الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من سفر الله – 3 – في جدلية تنافر الطبيعة البشرية مع التكليف الإلهي

نضال الربضي

2014 / 6 / 29
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


من سفر الله – 3 – في جدلية تنافر الطبيعة البشرية مع التكليف الإلهي.

قبل أن نبدأ فلنُمهّـِد للقول، و لنقرأ سويا ً:

"قامت أمينة لتنفيذ أمره فأغمض عينيه قليلا ً
ثم نهض دفعة واحدة كأنما ليقاوم الكسل
و اتجه نحو الفراش فاستلقى عليه، إنه الآن خير حالاً
ما أهنأ الرقاد بعد التعب!! أجل.
( ......... )
إلا ياسين، فإنه مسألة الأمس و اليوم و الغد
ليس صغيرا ً من يبلغ الثامنة و العشرين
و ليس المشكل أن يبحث له عن زوجة أخرى
لكن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.
متى تسطع هداية الله حتى يبهر نورها الأعين؟
( ......... )
فليحمد الله على أنه علم بسر ياسين قبل أن يُقدم
و إلا لضحك الشيطان من أعماق قلبه الهازئ.
أوسع الطريق للأبناء فقد شبوا"

(بتصرف بحذف ما بين القوسين، من الفصل الأول من رواية "قصر الشوق"، ثاني أجزاء ثلاثية عملاق الأدب العربي و سابر النفس البشرية طيب الذكر الراحل العظيم نجيب محفوظ)


تقوم الأديان الإبراهيمية في بُنيتها الأساسية على التكليف الإلهي للعنصر البشري، و تجعل لهذا التكليف حكمة ً و سببا ً يفسره، و غاية ً يهدف ُ إلى تحقيقها، و نتيجة ً يتلقاها المكلـَّف (مفتوحة ٌ لامُها) من المُكلـِّف (بكسر اللام)، إما تُسعده و تضمن خلوده الأبدي في السلام و الطمأنينة و شبع الكينونة، تلك َ الحاجات التي لا يتأتى له تحقيقها على الأرض، أو تُشقيه و تسوؤه و تجعل ُ من أبديته استمرارا ً لشقائه على الأرض.

يقبل المؤمنون هذا التكليف بدون الكثير من الأسئلة و يتعاملون معه على أساس أنه أمر ٌ واقع ٌ حاصلٌ جزء ٌ من حقيقة ٍ وجودية لا يمكن إدراكُها متعلقة ٍ بـ و متجذرة ٍ في الألوهة و عالمها الغيبي و أسرارها التي لا يستطيع العقل ُ البشري الإحاطة بها أو فك أسرارها. و يستتبِع ُ هذا القبول صياغة ً شاملة لحياة الفرد المؤمن على أساسه بما يحقق الاستجابة للتكليف و التفاعل معه و العمل بقوانينه، و هي التي ستدفع بحياته نحو نظام ٍ عقيدي ٍّ قائم ٍ على مُسلـَّمات ٍ إيمانية، و سلوك ٍ في الحياة يحكم على ديناميكية الحياة و يحدد طريقة التفاعل مع مُعطياتها و أشكال مخرجات ذلك السلوك المُستجيب لها.

و انسجاما ً مع قبول هذا التكليف سيقوم ُ المؤمن بتعريف العلاقة بينه و بين الألوهة بحسب معيار السيادة الإلهية و العبودية البشرية بدرجات ٍ مختلفة بحسب الدين، فبينما ترى اليهودية أبوة الإله للشعب اليهودي، و ترسم شكل هذه الأبوة بطريقة بدوية قبلية خارجة ٍ للتو من العصور الحجرية مُنتجا ً خاما ً محلِّيا ً، تتقدم المسيحية أشواطا ً لتُعرِّف الإله أبا ً شخصيا ً مُتمدنا ً حنونا ً و عالميا ً، ليتبنى الإسلام شكلا ً خليطا ً يجمع بداوة القبيلة الإسرائيلية مع عالمية الانتشار المسيحية.

