الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رهان باسكال : رهانهم على الله ورهاننا على الإلحاد

هادي بن رمضان

2014 / 7 / 2
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تقوم حجة الرهان الشهيرة للفيلسوف الفرنسي "بليز باسكال" على الموازنة بين النتائج المترتبة على الايمان وتلك المترتبة على عدم الايمان . ذكرها مصطفى محمود في كتابه "حوار مع صديقي الملحد" ولازال يستعملها "المؤمنون" (بالأديان الإبراهيمية خاصة) كحجة ضد الطرح الإلحادي .


رهان باسكال في نسخته العربية :


" قال الملحد للمؤمن : ما موقفك اذا مت ولم تجد الله ! فرد المؤمن : لن يكون اسوأ من موقفك اذا مت ووجدت النار ! "


وهذا ما كتبه مصطفى محمود في كتابه بأسلوب ركيك لاموضوعي مفترضا أن وجود "الله" يعني وجود إله الإسلام بالضرورة رغم أن هذا الرهان هو مسألة رياضية بحتة تتجاوز الخلافات الفلسفية بين مختلف المدارس الاهوتية ... الإقتباس من كتاب "حوار مع صديقي الملحد" :


" قال صاحبي ( شخص إفتراضي تخيله مصطفى محمود للرد عليه ) . بعد أن أصغى باهتمام إلى كل ما قلت .. وراح يتلمس الثغرة الأخيرة : - فماذا يكون الحال لو اخطأت حساباتك وانتهيت بعد عمر طويل إلى موت وتراب ليس بعده شيىء !


- لن أكون قد خسرت شيئا ... ولكنكم أنتم سوف تخسرون كثيرا لو أصابت حساباتي وصدقت توقعاتي .. وإنها لصادقة سوف تكون مفاجئة هائلة يا صاحبي . " إنتهى الإقتباس .




يستخدم المؤمنون هذا الرهان للتخويف من عواقب وجود الإله ... و هذه مغالطة منطقية : "مغالطة التوسل بالخوف أو بالتخويف، وهي تحصل حينما يُعتقد بأن مجرد وجود التخويف أو التهديد في سياق الدعوى، فهذا يجعلها مقبولة . وهذه المغالطة تسير على النحو التالي :يتم طرح دعوى (ص) - باعتبار أنها مخيفة أو تثير الرعب والفزع - .إذَاً، دعوى (س) صحيحة .


وهذا يعتبر مغالطة لأن إثارة الخوف والفزع في نفوس الناس لا يمكن ان يكون دليلاً على صحة الدعوى . وهنا يجب التفرقة بين ما يسمى سبب عقلاني للتصديق وهو تصديق قائم على الدليل، ويقود بشكل منطقي وعقلاني إلى الدعوى، وبين سبب تحوطي للتصديق وهو قائم على وجود دافع، فقبول الدعوى بسبب عوامل خارجية (مثل تهديد أو خوف أو مصلحة أو مفسدة قد تنتج عن قبول الدعوى) وهذا يتعلق بقيم الشخص ومبادئه، وليس بصحة الدعوى من خطئها. فارتكاب هذه المغالطة يتم دائماً نتيجة للنوع الثاني. "


ويفترض المؤمنون بطرحهم لهذا الرهان انه في صورة ملاقاة إله ما بعد الموت سيكون بلا شك هو إلههم الواحد , فإما العدم أو الله الذي يؤمنون به وهم بذلك يجعلون الرهان مقتصرا على إحتمالين فقط ...


بينما تعرض لنا الميثولوجيا الاف الالهة والديانات التي تعد اتباع الالهة والمعتقدات الاخرى بالجحيم والعذاب الأبدي ! فلنفترض إذا وجود 3999 الهة مقترحة و احتمالا واحدا في عدم وجود الهة . إحتمال أن يكون اعتقاد المؤمن صحيحا هو 1/4000 مساو لإحتمال ان يكون الملحد على حق ! للنجاة من الجحيم يملك المؤمن نسبة 2/4000 اي في ان يكون إلهه موجودا او عدم وجود الهة . بينما يملك الملحد نسبة 1/4000 للنجاة من العقاب .


العمل برهان باسكال في هذه المسألة سخف ونفاق واضح وهو امر ترفضه الالهة التي تريد ان يعاملها اتباعها بحب وصدق واخلاص وانسجام مع الذات وعبودية شاملة . اذا احتمال نجاة المؤمن الذي يتعامل مع الوقائع بالمراهنة ستصبح مساوية لنسبة إحتمال نجاة الملحد 1/4000 وهو احتمال العدم وجود الهة . إله المتدينين لن يسعد بلا شك إذا عامله المؤمنون به برهان باسكال .


