الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رمضان ليس الصيام عن الاكل والشرب فحسب؟؟

شاكر كريم القيسي
كاتب وباحث , ومحلل سياسي

2014 / 6 / 27
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


اننا نستقبل شهرا فضيلا كريما يحل علينا ضيفا مرة في كل عام تعبد النفوس المؤمنة ربها بكرة واصيلا وان الله تعالى رفع قدر هذا الضيف في القرآن الكريم فجعل الخير كله فيه، في اوله ووسطه وآخره، وقال تعالى(شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبيِّنات من الهدى والفرقان) ومن المؤسف ان يمر علينا هذا الشهر الفضيل وشعبنا الكريم يعيش حالات تدهور في الاوضاع الامنية والاقتصادية والسياسية وتاثيرها على نفسية الصائم المؤمن وعلى كل العراقيين من غير المسلمين. فالمجتمع يمر بحالات تمزق لكيانه، وتفرق لصفه، واصبح ساحة لمطامع اعدائه، بعد ان تدخل العدو في شؤونه وأراق دماء ابنائه على ارضه، ارى اننا بحاجة ماسة الى اعادة بنائه والصوم هو احد اركان هذا الدين الحنيف الذي يتم به البناء، لان الصوم فيه شأنه شأن سائر العبادات والقربات له معانٍ وأسرار عظيمة يمكن تلمسها والوقوف عندها لمعرفة الحكمة من مشروعية هذه العبادة الجليلة .
أول هذه المعاني والتي تشترك فيها جميع العبادات , أن الصوم فيه تربية النفس على العبودية لله جل وعلا , فعندما تغرب الشمس يأكل الصائم ويشرب امتثالا لأمر الله , وإذا طلع الفجر يمسك عن الأكل والشرب وسائر المفطرات , فهو يتعبد الله عز وجل في صيامه وفطره , فإذا أمره ربه عز وجل بالأكل في وقت معين أكل , وإذا أمره بضد ذلك في وقت آخر امتثل ، فالقضية إذاً ليست قضية أذواق وأمزجة , وإنما هي قضية طاعة واستسلام وانقياد لأمر الله .
و الصوم فيه يربي العبد على التطلع إلى الدار الآخرة , وانتظار ما عند الله عز وجل ,وان لايثير النعرات الطائفية والمذهبية والاثنية وهو صائم وان لايحرض على القتل والتكفير والاضرار بالاخرين وهو صائم لان الصائم المؤمن يتخلى عن هذه الافكار والفتن مثلما يتخلى عن بعض شهوات النفس ومحبوباتها , تطلعا إلى ما عند الله عز وجل من الأجر والثواب , وفي ذلك توطين للنفس على الإيمان بالآخرة , والتعلق بها , والترفع عن عاجل الملاذ الدنيوية , التي تقود إلى التثاقل إلى الأرض والإخلاد إليها ومن معاني الصوم أن يتذكر الصائم بصومه الجائعين والمحتاجين , فيتألم لآلامهم , ويشعر بمعاناتهم , فالذي لا يحس بالجوع والعطش قد لا يشعر بمعاناة غيره من أهل الفقر والحاجة , وإذا كان أحدنا يجد ما يفطر عليه من الطعام والشراب , فغيرنا قد لا يجد شيئا من ذلك . وما اكثرهم في بلداننا العربية وفي عراقنا الجريح اليوم.
ومن خيرة ما قيل في الدنيا وتربية النفس
((قصيدة للإمام علي بن أبي طالب عليه السلام))
النفس تبكي على الدنيا وقد علمت *** ان السعادة فيها ترك ما فيها
لا دار للمرء بعد الموت يسكــــنها *** الا التي كان قبل الموت يبنيها
اموالنا لذوي الميراث نجمعها *** ودورنـــا لخراب الدهر نبنيها
أين الملوك التي كانت مسلطنة *** حتى سقاها بكأس الموت ساقيها
فكم مدائن في الافاق قد بنيت *** أمست خرابا وأفنى الموت اهليها
لا تركنن الى الدنيا وما فيها *** فالموت لا شك يفنينا ويفنيها
المرء يبسطها والدهر يقبضها *** والنفس تنشرها والموت يطويها
انما المكارم اخلاق مطهرة *** الدين اولها والعقل ثانيها
والعلم ثالثها والحلم رابعها *** والجود خامسها والفضل سادسها
والبر سابعها والشكر ثامنها *** والصبر تاسعها واللين باقيها
والنفس تعلم أني لا اصدقها *** ولست ارشد الا حين اعصيها
واعمل لدار غدا رضوان خازنها *** والجار احمد والرحمن ناشيها
قصورها ذهب والمسك طينتها *** والزعفران حشيش نابت فيها
انهارها لبن محض ومن *** عسل يجري رحيقا في مجاريها
والطير تجري على الاغصان عاكفة *** تسبح الله جهرا في مغانيها
من يشتري الدار في الفردوس يعمرها *** بركعة في ظلام الليل يحييها
هكذا اراد امامنا وشفيعنا في الدنيا والاخرة الامام علي عليه السلام ان نفهم ونربي نفوسنا على الايمان وبالايمان
وللأسف الشديد نرى بعض الفضائيات تبث مقدمات لمسلسلات رمضانية لا تتماشى وقدسية هذا الشهر الفضيل الذي يتطلب ان يوجه الاعلام من خلال حلقات دينية صرفه تؤكد على قدسية هذا الشهر الكريم وكذلك مسلسلات هادفة تؤكد على الوحدة ونبذ التفرقة وتجييش الجيوس وعلى احترام الناس بعضهم للبعض الاخر وعلى تمتين روابط وأواصرالاخوة بين جميع طوائف المجتمع ومذاهبه واديانة وتشخيص السلبيات التي من شأنها تقسيم البلاد والعباد.
فالإحساس بالمسئولية التضامنية في بناء المجتمع وازدهاره أمر واجب، والدفاع عنه واجب، والشعور بآلام المسلمين واجب، والمشاركة الوجدانية والمادية في تفريج كروبهم ومناصرتهم واجب...
جزاكم الله خير الجزاء وعتقكم وايانا في هدا الشهر الفضيل وتقبل الله صيامكم وقيامكم نتمنى لكم رمضان مبارك وجمعنا بكم في الفردوس الاعلى وكل رمضان وانتم بخير وامن وامان..وعراقنا متعافي مما هو عليه الان.