إلا أن الديانات الثلاثة على الرغم من اختلاف ِ تعريفها لشكل العلاقة الإلهية البشرية تشترك ُ في كونها تعتمد ُ على تكليف المُنتسبين إليها. و التكليف هنا هو واجبات ٌ و التزامات ٌ ينبغي على المؤمن القيام بها مثل: الصلاة، الصوم، الصدقة، الزكاة، لزوم ُ الجماعة، الإيمان، الرجاء، التسليم للألوهة بحقها في الإرادة و المشيئة، و قبول كل ما يصدر عنها. كما و تطلب منهم الالتزام بالامتناع عن أعمال معينة تترواح ما بين: اجتناب أطعمة معينة، اجتناب مشروبات معينة أو مقادير منها، اجتناب سلوكيات شخصية بين الجنسين، اجتناب معاملات مالية ذات طابع ربحي معين، اجتناب وسائل للحصول على الثروة و تجميعها.

لا ينتبه المؤمن إلى الإشكالية الفظيعة المُتجذرة في مبدأ التكليف نفسه، و في تنافره و تضاده مع جوهر الطبيعة البشرية، و لا يفطنون على جمعهم أن هذا التعارض بين طبيعتهم البشرية و التكليف الإلهي يدل ُّعلى فساد فكرة التكليف ناهيك عن لا معقوليتها و انتهاكها لإنسانيتهم و ذات ِ كرامتهم البشرية، فتكليف ُ البشري بما يتعارض مع طبيعته و لا يلبي حاجاتها هو دليل ٌ صارخ لا يمكن رده على أن التكليف َ مُتعارِض ٌ مع وجوده، لأن هذا الوجود لا بدَّ و أن يُستدام بما هو مُنسجم ٌ مع جوهره و مُشبع ٌ و محقِّق ٌ له، لا بما هو قامِع ٌ له و مانع ٌ عن الإشباع.

يُدرك الإنسان ُ العالم َ من حولِه بالحواس و هي النظر و السمع و اللمس و الشم و الذوق، و لا سبيل له إلى الإدراك و تزويد الوعي بالخبرات إلا بمنبهات ٍ حسِّية تطرق أبواب هذه الحواس فتُرسلها بدورها إلى الدماغ ليعقِلها و يُدركها و يحدد ماهيتها ثم يتخذ موقفه منها و يحدد الاستجابة، ثم لتستجيب الأعضاء الحِسِّية باستجابات ٍ مادية ملموسة، و هذه هي دورة الإدراك و الوعي التي يمتلكها البشريُّ و يحيا بموجبها. لكن َّ التكليف الإلهي - و كمثال ٍ يساعد ُ على الفهم- في جُزئية الإيمان و الصلاة لا يتعامل ُ مع هذه الدورة و لا يعرفها، فهو يطلب من العقل أن يُدرك َ الألوهة بالقناعة المُسبقة و التسليم القبولي دون أن تنظر العين للألوهة و عالمها أو تسمعها الأذن أو يشمها الأنف أو يذوقها اللسان أو تُحسَّها الأيدي و الأرجل و أعضاء ُ الجسد، بل و يُمعِن ُ التكليف الإلهي في مفارقة ِ الطبيعة البشرية بأن يحذف َ من دورة الإدراك لا فقط المُعطيات الحسية السابقة لكن أيضا ً الاستجابات الحسية للإيمان و الصلاة، فلن يُرسل العقل لأعضاء الجسم الأوامر بالاستجابة، و هو الأمر الوحيد المنطقي في هذا الإدراك الزائف غير المنطقي، لأن انعدام المُعطى الحسِّي يعني بالضرورة انعدام الحاجة للاستجابة الحسية لمُعطى غير موجود. أي أن التكليف يُجرِّد ُ دورة َ الإدراك من ماهيتها و يصنع منها شيئا ً آخر غير ما هي عليه، و يختطف ُ معناها من إدراك ِ الوجود كما هو إلى بؤس ِ و وهم ِ الاقتناع و التسليم، ليُصبح المؤمن مُستسلما ً قانعا ً غير مُدرك ٍ الإدراك البشري الطبيعي الذي تطلبه طبيعته البشرية بجوهرها الإنساني البيولوجي و الذي يشكِّل أخص خصائصه، أي أن التكليف يُشوِّه ُ لديه الإدراك و يُفسد الوعي و يُثبِّط توقعات الدماغ و الجسد التي لا تعرف سوى المؤثرات الحسية و يختطف الطريق نحو تثبيت المعلومة ِ مباشرة ً في الدماغ دون أي ِّ استحقاق ٍ.

