الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صراع مع الانا

عصام عابدين

2014 / 6 / 24
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


بعد إنقضاء قدر لا بأس به من رصيدي في سنين الحياة , جلست داخل احد الصندايق الخراسَنية لفترة زمنية اعجز عن ادراك حدودها بدقة , فترة كانت تنطوي على عمل مكثف لجهاز الادراك خصتي , مما ادي الى حدوث ما يشبه ماس كهربي بين اطراف الادراك تسبب بعكس نظام التشغيل خاصتي بالكامل , أصبحت اري اشياء لم اراها , ولا اري ما كنت اراه , لا اعني الرؤية البصرية فقط وانما اعني رؤية الكل شيء حتي الافكار , المشاعر الخ .
في البداية كنت اشعر بالاسف لما حدث , ولسان حالى يحدثني عن عجزي على تحمُل قدر اضافي من الريبة يكفيني ما يُحيطُني منها , لكن سُرعان ما أندفعت مُتطفلاً بالنظام الادراكي الجديد على الجانب اللامرئي من العالم , وذلك لما اصابني من انبهار أثر ما ادركت من كمية مشاعر وافكار مهولة تتدفق من هذا الكوكب , وساقني التطفُل الى اكتشاف بعضها او ربما مُعظمها , التي كانت على قدر عظيم من السخافة , لكني تابعت البحث بلهفه وكأن الامر ليس مجرد عبث او مجرد استكشاف , حتي قابلتني احدي افكاري , يبدو من سعادتي بأيجاد شيء يخُصني في كومة السخافة هذه اني كنت اتطلع لإيجاد شيء كهذا من البداية , وفى لهفه بادرت بمحاولة تمييزها , لكن فاجئني احدهم لاول مره بمثوله امامي فجأةُ وكأنه خرج من لاشيء , او انه كان موجود لكن دون ان يظهر نفسه , فكرت بالهرب للوهله الاوله حيث اني ظننت انه سيُعاقبني لما اقترفت من افعال خسيسة بالتطفل على افكار ليست ملكي , لكن لا اعتقد ان منطق الاختباء او الهرب كان سيُساعدني فى هذا الواقع الجديد اللامنطقي فحين كنت مازلت احمل معي بعض المنطقيه من عالم المنطق , ولذلك حاولت تملُقه بالاعتذار وتدعيمه ببعض الحجِج المُقنعه , أخبرته ان حب التطلع والاستكشاف مدفون فى ذاتي , هو أحد الشيَم التي اعجز عن التخلص منها , وانا فقط كنت احاول اشباعه الان ولاحقاً سأتخلص منه , انا اعرف كيف سأخلص نفسي منه جيداً ولكن صبراً علي يا سيدي من فضلك .
شعرت لما اتاح لي من فرصة للتعبير والحديث اني اسير على طريق النجاة , فتابعت بأني لا أحب ان أتطفل على خصوصية احدهم , انا انسان سوي يحب الخير , وداومت على نفس المنوال حتي قطع صمتُه صارخاً " كفي كذِباً , توقف عن محاولات تضليلي كما يحدث معك . وأدعاء النُبل والمثالية فى لحظات تطيل منها لتُدبر فيها وسيله للتخلص مني والهرب الى عالمك اللامنطقي مره اخري " .
تعجبت , لكن الاهم اني أدركت انه كشف امري , ولذلك تراجعت عن فكرتي الأولي وبدأت اولاً بأنكار التهم الموجهه اليٍ بـ " لا يا سيدي انا لا احب الجميع ولا يمكن ان أفكر فيك على هذا النسق " ثم سلفت ذلك بأعتذار وصمت ,
فلم يتحدث ودام الصمت فتره , أردت الخروج من تلك الحاله الكئيبة فتطرقت للحديث مره اخري ليس بغية الوصل الى شيء معين سوي انهاء الصمت , فسئلته عن نفسُه , " ماذا تفعل هنا - من انت ؟ " ربما يكون واقعة أليم وتهويني عليه يحميني منه .
صمت قليلاً حتي ظننت انه لم يسمعني , وفى اللحظه التي اهتز فيها لساني ليُكرر السؤال مره اخري , اجاب بـ انه صاحب السلطه فى عالمي , و من يدير اموري "
