو تفكيك الناتو لليبيا أو رزخ بلادك تحت نير الوصاية السعودية؟
ثم إنك تلومني على الكلام من منظور إيماني. أولا أعطني الدليل على ذلك. ثانيا حتى لوافترضنا جدلا أن ذلك صحيح، ها أنك أقوى مني كلاما من منطلق إيماني حيث إنك تُوقع -شيعي بحريني- فهل الإيمان (بالدين وبالمذهب أيضا) جائز لك وغير جائز لي أنا؟


4 - سمير آل طوق البحراني
عبد الله خلف ( 2014 / 6 / 22 - 13:07 )
- تحرير العبيد .. ولماذا لم يُعلِن الإسْلام صراحةً إلغاء الرق من حيث المبدأ؟ :
http://www.hurras.org/vb/showthread.php?t=46236
- شبهات ملحد .. حول الإسلام والرق :
http://www.hurras.org/vb/showthread.php?t=10272
- آية (الحر بالحر) نسختها آية (النفس بالنفس) .
- هل نسيت أن بلال الحبشي يزوج من إمرأه مخزوميه؟ .


5 - غريب
علام ( 2014 / 6 / 22 - 15:52 )
مات النبي عن أربعة ملكات يمين على الأقل، مات الخلفاء الراشدين عن سبايا و مات العشرة المبشرين عن آلاف العبيد و السبايا عدا أبو عبيدة بن الجراح، لم يفتح الله على فقيه أو عالم من السنة أو الشيعة بالقول إن الرق أمر لا يليق بل العكس دافعوا عنه بأياديهم و أسنانهم و لكن عندما توصلت البشرية لمقاصدها التي بدات منذ المدرسة الكلبية التي عرفت أن الرق أمر قبيح و حرمه كورش في فارس، عندها بدأ المتاسلمون في القرن العشرين يبحثون عن تأويلات و مخارجات ليقولوا بأقاويل من نوع إن مقصد الإسلام تحرير البشرية ... نسوا أن عدد العبيد قد تضاعف ربما عشرات الآلاف من المرات بعد الغزوات ... عرفت طلائع البشرية كراهية الرق و تطلعت للحرية قبل الإسلام بأكثر من ألف عام و لكن لتسويق البضاعة البائرة لا بد من التعمية و اللغة التي تحمل أي معنى و لا معنى ... كان الرب نائما عندما عرفت طلائع البشرية رزالة الرق فأنزل (الحر بالحر و العبد بالعبد) .. لم يخطر على بال رب الإسلام و لا نبيه و لا خلفائه الراشدين و لا فقهائه حتى القرن العشرين إن الرق عيب ... يا سيدي اكتبوا ما تشاءون و لكن لن تستطيعوا تزوير التاريخ


6 - ومما يقوله الدكتور ســـــامي الذيب
كنعان شماس ( 2014 / 6 / 22 - 17:09 )
ان80% ممن القران مصدره يهـــــودي و10% مسيحي ونحن نعرف ان من يطبق شرائع التوراة واخلاقياتــــه في دولة اســـــــرائيل يضعوه في الســـــجن باعتباره خبــل مختـــل وخطر على المجتمع المتمدن اما اذا كان الاستاذ محمد الحمـــار يشـــــك بحكمة ودهاء دولة اســرائيل ففي ذلك بلاء كبير لمن يقرا كتاباته تحية


7 - افتراء
محمد الحمّار ( 2014 / 6 / 22 - 18:21 )
الأستاذ كنعان
هذا افتراء على القرأن وكلام فارغ لا يرقى إلى مستوى النقاش. أما ما قلته بعدئذ فلم أفهمه نظرا لأني لا أعرف بلدا بذلك الإسم. مودتي

اخر الافلام

.. إسرائيل - حماس: أبرز نقاط الخلاف التي تحول دون التوصل لاتفاق


.. فرنسا: لا هواتف قبل سن الـ11 ولا أجهزة ذكية قبل الـ13.. ما ر




.. مقترح فرنسي لإيجاد تسوية بين إسرائيل ولبنان لتهدئة التوتر


.. بلينكن اقترح على إسرائيل «حلولاً أفضل» لتجنب هجوم رفح.. ما ا




.. تصاعد مخاوف سكان قطاع غزة من عملية اجتياح رفح قبل أي هدنة