إن الإشكالية َ السابقة تتوضَّح ُ أكثر حينما نسأل ُ السؤال َ الحتمي:
"إذا كانت الألوهة خالقة ً الإنسان على هذا الشكل
و بهذه الطبيعة البشرية التي تتعامل ُ بواسطة الحواس
و التي تطلب المُؤثر الحسِّي
و تستجيب ُ له حسيا ً
و لا تستطيع أن تتعامل إلا به، إلا به، إلا به
فكيف يكون ُ شرط ُ تحقيق ِ التكليف مُفارقة َ الحواس؟ أي مفارقة الطبيعة ِ البشرية؟ أي مفارقة الذات؟"

و يبرُز ُ الحجم ُ الأفظع ُ لمشكلة ِ التكليف حينما نتأمل ُ أحوال المجتمعات، و التي نجد ُ أنها مليئة بالسرقة و الغش و الظلم و القهر و انعدام ِ التعاطف مع الآخر و القسوة ِ عليه و تهميشه و تحقيره، بل إننا سنصطدم ُ بأصوليات الفكر الديني في كل الديانات و التي تطلب ُ استئصال الآخر المخالف و تتعالى عليه و تُحقِّر ُ من شأنه و تحكم عليه. و ستقودُ النظرة ُ الفاحصة إلى أصول ِ هذا الشر ِّ العميق إلى الاستنتاج ِ السليم و الصادق بأن َّ طبيعة َ الإنسان تحمل ُ في ذاتها الرغبة َ في و القدرة َ على عمل هذا الشر، و بأن الشرَّ ما هو إلا وجه ٌ من وجوه الانسجام مع الطبيعة البشرية.

و هنا سيكشف ُ التناقض ُ الفظيع عن نفسه ِ، و سنكرر السؤال السابق بصيغة ٍ ثانية أو قُل سنُكمِله: فكيف تخلق الألوهة الإنسان بهذه الطبيعة التي ترغب في عمل الشر، و تريده، و تسعى إليه و تستطيعه، كوسيلة من وسائل إشباع غريزة البقاء و حاجات تحديد الهوية و تثبيت المكانة الإجتماعية، و تقبل له بهذه الطبيعة، و تستديمها في كل أجيال هذا الإنسان منذ بداية الخلق إلى اليوم، ثم تُكلِّفُه أن يتصرف بعكس ِ هذه الطبيعة، أي بأن يتصرف َ عكس نفسه، أي بأن يكون َ بواسطة ِ ما لا يستطيع ُ أن يكونه؟ و سنسأل ُ أيضا ً هنا: ألم يكن الواجب أن تخلق الألوهة ُ الطبيعة البشرية على غير ما هي عليه الآن أو أن تُبقيها كما هي لكن أن تكلِّفه ُ بما لا يتعارض ُ مع هذه الطبيعة؟

إن نظرة ً فاحصة ً إلى التاريخ في كل حِقبه، عند كل الأمم، عند كل الديانات، في كل المجتمعات، ستدل ُّ أن الأفعال َ الأنانية َ و الوحشية ِ و الحيوانية زامنت الإنسان َ و رافقته و لم توجد أي أمة من أي نظام ٍ سياسي أو اقتصادي أو ديني أو اجتماعي إلا و خضعت لاستحقاقات هذه الطبيعة، فكيف للألوهة أن تُكلِّف الإنسان بخلاف الطبيعة ِ التي شكـَّلته مجبولا ً منها ثم تحاسبه على انسجامه مع هذه الطبيعة؟

إن حرية الإنسان و قدرته على اختيار الخير أو الشر لا تُعفي الألوهة من المُسآلة لأنها الجابلة لتلك الطبيعة و العارفة بإمكانياتها و باستتباعات تلك الإمكانيات و استحقاقات السلوك بحسبها، و بالتالي فإن مضيـَّها في تشكيل تلك الطبيعة و إيجادها ثم استدامتها في كل أجيال البشر دليل ٌ على قبولها بهذه الاستحقاقات و السلوكيات،و بالتالي فقدانها لأي ِّ حق إلهي بتكليف ٍ مُخالف ٍ لطبيعة جبلتها و جوهر ما أوجدته، و قطعا ً انعدام نزاهتها في محاسبة المخلوق لإتيانه بما هو مُنسجم ٌ مع الطبيعة الخارجة من يد الخالق.

