الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جمهورية كردستان الديمقراطية

عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

2014 / 6 / 29
القضية الكردية


أغلب المؤشرات محلياً وإقليمياً ودولياً تكاد تجمع الآن على كون الأقليات الكردية الموزعة بين العراق وسوريا وإيران وتركيا قد غدت أخيراً كمكافأة لتاريخ نضالي مرير حفاظاً على هويتها القومية والثقافية قاب قوسين أو أدنى من انتزاع دولة قومية مستقلة خاصة بها والتي، في أغلب الظن، فور إعلانها سوف تحصد اعتراف الأمم المتحدة ومن ورائها أغلب الدول الأعضاء بهذه المنظمة الدولية الأعظم. عبر العقود الماضية، قد أفلحت القوميات الكردية في المحافظة على درجة معقولة من التماسك والتنسيق فيما بينها، والاستفادة من التصدعات والانقسامات السياسية والمذهبية العربية داخلياً، ومن صراعات بسط النفوذ والسيطرة بين السعودية وإيران وتركيا إقليمياً، ومن تنافس المصالح الكبرى والعظمى على الصعيد الدولي لترسيخ حق الشعوب الكردية في تقرير المصير والوجود كدولة أمر واقع، في لحظة إعلانها لا تملك كل تلك القوى المنقسمة والمتصارعة والمتنافسة ذات المصالح المتباينة سوى الاعتراف بوجودها كأقل خسارة محتملة وسط مخاطر ألطفها كارثي ومهلك.

في ضوء هذا الواقع الجديد المرتقب، رأيت أن أشارك القارئ العربي بعض من هواجسه.

- مشروعية الحق:
من حيث المبدأ، يحق للشعوب الكردية، أو أي شعوب أخرى في أي مكان آخر حول العالم لا تستوعبها دولها المركزية، أن تمتلك تنظيماً سياسياً خاصاً بها (حكم ذاتي/دولة) سواء يتبع تنظيماً أكبر (دولة اتحادية) أو يتمتع بالاستقلالية والسيادة الكاملة على أرضه وشعبه (دولة قومية). القانون الدولي ومواثيق الأمم المتحدة تقر بحق الشعوب- جميع الشعوب بلا استثناء- في تقرير المصير.

- قابلية تطبيق الحق:
حتى لو كان الحق جلياً بذاته ومعترفاً به من الكافة، هو بمفرده لا يزال لا يستطيع تطبيق نفسه؛ لابد من توفر الشروط المواتية لتطبيق الحق القانوني الشرعي في واقع فعلي ملموس. فرغم الاعتراف الدولي الموثق بحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، إلا أن الفلسطينيين لا يزالون بلا دولة حتى بعد مرور أكثر من ستة عقود على الاعتراف بهذا الحق لأنهم لا يملكون القدرات الذاتية اللازمة، ولا تتوفر لهم الشروط المحلية والإقليمية والدولية المواتية ليأخذوا بأيديهم حقهم الشرعي المعترف به قانوناً. على العكس من ذلك الشعوب الكردية الآن، علاوة على الاعتراف بحقها الشرعي في تقرير المصير، قد غدت تملك قدرات ذاتية معقولة وتتوفر لها شروط محلية وإقليمية ودولية سانحة لنيل حقها المعترف به ضمناً أو علناً والذي يسعون إلى تحقيقه منذ عقود من زمن.

