الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
حين تكتب المراة يطمئن الندى
زياد خداش
2005 / 7 / 31حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
عندما تكتب المرأة ترتج النجوم وترمش الشمس، أن تكتب المرأة يعني أن تكسر الفراشة قانون الضوء المستبد وتختار موطن أخر، ممرًا آخر اكتشافاً جديداً بعيداً عن الموت السائد .
عندما تجلس امرأة خلف مكتبها وتمسك قلمًا وتشرع بالكتابة ينهار نظام الأشياء المنافق، وتنفجر في العتمة أنهار الكهوف القديمة تصحو الحضارات البعيدة ويتململ في شقوق الكون جنون الغابات أن تكتب المرأة يعني أن تنهض من ظلامها مدن أعماقنا المهجورة يعني أن تتكلم الشجرة ويخرس السياسيون ويموت التجار ويطرق المطر الباب ويعتزل الغبار ويبتسم الله .
أن تنحني امرأة على ورقه بليلة شتاء مجنونة يعني أن يمتلئ الوقت بالمصابيح وتضاء الأزمنة السحيقة ويتداخل المكان مع المكان والله مع العباد، حين تكتب المرأة لا نجد طريقة للهروب من جحيم الحقيقة لا نتمكن من المغادرة، كتابتها تضعنا في مركز الدائرة حائرين مسحورين جميلين .
تحاصرنا كتابة المرأة بنا، تستل منا حواسنا وأدمغتنا، تتركنا نهبا لأسئلة الوجود المركزية إلى أين تتجه أوهامنا، من نحن، تعيد نصوص المرأة لنا أشياءنا المسروقة، تعيدها منهوشة ومعجونة بنار الرقصة الأولى والصيحة الأولى والذئب الأول .
نصوص المرأة هي إشارات ترسلها بدائيتنا المقبورة، أصالتنا المطرودة، جوهرنا المتروك نصوص المرأة سفن فضائية تتلصص على قشريتنا وفراغنا، وتحاول أن تقول لنا كم أنتم أرضيون !!عندما تطمئن المرأة على أولادها في الليل العميق، تغلق الباب خلفها بهدوء قطة وتنسل إلى غرفتها الخاصة هناك تشعل مملكتها، تخلع نهارها بينما يغط زوجها في سبات مخاطي محزن، تحديات الخارج الحاقدة، وغموض وكثافة وتنوع داخلها كل ذلك يمنح المرأة الكاتبة فضاءً جاهزًا لإبداع مختلف، إبداع النار والألم والحزن والرحيل .
لا أقرأ لامرأة إلا وأحس بانكسار في روحي، انكسار غريب ومراوغ ليس انكسار المهزوم بل هو الانكسار الذي يسبق النهوض بدقائق، انكسار اختباري وبطل وجميل، انكسار يؤسس لقوة ويرهص لحب، انكسار ضروري وإنساني، لا أقرأ لامرأة إلا وأشعر أن ثمة حارسة للندى بهذا العالم اليابس الصحراوي .
ثمة ضوء ينير للقلب الطريق وللذهن والمدى، ثمة من يذكرنا بأنه كان يمكن أن تكون الحياة أجمل وأندر وأكثر فائدة، ثمة من يدق على بابنا بعد منتصف الليل دقات عجيبة تشبه الصلاة أو الموت أو الحب، عندما أقرأ لامرأة لا أكون كما كنت، أصير شخصا آخر زار الصخرة التي لعب حولها، والنهر الذي سبح فيه طفلاً، أصير الأصوات الغامضة الأولى، والخوف الأول، واللذة الأولى، أصير حنان النسر وعذوبة ودموية موت الغزالة، سكون الوادي وضجة الجبل، حكمة الغيمة وظمأ السنبلة، أصير دموع القبرة وهمسة الفراشة الأخيرة .
حين أقرأ لامرأة أقرأ الأرض قبل البشر، أقرأ السماء قبل الآلهة، أقرأ المطر قبل قانون الهطول، أقرأ الإنسان قبل الذكورة والأنوثة، أقرأ طمأنينة الندى
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الأمم المتحدة: يوجد القليل من الاهتمام من قبل الأسرة الدولية
.. باحثات وحقوقيات: الأوضاع الاقتصادية تسببت في تراجع حقوق النس
.. منسقة مشروع مناهضة العنف ضد المرأة إيمان محمد
.. عضوة مؤسسة المحاميات المصريات لحقوق المرأة صباح هاشم
.. الصحيفة أمنية مكاوي