لا يجب ُ أن يُفهم هنا أنني أدعو لقبول ِ الشر ِّ و تبنيه و الترحيب بالسلوكيات الوحشية و الرديئة للبشر، فأنا هنا على العكس تماما ً من هذا الظن، فإني ما قصدتُ مما عرضُته إلا أن أُظهر أمامكم سذاجة َ فكرة التكليف، و تعارضها مع العقل و المنطق، و انتهاكها لكرامة الإنسان، و إحالتها إلى الغيب كل سؤال ٍ يعجز ُ المؤمن ُ عن إجابته. و إني أقصد ُ أن أمضي بكم إلى المنظومة الفكرية البديلة التي تتبنى النظرة الوجودية المادية الواقعية و التي ترى الخير و الشر في إطاره الصحيح و هو الاستجابة للطبيعة ِ البشرية تمهيدا ً لفهمهما الفهم الصحيح و إدراكهما الإدراك الصِّحيَّ السوي غير المريض أو المشوه بهدف ِ أن نجد الحلول َ التي تدفع البشر نحو تحقيق ِ حاجاتهم الأساسية في البقاء و تحديد الهوية و إشباع النفس بواسطة ممارسات راقية تعاطفية تتجذَّرُ في التعاون و التعاضد و إيجاد أنظمة اقتصادية و اجتماعية و سياسية ترتقي بالنوع البشري و تهجر ُ ممارسات ِ القطيع الحيواني، نحو تحجيم الشر.

تستطيع ُ المنظومة ُ اللادينية مخاطبة الإنسان بواسطة طبيعته الحسية و بالتالي فإنها تضمن ُ النجاح لأنها مُنسجمة ٌ مع أسباب ِ وجوده، و تستطيع أن تستديمه و تُثبِّتُه و تُخاطبه بلغته التي يفهمها لأنها عين ُ لغتها هي، فجوهر ُ المنظومة َ اللادينية مُتماهي مع جوهر الطبيعة البشرية، مُتَّحِد ٌ معها غيرُ مفارِق ٍ لها، و هو الذي يرتكز ُ على الرؤية لما هو موجود ٌ و حسِّي و إدراك حاجات المجتمعات و الاعتراف بديناميكية الحياة و تقلُّب ِ العصور ِ و الحقب، و يقبل ُ بالنظر في القيم و ثبيت ما يجب تثبيته و ترك ما يجب تركه و بناء الجديد منها و تطوير المعاني التي تُمثِّلها هذه القيم بروح العصر و تحقيقا ً للحاجات المجتمعية، هذه الأمور كلها التي لا تستطيع المنظومة الدينية المحكومة و المُكبَّلة بالتكليف أن تُدركها أو تفهمها أو تتعامل معها أو تُشبعها.

معا ً نحو الحب، معا ً نحو الإنسان!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق1
عبد الله خلف ( 2014 / 6 / 29 - 17:47 )
أهلاً أستاذ | نضال .
أولاً : الإسلام ليس خليط من اليهوديه و المسيحيه , و الإختلاف بينهم بائن , و السبب : تحريف اليهوديه و المسيحيه , و ان وُجد إتفاق في نقاط قليله ؛ فهذا مرجعه للمصدر الإلهي الواحد .
ثانياً : الله جعل للإنسان حرية الأختيار , و هذه الإراده تنبع من ذات الإنسان , السؤال : هل يملك (نضال الربضي) حرية الإراده و الأختيار في قلبه , كثال؟ .
ثالثاً : نعم العلم يدعم التكليف الإلهي ؛ أوتعلم لما؟ .
قال تعالى : (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ) .
العلم يقول : [من أجل إنتاج بروتين واحد بسيط وظيفي نحن بحاجة إلى برميل يوجد بداخله خليط من الأحماض الأمينية بشرط أن يكون حجم هذا البرميل (مليارات مليارات مليارات أضعاف حجم الكون) ويأخذ فترة من الوقت (مليارات مليارات مليارات أضعاف عمر الكون) , كل هذا من أجل انتاج بروتين وظيفي بسيط مثل بروتين الجلوبين الموجود داخل الهيموجلوبين الذي يحمل الإكسجين على كتفه وينقله من الرئة الى خلايا الجسم المختلفة , ثم يأتي هذا الجسم ويطالب بعدم محاسبته] .
الآن , هل رأيت تكلفة الـ(بروتين البسيط)؟ .