- الانحيازات (العنصرية) العربية:
من الموثق تاريخياً أن البيئة والثقافة العربية ليست بالكرم والضيافة الذي تدعيه لنفسها إزاء الأقليات العرقية والدينية. بداية من صدر الإسلام تولى النبي محمد بنفسه أولى عمليات تطهير جزيرة العرب من الأقليات الدينية غير المهتدية إلى الإسلام مثل اليهود والمسيحيين والوثنيين والمشركين والكفار وغيرهم. وقد استمر هذا الانحياز العربي ضد الأقليات بوتيرة متقطعة حتى النصف الثاني من القرن العشرين لما طهر زعيم القومية العربية جمال عبد الناصر بلده مصر من جميع الأقليات المزدهرة آنذاك، ومنها الأقلية اليهودية المصرية التي اجتازت الحدود شرقاً للمساهمة في إعمار دولة إسرائيل الناشئة وقتها. وحتى سنوات قليلة ماضية من القرن الواحد والعشرين، استطاع العراقيون بعد التخلص من صدام حسين أن يتخلصوا أيضاً من معظم الأقليات العرقية والدينية المستضعفة، من بينها الأقلية المسيحية التي هاجرت كلها تقريباً؛ ولولا توازن القوى النسبي فيما بين الكتل الثلاث الرئيسية الشيعة والسنة والكرد لكانت العراق الآن إما دولة شيعية أو سنية أو كردية ولا تسع الثلاثة معاً.

- أسطورة الأمن القومي العربي:
تقول الأسطورة أن الأمن القومي العربي يقوى كلما اتسعت رقعة التراب الموحد بين أقطاره ويضعف كلما تجزأت بالتفتت والانقسام. لكن هي، من ناحية أخرى، لا تجيب عن أسئلة مثل: هل حين كان التراب العربي كله موحداً تحت قبضة العباسيين كان الأمن القومي العربي أفضل حالاً ولم تنفرط حباته كالغبار المتطاير أسفل حوافر أجياد قبائل همجية شديدة البدائية والتنظيم والقسوة مثل المغول والتتار؟! هل توحيد التراب العربي تحت حكم العثمانيين قد قوى من عزيمة الأمن القومي العربي بما يكسبه مناعة ضد المستعمر الأجنبي؟! ومتى بالضبط استطاعت المنطقة العربية نيل حريتها بعد سبات دام مئات السنين في كنف غزاة ومستعمرين من مشارق الأرض ومغاربها، هل عندما كانت كتلة ترابية موحدة غصباً عنها أم بعدما قسمت لأكثر من عشرين قطعة مستقلة لكن متعاونة ويجمع بين شعوبها تاريخ ومستقبل مشترك؟! ثم أين مبعث الخطر من إمارات ومشيخات وسلطنات ودويلات متناهية الصغير مثل الكويت وقطر والإمارات والبحرين وسلطنة عمان....الخ على أسطورة الأمن القومي العربي، حتى يشكل انفصال كردستان عن العرق تهديداً مثله؟ هل هناك شك في كون هذه الدول الصغيرة لها إسهامات في التنمية والأمن القومي العربي، وفي الحراك الديمقراطي والتعليمي والتنويري يفوق في معظم الحالات إسهام دولة شقيقة ضخمة ترابياً مثل المملكة العربية السعودية؟! لماذا إذن الهلع من قيام دولة كردستان الديمقراطية بحجة الأمن القومي العربي؟!

حينما وأينما يوجد شعب ذو هوية مميزة قد ناضل ونجح في المحافظة عليها وتنميتها ولا تستوعبه دولته بما يلبي حاجاته وتطلعاته، ويكون له الحق في تقرير مصيره ويملك القدرة الذاتية وتتوفر له الشروط المحلية والإقليمية والدولية المواتية، سوف يجبر الجميع على احترام قراره- إذا ما أعلنه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - يا كمونيوا العالم اتحدوا
فؤادمحمد ( 2014 / 6 / 30 - 00:00 )
لقد فشلت القيادة البرزانية في التخلي عن العراق وتركة لوحدة يقاتل داعش والخونة كان المفروض ان تقاتل الى جانب النظام العراقي لتثبت حسن النية

اخر الافلام

.. Amnesty Launches Annual Report on the State of Human Rights


.. وكالة -الأونروا- تنشر مشاهد للدمار في غزة في اليوم الـ 200 ل




.. بطلب من الأرجنتين.. الإنتربول يصدر نشرة حمراء لاعتقال وزير د


.. إسرائيل تستبق الاجتياح البري لرفح بإنشاء مناطق إنسانية لاستي




.. إسرائيل.. تزايد احتمال إصدار محكمة الجنايات الدولية مذكرات ا