الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تفجير النفس بين التعصب والاكتئاب

اسعد الامارة

2005 / 7 / 30
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


اذا كان التكيف يعني انسجام الفرد مع عالمه المحيط به والبيئة الاجتماعية التي يعيش فيها وهو يعني السلوك الاجتماعي مع الاخرين،اي بمعنى ادق هو انسجام البناء الداخلي للفرد الذي ينعكس على الاخرين في امتداد لهذا الانسجام حتى يشكل احدى سمات التوافق مع الاخرين،في حين يعني التعصب التفكير السئ عن الاخرين دون وجود دلائل كافية كما عرفه عالم النفس(البورت).اما الاكتئاب فهو حالة انفعالية غير سارة او حالة من الشعور او المزاج الفردي الذي يبدو واضحاً في السلوك والتعامل.ويقول اطباء النفس هنالك نواحي متعددة لهذه الحياة المزاجية التي يدركها الفرد ويتحسس بها على انها حزن او فرح او غضب او حب او كراهية او كبرياء او ازدراء او خوف او قلق الى غير ذلك من الوان الشعور المختلفة،على ان حصيلة هذه المشاعر المختلفة تتجمع في محور واحد ذا قطبين اولهما الفرح والثاني الالم والحزن والانطواء ،بينما تؤكد لنا دراسات علم النفس ان السواء والحالة الطبيعية هي التمتع بالصحة النفسية من خلال التوافق الداخلي التام بين وظائف الفرد النفسية وخلوها من النزاعات الداخلية التي تنعكس على السلوك،لذا فالفرد السوي يخلو من الصراع النفسي الداخلي الذي يقود الى التوتر والشد النفسي والعصبي.ومن التعاريف الايجابية للصحة النفسية هو:قدرة الفرد على التوافق مع نفسه ومع المجتمع الذي يعيش فيه وهذا يؤدي الى التمتع بحياة خالية من التأزم والاضطراب،ولكن لا نجد هذه الارهاصات في سلوك الشخصية المتعصبة،فالمتعصب يشعر بالاحباط الدائم لانه يدعو الناس الى فكر متعصب يخالف به الجميع،فكراً وسلوكاً ومنطقاً.
ان المتعصب يحبط نشاطه الغريزي نتيجة العوائق الخارجية فيؤجل تحقيق دوافعه حتى تجئ الفرصة ولا يستطيع ان يتسامى في افكاره وافعاله لانه يرى في الاخرين بأنهم اشرار فيلجأ الى تحقيق دوافعه بعنف وعدوان او يرتد هذا العدوان او العنف الى الذات فيشكل لديه احباط داخلي ينجم عنه ارتداد ومعاقبة للذات لشدة وقوة"الانا الاعلى"سواء الديني او المذهبي او الطائفي الذي يدفعه دون تحقيق رغباته الفردية التي تتعارض مع الواقع،فيقود هذا الاحباط وضغوط النوبات الاكتئابية الحادة الى الانتحار كما هو حال مرضى الاكتئاب العقلي الحاد،واعتاد البعض من المتعصبين ان يمارسوا تفجير انفسهم في الساحات العامة او بين حشود الناس او في سيارات التفخيخ او انتقاماً من الآمنين الذين يمارسون حياتهم الاعتيادية بسعادة غامرة خالية من الاضطرابات او الجوانب السلبية الاخرى كما يراها المتعصب الانتحاري.
يقول"سيمون و وينجر"ان التعصب اتجاه انفعالي متصلب نحو جماعة من الاشخاص او شعب من الشعوب او دين من الاديان ، ويرى آخر بأنه احكام مسبقة ومعتقدات خاطئة تتصل باشخاص بعينهم او موضوعات معينة،هذه الارهاصات الفكرية لو تمت مقارنتها بالاعراض الاكتئابية لوجدناها تتسم بما يلي:

- الابتعاد عن التوافق الداخلي
- الابتعاد عن التكيف مع الاخرين
- شعور الانسان المتعصب-الاكتئابي بالفشل والخسارة والحرمان
- توفر"انا اعلى- قوي الضمير"في الفرد المتعصب –الكئيب بدرجات قاسية شديدة وغير متسامحة "ويرى علماء التحليل النفسي ان هذه الصفات مستمدة من الاب الذي يتصف بهذه الصفات"
- التعصب-الكآبة،آلماً نفسياً ناتج عن تعذيب الضمير وهي مازوخية نحو الذات"اي شعور الفرد باللذة عند ايلام النفس او تعريضها للالم"او فناءها"تفجير الذات اوالسيارات المفخخة نموذجاً"(الانتحار)
- عد التعصب - الكآبة دليلا على عدم قدرة الفرد على الحب بدون كراهية
- التعصب-الكآبة تعارض عاطفي ثنائي
- الكآبة..كبت الكراهية في اللاشعور وتوجيهها نحو الذات ونحو الاخرين بشكل غير مباشر
- التعصب ..كبت الكراهية في اللاشعور وتوجيهها نحو الذات ونحو الاخرين بشكل مباشر
- التعصب-الكآبة وسيلة لعقاب النفس بسبب الشعور بالاثم عندما لا يحب الانسان الا نفسه وهو الحال ذاته لدى اولئك الذين يتميزون بشخصية نرجسية انانية.

يقول علماء النفس ان التعصب هي ظاهرة عامة تنطوي على مدى واسع من الاتجاهات العدوانية واولها نحو الذات ونحو الاخرين ثانياً فهي تمتزج بها سمات الاعراض الاكتئابية،فالمتعصب –الاكتئابي يشعر بايلام النفس الذي يرمز الى توحده"تقمصه"في نفسه من شخص او موضوع يرغب في ايذاءه سواء كان هذا الشئ موضع حب او كراهية او صراعاً بين العاطفتين.اننا الان ازاء ظاهرة التعصب التي تبتعد عن سلوك التسامح او قبول الاخر والتقارب معه، انه ينطوي على وجود ميل قوي للاحتفاظ بمسافة اجتماعية تبعده عن الناس الاخرين ويقطع صلاته مع الجميع،ويكون هاجسه الاساس التفكير بالموت والرغبة فيه،وهنا يعتقد"فرويد"بأن الرغبة في الموت هي احدى غريزيتن هامتين تنازعان الانسان ،غريزة الحياة وغريزة الموت وفي الحقيقة ان العمليات الانتحارية لدى المتعصبين ولدى الاكتائبيين ما هي الا تعبير رمزي عن قوة غريزة التعدي في نفس الانسان،وان هذه القوة تتحول من مجراها ضد النفس الى ضد الغير لذا فأن هذا الشعور هو شعور بالاثم وعقاب النفس تكفيراً عما يعتلج فيها من افكار ضد النفس وضد الاخرين حتى ولو كانوا آمنين مسالمين لا يشكلون اذى له او خطورة عليه،فالمحاولات الانتحارية للمتعصبين الناجحة منها او الفاشلة تحدث لاسباب متباينة،فلدى البعض"المتعصبين حصراً"تعد هذه المحاولات رمزاً للتضحية والفداء بينما يرى علماء النفس والطب النفسي محاولات الانتحار وتفجير النفس هي محاولات لجلب الاهتمام والانتباه او لحل مشكلة مستعصية او حالة شديدة من مرض الوساوس التسلطية الالزامية او حالة شديدة من حالات الاعمال الاندفاعية عند البعض من المصابين بالشخصية السيكوباثية العدوانية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس: معبر رفح كان وسيبقى معبرا فلسطينيا مصريا وإسرائيل تتحم


.. تغير المناخ.. الخطر المنسي في زحمة الصراعات الجيوسياسية #بزن




.. وزير الدفاع المصري: الجيش قادر على مجابهة أي تحديات تفرض علي


.. مقتل 12 فلسطينيا وجرح 25 آخرين في العملية العسكرية الإسرائيل




.. بعد تصريحات وزير الدفاع المصري.. ما الذي تتخوف منه مصر؟