يتبع


2 - تعليق2
عبد الله خلف ( 2014 / 6 / 29 - 17:48 )
رابعاً : كون الإنسان و الأديان تتمرد على الطبيعه ؛ فهذا أكبر دليل على أن الإنسان ليس ابن الطبيعه .
خامساً : سأطرح على الأستاذ | نضال سؤال , و أرجوا أن يعذرني على طرحه , و لكن لا بد من طرحه .
السؤال : هل يوجد قانون طبيعي يمنعني من قتلك؟... إن لم يكن هناك قانون طبيعي يمنعني من قتلك ؛ فلماذا تؤسس قانون لا يتفق مع قوانين الطبيعه؟ .


3 - إلى الأستاذ عبدالله خلف - 1
نضال الربضي ( 2014 / 6 / 29 - 18:42 )
تحية طيبة أخي عبدالله،

موضوع المقال ليس عن أصول الإسلام فهذا يحتاج لمقالات كثيرة ناهيك عن كوني لا أرى التركيز على هذا الموضوع يساعد مجتمعاتنا التي تعاني من مشاكل اقتصادية بالدرجة الأولى هي التي تفتح الباب للتشدد الأصولي، مع معاناة هذا الموقع من الإغراق الشديد في تناول هذه الأمور لدرجة الملل و الحشو و الترديد غير المفيد و الممجوج، لذلك كما لا بد أنك لاحظت لا أتطرق إلى هذه الأمور غير المفيدة، و أتناول الفكر الديني كمنظومة.

كل ما يصنعه الإنسان هو نتاج الطبيعة و الحاجة، فالسارق يسرق لأنه محتاج و لا عمل له، أو لأنه مريض بالسرقة، ففي الحالة الأولى نجدله عملا ً و في الحالة الثانية نعالجه من المرض و كلا الحالتين منسجمتان مع الاستحقاق الإنساني الطبيعي و ليس فيهما أي سر غيبي أو لاهوت إلهي، و كدليل نجد سارقين في السجون يصلون و يؤدون الفروض، لكن طبيعتهم غلبت.

يتبع




4 - إلى الأستاذ عبدالله خلف - 2
نضال الربضي ( 2014 / 6 / 29 - 18:51 )
تابع من التعليق الأول

بالنسبة لسؤالك الذي لا بأس من طرحه فأنا فهمت مقصدك من طرح سؤال صادم بهدف تحريك الفكر بواسطة الصدمة نحو إثبات صحة طرحك.

الجواب هو:

لن يقتل الأستاذ عبدالله شخصي المتواضع إلا في حالتين:

- أن يكون لديه حاجة ملحة أساسية لا تتحقق إلا بموتي، و عندها هو أمام وضعين: أن يكون منطقيا ً يفكر بعقلانية و عندها سيعي عواقب تصرفه فقد أتغلب عليه و أؤذيه أو أقتله أو قد يقتلني فتنتقم عشيرتي أو ينتقم القانون و قد تقوم عشيرتي بقتل أشخاص من عشيرته، و عندها سوف لن يقدم الأستاذ عبدالله على المحاولة.

أما الوضع الثاني فأن يكون الأستاذ عبدالله عاطفيا منفعلا ً و عندها سوف يقدم على المحاولة و لن يثنيه عنها لا دين و لا قانون و لا منطق كما نرى في جرائم كثيرة.

- أما الحالة الثانية: فأن لا يكون لديك حاجة لكنك تمتلك تركيبة نفسية غير سوية و في هذه الحالة يكون مكانك في مستشفى المجانين أو الأمراض النفسية كما نشاهد في الأفلام الأجنبية.

مع تأكيدي على الاحترام التام لشخصك كأخ ٍ كريم لكني تجاوبت مع السؤال بحيث عرضت كافة الاحتمالات دون أي شخصنة و حسب طلبك.

