الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرأة بين مطرقة تأويل الدين و سندان المجتمع

علي أبو خطاب

2005 / 7 / 31
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


أحاول في هذه المقالة عرض مكانة المرأة في التأويلات الذكورية للدين و المجتمع بشكل جزئي ، و ذلك عبر ملاحظات و استعراض لبعض المقالات و الكتب التي تحدثت عن الظلم الواقع على المرأة من هذه الناحية ، و أنا أتحدث هنا عن الدين الإسلامي بالذات و عن المجتمع العربي بعاداته و رذائله وقد ميزت بين الاثنين لأنه أحياناً قد يعطي الدين حقوقاً للمرأة فيهضمها المجتمع و يسلبها إياها باسم العيب ، و ثمة أمر أخطر حين يعطي الدين حقوقاً للمرأة فيسلبها إياها الفقهاء بتفسيراتهم الذكورية للنصوص.
تلاحظ عرين هواري – في مقالها بجريدة فصل المقال عدد (178) "أن معركة الحركة النسوية في العالم العربي الإسلامي علمانية كانت أم غير علمانية لم تستطع خوض نضالها النسوي على الأقل فيما يتعلق بموضوع الأحوال الشخصية إلا ضمن النطاق الديني، من هنا نلاحظ أن التسويغات لأي تعديل وإن كانت تتفق أو تحاول أن تتلاءم مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان لم تستطع أن تناقش أو تعارض المفهوم الديني وتحديداً القرآن والسنة النبوية" ثم تقول "إن محاولة الإصلاح والتعديل من خلال السياق الديني وقبوله يعني عدم جواز المناقشة من خارج هذا الإطار أي الامتناع عن معارضته أو التشكيك فيه، في هذه الحالة يطرح السؤال "هل يوجد ضمن هذا الخطاب وهذه الشريعة فضاء واسع للاجتهاد والتغيير بما يتناسب والظروف الحالية؟ وهل هذا الفضاء كان لمعالجة ودفع قضية تحرير المرأة وفق المفاهيم النسوية؟ وفي إجابتها نتبين أن هناك إجابتين على هذا السؤال، تقول بصدد الأولى "كتبت أحد الزميلات من الضليعات في الحركة النسوية في الداخل أن الدين والنسوية خطان متوازيان لا يلتقيان وقالت بأن الحركة النسوية لا يمكن أن تكون إلا في مواجهة الدين لأن الدين في جوهره قامع للمرأة" وبصدد الإجابة الثانية تقول "تقول الفقيهة المغربية فريدة بناني في مقالة لها بعنوان (الصوت النسوي في الخطاب الديني) أن علينا القيام بقراءة جديدة للنصوص بتأويل تقدمي بما تسمح به طبيعة النص القرآن، ونرى باجتهاداتنا لتفسير النصوص والسنة إن هناك مجالاً كبيراً للالتقاء بين مبادئ الشريعة والمعايير الدولية لحقوق الإنسان".
و أريد هنا أن أطبق هذا التأويل التقدمي على ثلاث قضايا هي: الحكم والميراث والدية، واخترتها بالذات لأن لها قصة عندي فقد درسنا أستاذنا الملتحي لمادة الثقافة الإسلامية –في الجامعة- إن هذه قضايا يثيرها المستشرقون ضد الدين،ولكن للإسلام ردوده عليها وطبعاً حفظت الردود وكتبتها في ورقة الإجابة وحصدت العلامات، لكني لم اقتنع بإجابتي أو إجابة تاويله الذكوري للدين، ووجدت أن ردودهم مردودة عليهم فهم إن قلت لهم لماذا لا تحكم المرأة؟ أجابوك أنها عاطفية زيادة عن اللزوم إضافة لأسباب فسيولوجية –كالحيض والولادة- وهذا ليس مبرراً كافياً لمنعهن من الحكم فكثيراً من الزعماء والقادة مروا بظروف مرضية أشد من الحمل والحيض ومع ذلك لم يطلب أحد تنحيهم عن الحكم وقد أثبت التاريخ كفاءة كثير من النساء مثل كليوبترا وحتشبسوت وزنوبيا وشجرة الدر وغيرهن كثيرات، وأنا متأكد أنه لو كان في وسع المرأة دوماً أن تحكم لكان لدينا نساء عظيمات في مجال الفتوحات السياسية كنابليون والإسكندر وجنكيز خان، أما مسألتي الميراث والدية حيث تأخذ المرأة نصف ما يأخذه الرجل –كأنها نصف إنسان- فهما منافيتين للمنطق والمجتمع العصري، قديماً قد يكون من الممكن قبول ذلك لأن الرجل كان هو رب الأسرة الذي يعمل ويكدح في حين كان مكان المرأة غالباً هو بيتها وبالتالي تأخذ المرأة نصف الميراث لأن زوجها يصرف عليها ويدفع لأهالها نصف الدية لأنها ليست مصدر دخل، أما الآن فتطورت المجتمعات الإسلامية منذ دولة محمد علي ودعوة رفاعة الطهطاوي لتعليم البنات وتنافى هذا التطور بفضل الإرساليات التبشيرية ومدارسها وازدهار الترجمة حتى وصلنا للمجتمع الحالي الذي تعمل فيه المرأة جنباً إلى جنب مع الرجل، بل لم يعد بالإمكان لأغلب البيوت أن تفي بالتزاماتها دون عمل الرجل والمرأة معاً لذا لم يعد مبرر لأن تأخذ المرأة نصف حقها فقط، قد يقول جاهل لا لزوم لعمل المرأة أصلاً –وهذا ما سنتحدث عنه لاحقاً- متناسياً بذلك الضرر الاقتصادي على الأسرة وحق المرأة الطبيعي في العمل مثلها مثل الرجل.
وإذا ما تحدثنا عن مظالم المجتمع للمرأة طال الحديث لكني سأختصر وقد تفوق ذكورية المجتمع ذكورية رجال الدين أحياناً، وسأبدأ بقضية مهمة هي الاختلاط الذي سمح به الدين في العلم والدين لكن كثيرون يرون عيباً في الاختلاط ويحاربونه حتى لو كان سببه العلم، المرأة في مجتمعنا ينظر لها على أنها مجرد جسد لا عقل –وأستثني هنا بعض المثقفين- فهي المستهدفة بالنظرات وكأن النساء لا ينظرن للرجال، أما إذا لبست قصيراً أو شفافاً فهي لابد عاهر في نظر المجتمع، والزوج يرى زوجته فقط عاهرة تلبي رغباته الجنسية وخادمة تخدم بيته وحاضنة لأطفاله ويفرض عليها دكتاتورية منزلية حيث رأي الحزب الواحد أي حزبه هو طبعاً، ولا ننسى ختان البنات الذي اختلف فيه علماء الذين لكن اتفق عليه العرف الاجتماعي، حيث تمارس هذه الجريمة في مناطق إسلامية كثيرة، بل أن شيخ الأزهر "جاد الحق على جاد الحق" اعتبرها واجب ديني، وإن كان كثير من النساء بدافع تعصبهن للدين يقبلن بأوضاعهن السيئة وبما يفرضه المشرعون الذكور من اضطهادات دون تفكير فإنهن يقبلن باضطهادات المجتمع رضوخاً وخوفاً من العقاب أو الطلاق أو الفضيحة وغيره.
ختاماً ما أريد قوله أنه لكي تحصل المرأة على حقوقها كاملة وفي كافة المجالات يجب أن تأخذ نفس حقوق الرجل ويكون لها نفس الحرية التي تعطى له، وأقصد بكافة المجالات: الفكرية والسياسية والجنسية والاقتصادية والاجتماعية وغيره.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لبنان: ارتفاع جرائم قتل النساء بـ300 % عام 2023! • فرانس 24


.. ناشطات تخشين أن يصبح مشهد مقتل النساء أمراً اعتيادياً




.. رئيسة جمعية المرأة والمواطنة بالكاف كريمة البرين


.. لوحة تمثيل الثروة




.. بعد سنوات من تحرير الطبقة النساء تشاركن في الانتخابات الب