د. شاكر كريم القيسي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تهنئة واستفهام!!
سمير آل طوق البحراني ( 2014 / 6 / 28 - 07:32 )
اولا اهنئك واهنئ كل المسلمين بحلول هذا الشهر الفضيل سائلا المولى جل شانه ان يجعله شهر خير وسلام على الجميع وبالاخص على العراق الجريح.هل تعتقد ان هذه القصيدة المنسوبة للامام علي عليه السلام هو من قالها بدون زيادة او نقصان وهي في جوهرها ضربة قاصمة للشعب العراقي وتحرره من قيد العبودية والظلم الذي احاط به من حكومة المحاصصة والتي ادت الى استشهاد الآلاف من ابناءه وغزوه من قبل المنظمات الارهابية؟؟.هل قال الامام: النفس تبكي على الدنيا وقد علمت *** ان السلامة فيها ترك ما فيها؟؟. فاذا كان حقا ان القائل هذا هو الامام فاذا لماذا هذا الاحتجاج على شظف العيش؟؟. اليس الصبر اولى وهو المعني بترك ما فيها؟؟.الا تعتقد ان هذا تناقض واضح بين هذا القول وقوله :اعمل لدنياك كانك تعيش ابدا واعمل لآخرتك كانك تموت غذا؟؟.ما هو العمل للدنيا؟؟. هل هو ترك ما فيها ام نيل ما فيها بالطرق المشروعة والعمل فيه كما امر الله؟؟. .اليس هو القائل:لو تمثل لي الفقر رجلا لقتلته؟؟.كثيرهم من ينقلون اقوالا عن اهل البيت تشجع الناس على السكوت على الظلم خدمة للسياسيين كما نقلوا عن الرسول قوله:لا يجوز الخروج على الحاكم وان كان ظالم.


2 - تهنئة واستفهام
د.شاكر كريم القيسي--العراق ( 2014 / 7 / 11 - 12:12 )
انا اقدر ما كتبته من تهنئة ولكن يا استاذ سمير هذا رايك فيما ورد بالقصيدة وانا احترم رايكمع التقدير

اخر الافلام

.. حاخامات يهود يمزقون علم إسرائيل خلال مظاهرة في نيويورك


.. بايدن يؤكد خلال مراسم ذكرى المحرقة الالتزام بسلامة الشعب الي




.. نور الشريف أبويا الروحي.. حسن الرداد: من البداية كنت مقرر إن


.. عمليات نوعية لـ #المقاومة_الإسلامية في لبنان ضد تجمعات الاحت




.. 34 حارساً سويسرياً يؤدون قسم حماية بابا الفاتيكان