يتبع


5 - إلى الأستاذ عبدالله خلف - 3
نضال الربضي ( 2014 / 6 / 29 - 18:58 )
تابع من تعليق 2

أما بالنسبة لسؤالك عن الحرية:

نعم كلنا نمتلك الحرية لنفعل أو لنمتنع، و هي ناتجة عن الإدراك و الوعي الذين يزودنا بهما الدماغ العاقل و هو الذي يتيح لنا أن نزن الأمور و نقدر عواقبها، فالإنسان يحسب العواقب ثم يقرر هل يريد أن يقدم على العمل أو لا.

أما ضعاف العقول من البشر و الذين لا يتمتعون بذكاء أو وعي عالي فإن حريتهم تكون أقل بينما إملاء الغريزة الطبيعية و الحاجة يكون أعلى جدا ً ولذلك تأتي تصرفاتهم مضحكة أحيانا ً صادمة أحيانا ً أخرى، لاحظ هنا أخي عبدالله أن الطبيعة البشرية حكمت على الشخص إما أن يكون ذكيا ً مدركا ً واعيا ً أو غبيا ً أو مسكينا ً عاجزا ً و هذا كله يؤكد صحة ما ذهبت ُ إليه في مقالي.

لاحظ أن العقل و الوعي و الإدراك الناتجين عن العقل يميزون الحاجة ثم يقررون طريقة الإشباع في مجتمع ينتج قوانينه، و لذلك نجد الاختلاف بين الأمم، و هذا يؤكد مرة أخرى أن التكليف يبقى منتجا ً بشريا ً لأمة ما في عصر ما في ظرف ما، لا يصح تعميمه على كل الأمم أو الأوقات أو الظروف.

شكرا ً لمداخلاتك القيمة.


6 - تحيه للأستاذ | نضال .
عبد الله خلف ( 2014 / 6 / 29 - 20:15 )
أولاً : جميل أنك ذكرت أن للإنسان حرية الأحتيار و الإراده , هذه النقطه تؤيد مسألة (الثواب و العقاب) .
ثانياً : أنت لم تفهم تساؤلي , السؤال يركز على , هل في الطبيعه و قوانينها ما يمنعني أن أقتل أي إنسان؟ .
أنت أجبت على السؤال بإجابات لا تخدم الإلحاد بل تخدم الأديان , فلا يوجد في الإلحاد قيمه للإنسان ؛ كما لا يوجد في الطبيعه قانون يمنع الإنسان من قتل الإنسان .
مثال : جميع ثقافات البشر و قوانينهم تؤكد معارضتها لقوانين الطبيعه , و في هذا أكبر حجه على تمرد الإنسان على الطبيعه , فتمرد الإنسان يؤكد أنه ليس ابن للطبيعه .
مثال : لو قام أسد بقتل أسد آخر , هل يوجد قانون طبيعي يأمر بمعاقبة الأسد القاتل؟... هل يوجد محاكمه له من قبل مجموعته؟ .
الإجابه : لا , إذاً , الإنسان هو أكبر متمرد على قوانين الطبيعه .
هل تعلم أن فلسفة ماركس تخالف الطبيعه و قوانينها؟... كل شيء في الإنسان مرتبط بعالم آخر ؛ عالم لا علاقة له بالطبيعه .


7 - رد ثاني للأستاذعبدالله خلف - 1
نضال الربضي ( 2014 / 6 / 29 - 20:42 )
أهلا ً بك أخي عبدالله مجدداً،

حرية الإرادة نابعة كما أسلفت لك عن الوعي و الوعي نتيجة مباشرة من الدماغ التطوري لذلك فالحرية أخص خصائص الإنسان العاقل منتوجا ً طبيعيا ً لا إلهيا ً.

الثواب و العقاب منتجان بشريان اخترعتهما المجتمعات لتعزيز سلوك و استدامته و تحجيم سلوك و محاولة القضاء عليه.

الإلحاد يعطي قيمة للإنسان من استحقاق وعيه البشري الذي هو وعي مادي طبيعي بينما الدين يحجم الإنسان و يحكم عليه بالنجاسة و الضلال و يرهقه بكل ما من شأنه أن يهين كرامته الإنسانية و ما التكليف إلا هذا.