خُيل لي انه معتوه من المعاتيه مُرددين العبارات الفارغة التي لا تحتوي سوي على غرور وكبر , طوال الوقت , لكن لم اظهر ذلك واجبت بتودد " وكيف ذلك " ؟
قال " كنت اعتقد انك من سيُجيب على هذا , فأنت ادري بنفسك اليس كذلك ؟ انت تعرف كل شيء عنها ولذلك فأنت لا تعرفها "
سئلت في شيء من الدهشه " عما تتحدث - من انت " ؟
اجاب بلهجة تعتريها الجديه , تسيطر عليها السخرية وهذا اكثر ما تيسر لي ادراكه منه , اما الباقي فكان مجموعة من الالغاز لم تبعث في اي فكرة متماسكه سوي انه يود ان يشير بـ " أنه , انا " .
اجبت سريعاً في زي المُغفل وانا اضحك وكأنها دُعابة ," ومَن انا الان يا ايها العارف , بعد ان اصبحت انت انا " ؟
اجاب بجدية هذه المره وهو متعجب " اتعتقد نفسك "انا" , كلا يا هذا لا يمكن لك ان تستخدم مثل هذه الألفاظ لتصف بها نفسك , انا "الانا" اما انت فمجرد شيء فى عالم الاشياء , يثرثر طوال الوقت عني وكأنه يعرفني حق معرفة , لكنك لا تعرف عني شيء , انت فقط تثرثر بما تجده منطقي بمنطق عالمكم المريض الذي دفعك لأنكاري الان , بعد ان وخزك مرضُه " .
وتبع حديثه هذا لحظات من الصمت او ربما اكثر من لحظات , لكني عجزت عن الحديث حينها , حتي ادركت أن الهدوء قد طال بعد صمته فبادرت بالسؤال عن دليل على صحة ما يقول ؟
فأجاب بعدد من الاسئلة " ماذا تحب - ولماذا " ماذا تكره - ولماذا " ؟
ودائماً ما كنت اجيب سريعا عن الجزء الاول من السؤال وأعجز عن الرد على الجزء الثاني من السؤال , تعسرت لماذا علي , لكن حتي لا اخسر فرصتي في اثابات اناي المستقل فتفوهت ببعض الكلمات لكن سرعان ما لاحظت انها غير مؤثره فأنصرفت للصمت .
حتي اجابني هو عن لماذا , بأنه العلة لذلك الحب او الكره , او لجميع الاهواء , هو لماذا يهوي لانه من يهوي , هو يعرف نفسه حقاً.
شعرت بأني لم اخطيء فى اعتقادي الاول به , يبدوا انه معتوه مغرور فى نفسه يعتقد انه علة كل معلول وحل كل مُعضلة , وانا اعذرُه حقيقةً على ما وصل اليه , يبدو انه هنا فى هذا العالم العجيب منذ فتره يتعسر ان توصف بأنها زمنيه بعد ان تجردت من بعد المكان . والمنطق فلا عجب ان يتجرد من المنطق هو الاخر .
ولذلك فقمت بالسخرية منه وطالبته بالرحيل عني , وعندما لم يتحرك بدأت انا , لكنه ظل يتبعني رغم كل ما توجهت به لُه من لعنات وسب , ولذلك حاولت سلك طريق اخر لإبعادة , فاندفعت نحو مسرعاً لادفعة وانا اردد اغرب عني ايها المغفل ومغمض عيناي خوفاً من رد الفعل , لكن رغم خوفي اندفعت حيث لم أعُد اتحمل قدر اضافي من الترهات , حتي اضفي صوت صاخب على صوت صراخي , صوت شبيه بتحطيطم الزجاج , ظللت مغمض عيناي لفتره اخشي ان اكون قد اصابته بضرر , انا فقط كنت اريده ان يتوقف عن التفوه بترهاته تلك والغروب عني , لم ارد ايذاءُه .....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استعدادات إسرائيلية ومؤشرات على تصعيد محتمل مع حزب الله | #غ


.. سائق بن غفير يتجاوز إشارة حمراء ما تسبب بحادث أدى إلى إصابة




.. قراءة عسكرية.. المنطقة الوسطى من قطاع غزة تتعرض لأحزمة نارية


.. السيارات الكهربائية تفجر حربا جديدة بين الصين والغرب




.. طلاب أميركيون للعربية: نحن هنا لدعم فلسطين وغزة