الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حقيقة منصب الخلافة لمن يقولون بمنصب الخلافة

خضر محجز

2014 / 7 / 1
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لمن يقولون بدينية منصب الخلافة:
إضاءة: لم أثبت الأدلة والمصادر هنا لشهرتها.
لقد توفي رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ بعد مرض أمهله عدة أيام. وقد تراوحت فيها أحواله وأصحابه ــ رضي الله عنهم ــ في التعامل مع الصلاة، خلال هذه الفترة القصيرة: فربما انتظروه حتى يحضر، فيصلي بهم قدر استطاعته، حتى يتم الصلاة، وربما صلى بهم أبو بكر رضي الله عنه، وربما صلى بهم عمر رضي الله عنه في غياب أبي بكر، وربما صلى بهم أبو بكر ثم تراجع فور خروج الرسول، حيث فضل أن يأتمّ به، رغم أن الرسول أشار إليه أن يواصل الإمامة.
هذه هي جملة أحوال الصحابة في مرضه، صلى الله عليه وسلم.
والحقيقة أن مرض رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ قد تواصل لما يقرب من اثني عشر يوما، كان مستطيعا خلالها أن يعلن استخلافه لأحد لو كان مستخلقاً، أو وصيته لغيره لو كان موصيا. ولكنه لم يفعل وترك الناس يختارون حاكمهم بأنفسهم.
ولا شك أنه كان لعلي ــ عليه السلام ــ اجتهاده الخاص في أحقيته بالخلافة، وقد أوصاه عمه العباس أن يسأل الرسول أن يوليه، لكن عليا تخوف من ذلك.
وإضافة إلى (اللاشك) السابقة، أضيف هنا أنه لا شك أخرى، تقول بأن كبار الصحابة ــ رضي الله عنهم ــ كانوا يعلمون هذه الرغبة العلوية، لكنهم يخشونها، خوفا من تحول الأمر إلى وراثة. من هنا يتأتى لي أن عليا كان يؤمن بمبدأ التوارث، مشروطا في العدل وكونه في ذريته، فيما كان جمهور الصحابة لا يوافقه على ذلك، ويعملون على إبطال دعواه، كما فعلوا في السقيفة.
من هنا نستنتج أول نتيجة في هذا المبحث وتقول: بأنه لم يكن يؤمن بمبدأ التوارث لحظة موت النبي سوى علي بن أبي طالب ــ عليه السلام ــ وربما شاركه في ذلك عمه العباس رضي الله عنه، مع أن حوادث ما جرى من بعد تؤكد أن عبد الله ابن عباس ــ رضي الله عنه ــ لم يكن مع هذا الرأي، خصوصا بعد أن ترك ابن عمه عليا لمصيره، في أحلك لحظات الخلاف، وعاد إلى المدينة.
يتبقى لدينا قول من قال بالاستخلاف: والحقيقة أن كافة الدلائل النقلية الصحيحة تذهب إلى خلاف هذا الرأي. فمن آمن بنظرية الاستخلاف ذهب إلى أن استنابة الرسول ــ صلى الله عليه وسلم ــ لأبي بكر للصلاة بالناس إشارة إلى اختياره إياه للخلافة. ولو كان هذا صحيحا لحُق لابن أم مكتوم أن ينازع (حقه) في ذلك، لما كان الرسول ــ صلى الله عليه وسلم ــ قد استخلفه على المدينة مرتين.
ولقد كان يمكن أن يكون لاستخلاف الرسول أبا بكر للصلاة بالناس، في فترة مرضه، قياسا مقبولا، لولا أن عمل الصحابة من بعدُ كان على خلافه: أي أن الصحابة لم يروا أن في هذه الاستنابة استخلافا. فقد رأينا أبا بكر يستخلف عمرا، كما رأينا عمر يجعلها شورى في ستة فيختارون عثمان، لدواع دنيوية بحتة.ـ فيما رأينا المتغلبين على المدينة ــ بعد قتل عثمان ــ يبايعون عليا فيقبل، لدواع دنيوية بحتة كذلك. ثم رأينا الحسن بن علي يتنازل لمعاوية، لدواع دنيويتها أوضح من أن نحتاج إلى تدليل. كل ذلك قبل أن يستولي معاوية على الأمر، ويحوله إلى توارث قيصري مقيت.
من هنا يتأتى لنا نتيجة ثانية تقول: بأن أهل الصدر الأول ــ رضي الله عنهم ــ رأوا أن بالإمكان أن يختاروا الحاكم بالطريقة التي يتفقون عليها. ولو كان هناك نص ديني في الأمر ــ كما يزعم كل من البكريين والشيعة ــ لما وصلنا إلى كل هذه الطرق السابقة (المرتضاة في وقتها).
بقيت مسألة ضرورة منصب الخلافة ذاته، وفيها نقول بحول الله:
لم يوجد نص في القرآن على وجوب الخلافة، بل على ذكرها أصلا، كما لم يوجد حديث صحيح ولا ضعيف في هذا الشأن. أما من ادعى الإجماع على وجوب ذلك فقد أخطأ، لأنه لم يستطع إثبات الإجماع، مع خلاف الخوارج والأصم من المعتزلة. وفي هذا يقول الشيخ علي عبد الرازق في كتاب الإسلام وأصول الحكم ما نصه: "ليس القرآن وحده هو الذي أهمل تلك الخلافة، ولم يتصدَّ لها، بل السنة كالقرآن أيضاً، قد تركتها ولم تتعرض لها. يدلك على هذا أن العلماء لم يستطيعوا أن يستدلوا ــ في هذا الباب ــ بشيء من الحديث، ولو وجدوا لهم في الحديث دليلاً، لقدموه في الاستدلال على الإجماع، ولما قال صاحب المواقف: إن هذا الإجماع مما لم يُنقَل له سند".
إذن فلا نص ولا إجماع على وجوب تنصيب خليفة.
لكن الناس يحتاجون من ينظم لهم أمور حياتهم، فمن هنا اخترع السابقون الخلافة، رديفا لمعنى الحاكم. إذ لا شك أن السابقين لم يدر بخلدهم أن يخترعوا (لفظا) فيتدين أبناؤهم بالتعبد به.
ولقد مرت الأمة الإسلامية في الحكم بتجارب (بشرية) تشبه في مضمونها تجارب الأمم من حولها: إذ زعم الخليفة، فيما بعد ــ وزعم له الزاعمون ــ بأنه تولى الحكم بأمر من الله. وهذا زعم يشبه زعم الكنيسة الرومانية في قسطنطين، ومن جاؤوا من بعده. حتى ذهب بعضهم إلى ضرورة الخنوع لحكم من تولى الخلافة بالقوة، وهذا مذهب جمهور أهل السنة للأسف.
إذن فقد أصبح لدينا منذ معاوية خليفة، يبايعه العلماء خوفا، خصوصا بعد أن رأوا قتله لرافضي بيعته، ثم يتواصل الأمر على هذا المنوال، طوال العهود اللاحقة، حتى يقود إلى استباحة المدينة، واغتصاب نساء الصحابة، وقصف الكعبة، وملاحقة آل البيت بالقتل طوال العصرين الأموي والعباسي؛ فيما يواصل العلماء ــ باستثناء أبي حنيفة وقلة آخرين ــ دعم ذلك أو الصمت عليه، حتى يصبح هذا الواقع التاريخي نصا، يتم الاحتجاج به على (دينية) المنصب والتسمية.
وقد سبق أن لاحظنا ــ بكثير من الاستهجان ــ كم قتل الخلفاء من الناس، حفاظا على منصبهم، دون أن يعترض عليهم العلماء، إلا من قُتل ومات معه اعتراضه على طول التاريخ.
وأخيرا،
لو أن الخلافة أمر ديني لما مات الرسول ــ صلى الله عليه وسلم ــ دون أن ينص على ذلك. أما ما يقوله إخواننا الشيعة من وجود نص أخفاه الصحابة، فلا يُلزم سوى القائلين به، من المؤمنين بمبدأ عصمة الإمام، لأن عمل علي بن أبي طالب نفسه، في خلافته، كان على غير ذلك. وقد رأينا أنه كان ــ عليه السلام ــ على وشك قطع يد ابنته، حين احتمل قيام شبهة بحقها، في سرقة عقد من اللؤلؤ من بيت مال المسلمين. ولعمري لو كان علي ــ عليه السلام ــ مؤمنا بمبدأ العصمة لما شك لحظة في ابنته.
من هنا، فأمر اختيار الحاكم هو تعاقد مدني دنيوي، مثل أي تعاقد دنيوي آخر، يتم برضى الطرفين، ويُفسخ بانتقاض أي من شروط العقد المتفق عليه. فالخلافة على هذا أمر دنيوي بحت، وقد ترك الإسلام لنا أن نختار الحاكم ــ لا أقول الخليفة ــ بالطريقة التي نراها مناسبة لنا، وفق ما نشاء من الأدوات والوسائل. أما محاسبته وعزله ــ إن لم نعد نرضاه ــ فواجب شرعي تضافرت على صحته الأدلة. ولو هُدي المسلمون إلى رشدهم، لاختاروا رأي الخوارج، القائل بأن كل مسلم صالح في ذاته، حاكم بالعدل، يمكن له أن يكون خليفة، إذا توافق على اختياره الناس. فإذا جار أو كفر فعلينا نصيحته، فإذا أبى توجب خلعة بالسيف، مهما كانت النتائج.
وإلى هذا أذهب. والله أعلم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عمليات نوعية للمقاومة الإسلامية في لبنان ضد مواقع الاحتلال ر


.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الكنائس القبطية بمحافظة الغربية الاحت




.. العائلات المسيحية الأرثوذكسية في غزة تحيي عيد الفصح وسط أجوا


.. مسيحيو مصر يحتفلون بعيد القيامة في أجواء عائلية ودينية




.. نبض فرنسا: مسلمون يغادرون البلاد، ظاهرة عابرة أو واقع جديد؟