ثقافات البشر و قوانينهم هي أحكام على الوجود و رؤية للعالم و تحديد لأشكال العلاقات، و هذه جميعها منتجات عقلية 100% ليس فيها شئ فوق الطبيعة و تنوع هذه الثقافات أكبردليل، فلو كان الإله يلهم الناس ثقافاتها لكانوا متشابهين و لما اختلفوا فيما بينهم.

الأسد يقتل أسدا ً و الذئب يقتل ذئباً، في الواقع ما بين 30 إلى 60% من حالات موت الذئاب هي اقتتال داخلي بينهم على الطرائد وتحديد مناطق الصيد. الحكم و العقاب: أذى الأضعف. بالتجربة تتعلم الحيوانات تقليل النزاعات بينها كما تخبرنا المشاهدة العلمية. لاحظ فعل الطبيعة.

يتبع


8 - Ibrahim Awashreh
صافي الجوابري ( 2014 / 6 / 29 - 20:43 )
معلّق الفيسبوك
Ibrahim Awashreh
لا أعلم ان كنت تعاني من مشاكل بالنظر أم انك فعلاً لم ترَ مئات المقالات على هذا الموقع عن الأصل التاريخي للإسلام واساطيره
وهذا ربما احدثها للكاتب الكبير _ العتيبي _ الذي لا زال معروضاً بصفحة الموقع الأولى
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=421396

استاذ نضال اعتقد آسفاً ان هؤلاء المتشدّدين كما قال عنهم بطل اليوتيوب الظريف _مصري ملحد_ ميّتين دماغياً يعني لا فائدة من اي نقاش معهم اعتقد ان تجاهلهم هو افضل لكي تضيّع وقتك بالتفكير والمحاولة بإقناعهم

تحية


9 - رد ثاني للأستاذعبدالله خلف - 2
نضال الربضي ( 2014 / 6 / 29 - 20:52 )
تابع من التعليق الأول

بالنسبة للفلسفة الماركسية، أنا لست ماركسيا ً لكنني أرى أن الأوضاع الاقتصادية هي الأساس المحرك للتفاعل الاجتماعي و السياسي، و ربما أنني ألتقي معهم في هذا الفكر لكنني لا أذهب أبعد من ذلك فأنا لي فلسفتي الخاصة في الحياة التي تقبل و تريد و تستمد الحقيقة من أي مصدر كان ما دام الحقيقة.

يبقى أن الدين الثابت الجامد غير الديناميكي لا يستطيع أن يلبي الحاجة البشرية المتغيرة بحسب العصر و الظروف، و لهذا فالتكليف هو إخراج الحاجة المجتمعية منسياقها التاريخي و الظرفي و تشويه معناها الأصلي و إسقاطها على ما لا يقبلها و لا يطلبها.

أرى بوضوح أهمية التنوع البشري في الرؤية و صحة استمداد القيم من الحاجات التي يمليها الظرف التاريخي و المجتمعي استجابة لغريزة البقاء الطبيعية و للرقي بالجنس البشري،و كلاهما نتاج المادة 100%.

الفرق بيننا أنني أبحث عن الأشياء فأعود إلى أصولها الموجودة و الحاضرة و الأكثر منطقية ً للتناول فتنسجم النتيجة مع الموجود فعلا ً، بينما تبحث أنت عنها في الغيبي غير الملموس الذي لم يخاطب أحدا ً و الذي لا يعرفه المؤمن لكن يؤمن به لأنه وجد آباءه عليه.

أهلا ً بك دائما


10 - أستاذ | نضال مع التحيه
عبد الله خلف ( 2014 / 6 / 30 - 03:41 )
- لنترك مسألة (الثواب و العقاب) جانباً -في الوقت الحالي- , إذاً , للإنسان (حرية الأختيار و الإراده) , حسناً , هذه ترد على كلام الكثير من الملحدين .
- من قال أن الإلحاد يعطي قيمه للإنسان؟... الإلحاد ينكر (القيمه و الغايه) للإنسان , ألم تقرأ مقالات (سامي لبيب) و إنكاره للقيمه؟... لا يوجد في الإلحاد إلا الماديه , فالإنسان و الجرثومه شيء واحد! .
- لماذا العقل البشري (العقل لا علاقة له بالدماغ) يُخالف الطبيعه و قوانينها , بل أنه حتى يرسم في الخيال أمور عجيبه , مثل : أنك تستطيع أن ترسم صورة صديقك معلق بين السماء و الأرض ؛ ناسفاً في خيال عقلك (قانون الجاذبيه) .
- نتمنى متابعة :
مناظرة رائعة حول جدلية الأخلاق نسفت الإلحاد نسفا بين د.هيثم طلعت والملحد ألبير صابر :
https://www.youtube.com/watch?v=1w6cvEEWQPo
- نتمنى أن تتابع هذه التساؤلات :
http://laelhad.com/index.php?p=2-1-222