ال 3999 الهة المفترضة التي سبق ذكرها هي الهة يعتقد بها البشر تضع مكافأة للمؤمنين بها وعقوبة لمنكريها ... لكن عدد الالهة التي يحتمل وجودها ستكون بشكل لا نهائي .. "الرهان المعاكس" : من بين هذه الالهة الانهائية يحتمل وجود إله قرر الإختفاء عن أعين البشر ومعاقبة المؤمنين به لإنتفاء الأدلة على وجوده .. احتمال وجود هذا الإله اذا قمنا بضمه لل 3999 الالهة الاخرى سيرفع نسبة إحتمال نجاة الملحد إلى 2/4001 اي مساو لاحتمال نجاة المؤمن بإله ما 2/4001 ... يملك الملحد هنا احتمالين للنجاة .. اما عدم وجود الهة او وجود الاله الذي يقوم بمعاقبة المؤمنين لايمانهم به رغم إصراره على إخفاء نفسه .. أما المؤمن باحدى الالهة ال 3999 الاولى سيملك خيارين للنجاة من العقاب .. اما عدم وجود الهة او وجود الهه الواحد دون غيره من بقية الالهة التي تشكل ال 3998 احتمال ...



إحدى مشاكل هذا الرهان ان المؤمنين يفترضون وجود اله واحد فقط ... بينما يمكن احتمال وجود اعداد لانهائية من الالهة مختلفة الصفات والرغبات اضافة الى احتمال واحد في عدم وجودها ... قسمة 1 على الانهاية (∞-;-) حصيلتها صفر ... ولهذا فرهاننا على الإلحاد لا يقل ضررا عن رهان المؤمنين على وجود "الله" .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق1
عبد الله خلف ( 2014 / 7 / 2 - 23:13 )
أولاً : الرد على صلب المقال :
و إن من امة الا خلا فيها نذير ..حقيقه ام خيال؟؟؟(مصدر الاديان) :
http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?49836-و-إن-من-امة-الا-خلا-فيها-نذير-حقيقه-ام-خيال
أقول : هذا الرابط -وحده- ينسف إدعاء و تساؤلات الكاتب من أساسها .

يتبع


2 - تعليق2
عبد الله خلف ( 2014 / 7 / 2 - 23:13 )
ثانياً : نقد الإلحاد :
حدوث الكون مبني على استقراء بمعدل 99.999% ، والتسعات الخمسة لأن عالم الجسيمات الأولية الدقة فيه يجب ان تكون 5 سيجما والرصد للخلفية الميكروية الناجمة عن الإنفجار الكبير هو في هذا الإطار كما حدد مفاعل سيرن، الآن هل من المنطق أو العقل أن نترك 99.999 من أجل 0.001 هل هذا اتجاه عقلي أو منطقي رشيد؟ .
مشكلة الإلحاد الأزلية هي مجادلة الحق بالباطل، لو ذهبنا لأي عالِم وقلنا نحن عندنا معطيات نظرية بنسبة 99.999 هل هذه كافية؟... سيقول : إن العلم قائم على 51% ويعتبرها مُسلمات .
إننا نتصور أن بغلاً يبني الأهرام ولا نتصور ما يقوله الملحد , من أن 0+0=1 , أو أن اللاشيء اجتمع مع اللاشيء فأنتجا شيئاً .
مشكلة الملحد أنه ينتقد البديهيات ، ويأتي إلينا نحن ويطالبنا بدليل على صانع الكون، وبهذا يكون قد ارتكب مغالطة منطقية .
عقول الناس كلها تعمل بطريقة واحدة نُسميها (مباديء العقل) , عندما تلتفت يميناً وتجد ساعة يد أمريكية فوق الطاولة ؛ لم تكن موجودة فإن جميع الناس سيقولون إن لها صانع .
الشخص الوحيد الذي يقول بل وُجدت دون صانع هو المُلزم بتقديم الدليل .

يتبع


3 - تعليق3
عبد الله خلف ( 2014 / 7 / 2 - 23:13 )
يستحيل تجاوز جدار بلانك، فكيف تُلحِد؟ .
تخيل أنك داخل قصر منيف يا أيها الملحد ، وتعيش عمرك كله داخل هذا القصر، ويستحيل طبقاً لقوانين ذلك القصر أن تتجوز جدران القصر لتطلع على ما في خارجه، هل الموقف العقلي والمنطقي السليم أن تُنكر وجود صانع لذلك القصر؟... نحن في كون مُعد بمنتهى العناية والمعايرة الدقيقة fine-tuned universe ويستحيل تجاوز جدار بلانك والتي تعني جدران الكون، فيستحيل علمياً معرفة ما قبل (الهيجزات الأولى) ولا ما قبل (ثابت بلانك الزمني)، الذي يعادل 10 أُس -37 ثانية، هل من المنطقي أو العقلاني أن نقول أن الكون بلا صانع؟... اليس هذا قول غيبي معارض لضبط الكون ومعايرته الدقيقة ووجوده في حد ذاته؟... الإلحاد هو ميتافيزيقيا 100% .


4 - سيد عبد
منير سراج ( 2014 / 7 / 3 - 03:51 )
ألم تقرف بعد من تكرار نفس الهراء الاف المرات؟ ألا تملك ذرة من الخجل؟

اخر الافلام

.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الأقباط فرحتهم بعيد القيامة في الغربي


.. التحالف الوطني يشارك الأقباط احتفالاتهم بعيد القيامة في كنائ




.. المسيحيون الأرثوذوكس يحيون عيد الفصح وسط احتفالات طغت عليها


.. فتوى تثير الجدل حول استخدام بصمة المتوفى لفتح هاتفه النقال




.. المسيحيون الأرثوذكس يحتفلون بعيد الفصح في غزة