11 - إلى الأستاذ عبدالله خلف - رد ثالث
نضال الربضي ( 2014 / 6 / 30 - 07:02 )
أخي عبدالله،

لاحظ معي أن تصورك دائما ً مبني على فصل الوعي و الحرية و القيمة الإنسانية عن الجسد و المادة، فأنت تعتقد أن الثلاثة الأولى هي هبة إلهية، بينما الواقع العلمي يشرح بالتفصيل أصل الوعي و معنى الحرية و القيمة الإنسانية.

لاحظ أنك أيضا ً تتمسك بأجزاء من الصورة التي يقدمها الماديون عن الحياة و تعتبر أنها الصورة الكاملة، و تبني فرضياتك على أساسها، و الصحيح أن تتكلم عن الصورة الكاملة لأن أي جزء من أي موضوع ليس هو الموضوع.

الأستاذ سامي لبيب من أكثر المدافعين عن كرامة الإنسان و حريته و حقه في الحياة الأفضل و تحريره من الأوهام و الخرافات، فالمادية هي الطريق لفهم الإنسان و الارتقاء به نحو الإنسانية. أنت تخلط بين المادية و بين الإستهلاكية الجشعة التي تروج لها رأسماليات تجارية و داروينيات اجتماعية مرتبطة برؤوس أموال.

الفكر التجريدي في الدماغ و الذي تفضلت َ بإيراد مثال الجاذبية عليه هو خاصية أصيله من خصائض العقل البشري و الوعي و الإدراك و كلهم ناتج عن الدماغ المادي. قديما ً عندما كان عقل أسلافنا 700 CC لم يكونوا قادرين على هذا.

المادة هي الإنسان و العقل يرتقي بنا و لا تعارض.

شكرا ً لك.


12 - إلى الأستاذ صافي الجوابري
نضال الربضي ( 2014 / 6 / 30 - 07:10 )
تحية طيبة أخي صافي و أهلا ً بك في هذا المقال،

أين أنت يا رجل افتقدنا حضورك!

أحاول دائما ً تركيز الجهد في الرد و تنظيمه بحيث يكون تتبع التعليق و الرد عليه سهلا ً قدر الإمكان، لذلك أفضل تناول تعليقات الموقع أكثر من تعليقات الفيسبوك (على الرغم أنني أحيانا ً أرد بواسطة تعليقات الموقع لكن ذلك من الممكن أن يسبب التشويش فأجتنبه قدر الإمكان).

أنا أرحب بكل الآراء طالما لا تتضمن إساءة أو شتائم أو تحقير أو عنصرية أو طائفية، و أرد عليها بحسب ما أعتقده و اختبرته في حياتي.

بعض التعليقات لا تخلو من اتهامات بالضلال أو الانحياز الأعمى أو التجني، لكن القارئ الكريم يعلم تمام العلم أنني لا أنحاز إلا للحق و أضع الإنسان فوق كل شئ، و لذلك فسيغير المحاور رأيه في فور إدراكه لهذه الحقيقة.

أما بالنسبة لُمعتقد المحاور فلا أتوقع أن يوافقني دائما ً أو حتى غالباً، لكني أهدف أن أقدم له زاوية منظار جديدة يستطيع أن يرى من خلالها معتقده بطريقة مختلفة تكون هي البداية لقبول إعادة النظر في الموروث و المُسلَّمات.

صدري يتسع للجميع بشرط الالتزام بالاحترام المتبادل و متعدد الأطراف.

أرحب بك دوما ً و أنتظر مشاركاتك.

اخر الافلام

.. 86-Ali-Imran


.. 87-Ali-Imran




.. 93-Ali-Imran


.. 95-Ali-Imran




.. مستوطنون يغنون رفقة المتطرف الإسرائيلي يهودا غليك في البلدة